Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الفائزان بـ "نوبل" للسلام ليسا صحافيين وحسب بل داعيان للديمقراطية

لم تتوقف ماريا ريسا ودميتري موراتوف عن الكتابة وتغطية الأحداث على الرغم من محاولات الحكومتين الاستبداديتين في بلديهما تقويض جهودهما

بعد منح جائزة نوبل للسلام في الأعوام الماضية لمسؤولين سياسيين، منحت هذا العام لصحافيين رائدين في الدفاع عن الديمقراطية (أ ب)

يعد قرار "لجنة نوبل النرويجية" منح جائزة نوبل للسلام للصحافيين ماريا ريسا من الفيليبين، ودميتري موراتوف من روسيا، بمثابة دفع معنوي لعدد لا يحصى من الصحافيين الذين تعرضوا لإطلاق النار والملاحقة والاعتداء والمعاملة الوحشية، خلال قيامهم بعملهم في جميع أنحاء العالم، وأكثر من ذلك تأتي الجائزة كاعتراف بالدور المهم الذي تلعبه الصحافة في مساندة حقوق الإنسان والديمقراطية، بوقت تتشدد فيه الحكومات الاستبدادية في حملات تقويضها. كذلك تلعب شركات التواصل الاجتماعي في هذا الإطاردوراً خطيراً.

ماريا ريسا، الصحافية الاستقصائية السابقة في الـ "سي أن أن"، شاركت في تأسيس موقع "رابلير" Rappler الإخباري المتمركز في مانيلا، وقامت وفريقها من الصحافيين باستهداف نظام الحكم التعسفي للرئيس الفيليبيني رودريغو دوتيرتي، فكشفوا عمليات قتل واسعة النطاق نفذت في سياق "الحرب على المخدرات" التي تشنها الحكومة الفيليبينية، كما كشفوا مظاهر الفساد المستشرية بأوساط حكومة دوتيرتي.

غير أن تركيز ريسا واهتمامها لم يقتصرا على إدارة رودريغو دوتيرتي، إذ إنها كانت من أوائل الصحافيين الذين أشاروا إلى خطر "فيسبوك" على الديموقراطيات في جميع أنحاء العالم. ففي الفيليبين يتيح "فيسبوك" مصادر بيانات ومعلومات مجانية من خلال تطبيقه على الهاتف، لذا فإن الإنترنت لشريحة واسعة من السكان لا يتوفر إلا عبر "فيسبوك"، ونتيجة لهذا الأمر فإن مقداراً كبيراً من السجالات والنقاشات على الإنترنت يتم التلاعب به من قبل أنصار دوتيرتي، الذين ينشرون معلومات مضللة خطيرة تتعلق بمنافسيهم السياسيين.

وكانت ريسا في السياق قد حذرت قائلة إن "فيسبوك الآن هو أكبر ناشر للأخبار في العالم، ومع هذا فإنه رفض أن يكون حارساً للبوابة الإعلامية".

من هنا، ونتيجة لمواقفها، تعرضت ريسا وموقعها الأخباري "رابلير" لحملة كراهية شرسة على الإنترنت، تضمنت هجمات نابعة من نزعة "الكراهية ضد النساء" (الميسوجينية). وقد كان "فيسبوك" الناقل الأساس لهذا العنف، وفق دراسة ظهرت في شهر مارس (آذار) قام بها "المركز الدولي للصحافيين" International Centre for Journalists.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي شهر يونيو (حزيران) الماضي دينت ريسا بتهمة القذف (التشهير) الجنائي، وصدر بحقها حكم "غير محدد" يصل إلى ست سنوات، كما تعرضت وزملاؤها للاتهام والاعتقال أو للإدانة في العديد من قضايا التشهير والقذف، كذلك بدأت الحكومة في إجراء تحقيق يتعلق بتمويل موقع "رابلير" وسجلات ضرائبه.

مقابل هذا تبدو الصورة في روسيا أكثر قتامة [مظلمة أكثر]، إذ إن شريك ريسا في "نوبل السلام" دميتري موراتوف هو رئيس تحرير وشريك مؤسس لصحيفة "نوفايا غازيتا" Novaya Gazeta المتمركزة في موسكو، والتي كشفت تقاريرها انتهاكات حقوق الإنسان ومظاهر الفساد وسوء استخدام السلطة التي ترتكبها حكومة فلاديمير بوتين. وتلقى العاملون في "نوفايا غازيتا" خبر فوز موراتوف بـ "نوبل للسلام" بعد يوم واحد من إحيائهم الذكرى السنوية الـ 15 لاغتيال زميلتهم آنا بوليتكوفسكايا. والأخيرة كانت قضت سنوات في توثيق عمليات التعذيب والقتل في الشيشان، على أن الجائزة تتزامن اليوم مع محاولات الحكومة الروسية تقويض الإعلام المستقل في البلاد، وذلك كجزء من جهودها الأوسع لشل المجتمع المدني وخنق الأصوات النقدية.

وكانت الحكومة الروسية في مطلع الألفية الثانية قد تخلصت من القنوات التلفزيونية المستقلة، وفي الآونة الأخيرة وخلال السنوات المنصرمة جرى استبعاد المحررين والصحافيين ذوي التوجه المستقل من وسائل الإعلام الرسمية، وذلك بعد أن أعاد مقربون من الكرملين هندسة سياسات تحرير تلك الوسائل وملكياتها، وقد وجد أولئك الصحافيون المستبعدون منصات مستقلة مثيرة للاهتمام، كي تستقبل كتاباتهم وتقاريرهم.

ويدرك كل من ريسا وموراتوف أنهما يمثلان أولئك الصحافيين المجهولين الذين يؤدون عملهم في ظروف تزداد عدائية. وفي مقابلة مع موراتوف قال "هذا ليس إنجازي الخاص. إنها [نوفايا غازيتا]. وهذا لجميع من ماتوا دفاعاً عن حق الناس في حرية التعبير".

كذلك يدرك موراتوف أن معسكر من يتكلمون ويخبرون الحقيقة قد تقلص بدرجة كبيرة، إذ وفق "هيئة حماية الصحافيين" Committee to Protect Journalist، فإن عدد الصحافيين الذي قتلوا رداً على ما قاموا به من أعمال تزايد إلى أكثر من الضعف سنة 2020.

ووفق "المرصد الدولي لحقوق الإنسان" (هيومان رايتس واتش) قامت أكثر من 83 حكومة عبر العالم باستغلال جائحة "كوفيد-19" لتسويغ قمعها ممارسات حرية التعبير.

وجاءت الهجمات الأحدث على الصحافيين في روسيا تحت غطاء تهمة "العمالة لإعلام أجنبي"، والتي تعد تهمة مميتة في روسيا. وبعد ساعات من إعلان جوائز "نوبل" قالت الحكومة الروسية إن منبر "بيلينغكات" Bellingcat الاستقصائي وتسعة صحافيين آخرين هم "عملاء للأجانب".

ماي فونغ صحافية حائزة على جائزة "بوليتزر" وهي اليوم رئيس قسم الاتصالات في "المرصد الدولي لحقوق الإنسان" (هيومان رايتس واتش). يمكن متابعتها على "تويتر" @meifongwriter           

 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل