بعد شهرين من الترقب، كلّف رئيس الجمهورية التونسي قيس سعيد، الأربعاء 29 سبتمبر (أيلول)، نجلاء بودن رئاسة الحكومة. وهي المرّة الأولى في تاريخ تونس والعالم العربي، تحلّ امرأة على رأس السلطة التنفيذية، في وقت تمرّ البلاد في أزمة اقتصادية وسياسية واجتماعية.
وقال سعيد إثر تكليف بودن "هذا التكليف عبارة عن تكريم للمرأة التونسية وشرف لتونس وإن المرأة قادرة على القيادة والنجاح كما الرجل".
مستقلة سياسياً
وتعتبر بودن من التكنوقراط، وهي مستقلة سياسياً، ومن مواليد 1958 في محافظة القيروان، الوسط الغربي لتونس.
والقيروان من المناطق الداخلية المهمشة التي لا يتولّى أبناؤها عادة المناصب العليا، وهي أستاذة في المدرسة الوطنية للمهندسين في تونس، متخصصّة في علوم الجيولوجيا، وتعمل ضمن فريق تنفيذ برامج البنك الدولي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
وعُيّنت مديرة عامة للجودة في وزارة التعليم العالي عام 2011. وشغلت منصب رئيسة وحدة تصرف حسب الأهداف في الوزارة ذاتها، وكُلّفت مهمة في ديوان وزير التعليم العالي عام 2015.
حمّالة حطب
ورحّبت الحقوقية بشرى بلحاج حميدة بتكليف بودن، وقالت "أشعر للمرة الأولى منذ مدة طويلة بالفرح". وأضافت بلحاج حميدة المعروفة بانتقادها رئيس الجمهورية، خصوصاً من الجانب الحقوقي، "على الرغم من معارضتي خيارات الرئيس، إلا أنني أثمّن هذه الخطوة التاريخية". ووصفت تكليف بودن بأنه "تتويج لنضالات المرأة التونسية منذ عقود"، معتبرة أنه "حان الوقت لأن تتقلد المرأة التونسية مواقع القيادة كرئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية". ولم تخفِ بلحاج حميدة قلقها من "بعض الأصوات الرجعية التي تسعى إلى إعادتنا إلى الوراء".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جهة أخرى، عبّرت الرئيسة السابقة لجمعية "النساء الديمقراطيات" يسرى فراوس عن مخاوفها، على الرغم من أن تعيين امرأة على رأس الحكومة مطلب نسوي. وانتقدت تعريف سعيد، نجلاء بودن بأنها بلقب زوجها، رمضان، مضيفة "ثم لا تجعلوها حمّالة حطب في عهد الأمر 117 واحتكار السلطات من جانب الواحد الأحد".
وكتبت فراوس في تدوينة على "فيسبوك"، "لا تجعلوها حمّالة حطب فتطالبوها بغير ما يُطلب في مهمتها وتكيلوا لها... فكل امرأة في أي مهمة تصير تحت مصفاة لا تنتهي بدءًا بالكفاءة وصولاً إلى الهندام، مثلما يضع مقاييسها المجتمع، وكل امرأة إذا وُلّيت قوماً جعل منها المجتمع والسلطة فجأة مقياساً لكل النساء ونخلة لإخفاء الغاب".
أضافت "أن تكون امرأة، فهذا يجعلها حمّالة لقضايا النساء، وعليها إذا ما كانت تفتقد إلى الحس النسوي تعديل أوتارها منذ فكّرت في قبول المنصب كأول امرأة تتولى رئاسة حكومة في تونس والمنطقة العربية، إذ سيتعامل معها وطنياً ودولياً على هذا الأساس".
اسم مجهول
في السياق ذاته، اعتبر القيادي في "التيار الديمقراطي" هشام العجبوني أن "الإيجابي اليوم هو تكليف رئيس للحكومة بعد شهرين من الترقب أضاعت فيهما تونس كثيراً من الوقت".
وتوقف العجبوني، وفق اعتقاده، عند "النقطة الإيجابية الثانية، ألا وهي تعيين امرأة على رأس الحكومة، وهي رسالة قوية تتوّج نجاحات المرأة التونسية". لكنه استدرك بالقول "إلى حد الآن، تُعتبر رئيسة الحكومة الجديدة مجهولة لا نعرف خلفيتها الفكرية ولا نعرف ما هي توجهاتها الكبرى".
والجدير بالذكر أن رئيس الجمهورية قيس سعيد كان أعفى خلال ترؤسه اجتماعاً طارئاً للقيادات العسكرية
والأمنية في قصر قرطاج، مساء الأحد 25 يوليو (تموز) 2021، رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي، وأقرّ جملة من التدابير الاستثنائية من بينها تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب.