Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التطورات الاقليمية تفرض على الفصائل الفلسطينية تجاوز حقبة الانقسام

المصالحة باتت ضرورة ملحة والقاهرة تنظم حواراً مباشراً بين حركتي حماس وفتح خلال شهر

رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية يشارك في مليونية العودة على الحدود مع إسرائيل (أحمد حسب الله)

يثير الانقسام الداخلي، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، مخاوف القيادة السياسية للفصائل الفلسطينية كافة، خصوصاً في ظل الظروف السيئة التي تمرّ بها الحالة الفلسطينية بشكل عام، إضافة إلى الحديث المستمر عن "صفقة القرن" التي قد لا تشمل في بنودها إقامة "دولة للفلسطينيين".

هذه الظروف دفعت بطرفي الانقسام (حركتي فتح وحماس)، إلى اللجوء لخطط سريعة لإنقاذ المشروع الوطني، وتجاوز حقبة الانقسام التي بدأت قبل 13 عاماً، بعد سيطرة حماس على سدة الحكم في غزة، عقب فوزها في الانتخابات التشريعية التي نُظمت آنذاك.

 

ظروف مغايرة
الظروف تغيّرت كثيراً بالنسبة إلى حركة حماس، التي لم تعد قادرة على إدارة شؤون غزة، كما في بداية فترة حكمها، وأعلنت صراحة في أكثر من مرة أن القطاع بات عبئاً مالياً ثقيلاً عليها، خصوصاً بعد قرارات الإدارة الأميركية بتجفيف منابع التمويل لها.

 

أزمة مالية خانقة

وليس الحال بعيداً عن حركة فتح، أو بشكل أوسع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، التي هي الأخرى تمُر بظروف سياسية متدهورة (مع فصائل اليسار في المنظمة)، ووضعٍ اقتصادي سيئ جداً، بعد اقتطاع أموال المقاصة من إسرائيل..

ولم تكن الأزمات الاقتصادية وحدها السبب الضاغط لطلب المصالحة، بل هناك أيضاً الحديث غير المباشر عن "صفقة القرن"، التي يتداول أنها تهدف إلى فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، كما أنها لا تشمل إقامة "دولة فلسطينية"، فضلاً عن إمكانية اتخاذ الرئيس الأميركي دونالد ترمب قراراً باعتبار أراضي المستوطنات إسرائيلية، ما يعني أن الخطر بات محدقاً.

ضرورة وطنية

قال نائب مفوض العلاقات الدولية في حركة فتح عبد الله عبد الله إنهم "يبذلون جهداً كبيراً لإنهاء الانقسام بين غزة والضفة، وإن وفداً رفيعاً زار العاصمة المصرية القاهرة للقاء المسؤول عن ملف المصالحة، وعرض خطة أعدّتها حركته لتطبيق بنود المصالحة".

وحول خطة الطريق، أوضح أنّها "تبدأ من العودة إلى اتفاقية المصالحة التي أُبرمت في أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2017، والتي تتمثل في إعادة تمكين الحكومة في غزة، والإشراف على وزارات ومعابر القطاع، ويليها إجراء الانتخابات التشريعية، بإشراف اللجنة المركزية، وعلى ضوء نتائج صناديق الاقتراع، يجري إما تعديل الحكومة الحالية بإدخال القوى الأخرى، أو تشكيل حكومة جديدة، وبعدها إجراء الانتخابات الرئاسية وفق موعد محدّد".

 عبد الله تابع أن "حركته تقدم تعاوناً وتسهيلات في ملف المصالحة، وتركت للجانب المصري، أمر نقاشه مع حركة حماس"، مؤكداً أن "إنهاء الانقسام بات ضرورة ملحة، وهدفاً استراتيجياً لا يمكن التراجع عنه، في ظلّ الظروف الدوليّة التي ترمي إلى إنهاء القضية الفلسطينية".

وحول ما أُشيع في الفترة الأخيرة أن مصر تنوي الانسحاب من رعاية ملف المصالحة، نفى عبد الله كل هذه الأقاويل، قائلاً "لقد وجدنا ارتياحاً كبيراً من القيادة المصرية، وكان هناك جهد لتطبيق رؤية فتح". وأشار إلى أن "حماس إذا واجهت صعوبة في إلزام إسرائيل في تطبيق التفاهمات، ستعود إلى الصف الوطني وتنهي الانقسام".

 

مصارحة وليس مصافحة

لكن رأي حماس كان مختلفاً، إذ قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس صلاح البردويل إنّهم "يريدون مصالحة مبنية على المصارحة، وليست المصافحة، وإنهم جاهزون لذلك إذا ما باتت فتح مستعدة لتلك المرحلة"، مضيفاً "نرغب في مصالحة تقوم على أسس الوحدة الوطنية والاحترام المتبادل، والإيمان بالشراكة في المؤسسة الحكومية والعمل الموحد، ونبذ الإقصاء والتنسيق الأمني مع إسرائيل".

فيما رأى المتحدث باسم حماس حازم قاسم أن "رفع الإجراءات التي اتخذها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ضد غزة، هي الطريق الأسهل نحو تطبيق المصالحة، وأن يد حماس ممدودة لهم لمواجهة المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية".

 

لقاء قريب

وتأتي حاجة الطرفين الملحة للذهاب نحو المصالحة، بعدما صرّح المفوض الأميركي المسؤول عن الخطة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط جاريد كوشنر أن "الإعلان عما يُعرف إعلامياً بصفقة القرن سيكون بعد انتهاء رمضان، وعلى الفلسطينيين تقديم تنازلات من شأنها المساعدة في إحلال السلام".

وقال مصدر فصائلي مشارك في حوارات المصالحة لـ "اندبندنت عربية" "إن القاهرة ستوجه دعوة إلى الفصائل الفلسطينية في الضفة وغزة لبحث هذا الملف، وإن جهود المشاورات الفردية بين حماس وفتح، وصلت إلى مرحلة متقدمة".

 

أسباب الخلاف

كان ملف المصالحة قد تعرقل بعدما تعرض موكب رئيس الوزراء الفلسطيني السابق رامي الحمد لله، إلى تفجير أثناء زيارته غزة، للإشراف على مشاريع عدة ومتابعة ملف المصالحة وتمكين الحكومة آنذاك، بعدما نجحت مصر في تمكين جزئي لحكومة الوفاق في غزة.

ويعود سبب الخلاف الرئيس بين حركتي فتح وحماس إلى أن الأخيرة غير موافقة على تسليم غزة للسلطة الوطنية الفلسطينية، في ظل عدم وضوح رؤية للتعامل مع موظفي الحكومة الموازية التابعة لحماس، ومن يتولى ملف رواتبهم، وتصاعد الأزمات المالية التي تمر بها الجهات الفلسطينية.

ولا يقتصر الخلاف على ذلك، بل أيضاً على تصرف حماس، بأراضي المشاع الحكومي وتوزيعها على موظفي حكومتها، إضافة الى رفض تحويل جباية الضرائب والعائدات منه إلى بنوك السلطة الفلسطينية، هذا إلى جانب شكوى حماس أن السلطة تمارس سياسة التفرد والإقصاء بحقها، إذا ما استلمت وزارات غزة.

 

تطبيق المصالحة

لكن بحسب المعطيات الميدانية، يُرجّح تجاوز ذلك الخلاف، واللجوء إلى تطبيق اتفاقية مصالحة أكتوبر، في ظل حاجة حركتي حماس وفتح، للوحدة الوطنية ومواجهة خطر "صفقة القرن". هذه الترجيحات أكدها أيضاً رئيس الوزراء المكلّف محمد اشتيه الذي رأى أن "المصالحة ضرورة مهمة في الفترة الراهنة، وأنه سيعمل على تطبيق ذلك في حوارات مباشرة مع حماس، لتجاوز 13 عاماً من الانقسام.

المزيد من العالم العربي