Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تهويد الجولان ونوايا لتهجير سوريين إلى مزارع شبعا

نهب الأراضي وإقامة المستوطنات غير الشرعية وتغيير طابعها الديموغرافي

من آثار تهديم اسرائيل للمنازل في القنيطرة السورية (اندبندنت عربية)

لا تنأى حكومة بنيامين نتنياهو الإسرائيلية عن بثّ المخططات التي تستهدف مرتفعات الجولان السوري، غير مكتفية باعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترمب بسيادتها على الأراضي المحتلة ومساحتها 1250 كيلومتراً مربعاً في يونيو (حزيران) 1967. ومعها أَطلق ترمب في مارس (آذار) الماضي عنان تل أبيب لإحكام سيطرتها على أراض ليست ملكها وتنفيذها لمخططات غاية بالخطورة، ستترك تداعيات ليست على الجولان وحده بل على دول مجاورة في خضم ما ستشهده البلاد العربية، في ظل تداعيات ما يسمى "صفقة القرن" إبان انقضاء شهر رمضان الحالي.

مخطط التهويد

ويتخوّف أهالي الجولان من مخطط إسرائيلي تتكشف تفاصيله توالياً عن تهويد ممنهج للمرتفعات المحتلة، وذكرت مصادر مطلعة أن إسرائيل لا تتوانى منذ احتلالها عن تغيير أسماء الأماكن والمواقع الجولانية من أسماء عربية إلى أسماء يهودية، إضافة إلى سرقتها العلنية للأراضي وآخرها إقدام تل أبيب على إرغام المواطنين السوريين على تسجيل الأراضي التي ورثوها عن أجدادهم في دائرة الممتلكات التابعة للسلطات الإسرائيلية بهدف إصدار وثائق ملكية إسرائيلية لهم بدلاً من الوثائق الأصلية.

من جانبها، أرسلت الخارجية السورية رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة مفادها بأنها تؤكد على سوريّة الجولان وتلمّح من خلالها عن دعمها الصريح للمواطنين السوريين في الجولان لمقاومة الاسرائيليين، كما تُعرب عن استيائها من سياسة نهب الأراضي وإقامة المستوطنات غير الشرعية بهدف تغيير طابعها الديموغرافي والجغرافي والقانوني.

تهجير قسري

يرتكز تنفيذ مخطط تل أبيب بتهويد الجولان على التهجير القسري وطمس هوية المكان وتاريخه، وتتجه الأنظار إلى خطر يحدق بسوريّة الجولان. ووفق المعلومات التي حصل عليها مفوّض اللجنة الدولية لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط السفير هيثم أبو سعيد، تتداول أخيراً نوايا إسرائيلية لطرد سوريين من الطائفة الدرزية من الجولان، وأعلن المفوض الدولي عن تواصله مع المعنيين في سوريا ويرجح ترحيل أكثر من 70 ألف سوري إلى مناطق مزارع شبعا والعرقوب.

ويفسّر المفوض الدولي هذه الخطوة أنها تأتي لوضعهم في مواجهة مع أهلهم الجنوبيين، مثيرةً بذلك فتنة مذهبية داخل طائفة من لون واحد، وتنفيذاً لما وصفه بمخطط "ينون" الإسرائيلي. وحذّر من مغبّة المخطط الذي طُبق سابقاً لترحيل الفلسطينيين من أراضيهم.

مستوطنة ترمب

مع ذلك، يواصل نتنياهو تحركاته في الأراضي السورية المحتلة غير عابئ بالإدانات الدولية، بل كشف في مستهل الجلسة الأسبوعية لحكومته عن تحديد موقع في الجولان لإقامة مستوطنة تحمل اسم "ترمب" عِرفاناً بالجميل وتقديراً للأخير بإقراره سيادة إسرائيل على الجولان، وفق ما جاء في تصريحات نتنياهو.

في غضون ذلك، كشفت إسرائيل النقاب عن مخطط لبناء عشرات آلاف المستوطنات لاستيعاب 250 ألف إسرائيليٍ بحلول عام 2048 ومساع لتوفير 45 ألف وظيفة للمستوطنين مع التحرك لتنفيذ مشاريع سياحية وخدمية واسعة النطاق، من مواصلات ونقل وإخلاء 80 ألف دونم من حقول الألغام لهذه الغاية.

قضم الأراضي

لم تكن عملية تهويد الجولان طارئة أو تهجير سكانه حديث العهد، بل تتسارع وتيرته مع انشغال سوريا بحرب داخلية، وتستغلّ إسرائيل وصول ترمب وفرض مجموعة عوامل سياسية ساهمت في منح الرئيس الأميركي أشبه ما يكون بوعد "بلفور" ثان، ولكن هذه المرة على أرض سورية، ليعطي هذا القرار شرعنة أكثر لقانون الجولان الذي أقره الكنيست الإسرائيلي في 14 ديسمبر (كانون الأول) 1981، إذ بدأت مع هذا القانون ملامح التهويد، تتوسع.

حماية المدنيين

وعلى الرغم من تضامن المجتمع الدولي في إدانة إسرائيل وممارساتها إلى إعلان ترمب الشهير الذي يقوّض عمل اللجان والمنظمات الدولية، لا تستغرب الباحثة جمانة عبد الحميد المختصة بالقانون الدولي أن تبقى إسرائيل على عنجهيتها، ضاربةً عرض الحائط بكل المقررات الدولية التي تحضّ على حماية المدنيين والحفاظ على أراضيهم.

التهجير القسري مرفوض

تتابع الباحثة عبد الحميد أن إعلان ترمب لا يغير من الأمر شيئاً، فالقوانين والأعراف الدولية والسيادية تعتبر الأرض سوريّة وكل ما يطرأ إلى أن تعود لأصحابها غير ملزمة للدولة السورية، وتضيف "التهجير القسري مرفوض دولياً، فالمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 حظرت النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص أو نفيهم من مناطق سكنهم إلى أراضٍ آخرى".

وتعلّق الباحثة في مجال القانون الدولي عبد الحميد أنه ما من شك أن إسرائيل لا تلتفت إلى القرارات الدولية ولا تكترث لها، لأنها لو كانت تأبه بتلك المواثيق الدولية لما وصل عمر الصراع السوري -الإسرائيلي لعقود من الزمن من دون حلول، ومن دون عودة النازحين من أراضيهم إلى الجولان ولكانت تل أبيب اعترفت بالسيادة السورية ولم تطمس هويتها.

الجولان في خطر

وسط تعاطف المجتمع الدولي من مغبة القرار الأميركي إعلامياً، إلا أن وراء الكواليس ما يُنسج في غرف إسرائيل المظلمة التي تشير إلى مخططات ستكون على المدى القريب قاسية مع حرص إسرائيل على تطبيقها، ترسيخاً لشهيتها بإعلان إسرائيل الكبرى مع اكتمال خيوط أكبر مؤامرة على أصحاب الأراضي الحقيقيين في صفقة القرن، ضحيتها العرب وأداتها التهجير القسري، ومعها تستنزف تل أبيب المزيد من الأراضي من باب أمنها وأمانها.

المزيد من الشرق الأوسط