تراجعت أسعار النفط اليوم، بعدما أظهرت بيانات زيادة مفاجئة في المخزونات الأميركية من الخام، ونمو الناتج الصناعي الصيني في أبريل (نيسان) بأقل من المتوقع، لكن الأسعار لاقت دعماً من تصاعد التوتر في الشرق الأوسط.
وهبطت العقود الآجلة لخام القياس العالمي 20 سنتاً أو 0.3 في المئة عن آخر إغلاق لها لتسجل 71.04 دولار للبرميل.
وأغلق برنت مرتفعاً 1.4 في المئة أمس، وتراجعت كذلك العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 40 سنتاً، أو 0.7 في المئة، عن التسوية السابقة لتبلغ 61.38 دولار، وأغلقت في الجلسة السابقة مرتفعة 1.2 في المئة، وأظهرت بيانات معهد البترول الأميركي أن مخزونات الولايات المتحدة من الخام ارتفعت خلافاً للتوقعات الأسبوع الماضي، بينما زادت مخزونات البنزين والمقطرات، وارتفعت المخزونات 8.6 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في العاشر من مايو (أيار) إلى 477.8 مليون برميل مقارنة مع توقعات المحللين بتراجعها 800 ألف برميل.
ونقلت وكالة "رويترز" عن إدوارد مويا، كبير محللي السوق في أواندا، "إذا أكد تقرير إدارة معلومات الطاقة زيادة المخزونات، فقد نرى ذلك يضغط على أسعار النفط، لكن كثيراً من المخاطر الجيوسياسية لا تزال قائمة، مما يبقي على دعم الأسعار".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولاقت الأسعار دعماً أمس بعد الهجوم بطائرات مسيَّرة مفخخة ضربت محطتين لضخ النفط في السعودية، بعد يومين من تعرض ناقلتي نفط للتخريب قبالة ساحل الإمارات العربية المتحدة، في حين قال الجيش الأميركي إنه "يستعد لتهديدات حقيقية أو محتملة وشيكة للقوات الأميركية في العراق من قوات مدعومة من إيران".
ووقعت الهجمات على خلفية التوتر الأميركي - الإيراني في أعقاب قرار واشنطن هذا الشهر خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر، وتعزيز وجودها العسكري في الخليج، رداً على ما قالت إنها "تهديدات إيرانية".
ومن ناحية أخرى، قالت منظمة "أوبك" إن "الطلب العالمي على نفطها سيزيد عما كان متوقعاً هذا العام مع تباطؤ نمو إمدادات منافسين مثل منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة"، مشيرة إلى "سوق أشد شحاً إذا أحجمت المنظمة عن زيادة الإنتاج".
في غضون ذلك تباطأ نمو الناتج الصناعي الصيني بوتيرة أكبر من المتوقع إلى 5.4 في المئة في أبريل (نيسان) من أعلى مستوى له في أربعة أعوام ونصف العام في مارس (آذار)، مما يعزز الآراء التي تقول إن "على بكين طرح مزيدٍ من الإجراءات التحفيزية مع اشتداد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة".
الصادرات السعودية لآسيا مستمرة
في الوقت ذاته ذكرت وكالة "رويترز" أن مصدراً مطلعاً قال اليوم، "إن أرامكو السعودية استأنفت ضخ النفط الخام عبر خط أنابيبها شرق - غرب بعد إغلاقه مؤقتاً لإجراء فحوص عقب الهجوم"، وكان وزير الطاقة السعودي خالد الفالح أكد في تصريحات سابقة "أن الهجوم أدى إلى اشتعال النيران بمحطة الضخ رقم 8، متسبباً في أضرار طفيفة".
وقالت أرامكو، "إنها أوقفت ضخ الخام عبر خط الأنابيب، الذي ينقل النفط السعودي من المنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع، كإجراء احترازي، وإن إمداداتها من النفط والغاز لم تتأثر".
وقالت مصادر في قطاع النفط، "إن شركات النقل البحري وشركات التكرير في آسيا، وضعت السفن المتجهة إلى الشرق الأوسط في حالة تأهب، ويتوقعون زيادة محتملة في أقساط التأمين البحري بعد الهجمات، التي وقعت في الآونة الأخيرة".
ودفعت هذه الاعتداءات أسعار النفط العالمية إلى الارتفاع بأكثر من واحد بالمئة، مما أضاف إلى التكاليف المرتفعة، التي تتكبدها شركات التكرير الآسيوية، إذ تدفع في الوقت الراهن أعلى علاوات خلال أعوام للشحنات الفورية في سوق تواجه شحاً في المعروض بالفعل، بعدما ألغت واشنطن إعفاءات كانت ممنوحة لمشتري النفط الإيراني في الشهر الجاري.
ونقلت "رويترز"، عن مصدر في قطاع تكرير النفط بشمال آسيا، طلب عدم ذكر اسمه، "أنه صداع لشركات التكرير في شمال آسيا، التي تعتمد بكثافة على إمدادات النفط من الشرق الأوسط. نراقب الوضع في الوقت الراهن. إنه عامل غير مواتٍ لسوق النفط الخام بشكل عام، ويدفع الأسعار إلى الارتفاع".
وتحصل آسيا على نحو 70 من نفطها الخام من الشرق الأوسط، وأي اضطراب في إنتاج النفط أو منشآت التحميل أو مسارات الشحن الرئيسية مثل مضيق هرمز سيكون له أثر خطير على الاقتصادات الآسيوية، وعادة ما تتزود ناقلات النفط بالوقود في ميناء الفجيرة الإماراتي، أحد أكبر مراكز تزويد السفن بالوقود في العالم، وهو المكان الذي وقعت فيه الهجمات على السفن، وبعد هجمات الأحد على ناقلات النفط، قالت شركات النفط والنقل البحري، إنها "ستغير مساراتها أو ستتخذ تدابير احترازية بالقرب من الفجيرة".
وقال نورياكي ساكاي، المسؤول التنفيذي في إدميتسو كوسان، ثاني أكبر شركة تكرير يابانية، للصحافيين اليوم، إنه "رغم عدم وجود أي تأثير في تحميل النفط أو عمليات السفن، فإن الشركة تراقب الوضع عن كثب".
وأضافت مصادر في القطاع "إن صادرات النفط السعودية إلى آسيا لم تتأثر، لأن السفن التي تستأجرها شركات التكرير الآسيوية تتوقف بشكل أساسي في ميناءي رأس تنورة والجعيمة في الخليج".
وقال أحد المصادر "إن بترولاين مهم، لأنه بديل لمسار صادرات النفط السعودية الذي يمر عبر مضيق هرمز"، و"هذا الهجوم لا يؤثر على الإمداد الفعلي".
وأشار مسؤول أميركي مطلع على أحدث تقييمات للولايات المتحدة إلى أن "وكالات الأمن الوطني الأميركية تعتقد أن وكلاء متعاطفين مع إيران أو يعملون لحسابها ربما هاجموا أربع ناقلات قبالة الإمارات، وليس القوات الإيرانية نفسها، وتنفي إيران أي صلة لها بالهجمات".
وحسب خبراء في شؤون النفط فإن "مسار أسعار النفط الخام حالياً تؤثر فيه عدة عوامل، تشمل تطورات جيوسياسية تتسب في قلق في الأسواق حول إمدادات النفط، فأي حالة من التصعيد، تزيد القلق من عدم الاستقرار، وتمثل تحدياً لمناطق الإنتاج التي يعتمد عليها العالم، خصوصا آسيا، التي تحتاج إلى استيراد حاجاتها من النفط، والمنتجات والغاز من الخليج العربي، وذلك عبر مضيق هرمز".
ويؤكد الخبير في شؤون النفط محمد الشطي، "أن التطورات غير المسبوقة في المنطقة، التي حدثت نتيجة الاعتداءات في الفجيرة، وفي محطات ضخ النفط في السعودية، زادت من مخاوف الأسواق، لكن تطمينات السعودية لزيادة صادراتها إلى أوروبا جاءت لتؤكد أهمية أمن الإمدادات، واستمرارية التصدير من دون انقطاع".
في الوقت ذاته يتابع العالم كذلك الأوضاع في فنزويلا وليبيا، ليراقب مستويات المعروض في أسواق النفط، ويشير الشطي إلى أنه "رغم التطورات الجيوسياسية التي قد تؤثر في المعروض فإن أسعار النفط تدور بين 70 و75 دولاراً للبرميل، وذلك لوجود كفاية من المعروض والطاقة الإنتاجية غير المستغلة، إضافة إلى تطمينات المنتجين".
ويبقى التصعيد الأميركي - الصيني المتعلق بالتجارة، وفرض التعريفات على الواردات من الغاز الطبيعي من الولايات المتحدة، وما سبقها من قيام واشنطن بفرض ضريبة على الواردات من بكين، بلا شك ستكون لها تأثير في أداء الاقتصاد العالمي، ومعدل الطلب على النفط، إذ يقدر البعض انخفاض الطلب على النفط بمقدار 300 ألف برميل يومياً على الأقل، وهو عامل يسبب ضغطاً على الأسعار.
أسواق النفط هادئة
من جهة أخرى أشادت الوكالة الدولية للطاقة، اليوم، بحفاظ أسواق النفط على "الهدوء"، وعدم تأثر العرض رغم الاضطرابات الجيوسياسية العديدة، التي لا تزال تؤجج من خلال الهجمات في الخليج والسعودية.
وقالت الوكالة "في الوقت الذي نكتب فيه ليس هناك خلل في إمدادات النفط والأسعار تبقى على حالها تقريباً، الأسواق تبقى هادئة".
وقدمت السعودية، اليوم، تحليلاً أكثر تشاؤماً لهذه الأحداث، معتبرة أنها "لا تهدد فقط السعودية، بل أيضاً أمن إمدادات النفط واقتصاد العالم".
وأضافت الوكالة، "رغم الأجواء الجيوسياسية الصعبة ومشكلات العرض الأخرى لم تتغير الأسعار جراء هذه الشكوك منذ شهر، وبقيت فوق 70 دولاراً لبرميل برنت".
وتابعت "وتشعر الوكالة بالارتياح لمعالجة المشكلات الناجمة عن الشكوك حول العرض بشكل جيد، ونأمل أن تستمر الجهات الرئيسية في ضمان استقرار السوق".
يشار إلى أن الوكالة (مقرها باريس) خفَّضت بـ90 ألف برميل يومياً توقعاتها لنمو الطلب على النفط لعام 2019 المحدد بـ1,3 مليون برميل يومياً. وهذا أساساً يعود لربع أول أضعف مما كان متوقعاً في دول مثل البرازيل والصين وكوريا الجنوبية واليابان ونيجيريا، لكنه ضعف آنٍ، وليس "بداية حقبة جديدة" بالنسبة إلى الطلب كما قالت الوكالة.
ونقلت وكالة "رويترز" عن الوكالة "إن العالم سيحتاج إلى كمية فائضة قليلة جداً من النفط من أوبك هذا العام، إذ إن انتعاش الإنتاج الأميركي سيعوض انخفاض الصادرات من إيران وفنزويلا".
وقالت الوكالة، التي تنسق سياسات الطاقة للدول الصناعية، إن "قرار واشنطن إنهاء العمل بالإعفاءات أدى إلى تفاقم الإرباك في النظرة المستقبلية إلى المعروض".
توقعات بنمو الطلب العالمي
وذكر تقرير الطاقة الدولي الشهري "هناك، من وجهة نظر وكالة الطاقة الدولية، إشارات واضحة ومحل ترحيب كبير من منتجين آخرين بأنهم سيتدخلون لتعويض البراميل الإيرانية، على الرغم من أن الاستجابة ستكون تدريجية لطلبات العملاء".
وقالت "بالتأكيد هناك مجال أمام منتجين آخرين لزيادة الإنتاج"، مضيفة أنه وفقاً لتقديرها فإن "دول أوبك في أبريل (نيسان) أنتجت كمية أقل من المتفق عليها في اتفاق الإنتاج بنحو 440 ألف برميل يومياً، مع ضخ السعودية كمية تقل عن المخصصة لها بمقدار 500 ألف برميل يومياً".
وقالت وكالة الطاقة، "إن هناك على جانب الطلب ما يقلص المخاوف المتعلقة بالمعروض قليلا"، مع توقعها أن "يبلغ نمو الطلب العالمي على النفط 1.3 مليون برميل يومياً في 2019، أو ما يقل 900 ألف برميل يومياً عن التوقعات السابقة".
وأضافت أن "نمو الطلب في 2018 بلغ 1.2 مليون برميل يومياً وفقاً للتقديرات"، ويشير التقرير إلى "أن الطلب العالمي على النفط سيبلغ في المتوسط 100.4 مليون برميل يوميا في 2019".
في الوقت ذاته تابعت الوكالة "أن ارتفاع إنتاج المنتجين من خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، وعلى الأخص من الولايات المتحدة في الربع الثاني من العام، سيُبقي السوق تتلقى إمدادات جيدة"، مضيفة أنه من المتوقع "ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة من النفط والمكثفات 1.7 مليون برميل يومياً في 2019، وأن النفط الخام يشكل نحو 1.2 مليون برميل يومياً من الزيادة، لكنها تابعت أن هذا يقل عن نمو إنتاج النفط الخام الأميركي البالغ 1.6 مليون برميل يومياً في 2018".
وأوضح التقرير "أن إنتاج النفط العالمي انخفض 300 ألف برميل يومياً، مع تصدر كندا وقازاخستان وأذربيجان وإيران لهبوط الإمدادات"، لكن أن إنتاج نفط أوبك ارتفع 60 ألف برميل يومياً إلى 30.21 مليون برميل يومياً بفضل ارتفاع التدفقات من ليبيا ونيجيريا والعراق.
وأوضح تقرير الطاقة "أن الطلب على نفط أوبك سيبلغ 30.9 مليون برميل يومياً في الربع الثاني من 2019، وينخفض إلى 30.2 مليون برميل يومياً في النصف الثاني من العام".