قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، على هامش آخر اجتماع لحكومة الرئيس الإيراني المنتهية ولايته حسن روحاني قبل تسليمها إلى الرئيس الجديد، إن بلاده ليس لها حلفاء، داعياً إلى "التعامل مع العالم على أساس اليقظة".
وأوضح ظريف طبقاً لما أوردته وكالة مهر للأنباء، "نظام الجمهورية الإسلامية يجب أن يتعامل مع العالم على أساس اليقظة، وعلينا ألا نثق بأحد. العلاقات الدولية ليست مكاناً للثقة، ولا يمكن الثقة بأقرب الدول المجاورة والحلفاء. نحن ليس لدينا حلفاء".
وفي معرض إشارته إلى الضغوط التي تمارسها أميركا ضد إيران، قال "لا تتصوروا أن أميركا بإمكانها تنفيذ ما تريد. الولايات المتحدة لم تفرض الاتفاق النووي علينا، ولو كانت تمكنت من هذا لما سعت إلى إضافة بعض التعديلات عليه. نحن نستطيع التعامل على أساس العزة".
وكان ظريف وجه رسالة إلى الأمم المتحدة ذكر فيها أن واشنطن والدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، مارست ضغوطاً اقتصادية على إيران لإرغامها على التفاوض مجدداً".
"أخفينا الحقيقة"
وفي آخر اجتماع لحكومته، أقر الرئيس الإيراني المنتهية بارتكاب حكومته الأخطاء وفشلها في إنهاء العقوبات. وأقر روحاني أن بلاده "لم تقل جزءاً من الحقيقة" لشعبها في بعض الأحيان خلال فترة ولايته التي استمرت 8 سنوات.
وتأتي تعليقات روحاني، التي أذاعها التلفزيون الحكومي، في الوقت الذي بدا فيه المسؤولون في حكومته بلا دفة في الأشهر الأخيرة وسط سلسلة من الأزمات تتراوح بين جائحة كورونا والتظاهرات التي تشهدها البلاد دعماً لاحتجاجات الأهواز.
ويبدو أن تصريحات الرئيس الإيراني المنتهية ولايته تهدف إلى الاعتراف بالمشكلات التي واجهتها حكومته في ساعاتها الأخيرة.
وقال "في بعض الفترات تحفظنا على بعض التفاصيل، خوفاً من تأثر الوحدة الوطنية". وتابع "أداؤنا لم يكن خالياً من الأخطاء ونعتذر من المواطنين".
وأضاف "كنا نستطيع رفع العقوبات مع مراعاة الشروط التي وضعها المرشد الأعلى لكن عدة أمور وظروف أخرى منعتنا من تحقيق ذلك".
رئيسي يبدأ مهامه الثلاثاء
ويتولى المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي هذا الأسبوع رسمياً منصب رئيس الجمهورية في إيران خلفاً لحسن روحاني، ليبدأ ولاية من أربعة أعوام يواجه منذ مطلعها تحديات معالجة الأزمة الاقتصادية والعقوبات الأميركية والمحادثات في شأن الاتفاق النووي.
وسيطوى بذلك عهد روحاني الذي تألف من ولايتين متتاليتين اعتباراً من 2013، وشهد سياسة انفتاح نسبية على الغرب، كانت أبرز محطاتها إبرام اتفاق فيينا 2015 في شأن البرنامج النووي مع ست قوى كبرى (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا).
وأتاح الاتفاق رفع عقوبات عن إيران في مقابل الحد من أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها، لكن مفاعيله باتت شبه لاغية مذ قرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب سحب بلاده أحادياً منه عام 2018، وإعادة فرض عقوبات على طهران انعكست سلباً على اقتصادها.
وشهدت إيران خلال الأعوام الماضية، لا سيما شتاء 2017 - 2018 ونوفمبر (تشرين الثاني) 2019، احتجاجات على خلفية اقتصادية اعتمدت السلطات الشدة في التعامل معها.
كما شهد إقليم الأهواز احتجاجات خلال يوليو (تموز) على خلفية شح المياه، وترافق ذلك مع انقطاعات للكهرباء في طهران ومدن كبرى، تعزوها السلطات إلى أسباب منها زيادة الطلب ونقص الموارد المائية لتوليد الطاقة.
وغالباً ما وجّه المحافظون المتشددون الذين ينظرون بعين الريبة إلى الغرب عموماً والولايات المتحدة خصوصاً، انتقادات لروحاني على خلفية إفراطه في التعويل على نتائج الاتفاق النووي، وطالبوا مراراً بالتركيز على الجهود المحلية للحد من آثار العقوبات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرى الاقتصادي الإصلاحي المقرب من الرئيس المنتهية ولايته، سعيد ليلاز، أن "روحاني كان مثالياً جداً في شأن علاقته مع الغرب، وكان يعتقد أنه سيكون قادراً من خلالها على حل كل مشكلات البلاد سريعاً في الأمد القريب".
ويضيف لوكالة الصحافة الفرنسية، "لا يبدو أن الأمر هو ذاته لدى رئيسي".
وأكد رئيسي بعد انتخابه أن أولوية سياسته الخارجية هي العلاقات مع دول الجوار، وسيتولى هو منصبه بينما تخوض إيران مع القوى الكبرى وبمشاركة أميركية غير مباشرة، محادثات لإحياء الاتفاق النووي من خلال تسوية ترفع العقوبات الأميركية وتعيد واشنطن إليه، في مقابل عودة إيران للالتزام بتعهداتها النووية التي تراجعت تدريجياً عن تنفيذها بعد عام من انسحاب واشنطن.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن الذي تولى مهماته خلفاً لترمب مطلع 2021، أبدى استعداده للعودة إلى الاتفاق.
وأجريت ست جولات من المحادثات في فيينا بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) من دون تحديد موعد جديد، وأكد مسؤولون إيرانيون أن التفاوض لن يستكمل قبل تولي رئيسي منصبه.
ويرى ليلاز أن لتأجيل استئناف المحادثات أسباباً عدة من منظور إيران، منها "الإظهار للجانب الأميركي عدم وجود استعجال لدى طهران من أجل التوصل إلى تسوية سريعة". ومن الأسباب أيضاً، "السياسة الداخلية ورغبة الحكومة المحافظة الجديدة في إثبات قدرتها على نيل اتفاق أفضل من الحكومة السابقة".
وفي لقائه الأخير مع أعضائها الأربعاء، رأى خامنئي أن تجربة حكومة روحاني أثبتت أن "الثقة بالغرب لا تنفع"، وفق بيان نشره موقعه الإلكتروني.
وأشار المرشد الأعلى الذي تعود إليه الكلمة الفصل في السياسات العليا للبلاد، إلى أن واشنطن ربطت عودتها للاتفاق بإجراء محادثات لاحقة تتعلق ببرنامج إيران الصاروخي وقضايا إقليمية، وهو ما سبق لطهران أن رفضت إدراجه ضمن المحادثات.
وسبق لرئيسي المقرب من خامنئي التأكيد أنه سيدعم المحادثات التي تحقق "نتائج" للشعب، لكنه لن يسمح بـ "مفاوضات لمجرد التفاوض".
ويرى ليلاز أن "مصير الاتفاق النووي "من العوامل المؤثرة في حل الأزمة الاقتصادية، معتبراً أن "عدم اليقين" الراهن حيال هذا الملف "مضرّ وسيكون أشد ضرراً في حال أعلنت إيران أنها لن تفاوض، وتالياً ستبقى العقوبات"، لكنه يرجّح عدم بلوغ هذا الحد، "لأن إيران والولايات المتحدة غير قادرتين على الإبقاء على الوضع القائم، وعلى الطرفين الوصول إلى تسوية".