Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قطاع الأعمال البريطاني يتوق إلى الوضوح وما يحصل هو العكس

يقول كريس بلاكهرست إن الجائحة وبريكست اجتمعا لهزيمة الشركات فيما الحكومة غائبة

مشهد للقلب التجاري للندن (غيتي)

استغرب جليسي على وجبة غداء ما يجري. لشركته قاعدتها في قلب لندن، وكانت هناك فقرة قانونية تنص على استراحة لسنة واحدة فأخذوها – وهم يتوقعون أنهم سيتمكنون من العثور على مواقع جديدة أرخص في مكان قريب. وبدلاً من ذلك، هم الآن مهجرون، إذ لم تتوافر مكاتب مناسبة في أي مكان، وعدد جليسي قائمة بالمناطق الواقعة في قلب العاصمة التي بحثوا فيها.

توافقنا على أن الأمر غريب. فوسائل الإعلام تزخر بقصص عن مؤسسات يبدو أنها تقلص أحجامها وتخبر موظفيها أن في مقدورهم العمل من المنزل، أقله لجزء من الأسبوع. لذلك قد يفترض المرء أن ثمة مباني كاملة تبحث راجية عن قاطنين. ليس على الإطلاق، قال. فالمؤسسات تنتظر، وكثير من الغموض يسود الموقف؛ وكل طرف يلعب لعبة الانتظار.

إنه الغموض إذاً. توافقنا على أننا لم نعرف يوماً فترة كهذه، وأن قطاع الأعمال لا يعرف ماذا يفعل.

هناك الجائحة التي لا تبدي إشارة كبيرة إلى الانتهاء على رغم طرح اللقاحات. وكانت الشركات تتطلع إلى عائد اللقاحات، لكنها تواجه الآن موظفين يتلقون رسائل ويُطلَب منهم البقاء في المنزل، على رغم تلقيهم الجرعتين. وستُستثنَى بعض القطاعات لكن ليس كلها.

وطلاب المدارس في إجازة الآن، لكن فور حلول سبتمبر (أيلول)، ستعود الفوضى المحيطة بالمدارس واستجابتها لكوفيد، ما لم يتغير شيء ما. وسيضطر الموظفون الذين لديهم أطفال في السن المدرسي إلى أن يخصصوا موارد لرعايتهم في حين يُطلَب من دفعات سنوية كاملة عزل أنفسهم.

لا تعرف الشركات أين تذهب – هل تتجه شمالاً على أمل الاستفادة من ازدهار استثماري ما مدعوم حكومياً أو تبقى في الجنوب حيث يستقر الازدهار؟

ونُبلَّغ باستمرار أن الفيروس سيغير طريقة عيشنا لحياتنا، لكن كيف؟ لا أحد يعرف. فمرة يُؤمَر الناس أن يعملوا من المنزل، ومرة أخرى تحاول الحكومة جعلهم يعاودون التنقل. وفي لندن، بعدما روج رئيس البلدية لاستخدام الدراجات الهوائية والمشي في الانتقال إلى العمل، يحاول إقناع المتنقلين باستخدام المترو. ومن ناحية أخرى، يكتشف كثير منهم متع عدم الاضطرار أبداً إلى القيام بالعمل المتعب المتمثل في التنقل اليومي والتمكن من العمل بسهولة من غرفة إضافية أو خيمة حديقة معدلة.

لقد تسارعت القوى التي كانت موجودة قبل تفشي الجائحة. فقد تقدم الاقتصاد عبر الإنترنت، وتسارع تراجع قطاع البيع بالتجزئة. ولا أحد يعرف تماماً كيف ستكون نهاية المطاف. وإلى الآن، لم تقم الحكومة بأي عمل منسق. فأصحاب المتاجر المادية لا يزال عليهم دفع ضريبة الأعمال. وننتظر خطة حول كيف ستُوجَّه مراكز مدننا ومناطقنا التجارية نحو التعافي، لكن لا خطة قيد الإعداد. ويبدو أن المجالس البلدية مصممة على قصر شوارعها المخصصة للبيع بالتجزئة على المشاة وإضافة مسارات للدراجات الهوائية، من دون أي تفكير في الطريقة التي سيسير بها سائقو السيارات، وفي غياب أي دعم للنقل المشترك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وثمة كلام عن تحويل المتاجر الفارغة إلى شقق رخيصة أو مزيد من أماكن العمل المشتركة، أو إلى مراكز ترفيه، كما أُعلِن هذا الأسبوع. حقاً؟ هذا كل ما في الأمر. كلام.

ولدينا أيضاً حكومة ملتزمة بـ"تحقيق المساواة" لكن كما بدا من الخطاب الأخير غير الملهم لرئيس الوزراء هي بعيدة عن توفير أي تفاصيل ملموسة حول ما يعنيه ذلك حقاً. وإلى أن يبدأ الدخان الأبيض في التصاعد من الإدارة العامة، سيؤجلون القرارات المتعلقة بتخصيص الموارد. أما النتيجة فهي أن شيئاً لا يتقدم.

وأنا لم أذكر الكلمة التي تبدأ بالحرف ب. ففي خضم المعاناة مع أكبر أزمة صحية في أكثر من قرن، لم يحتل أثر بريكست كثيراً العناوين الرئيسية لوسائل الإعلام. وفي الأوقات العادية، كنا سنتلقى الصدمة الخاصة بخسارة حوالي 18 مليار جنيه استرليني (25 مليار دولار) في قطاع التجارة إلى الآن، وفق دراسة أعدها مركز الإصلاح الأوروبي. وزاد الخروج من الاتحاد الأوروبي الروتين الإداري بدلاً من أن ينقصه. وتشكو الشركات من وجوب ملء نماذج أكثر مما ينبغي؛ وبكل بساطة لا تمر البضائع. وتشير إلى مستويات منخفضة للمخزونات الخاصة بالمنتجات الأوروبية. وتشير أيضاً إلى تراجع عدد الموظفين – أي هؤلاء العاملين الأوروبيين الذين اعتمدت عليهم الشركات كثيراً، وكانوا أكثر صبراً والتزاماً من البريطانيين، وغادروا إلى الضفة الثانية من القناة الإنجليزية.

وتشكو بيأس من غياب المهارات بين البريطانيين المتخرجين من المدارس الثانوية. ويوجه أصحاب العمل هذه التهمة نفسها منذ سنوات لكن الحكومة لم تظهر أي رد فعل إيجابي. مجدداً، ليس هناك من خطة، وليس ثمة ما يمسك به قادة الأعمال وهم واثقين بأن هذه المشكلات ستُحَل قريباً. وبدلاً من ذلك، يتعرضون إلى الإهمال، فيسود الغموض.

وهذه الاتفاقات التجارية، الموقعة وسط ضجة كبيرة، مضحكة على صعيد الفارق الإيجابي الذي ستحققه. فأستراليا تتمكن من إرسال لحومها إلى هنا وضرب مزارعينا. وكذلك الأمر بالنسبة إلى ملابس السباحة التي تصنعها. وأي منتجات تريد اليابان منا؟ الشاي والبسكويت والمربى. وهذه على غرار سياحها، الغائبين الآن في شكل لافت من دون إشارة إلى عودتهم.

سنحتاج إلى مئات من هذه الاتفاقيات لتحل عوائدها محل العوائد التي محاها الخروج من الاتحاد الأوروبي. ويعرف مجتمع الأعمال ذلك، ولذلك صوت بتصميم للبقاء في الاتحاد الأوروبي، لكن آراءه وُجِهت بتجاهل. وفي القلب التجاري للندن، ثمة شعور بالإهمال مع سيطرة الحيرة على تطبيق بريكست على الخدمات المالية. ويبدو أن الحكومة لا ترغب في أن تعرف ذلك – والمقصود الحكومة المحافظة. وهناك إيرلندا الشمالية، وهي مشكلة لا تزال تتطلب حلاً. لقد تخلينا عن عضوية كتلة عملاقة من التجارة الحرة تقع بالقرب منا في مقابل مبدأ ضبابي اسمه "استعادة السيطرة".

وفعلنا ذلك عند بداية كثير من العصبية، التي جاءت بها الهيمنة العالمية المتعاظمة للصين ووصول الذكاء الاصطناعي. تماماً في الوقت الذي وجب علينا تعزيز دفاعاتنا، تخلينا عنها.

يطالب قطاع الأعمال بقيادة، بأن يُستمَع إليه، بأن تأخذ حكومة مصالحه على محمل الجد. ولا شيء من هذا القبيل. والأسوأ أن القطاع يشعر بأنه مستهدف، بأنه لقمة سائغة لزيادات ضريبية.

وينظر رجال الأعمال إلى منظماتهم، مثل الاتحاد البريطاني للصناعات؛ يريدونها أن تتحرك باسمهم؛ أن تخبر الحكومة ماذا يجري. لا شيء. فالاتحاد البريطاني للصناعات يناشد أعضاءه أن "يستغلوا الفرصة". كأن هناك فرصة.

ونتيجة هذا كله هي التردد وخيبة الأمل. فقطاع الأعمال يتوق إلى الوضوح؛ وما يحصل عليه كله هو الغموض. وكما قلنا، لم نعرف وضعاً كهذا الوضع.

© The Independent