Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران تناور لإطالة أمد المفاوضات فهل حان وقت "خارقة الجبال"؟

طهران تطالب بسلطة أممية على الاتفاق النووي وهو ما يتعارض مع الدستور الأميركي وتحذيرات من تجاوزها "العتبة النووية"

يقول مراقبون إن الرئيس بايدن يحتاج لإظهار الصرامة بوجه طهران (رويترز)

مع توقف المفاوضات النووية غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، حيث ينتظر المفاوضون الدوليون الجولة السابعة من المحادثات التي تستضيفها فيينا، يبدو أنه ليست هناك فرصة قريبة نحو إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، إذ تواصل طهران فرض الشروط التي تلقى بمزيد من العثرات على عملية التفاوض والتوصل إلى اتفاق حيوي. 

وفي حين أبدت واشنطن مراراً استعدادها التخلي عن العقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية السابقة على إيران، تواصل الأخيرة الدفع بمزيد من المطالب، إذ أفادت وسائل إعلام أميركية أن طهران طالبت بضرورة أن توافق الولايات المتحدة على بند يجعل الانسحاب الأميركي من الاتفاق مشروطاً بموافقة الأمم المتحدة. وتصر إيران على أن الشرط ضروري بعد انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق النووي في مايو (أيار) 2018، وإعادته جملة من العقوبات القاسية ضدها. 

طلب غير دستوري

ووفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال"، "فإن مثل هذا البند غير دستوري، إذ لا يمكن لرئيس الولايات المتحدة منع الكونغرس أو الرئيس المستقبلي من تغيير سياسة البلاد، خصوصاً أن الاتفاق النووي لم يُعرض قط أمام مجلس الشيوخ للتصديق عليه كمعاهدة. وتضم معظم المعاهدات بنوداً تسمح بالانسحاب في ظل ظروف معينة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشير الصحيفة الأميركية إلى أن الرئيس بايدن يسير على نهج سلفه باراك أوباما، متوقعة ألا يطرح الاتفاق النووي، الذي يعرف رسمياً بـ(خطة العمل الشاملة المشتركة) للتصويت في مجلس الشيوخ، لأنه يعلم أنه من غير المرجح أن يحصل على أغلبية بسيطة، ناهيك بالثلثين المطلوبين للتصديق على "المعاهدة". وتضيف "إن إعطاء الأمم المتحدة نفوذاً أكبر من الكونغرس على السياسة الخارجية للولايات المتحدة سيكون تنازلاً صارخاً عن القَسَم الرئاسي".

ويرفض المشرعون الأميركيون -معظمهم من الحزب الجمهوري- تقديم تنازلات لطهران ورفع العقوبات التي من شأنها أن تمنح النظام الإيراني شريان الحياة المالي، وتمكنه من متابعة سياساتها العسكرية والإقليمية، مثل برنامج الصواريخ الباليستية وتمويل الحلفاء وجماعات الوكلاء في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

وتمثل قضية الانسحاب من الاتفاق النووي عامل ضغط من قبل إيران، فعقب الجولة السادسة من محادثات فيينا، الشهر الماضي، قالت الأطراف المشاركة في محادثات فيينا، التي بدأت في أبريل (نيسان)، إن ثمة قضايا رئيسة ما زالت بحاجة إلى حل قبل إحياء الاتفاق النووي. وبحسب مسؤولين من إدارة بايدن تحدثوا لوسائل إعلام أميركية، وقتها، "فإن طهران تصر على ضمان عدم انسحاب أي إدارة أميركية مستقبلية من الاتفاق، مثلما فعل ترمب، وهو أمر لا يستطيع الرئيس بايدن تقديمه".

في المقابل، طلبت الإدارة الأميركية من إيران الموافقة بشكل صريح على تعميق وتوسيع أطر الاتفاق النووي، ومناقشة برنامجها الصاروخي العسكري والأنشطة المزعزعة للاستقرار التي تقوم بها "قوى وكيلة لطهران" في عدد من بلدان المنطقة، وهو ما ينفيه الإيرانيون.

ومراراً، قال مسؤولون إيرانيون، "إن المحادثات المتعددة الأطراف في فيينا تقتصر على إحياء الاتفاق النووي ولن يتفاوضوا بشأن قضايا أخرى. بينما يطالب حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، باتفاق شامل وليس فقط إحياء اتفاقية عهد أوباما".

العتبة النووية

ويقول مسؤولون أميركيون، "إن إيران، التي تُخصب اليورانيوم بما يتجاوز المستويات المتفق عليها في الاتفاق النووي، يجب أن تتخذ الخطوة الأولى للعودة إلى الامتثال لاتفاق 2015". ويعتقد مراقبون أنه على النقيض فإن طهران تناور لإطالة أمد المفاوضات عبر تأجيل الجولة الجديدة من المحادثات إلى بعد تنصيب الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي، في أغسطس (آب) المقبل، من أجل تقصير المسار نحو التقدم التكنولوجي، إذ تواصل تنشيط أجهزة الطرد المركزي وتزيد من مخزونات اليورانيوم النقي، وتمنع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من دخول مواقعها النووية، وهو ما يمنحها نفوذاً أكبر في المحادثات. 

 

وأفادت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" نقلاً عن قناة "كان"، الأسبوع الحالي، "أن الحكومة الإسرائيلية حذرت واشنطن من أن إيران تقترب من العتبة النووية". وقال دبلوماسي رفيع، "إن طهران قد تستغل فترة الهدوء في المحادثات لدفع برنامجها النووي"، محذراً "شيء ما يجب أن يحدث في المفاوضات مع إيران. هذا التجاهل لا يجب أن يكون فرصة تتقدم فيها إيران بسرعة نحو أن تصبح دولة ذات عتبة نووية (تمتلك تكنولوجيا إنتاج الأسلحة النووية)".

وأمس الاثنين، حذرت وزارة الخارجية الفرنسية من أنه في حالة عدم عودة إيران إلى طاولة المحادثات قريباً، فإنها ستعرض فرصة التوصل إلى اتفاق مع القوى العالمية بشأن إحياء الاتفاق النووي للخطر.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، أنييس فون دير مول، في إفادة يومية، "إذا واصلت (إيران) السير على نفس الخطى، فإنها لن تبطئ فقط التوصل إلى اتفاق لرفع العقوبات، لكنها تخاطر أيضا بتعريض إمكانية اختتام محادثات فيينا، وإحياء الاتفاق النووي للخطر".

"خارقة الجبال"

ومع ذلك، يشير مراقبون إلى أنه لا يزال من الممكن، وربما حتى من المرجح، أن تدفع الرغبة في تخفيف العقوبات إلى عودة الإيرانيين إلى الاتفاق، عندما يتأكدون من أن الولايات المتحدة لن تقدم المزيد من التنازلات، وأن يبدي الرئيس بايدن نهجاً أكثر صرامة في التعامل مع التلكؤ الإيراني. 

ويقول المساعد الخاص السابق للرئيس أوباما وزميل معهد واشنطن، دينس روس، "إن من شأن ذلك أن يضع حداً لبعض التقدم الذي أحرزته إيران أخيراً، والذي يشمل تخصيبها اليورانيوم إلى درجة نقاء أكثر من 60 في المئة، وإنتاجها معدن اليورانيوم المستخدم في الرؤوس الحربية النووية".

ويلفت إلى "أنه عندما تنقضي الأحكام الرئيسة لـ(خطة العمل الشاملة المشتركة) في عام 2030، وفقاً لاتفاق 2015، لن تكون هناك قيود على حجم البنية التحتية النووية الإيرانية، أو عدد أجهزة الطرد المركزي التي يمكن لطهران تشغيلها أو أنواعها، أو حتى كمية المواد الانشطارية المستخدمة في صنع الأسلحة التي قد تمتلكها أو تنتجها. وبحلول عام 2023، أي بعد عامين فقط من الآن، لن تكون هناك قيود على الصواريخ الباليستية الإيرانية التي تعد آليات نقل فعالة جداً للأسلحة النووية".

يتابع، "لكن إدارة بايدن تأمل في التوصل إلى اتفاق متابعة أطول وأقوى، ويعكس ذلك إقرارها بأن مجرد استعادة الاتفاق النووي الذي وُقع في يوليو (تموز) 2015، ليست كافية". وتكمن المشكلة، برأي روس، في "أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي كان قد أوضح أن إيران غير مهتمة بمثل هذا الاتفاق. فالمحفزات نادراً ما تُغير من سلوك إيران، ومن غير المرجح أن تغير رأي المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي".

ويعتقد روس، "أنه إذا استمرت حكومة رئيسي برفض محادثات المتابعة، على الولايات المتحدة إيضاح تكاليف السعي إلى امتلاك إيران قدرات العتبة النووية. ولتحقيق ذلك، يقول إن على إدارة بايدن النظر في تزويد إسرائيل بـ(القنبلة الخارقة التحصينات) من نوع GBU-57 المعروفة باسم (خارقة الجبال) بوزن 15 طناً، كما دعا بعض أعضاء الكونغرس. ويمكن استخدام مثل هذا السلاح لتدمير منشأة التخصيب الإيرانية (فوردو) القائمة تحت الأرض، إلى جانب مواقع نووية محصنة أخرى. ومن ثمَّ فإن التلويح بمثل هذه القنبلة سيكون أفضل حافز لإيران للتفاوض بشأن اتفاق أطول وأقوى".

المزيد من سياسة