Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر... مخاوف سياسيين وإعلاميين من الاعتقال وراء حملة التضامن مع حنون

الرجل الثاني في الجبهة الاسلامية للإنقاذ المنحلة كان أول المتضامنين مع زعيمة "العمال"

يُردد في الجزائر أن هناك قائمة بأسماء سياسيين سيتم توقيفهم قريباً (أ. ف. ب)

لا يزال حبس الأمينة العامة لحزب العمال اليساري الجزائري، لويزة حنون، يشغل الطبقة السياسية في البلاد، إذ أفرز نقاشاً جديداً يضاف الى القضايا والملفات السياسية التي فتحها الحراك الشعبي منذ 22 فبراير (شباط) الماضي. وانتشرت حملة تضامن مع حنون تقودها أحزاب المعارضة وجهات أخرى، وتزامن ذلك مع تصعيد الانتقاد الموجه للمؤسسة العسكرية، وتحديداً رئيس الأركان أحمد قايد صالح.

وأشعل حبس لويزة حنون، الطبقة السياسية المعارضة، ومواقع التواصل الاجتماعي، وحرك قافلة تضامنية تطالب بإطلاق سراحها، وتتهم القضاء بالانتقائية في محاربة الفساد. ووصفت "رابطة حقوق الإنسان" وأحزاب المعارضة الخطوة بـ"الانزلاق الخطير"، كما اعتبر حزب "جيل جديد" أن "إيداع حنون في الحبس المؤقت يطرح تساؤلات عن النيات الحقيقية للسلطة الجديدة".

وقالت وزيرة الثقافة السابقة خليدة تومي، إن "إيداع حنون الحبس المؤقت يدخل في إطار الانحراف الشمولي، وعلى الأشخاص الذين اتخذوا القرار أن يعودوا إلى رشدهم وأن يدركوا أن هذا التوقيف أمر سيئ بالنسبة للبلد ولصورة الجيش". وتابعت أنه "لا يمكن أن يكون قرار المؤسسة العسكرية بأكملها، هذا مستحيل وأمر غير مقبول، إنه فضيحة"، في إشارة واضحة لرئيس الأركان.

ندوة صحافية للتوضيح

في السياق، أرجع الخبير في القانون الدولي إسماعيل خلف الله، تضامن الأحزاب مع الأمينة العامة لحزب العمال، إلى عدم وضوح الأسباب الحقيقية لوضعها في السجن. وقال إنه "لو تبع أمر الإيداع ندوة صحافية للنيابة العامة لتوضيح التهمة وسبب إيداعها الحبس المؤقت، لكان أحسن، بخاصة أنها رئيسة حزب"، مشيراً إلى أن "هذا الغموض تبعته شكوك وتأويلات، قد يقرأها البعض بأن السلطة الحالية تقمع الحريات المنصوص عليها دستورياً، خاصة تلك المتعلقة بحرية المعارضة السياسية واحترام المواقف الحزبية. أعتقد أن هذا الغموض هو ما دعا الأحزاب السياسية الى التضامن مع لويزة حنون".

حنون... معركة بالنيابة

في المقابل، رأى يرون أن تضامن زعماء سياسيين واعلاميين مع حنون يُعدّ محاولة من أجل ثني قايد صالح، عن الاستمرار في العملية، خوفاً من أن تشملهم، بخاصة في ظل أحاديث عن قائمة طويلة لأسماء سيتم استدعاء أصحابها إلى المحكمة العسكرية.

وكانت حنون قادت أخيراً حملةً ضد المؤسسة العسكرية، واتهمت رئيس الأركان بخرق الدستور والتدخل في الشأن السياسي وإقصاء كل الآراء المخالفة لإقحام الجيش في السياسة، معتبرةً ذلك انحرافاً خطيراً يمهد لوضع شبيه بالتجربة السودانية، الأمر الذي فسرته جهات عدة بأن حنون، تواصل معركة رئيس الاستخبارات السابق المعتقل الجنرال "توفيق" ضد قايد صالح بالوكالة.

"إساءة لكل الجزائريين"

في المقابل، قال مدير مركز "الحوار" الإعلامي محمد يعقوبي، إن "الهجوم على الجيش والاساءة له، هو هجوم على كل الجزائريين وتهديد لأمن البلاد واستقرارها، وتنكر للدور الذي لعبه الجيش في مرافقة الحراك الى تحقيق ما نقف عليه اليوم من إنجازات، من سجن رؤوس العصابة وفتح ملفات الفساد"، مشيراً إلى أن "أيتام الجنرال توفيق، يشنون هذه الأيام هجمة شرسة على الجيش". وتابع أن "موعد 4 يوليو (تموز) لإجراء الانتخابات الرئاسية غير منطقي ولا واقعي ومرفوض شعبياً، وفاقد لضمانات النزاهة المطلوبة، والتشبث بمواعيد محددة هو استهتار بخطورة الأزمة وبمطالب الحراك". وخلص يعقوبي إلى أن "السبيل الوحيد لتفادي الفراغ الدستوري هو الانفتاح على الاجتهادات السياسية والدستورية، ومن واجب الحراك الاستمرار في الضغط لإقناع الفاعلين ومنهم قيادة الجيش أن الحل الدستوري مقبول بل مطلوب ولكن بدون رموز عهد بوتفليقة وبضمانات نزاهة جلية وواضحة".

ارباك قايد صالح؟

وترى الفئة المتضامنة مع حنون أن "ليس كل من يختلف مع قائد الاركان، يعادي الجيش، فقايد صالح، أو غيره من الجنرالات، ليسوا هم الجيش الذي هو أكبر منهم، ولذلك يجب التفريق بين الأمرين، و لا نغالط أنفسنا أو نعمل على تخوين بعضنا البعض، فقايد صالح، صرح بأنه سيكون مع ثورة الشعب، ويفعّل المواد 102 و7 و8 من الدستور، غير أنه بعد تفعيل المادة 102 وطرد "الجثة" من رئاسة الجمهورية، أصبح لا يذكر المادتين 7 و8 بتاتاً". وذلك ما يجعل الحملة التضامنية مع لويزة حنون، تندرج في سياق إرباك قايد صالح، من أجل دفعه إلى التضحية بين الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح ورئيس الحكومة نورالدين بدوي، أو تغيير موعد الانتخابات، أو حتى دفعه إلى قبول حل سياسي وفق إطار دستوري.

حبس حنون اخاف زعماء المعارضة

من ناحية أخرى، قال الإعلامي علي شمام، إن "التسريبات التي اشارت إلى أن حنون متهمة بالتخابر والمساس بسمعة المؤسسة العسكرية وإضعاف سلطة الدولة، وهي تهم ثقيلة، خلقت مخاوف لدى السياسيين، وهذا هو الدافع الأول والأخير لتضامن الأحزاب مع حنون"، مضيفاً أنه "لا يخفى على أحد أن جل أحزاب المعارضة كانت تعقد اجتماعات معلنة وغير معلنة، مع سفراء دول أجنبية، ناهيك عن اجتماعاتهم مع السعيد بوتفليقة والجنرال "توفيق"، وهما أول مَن قُدما إلى المحكمة العسكرية بتهمة التخابر ضد الجيش، ما يجعل هذه الأحزاب محل تحقيق وملاحقة، وهو ما قد نعيشه خلال الأيام القليلة المقبلة".

وتابع شمام، انه "من غرائب السياسة في الجزائر أن أول المتضامنين مع حنون، كان علي بن حاج، الرجل الثاني في الجبهة الاسلامية للإنقاذ المنحلة، أما رئيس "حركة مجتمع السلم" الإسلامية، عبد الرزاق مقري، فقد يخضع هو الآخر لتحقيقات مماثلة نظراً إلى لقاءاته الكثيرة مع أطراف أجنبية، ضف إلى ذلك اقراره بالاجتماع مع سعيد بوتفليقة".

ومهما يكن من مفاجآت خلال الساعات المقبلة، التي قد تصب في غير مصلحة سياسيين وزعماء احزاب وإعلاميين، فان التهم باتت معروفة وتتعلق بالعلاقة مع الجنرال محمد مدين، الذي التصقت به تهمة "التآمر على الجيش و الدولة". وكان الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، فضح علاقة الأمينة العامة لحزب العمال بالجنرال "توفيق". وقال إن "حنون لعبت دور المخبر والجاسوسة لدى عرّابها الذي كلفها في بداية التسعينات بالتقرب من الجبهة الاسلامية للإنقاذ المنحلة، مثلما أرسلها لنقل أخبار المعارضة"، مشدداً على أن "حزب العمال صنيعة الجنرال توفيق".

المزيد من العالم العربي