أعاد علماء الآثار بأدق التفاصيل إنشاء ما سموه المقابل البريطاني لمدفن توت عنخ آمون - وهو موقع دفن ملكي يعود إلى الحقبة الأنجلوسكسونية اكتُشف على جانب الطريق في منطقة إسكس.
ويعتقد العلماء أنّ حجرة الدفن -التي انتبشت قرب حانة وأحد متاجر سلسلة ألدي Aldi- قد تكون احتوت رفاة سيكسا، شقيق الملك سيبيرت.
وقد أمضى العلماء 15 عاماً وهو ينقبون الموقع في بريتلويل في ساوثند أون سي. وضموا الرميم الأثري -ويعود جزء منه إلى 1400 سنة- بعضه إلى بعض لإنشاء صورة جديدة لما بدت عليه الحجرة عندما شيدت أول مرة.
وتوحي الأشياء التي بُحثت مؤخراً أنّ المدفن أقدم ممّا كان يُعتقد من قبل، الأمر الذي يستبعد فرضية سابقة زعمت أنه أوى الملك الراحل نفسه.
وقدّر الباحثون في متحف لندن للآثار MOLA أنّ بناء الهيكل استغرق 113 يوم عمل وهو ما يمثّل "استثماراً ضخماً في اليد العاملة الماهرة والمواد أيضاً".
وكان الموقع من أوائل المدافن الأميرية المسيحية الأنجلوسكسونية يُعثر عليه في بريطانيا حسبما قالت مديرة الأبحاث صوفي جاكسون.
وأضافت: "أعتقد أنّه نسختنا لقبر توت عنخ آمون. الحصول على نسخة سليمة من المدفن ومعاينة كيف يتموضع كلّ شيء فيه وما الذي جلبه معه الدفين. أعتقد أنّ الغريب في الأمر هو أنّه كان موقعاً لا يبشّر بأيّ اكتشاف. كان بين شطر من سكة الحديد وبين قليل من الطريق، كان بالأساس على الهامش. ليس المكان الذي يتوقع المرء أن يجد فيه مدفنا."
بدأ العمل في الموقع عام 2003، ومن بين الأشياء التي عُثر عليها، صندوق مطلي وأقماع للشراب وإبريقاً يعود إلى عهد الامبراطورية البيزنطية، فضلاً عن صلبانٍ مغلفة برقاقات الذهب توحي على أنّ الميت اعتنق الديانة المسيحية.
الصندوق هو النموذج الوحيد المتبقي من الأثاث الخشبي الانجلوسكسوني المطلي في بريطانيا.
ويُعتقد أنّ الذكر المتوفي كان في سنّ المراهقة وبلغ طوله خمسة أقدام و8 إنشات عندما توفي حوالي العام 580 حسبما قال الباحثون. وتجدر الإشارة إلى أنّ المرسلين المبشّرين الذين أرسلهم البابا غريغوري الأول لتحويل الانجلوسكسونيين إلى المسيحية حطّوا رحالهم في كينت عام 597.
وتوفي الملك سيبيرت حوالي العام 616 ممّا يعني أنّ القبر لا يعود إليه. واستخدم الخبراء مواد عضوية وُجدت داخل أقماع الشراب للقيام بعملية تأريخ إشعاعية.
وعمل 40 شخصاً على المشروع الذي موّله مجلس مدينة ساوثند أون سي ووكالة هيستوريك انغلاند Historic England.
وقد ساعد الاكتشاف والبحث الذي رافقه في "تحويل فهمنا للتاريخ الانجلوسكسوني القديم" وفق ما قال البروفسور سيمون كاينس من كلية ترينيتي (الثالوث) في جامعة كامبريدج لاندبندنت.
وأردف قائلاً: "اعتُبرت بريتلويل منذ لحظة اكتشافها عام 2003 أمراً مميزاً جدا وهي ستمثّل للشرق ساكسونيين ما يمثّله موقع سوتن هو Sutton Hoo منذ العام 1939 لمملكة شرق أنجليا East Angles: أي انها ستلقي ضوءاً جديداً على النخبة كما يتّضح من عادات دفنهم خلال تحوّلهم إلى المسيحية في أواخر القرن السادس وأوائل القرن السابع. نعرف القصّة الرئيسية من كتاب بيد Bede بعنوان التاريخ الكنسي للشعب الانجليزي (Ecclesiastical History of the English People) الذي كُتب عام 731 غير أنّ سوتن هو وبريتلويل يمنحاننا الدليل الحسيّ على شكل طقوس دفن النخبة أو الملوك، ممّا يقرّبنا من الحقائق الملموسة لهذه النخبة المرموقة من المجتمع. تضيف اكتشافات على غرار سوتن هو وبريتلويل وموقع ستافوردشير هورد Staffordshire Hoard الأبعاد التي لا توفرها سوى أدلة من هذا القبيل."
سوتن هو في سوفولك هي عبارة عن موقع أثري ضخم حيث عُثر على مجموعة من القطع الأثرية والمقابر الانجلوسكسونية منذ اكتشافه عام 1939. أمّا ستافوردشير هورد الذي اكتُشف قرب ليشفيلد عام 2009 فيمثّل أكبر عدد من القطع الأثرية الذهبية والفضية الانجلوسكسونية التي وُجدت حتى اليوم ويبلغ عددها 4000 قطعة.
من المتوقع أن تُعرض قطع من بريتلويل على نحو مستمرّ في متحف ساوثاند المركزي بدءاً من 11 مايو (أيار) بعد أن عرضت عبر العالم.
شارك في اعداد التقرير وكالة الانباء الوطنية.
© The Independent