Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السباق الانتخابي على بلدية نيويورك تحول إلى خلاف المنتظر

لفترة من الوقت بدا وكأن هذه المدينة ستكون قدوة التعافي بعد كورونا لكن إثارة المخاوف طغت على برامج المرشحين

"لا يمكن إنكار أن آدامز أعرب عن تأييده السياسة الفاشلة للشرطة القائمة على التوقيف والتفتيش" (غيتي)

إذا أثبتت هذه الانتخابات البلدية الفوضوية التي تشهدها مدينة نيويورك شيئاً، فهو أن خطابنا السياسي يميل إلى التقلبات الدورية.

كان الجناح التقدمي المهيمن في المدينة يأمل في العودة إلى أيام التنظيم السياسي الاجتماعي القوي في أوائل القرن العشرين، أو حتى إلى عصر ديفيد دينكنز، الذي تحدى بنية المحسوبية السياسية وقاد تحالفاً متعدد الأعراق إلى النصر عام 1989. وبدلاً من ذلك، حللنا في الأغلب في عالم الخليفة الرجعي لدينكنز، رودي جيولياني، الذي جسد روح الاعتقالات المشؤومة التي وسمت أغلب تسعينيات القرن العشرين.

ومن المدهش أن نرى السرعة والمدى اللذين ابتلع بهما مجاز القانون السباق بالكامل. ففي غضون بضعة أسابيع، كانت الحاجة الملحة إلى التعافي الاقتصادي والاجتماعي من جائحة فيروس كورونا– الكارثة المنفردة التي قتلت ما يزيد على 33 ألف نيويوركي، ولا تزال تشكل تهديداً وجودياً لمستقبل المدينة– ذابت لصالح التطبيل على طريقة صحف التابلويد حول الجريمة العنيفة.

وكانت هذه هي البيئة المثالية لرئيس قسم بروكلين إيريك آدامز، الشرطي السابق الذي يتمتع بالقدر الكافي من المصداقية بوصفه منشقاً داخلياً مزعوماً يرغب في إصلاح الشرطة. وعلى الرغم من بعض الحديث المتقاطع في هذا الشأن، لا يمكن إنكار أن آدامز أعرب عن تأييده السياسة الفاشلة للشرطة القائمة على التوقيف والتفتيش، ويعتقد بالدور الموسع الذي تؤديه الشرطة في المجتمع. وكان ضابط الشرطة السابق دوماً من بين المرشحين الرئيسيين، لكن من الجدير بنا أن نتساءل ما إذا كان يحتل قمة الاستطلاعات في الوقت الحالي ما لم يتحول النقاش في شكل حاسم إلى السلامة العامة.

ومن ناحية أخرى، أطلق أندرو يانغ حملته الانتخابية بالاستعانة بدفعة من التفاؤل الباهت لكن النشط الذي بدا منعشاً بعد سنة من اليأس، ما أعطاه مزايا مبكرة كبيرة في الاستطلاعات. وحين تعثر فجأة، إذ بدأ الناخبون في إدراك حقيقة مفادها أن نيويورك ستفتح أبوابها من جديد وأن الحياة تزحف عائدة إلى الوضع الذي كان سائداً قبل انتشار الجائحة من دون الحاجة إلى مدخلاته، تبنى أيضاً شبح الخطر في الشوارع. وقال في المناظرة الأخيرة "إن الرجال المصابين بمرض عقلي ولا يملكون مأوى يغيرون شخصية جيراننا"، وهو حكم كان جيولياني نفسه ليتردد في قوله بصوت عال. وصعد عشية الانتخابات، فذهب إلى البرنامج الإذاعي للمستفز الجمهوري جون كاتسيميتيديس ليوافق بكل تأكيد على ضرورة إبعاد المرضى عقلياً عن الشوارع.

إن الخوف العام مفهوم. فلا يمكن إنكار أن أعمال العنف المسلح وأعمال القتل زادت بالفعل، ليس فقط في نيويورك بل وأيضاً في مختلف أنحاء البلاد. والأزمات تتفاقم، وعانينا جميعاً من أزمات ما. والشعور بالاستقرار أمر متقلب، ويشعر العديد من النيويوركيين بأنهم فقدوا سيطرتهم. وهناك طرق ملموسة ولو كانت معقدة إدارياً لأن نتصور تعافي المدينة من فيروس كورونا: يجب الإبقاء على تعويم الشركات الصغيرة؛ وجرى تجنب التهديد الوشيك المتمثل في موجة إخلاءات من المنازل؛ وهناك حاجة إلى تجديد الالتزام بالتأكيد على الاحتياجات الصحية للمجتمعات المحلية التي تعاني من نقص في الخدمات، وكانت معرضة لأسباب كثيرة في طريقة تأسيسها إلى أن يضربها كوفيد قبل فترة طويلة من ظهور الفيروس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن هذه تساؤلات ضخمة ومعقدة، وتبين أن التركيز على العنف والخوف البدائي أسهل كثيراً [من معالجتها] وعلى ما سيفعله المرشحون الآن حيال ذلك. ونجحت هذه الاستراتيجية جزئياً بسبب ضعف أي سردية مضادة [تفسيرات وحلول بديلة]، وذلك يعود إلى تضخم في عدد المرشحين اليساريين الذين أمضوا وقتهم في محاولة دعم حملاتهم المنهارة (دايان موراليس في معركة مفتوحة مع موظفيها وسكوت سترينغر يرد عن نفسه تهم التحرش الجنسي). وترك ذلك مايا وايلي زعيمة تقدمية افتراضياً، على الرغم من سجل مختلط في مقر البلدية خلال عهد رئيس البلدية بيل دي بلاسيو، وعلى الرغم من ضعفها إلى حد ما خلال توليها رئاسة مجلس الإشراف المدني في الشرطة.

ولا يزال هذا السباق غير محسوم إلى حد كبير. فتقلب نتائج الاستطلاعات، إضافة إلى نظام التصويت المطبق حديثاً، والذي يضع فيه الناخب أسماء المرشحين في ترتيب تنازلي، يجعل من المستحيل توقع نتيجة بأي مستوى من الإقناع (من المرجح أن تمر أسابيع قبل أن نحصل على نتائج نهائية). وقد لا يستجيب الناخبون في نهاية المطاف إلى الشعور السائد بانعدام الأمان، وذلك باللجوء إلى صرامة يانغ أو آدامز، بل إلى الكفاءة الأولية التي تتمتع بها كاثرين غارسيا. هي ليست بأي حال من الأحوال من الناشطين الداعين إلى وقف تمويل الشرطة، لكنها تبدو على الأقل منفتحة على الوقوف في وجه تجاوزات دائرة الشرطة في مدينة نيويورك على نحو لم يتجرأ عليه حتى بيل دي بلاسيو، الأكثر تقدمية على الورق لكن الضعيف منذ البداية. ففي نهاية المطاف، أمضت غارسيا وقتاً كبيراً في إدارة قوة عمل بلدية كبيرة واجهت تحديات، سواء كمفوضة للمرافق الصحية أو رئيسة لشبكة توزيع الأغذية في استجابة للجائحة في المدينة.

ولعل الناخبين سيرفضون الخوف الصريح وينتخبون وايلي، الذي أيدته النائبة الجمهورية ألكسندريا أوكاسيو-كورتيز ويبدو أنه يبلي بلاء حسناً في الاستطلاعات. ومع ذلك يصعب على المرء ألا يشعر بأن النقاش انتقل في شكل حاسم مجدداً إلى مجال يذكر بالهوس بالجريمة والأمن الزائف خلال تسعينيات القرن العشرين. ويتعلق الأمر الآن إلى حد كبير بالشرطة، لكنه لن يتوقف هناك.

يهدد هذا النقاش بابتلاع النقاش الآخر حول إغلاق جزيرة رايكرز، وإدارة خدمات الرعاية الصحية العقلية، وسياسات المدينة الخاصة باللاجئين، والإسكان ذي الأسعار المعقولة. إنها نقطة انقلاب، وبوسع النيويوركيين أن يختاروا إجراء نقاش واقعي بعيد الأمد حول تحصين مدينتنا في مواجهة الظروف التي جعلت العديد منا عرضة إلى كل من كوفيد والجريمة في المقام الأول، أو الخضوع إلى فترات قصيرة من الحلول بقيادة الشرطة والمراقبة. ولا نملك الآن إلا أن نتمنى أن يختار هؤلاء الذين توجهوا إلى صناديق الاقتراع، الثلاثاء، بحكمة.

فيليبي دي لا هوز صحافي استقصائي يعيش في مدينة نيويورك

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء