Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لاجئون ببريطانيا يدعون الحكومة لاستقبال المزيد

تقول عائلات لاجئة انتقلت بموجب برنامج إعادة التوطين الحكومي، لـ ماي بولمان كيف أنها صارت قادرة على إعادة بناء حياتها بعد فرارها من الحرب والاضطهاد، وتناشد الوزراء أن يواصلوا تطبيق البرنامج للأخذ بيد آخرين ممن يواجهون ظروفاً صعبة

أطفال اللاجئة السورية وعد المبسبس، وأعمارهم 9، و7، و3 سنوات، يتمتعون بحياتهم الجديدة في المملكة المتحدة بعد سنوات في مخيم للاجئين (وعد المبسبس)

 تعيش حالياً آلاف العائلات الهاربة من الحروب والاضطهاد حول العالم، في بيوت آمنة ومريحة بمدن وبلدات موزعة في طول بريطانيا وعرضها، الأمر الذي يجعلهم يشعرون بالرضى ويشجعهم على العمل لتحقيق أحلامهم.

وبفضل برامج إعادة التوطين التي وضعتها بريطانيا، عثر 25 ألف رجل وامرأة وطفل، ممن كانوا في خطر محدق، على مكان آمن للعيش في المملكة المتحدة، صار وطنهم الجديد خلال السنوات الخمس الماضية.

لكن في حين قالت وزارة الداخلية البريطانية إنها ملتزمة متابعة العمل على أساس سجلها الذي يستحق الثناء لجهة إعادة توطين اللاجئين، فإن القلق آخذ بالتفاقم حيال تعامل الحكومة مع هذا الملف. وتعود هذه المخاوف إلى إلغاء الوزراء قرار استقبال عدد اللاجئين المحدد في السابق من دون ضمانات حول عدد اللاجئين الذين سيكونون موضع ترحيب في بريطانيا في المستقبل.

 من ناحيتها، قالت الوزارة إن هذه الأعداد [عدد اللاجئين] ستكون موضع مراجعة دائمة، وستُحدد صيغتها النهائية استناداً إلى إمكانيات السلطات المحلية، والحكومة المركزية والهيئات المجتمعية على استيعاب اللاجئين. غير أن "المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة"، وجمعيات خيرية بريطانية ومجالس بلدية قد أعربت كلها عن قلقها من أن يؤدي هذا النهج الجديد إلى تقليص عدد اللاجئين الذين يستطيعون العيش في بريطانيا كوطن جديد لهم.

وبمناسبة "أسبوع اللاجئين" الحالي، يتحدث في ما يلي بعض أولئك الذين استفادوا من برنامج إعادة التوطين لصحيفة "ذا اندبندنت" عن هذا المشروع الذي سمح لهم بإعادة بناء حياتهم والبدء بالاندماج في المجتمع البريطاني كجزء منه، مؤكدين أهمية الأسباب التي تدعو وزارة الداخلية إلى التعهد بالوفاء بالتزاماتها والاستمرار بفتح الباب أمام اللاجئين للاستقرار في بريطانيا.

محمد النعسان ، 37 سنة

نُقل اللاجئ السوري محمد، مع زوجته وطفليهما اللذين يبلغان 6 و3 سنوات، إلى إدنبره في أبريل (نيسان) الماضي.

تأجل انتقالنا إلى بريطانيا ما يزيد على سنة بسبب تفشي جائحة كورونا. فقد علقنا في لبنان، حيث عشنا أوضاعاً مادية صعبة.

كان حقاً أمراً رائعاً أن تشعر بعد طول انتظار أنك أخيراً في المملكة المتحدة. وقد أقمنا أول الأمر عشرة أيام في فندق انتقلنا بعدها إلى مسكن صار بيتنا الجديد.

إن الأوضاع عموماً هنا جيدة حتى الآن. وإذ تواظب ابنتي الطالبة على الذهاب بسرور بالغ إلى المدرسة حيث تتعلم الأبجدية، فإن ابني، سيبدأ دروسه هو الآخر في سبتمبر (أيلول) المقبل.

إن السبب الذي دفعنا إلى الهرب هو أننا أردنا لأطفالنا أن ينالوا قسطاً جيداً من التعليم. إلا أن العامل الأهم وراء رحيلنا عن بلادنا كان حاجتنا للبحث عن مكان نشعر فيه نحن وأولادنا بالأمان، وهذا ما وجدناه هنا.

لقد أخذونا في جولات للتعرف إلى المدينة، كما أصدروا لنا بطاقات باص مجانية، وبوسعنا الاستفادة من دورات اللغة الإنجليزية. ونحن نسكن في حي جميل حقاً.

وبالنسبة للعمل، فقد كنت أشتغل في سورية في مجال الكهرباء، كمساعد مهندس. وآمل بأن أتعلم قدراً كافياً من اللغة الإنجليزية يخولني أن أزاول مهنتي نفسها هنا في بريطانيا.

نسكن حالياً في منطقة تبعد عن مركز المدينة مسافة يقطعها باص النقل الداخلي في تسع دقائق. ونذهب مرة كل يومين إلى وسط إدنبره. وهناك أؤدي صلاة الجمعة عادة، وأتسوق بعض الأغذية الحلال.

لم يكن لدي على امتداد السنوات العشر الأخيرة مكان إقامة يمكنني أن أسميه بيتاً. أما الآن فأنا أشعر أن هذا المنزل هو في الواقع لي أنا.

أناشد الحكومة أن تقوم بواجبها. يمر الناس العالقون في لبنان والأردن بمرحلة صعبة للغاية، حتى أنني شخصياً، أفضل الموت على العودة إلى حيث كنت. إعادة التوطين تنقذ الأرواح.

هدير، 29 سنة

هدير، لاجئة فلسطينية ترعرعت في العراق، وقد نُقلت هي ووالدتها وشقيقتها إلى مانشستر في عام 2019

تعرضت حياتي للخطر بشكل مفاجئ حين أخذ أحدهم يهددني بالقتل فقط لكوني لاجئة فلسطينية. هذا ما حمل والدتي وشقيقتي الأصغر سناً على الفرار بسرعة. ولحسن الحظ، عُرض علينا الاستقرار في المملكة المتحدة كوطن جديد لنا.

والحق أنني أحببت دائماً هذه البلاد. لقد درست في العراق العلوم البيولوجية، وكنت أتعلم الإنجليزية في الوقت نفسه. انتابني شعور بالقلق الشديد عند وصولي. فقد خشيت من احتمال أن نضيع هنا. لكن كان هناك أشخاص بانتظارنا، وقد أخذونا مباشرة إلى بيتنا. لقد ساعدونا على إنجاز كل الأمور حتى وصلنا المحطة الأخيرة.

لم أكن أظن أنني سأتأقلم بهذه السرعة. لكن بدأت أدرس الإنجليزية في المملكة المتحدة. ويا ليتني شرعت بتعلمها في وقت سابق قبل مجيئي. وأنا أعمل حالياً في التلقيح بدوائر "خدمة الصحة الوطنية".

الناس هنا ودودون للغاية، وتربطني علاقات جيدة بجيراني، وقد ازدادت صلاتنا متانة خلال الجائحة، فالجميع كانوا يحاولون مساعدة بعضهم بعضاً.

 لكن من الصعب للغاية بالنسبة لي أن أجد صديقات في عمري. ولن يكون ذلك سهلاً.

الواقع، لم أشعر يوماً بالانتماء للعراق. لم أحسّ على الإطلاق بالأمان هناك أو بأني جزء من ذلك المجتمع أو البلاد. ولا تزال الكوابيس التي تعود إلى تلك الأيام تراودني إلى اليوم. لكنني آمل أن أحقق أحلامي في تحصيل شهادة دكتوراه .

وعد المبسبس، 31 سنة

نُقلت اللاجئة السورية وعد وزوجها وأطفالهما الثلاثة، الذين تبلغ أعمارهم 9 و7 و3 سنوات، إلى ليويشام في 2019

لن أنسى ما حييت اللحظة التي قالوا فيها لنا إنهم سيعيدون توطيننا في بريطانيا. كنت أن وزوجي نقفز فرحاً ونعانق بعضنا بعضاً. كانت تلك لحظة من البهجة الغامرة التي لا تقاوم.

وحين هبطت الطائرة أجهشت بالبكاء لأنني أدركت أننا صرنا في أمان. وعانقت المرأة السورية التي كانت تجلس قربي مع أني لم أكن أعرفها.

ليويشام مكان عظيم. ويعيش فيه عدد من العائلات السورية. إن المجتمع هنا متنوع للغاية، والناس طيبون ويساعدوننا عند الحاجة.

واجه أولادي صعوبات في البداية، غير أنهم صاروا الآن يتحدثون الإنجليزية بشكل جيد [بطلاقة] ولديهم عدد من الأصدقاء.

كثيراً ما نذهب إلى المنتزهات ونلتقي بالأصدقاء لتناول الطعام معاً. وأطبخ الكثير من الأطباق السورية وأوزع بعض هذا الطعام على جيراننا. وهذه كانت الطريقة المثلى لتقديم أنفسنا لجيراننا الذين صاروا يرسلون لنا بطاقات تهنئة في أعيادنا، ونحن بدورنا نبعث لهم ببطاقات معايدة بمناسبة عيد الميلاد.

أتابع حالياً دورة في الترجمة الفورية، كما أحاول أن أتعلم في الوقت نفسه الكتابة بالإنجليزية، وأيضاً التطوع للعمل كمترجمة باللغة العربية. ولطالما حلمت بأن أصبح مترجمة فورية.

ينتظر الناس الذين يعيشون حالياً في معسكرات اللاجئين بفارغ الصبر فرصة كهذه. فالحياة هنا مختلفة كل الاختلاف عنها في تلك المخيمات. وأنت تشعر هنا بأنك إنسان من شحم ودم، أما هناك فلا تشعر كذلك أبداً. وإن حياة الكثيرين تعتمد على برنامج إعادة التوطين والأمل بحياة جديدة في وطن جديد.

صحارو، 37 سنة

صحارو، لاجئة صومالية نُقلت مع أولادها الثلاثة، ولهم من العمر 14 و 13 و9 سنوات، إلى بولتون في عام 2017

تقول السيدة الصومالية واجهت بعض المشكلات الزوجية لأن شريك حياتي كان متورطاً في القتال إلى جانب فئة هناك وفي صناعة القنابل على مقربة من بيت العائلة. وهذا أجبرني على الفرار مع أولادي إلى مخيم للاجئين في كينيا. بقينا هناك طوال ثمان سنوات، نعيش في ظروف صعبة للغاية.

بيد أن الفرصة سنحت لنا في ما بعد أن نعيش هنا في المملكة المتحدة هذه الحياة الجديدة.

وبعد وصولنا بوقت قصير، استطعت أن أحصل على عمل في حضانة للأطفال. ولم يطل بي الأمر أكثر من خمسة أشهر كي أبدأ العمل في دار لرعاية المسنين. إنني حقاً استمتع بعملي. أريد أن أساعد الآخرين وأرد بعض الجميل للمجتمع.

لدينا هنا مجتمع تسوده الألفة. أطفالي مولعون بالمدرسة، وأنا أعمل، ولدي سيارة وأحب جيراني كثيراً.

آمل بأن يحصل عدد كبير من الناس على هذه الفرصة. إن اللاجئين يحتاجون إلى مساعدتنا. هناك العديد من الدول التي يعاني سكانها من المشكلات. وعلينا أن نمد يد العون للآخرين.

نسيم، 40 سنة وسيلينا، 37 سنة

الزوجان نسيم وسلينا لاجئان سوريان تم نقلهما في فبراير (شباط) الماضي إلى داندي في اسكتلندا.

سيلينا: لا أستطيع أن أصف كيف شعرنا حين صار بوسعنا أن نغادر لبنان. كنا في منتهى السعادة. بقيت في حالة إنكار حتى أقلعت بنا الطائرة. وكان موعد سفرنا إلى بريطانيا قد تم تأجيله سبع مرات. وحين وصلنا بالفعل، كنت قد بدأت أبكي.

أخيراً صرنا نُعامل كبشر. تعود إليّ أحياناً في الحلم ذكريات بعض الوقائع التي تخللت حياتنا السابقة. لكنني سرعان ما أنتبه حين أستيقظ من هذه الأحلام أن تلك الأيام باتت وراءنا.

نسيم: هناك الكثير من الأشخاص الطيبين من حولنا هنا. ونحن نحب هذا المكان فعلاً. لقد جعلت جائحة كورونا التعرف إلى أصدقاء جدد أمراً صعباً، بيد أننا نحظى بدعم ممتاز، حتى ولو أتانا عن بعد.

التحقنا بدروس لتعلم الإنجليزية، ونتابع فيديوات اللغة الإنجليزية على منصة "يوتيوب". أتمنى أن أستطيع العمل حداداً، فهذه هي مهنتي.

نذهب في مشاوير سيراً على الأقدام كي نكتشف المنطقة، وهي في الحقيقة غنية بالأماكن الجميلة التي يمكنك مزاولة المشي فيها. ويقع بيتنا تماماً بجوار منتزه.

نتناول بشكل أساسي الطعام العربي. لكن لدينا الآلة التي تحمِّص الخبز بحيث يصبح توست. ولقد اكتشفنا كم هو لذيذ طعم الخبز المسخن من هذا النوع وفوقه شريحة جبنة.

آمل وأصلي أن تسمح الحكومة للمزيد من اللاجئين بالمجيء إلى هنا. ونحن لن ننسى في حياتنا الصعوبات التي واجهناها في سورية ولبنان.

أحمد حاج علي، 56 سنة

نُقل اللاجئ السوري أحمد وزوجته وولداهما، وهما في سن 17 سنة و 18 سنة، إلى شيفيلد في مارس (آذار) الماضي.

استغرقت رحلتنا إلى برّ الأمان هنا أربع سنوات، قضينا ثلاثاً منها في انتظار إعادة التوطين، فيما ضاعت سنة وعدة أشهر بسبب الجائحة.

سررنا كثيراً بوصولنا إلى هنا. لا أستطيع أن أصف لكم شعوري صدقاً. وقد جئت مع زوجتي وولدينا اليافعين.

شيفيلد مدينة عظيمة. وهي كبيرة. لقد أخذت الحياة تعود إلى سابق عهدها، وهناك الكثير مما يتوجب الإقدام عليه أو رؤيته في أنحاء شيفيلد. التحق الولدان بالكلية. وأنا استمتع حالياً بتعلم الإنجليزية.

صار عندنا بعض الأصدقاء في الحي. ونريد أن نتعلم الإنجليزية بسرعة حتى نستطيع أن نتواصل بشكل أفضل مع الناس.

لدينا حديقة منزلية كبيرة. وأنا حقاً أعشق البستنة، وقد زرعنا البندورة والكزبرة والثوم. وستجدني كثيراً في الحديقة لساعات عدة وأحياناً ليوم كامل. اعتدت في سورية أن استأجر قطعة أرض وأزرع فيها القمح ومحاصيل أخرى لبيعها. لكنني أزرع النباتات حالياً على سبيل الهواية.

لكل من الولدين غرفة نومه الخاصة. وقد اشتركا في نادٍ رياضي وهما يحبان ممارسة السباحة.

الطقس مختلف هنا اختلافاً كبيراً. ففي سوريا لدينا أربعة فصول في السنة. أما هنا، فأربعة فصول في اليوم الواحد.

نحن سعداء للغاية ونشعر بالأمان ويجب أن يتمكن المزيد من الناس من القدوم إلى هنا. والحق أن هناك الكثيرين ممن يعيشون حالياً أوضعاً صعبة وهم بحاجة ماسة إلى مساعدتنا.

© The Independent

المزيد من تحقيقات ومطولات