Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترمب يصعد ضد إيران ... عقوبات على النحاس والحديد والألومنيوم

  طهران تستأنف تخصيب اليورانيوم بمستوى مرتفع إذا لم تف القوى العالمية بتعهداتها

في تطور جديد، أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليوم الأربعاء أوامر تنفيذية بعقوبات جديدة على إيران، تأتي فيما يبدو رداً على إعلان إيران تعليق العمل ببعض البنود في الاتفاق النووي المبرم بين طهران والقوى الدولية الكبرى، عام 2015.

وتطال العقوبات الجديدة قطاع الصناعات المعدنية الإيراني. وقال البيت الأبيض في بيان إن ترمب أصدر أوامر تنفيذية بعقوبات جديدة على إيران في مسعى "لحرمان إيران من عائدات صادرات المعادن لتمويل برنامجها النووي".

وأضاف البيان أن العقوبات ستشمل مؤسسات مالية أجنبية تتعامل مع قطاع التصنيع المعدني في إيران.

وتوعد ترمب إيران بمزيد من العقوبات ما لم تغير سلوكها بشكل جذري. وقال إن "العقوبات الجديدة تمثل رسالة تحذير لباقي الدول من مغبة السماح بوصول صادرات المعادن الإيرانية إلى موانئها".

وقرّرت طهران تعليق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي التاريخي المبرم عام 2015 مع الدول الكبرى بعد سنة على القرار الأميركي الانسحاب من هذا الاتفاق، مهددة بإجراءات إضافية خلال 60 يوماً في حال لم تطبق الدول الموقعة على الاتفاق بعض التزاماتها.
كما قررت وقف الحد من مخزونها من المياه الثقيلة واليورانيوم المخصب، والذي كانت تعهدت به بموجب الاتفاق النووي الذي وضع قيوداً على برنامجها النووي. وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني، إن بلاده ستستأنف تخصيب اليورانيوم بمستوى مرتفع، إذا لم تفِ القوى العالمية بتعهداتها بمقتضى الاتفاق. وأضاف في كلمة تلفزيونية أن بقية الدول الموقعة على الاتفاق، وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا، أمامها مهلة 60 يوماً لتنفيذ تعهداتها بحماية القطاع النفطي والمصرفي بإيران من العقوبات الأميركية.
وأبلغت إيران سفراء الدول الموقعة بأنها ستتراجع عن بعض التزاماتها في الاتفاق النووي. وحذر روحاني من رد حازم إذا أحيلت القضية النووية الإيرانية إلى مجلس الأمن الدولي، موضحاً أن بلاده مستعدة للتفاوض بشأن برنامجها النووي.
ويأتي ذلك غداة زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو المفاجئة إلى بغداد التي تهدف إلى التصدي "للتصعيد" الإيراني.

مزيد من العقوبات
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض يوم الأربعاء إن الولايات المتحدة تعتزم فرض مزيد من العقوبات على إيران "قريبا جدا"، في الوقت الذي أعلنت فيه طهران أنها ستقلص بعض القيود المفروضة على برنامجها النووي. وقال تيم موريسون، المساعد الخاص للرئيس الأمريكي وكبير مسؤولي شؤون أسلحة الدمار الشامل والدفاع البيولوجي، في مؤتمر صحفي إن واشنطن لم "تفرغ" بعد من فرض عقوبات على إيران. وأضاف "توقعوا المزيد من العقوبات قريبا. قريبا جدا".

ضبط نفس
من جهته، أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي يزور موسكو أن "الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة وخصوصاً منذ سنة، لكن أيضاً قبل ذلك مثل انسحابها (من الاتفاق)، كانت تهدف بوضوح إلى التسبب بوقف تطبيق" هذا الاتفاق.
وأضاف أن إيران أظهرت حتى اليوم "ضبط نفس" لكن الجمهورية الإسلامية باتت تعتبر أنه "من المناسب وقف تطبيق بعض تعهداتها وإجراءات طوعية" اتخذتها في إطار هذا الاتفاق. وشدد ظريف على أن إيران "لن تنسحب" من الاتفاق النووي وأن الإجراءات التي اتخذتها طهران، والتي لم تحدد طبيعتها، تتوافق مع "حق" وارد للأطراف الموقعة على الاتفاق في حال إخلال طرف آخر بالالتزامات. وبقصد الالتفاف على العقوبات الأميركية أطلقت بريطانيا وفرنسا وألمانيا في أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي نظام دفع خاصاً يحمل اسم "انستكس" أو "أداة دعم التبادلات التجارية مع إيران".
وأنشأت الدول الثلاث هذه الآلية على أمل أن تساعد في إنقاذ الاتفاق النووي، من خلال السماح لطهران بمواصلة التبادل التجاري مع الشركات الأوروبية على رغم العقوبات الأميركية.

الاتفاق النووي
وأبرم الاتفاق حول الملف النووي الإيراني في 14 يوليو (تموز) 2015 في فيينا بين إيران والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا)، إضافة إلى ألمانيا. وسمح بوضع حد لسنوات من العزلة في إيران، بنصه على رفع قسم من العقوبات الاقتصادية الدولية عن هذا البلد. وفي المقابل، وافقت طهران على فرض قيود على برنامجها النووي لضمان عدم سعيها لحيازة السلاح الذري. لكن في 8 مايو (أيار) 2018، أعلن الرئيس الأميركي انسحاب بلاده بشكل أحادي من الاتفاق، الذي اعتبره "كارثياً"، وإعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران. وفي اليوم ذاته من عام 2019 قررت إيران تعليق بعض تعهداتها الواردة في الاتفاق. وكان الهدف من الاتفاق حرمان إيران من القدرة على صنع قنبلة ذرية مع ضمان حق طهران التي نفت أي بعد عسكري لبرنامجها، بتطوير طاقة نووية مدنية. وعملاً بما ورد في الاتفاق، خفضت إيران إلى 5060 عدد أجهزة الطرد المركزي العاملة التي تستخدم في تخصيب اليورانيوم مقابل 19000 عند توقيع الاتفاق، وتعهدت بعدم تجاوز هذا العدد طوال عشر سنوات.

تعديل المفاعل
ووافقت طهران أيضاً على تعديل مفاعل أراك الذي يعمل بالماء الثقيل تحت إشراف المجموعة الدولية، حتى لا يعود بالإمكان إنتاج البلوتونيوم للاستخدامات العسكرية في هذه المنشأة. وبحسب خبراء، فإن هذه الإجراءات مدّدت إلى سنة المهلة التي تحتاج إليها طهران لصنع قنبلة ذرية، بعدما كانت هذه المهلة تقدر بشهرين أو ثلاثة أشهر عند توقيع الاتفاق. وبقي الحظر الدولي على الأسلحة التقليدية والصواريخ البالستية قائماً حتى 2020 و 2023 على التوالي، لكن مجلس الأمن الدولي يمكنه إدخال تعديلات بحسب كل حالة. وكلفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمراقبة كل المواقع النووية الإيرانية بانتظام مع منحها صلاحيات موسعة. وفي 22 فبراير (شباط) الماضي، أكدت الوكالة في تقريرها الفصلي الأخير أن إيران لا تزال ملتزمة بتعهداتها بموجب الاتفاق النووي. وأوردت في التقرير أن إيران لم تخصب يورانيوم إلى درجات محظورة، كما لم تشكل مخزوناً غير قانوني من اليورانيوم بنسبة تخصيب منخفضة أو من الماء الثقيل، بما يتوافق مع التزاماتها التي ينص عليها الاتفاق. ويفرض القانون الأميركي على الرئيس أن يبلغ الكونغرس كل 90 يوماً ما إذا كانت إيران تحترم الاتفاق وما إذا كان هذا النص متوافقاً مع المصلحة الوطنية للولايات المتحدة.
 

خفايا الاتفاق
ويعد التطوير الإيراني لبرنامج الصواريخ الباليستية، أهم ما يزعج الإدارة الأميركية، إذ إن ترامب يرى بضرورة الربط بين الاتفاق النووي كمعاهدة لمنع الانتشار النووي وبين قرار مجلس الأمن الدولي 2231 الداعي إلى عدم إجراء التجارب الصاروخية الباليستية. ولأن الرئيس الإيراني وقع قرارين لزيادة الإنفاق على البرنامج الصاروخي الباليستي وبسبب سلوك إيران في اليمن الداعم للحوثيين بالمعارف الصاروخية وقصف إيران لأهداف سورية بتلك الصواريخ، اعتبر البيت الأبيض أن هذا السلوك بمثابة انتهاك صارخ لروح الاتفاق الذي كان هدفه تشجيع الاستقرار والأمن في المنطقة.

التوسع الإقليمي
في المقابل، ترى الإدارة الأميركية أن الاتفاق حرر إيران من العقوبات وجعلها تحصل على قدر كبير من أموالها المجمدة في بنوك الغرب، لكنها بدلاً من أن تستثمرها في الأغراض الاجتماعية الداخلية، أنفقتها على دعم أذرعها في اليمن وسوريا ولبنان والعراق وغزة، فضلاً عن أدوارها الأخرى في أفريقيا وأوراسيا. وعلى هذا الأساس بنت الإدارة الأميركية اتهامها لإيران بأنها استغلت الاتفاق للتوسع الإقليمي والتمدد على حساب استقرار الشعوب، واتهمتها بالدعم المادي والمالي للإرهاب، والتطرف، ومساعدة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، والدور المزعزع للاستقرار في دول أخرى والقرصنة المعلوماتية، وانتهاكات حقوق الإنسان، والاعتقال العشوائي لرعايا أجانب، وفقاً لقائمة الاتهام التي أصدرتها الخارجية الأميركية بهذا الصدد. ولعل بند الغروب هو أحد أهم أسباب الانزعاج الترمبي من الاتفاق النووي، إذ إن هذا البند يتيح لإيران إعادة العمل على تخصيب اليورانيوم بعد مضى 10 سنوات من توقيع الاتفاق أي بحلول 2025، ووفقاً لمنطوق الاتفاق فإن بعض القيود التقنية المفروضة على الأنشطة النووية تسقط تدريجاً في هذا التاريخ. وتدفع الديبلوماسية الأميركية في الغرف المغلقة بأوروبا نحو ضرورة تعديل الاتفاق والتوصل إلى صيغة غربية موحدة لإجبار إيران على الجلوس مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات وبحث المشاكل الرئيسية فى الاتفاق من المنظور الغربي، لذلك أعلن سابقاً مدير تخطيط السياسات فى وزارة الخارجية الأميركية بريان هوك، أن بلاده تتفاوض مع شركائها الأوروبيين على إضافة ملحق إلى الاتفاق النووى الإيراني، يتضمن إجراءات أكثر حزماً لمنع طهران من تطوير أسلحة نووية، وإجبارها على وقف سلوكها الإقليمى المزعزع للاستقرار، بحسب بيان للخارجية الأميركية. وتحركت الولايات المتحدة يوم الجمعة الماضي لإرغام إيران على الكف عن إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب وعن التوسع في محطتها الوحيدة للطاقة النووية. وقال ترامب الذي لم يكن قد تسلم السلطة عند إبرام الاتفاق النووي، إن الاتفاق يصب في مصلحة إيران نظراً لأنه لم يتطرق إلى برنامجها للصواريخ الباليستية أو مساندتها لقوى أخرى في حروب عدة بالشرق الأوسط. أما طهران فتؤكد أن برنامج الصواريخ الباليستية ليست له صلة بأنشطتها النووية وهو دفاعي في طبيعته، كما أن دعمها لحلفاء في أنحاء الشرق الأوسط ليس من شأن واشنطن.

العين بالعين
وكان نواب بمجلس الشورى الإسلامي في إيران (البرلمان) صوتوا على مشروع قانون يفرض إجراءات وعقوبات اقتصادية على الولايات المتحدة والدول التي تتعاون معها في فرض الحظر الاقتصادي على إيران. ووافق النواب على مشروع قانون أعد لمعاقبة الدول المتعاونة مع الولايات المتحدة في تطبيق عقوباتها المفروضة على إيران. وورد في نص البيان، "نظراً للعقوبات الأحادية الجانب التي وضعتها الولايات المتحدة والإمكانات الموجودة لدى إيران والتي تحتاجها الدول المعادية، فمن الضروري أن تبدي إيران رد فعل تجاه هذا العداء، وأن تمارس بدورها الضغط على هذه الدول".

وينص البند الأول من مشروع القانون، على أن جميع البلدان التي تمتنع عن شراء النفط أو أي بضاعة أخرى من إيران، تماشياً مع سياسات الولايات المتحدة، أو تتخذ إجراءات لتقويض وعرقلة المعاملات بين مواطنيها أو الحكومة التابعة لها مع إيران أو مواطنيها، تعتبر ضمن الدول المتعاونة مع الولايات المتحدة في ممارسة الضغط على إيران، وينطبق عليها هذا القانون. ويؤكد البند الثاني من القانون، على إعادة إبلاغ الجمارك الإيرانية والمناطق الحرة، كل 6 أشهر بقائمة الدول المشمولة بهذا القانون. ووفقاً للبند الثالث، يُمنع استيراد كافة أنواع السلع من الولايات المتحدة وشركائها في فرض الحظر على إيران في كافة الجمارك والمناطق الحرة. ويشير البند الرابع من القانون الجديد، إلى منع تصدير الغاز والنفط الإيراني إلى الدول المذكورة لمدة 10 سنوات منذ دخولها في قائمة العقوبات الإيرانية. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية صارمة ضد إيران، منذ شهر أغسطس (آب) الماضي، عقب إعلان ترمب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الموقع مع إيران. وتشمل العقوبات، حظر تبادل الدولار مع الحكومة الإيرانية، إضافة إلى حظر التعاملات التجارية المتعلقة بالمعادن النفيسة، لا سيما الذهب، وفرض عقوبات على المؤسسات والحكومات، التي تتعامل بالريال الإيراني أو سندات حكومية إيرانية.

كما تتضمن الإجراءات الأميركية، فرض عقوبات شاملة على قطاع الطاقة الإيراني، خصوصاً قطاع النفط والغاز، وشركات الموانئ والشحن البحري وصناعة السفن، وعقوبات على البنك المركزي الإيراني وتعاملاته المالية.

المزيد من الشرق الأوسط