Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دعوات إلى حظر رسائل المديرين الإلكترونية خارج الدوام

"من الواضح أن العمل من البيت، بالنسبة إلى الملايين منا، بات أقرب إلى فكرة النوم في المكتب" يقول اتحاد نقابات عمالية في بريطانيا

مع جائحة كورونا اضطر كثيرون إلى العمل من المنزل فالتبست الحدود بين عالمي الوظيفة والحياة اليومية (غيتي)

يقوم اتحاد نقابات عمالية بريطاني، يُمثل أكثر من 150 ألف عامل في أنحاء المملكة المتحدة، بمناشدة الحكومة لتشريع "حق الانقطاع عن التواصل" للموظفين خارج دوام عملهم. ويقول اتحاد "بروسبيكت" Prospect، الذي يضم بين أعضائه مهندسين، وعلماء، ومديرين، وعاملين في الخدمة المدنية، إن إقرار هكذا حق مهم جداً "لضمان صحة العمال" بعد دراسة استطلاعية أظهرت أن أفراداً من الجسم العمالي، بمعدل واحد من كل ثلاثة أشخاص، يجهدون "للانقطاع" (من العمل) منذ أن بدأوا باعتماد طريقة العمل من بُعد (إثر جائحة كورونا).

وتأتي هذه الحملة اليوم إثرقيام جمهورية إيرلندا في شهر أبريل (نيسان) المنصرم، بإقرار قوانين جديدة تمنح الموظفين حق عدم الرد على رسائل ومكالمات ومراسلات إلكترونية تردهم خارج دوام وظيفتهم الرسمي. وكذلك تفرض هذه القوانين على أرباب العمل ومديريه إضافة معلومات في هوامش رسائلهم تذكر العمال بأنهم غير مجبرين على الرد، إن لم يكونوا في دوام وظيفتهم.

وكان استطلاع موله اتحاد "بروسبيكت" في أبريل المنصرم أظهر أن 66 في المئة من الناس سوف يدعمون "حق الانقطاع من التواصل" ويؤيدون إدراجه ضمن قانون التوظيف في المملكة المتحدة.عن هذا الأمر، وفي إطار دعوته إلى التحرك بغية إقرار الحق المذكور، قال اتحاد "بروسبيكت" إن "العمل من بُعد سرع التوجه لقضاء ساعات أطول في أداء الوظيفة، وذاك أسهم بدرجة كبيرة في زيادة مخاطر الإجهاد والإنهاك، وإن التقنيات الرقمية تعني أن هناك سهولة أكبر في الاتصال بالأشخاص خارج دوام وظيفتهم، وتذكيرهم بالعمل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في السياق ذاته شرح أشخاص (موظفون وعمال) أعضاء في "بروسبيكت" كيف أن أداء العمل من البيت أدى إلى "طمس الحدود الفاصلة" بين عملهم ووظيفتهم، وبين حياتهم الشخصية. وقال أحد أولئك الأعضاء للاتحاد (ضمن الدراسة الاستطلاعية) "أستمتع في العمل من البيت، لكن نظراً إلى غياب مشاغل بديلة، فإن الابتعاد عن جو العمل والمهام المطلوبة مني، يغدو صعباً". أضاف عضو آخر "أشعر كأنني أعيش في المكتب (مقر العمل)، بدل الشعور أنني أعمل من البيت".

من جهته، أندرو بايكس، مدير الأبحاث في "بروسبيكت"، رأى أن إقرار "حق الانقطاع من التواصل" سيقوم "بإعادة رسم الحدود المطموسة" (بين العمل والبيت) وسـ "يظهر أن الحكومة جدية في معالجة الجانب المظلم من العمل من بُعد". تابع بايكس "تجربة الناس في العمل من البيت خلال الجائحة تفاوتت على نحو حاد، وذلك استناداً إلى طبيعة وظيفة كل شخص وإلى ظروف بيته، وبشكل أساسي إلى طريقة تصرف أرباب العمل". أردف "من الواضح أن العمل من البيت بالنسبة إلى ملايين الأشخاص منا بدا كأنه نوم في مقر العمل (المكتب)، إذ أسهمت التقنيات الحديثة في تصعيب الانقطاع الكلي من التواصل، وذاك أدى إلى تردي الصحة النفسية. العمل من بُعد بات بيننا ليبقى، لكن بإمكانه أن يكون أفضل مما بدا عليه خلال تجربة الأشهر المنصرمة".

وحظيت حملة اتحاد "بروسبيكت" بدعم من "مؤتمر النقابات العمالية" TUC في بريطانيا، هذا الأخير الذي يشير إلى إقرار تدابير مماثلة (حق الانقطاع من التواصل) في فرنسا وألمانيا. وفي السياق عينه يقول أمين عام "مؤتمر النقابات العمالية"، فرانسيس أوغرايدي، "جميعنا نحتاج إلى توازن صحي بين العمل والعيش، وإلى وقت استراحة مقبول. حان الوقت كي يحظى العمال في بريطانيا بالحماية أيضاً، فيغدو الانقطاع من التواصل بالعمل (خارج الدوام) حقاً من حقوقهم المشروعة".

وتُعد ظاهرة زيادة المرونة (في أداء العمل) واحدة من فوائد العمل من بُعد، حيث أتاح بعض أرباب العمل لموظفيهم إمكانية "تسجيل الحضور والانصراف" (عبر الإنترنت) في أوقات مختلفة تتلاءم مع ظروفهم الشخصية.

من جهة أخرى قامت هيفا مهدزايني، مستشارة الأبحاث البارزة في "المعهد القانوني للتوظيف والتنمية" Chartered Institute of Personnel and Development، بالتحذير من أن يكون إقرار "حق الانقطاع من التواصل" خطوة "مبالغ بها". وقالت في هذا الإطار "على المؤسسات معالجة المسائل الأساسية التي تجعل الموظفين يشعرون كأنهم عاجزين عن التوقف (عن العمل)، وتلك مسائل تتضمن أعباء العمل الثقيلة والتوقعات الإدارية غير المنطقية. على المؤسسات أن تكون ناشطة أيضاً في التشجيع على إبراز الحدود الفاصلة بين العمل والبيت، كي تدعم مسألة التوازن بين هذين المجالين في حياة الناس".

أما سايمون بلايك، الرئيس التنفيذي لمنظمة "المعالجة الأولية للصحة النفسية في إنجلترا" Mental Health First Aid England، فقال، إن على أرباب العمل تشجيع موظفيهم على القيام برسم الحدود الفاصلة (بين العمل والبيت) بما يتلاءم مع ظروفهم وتجربتهم الخاصة، كأن يقوموا مثلاً بإضافة تفاصيل ومعلومات عن ساعات دوامهم إلى توقيعهم في أسفل رسائلهم الإلكترونية، وأن يحجبوا خدمة "الاجتماع المفتوح" في أجهزتهم (هواتفهم أو كومبيوتراتهم). ورأى بلايك أن "ثقافة رسم الحدود ينبغي أن تأتي من أعلى الهرم ومن المديرين، كي تشكل نموذجاً للتصرفات السليمة خلال العمل من البيت. من دون هذا الأمر سيكون بوسع ممارسات العمل السيئة اختراق ثقافة المؤسسات، فتزيد من مخاطر الإجهاد والإنهاك وتردي الصحة النفسية في أوساط القوى العاملة".

في المقابل، متحدث باسم "وزارة الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية" (في بريطانيا) قال، إن وزارته ألفت هيئة لدراسة "ظروف العمل المرنة" بغية التوصل، كما يجب، إلى فهم "التغيرات الكبرى في سبل العمل التي ظهرت نتيجة الجائحة". تابع "نعترف أن هذه السنة كانت سنة صعبة على نحو استثنائي، وأن الجائحة أثرت على الصحة النفسية. إننا ملتزمون بكل إخلاص تحسين حقوق العمال وصونها، ولهذا فإننا سنقوم بوضع تعهد رسمي للتشاور، بغية معالجة مشكلات العمل من بُعد".

© The Independent

المزيد من منوعات