Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يذيب لقاء قيس والمشيشي جليد أزمة تونس السياسية؟

يعتقد مراقبون أن الاجتماع سيعمق الخلافات أكثر خصوصاً مع البرلمان ورئيسه راشد الغنوشي

الرئيس التونسي قيس سعيد يلتقي رئيس الحكومة هشام المشيشي بعد أشهر من الجفاء السياسي (رئاسة الجمهورية)

في أول لقاء يجمعهما منذ أشهر بسبب الجفاء السياسي بين مؤسسات الحكم في تونس، التقى الأربعاء الماضي الرئيس قيس سعيد مع رئيس الحكومة هشام المشيشي، بصفته المكلف تسيير وزارة الداخلية بالنيابة.

وتزامن اللقاء الذي حضره وزير الدفاع إبراهيم البرطاجي، مع جدل واسع في الشارع التونسي، حول وثائق مسربة بأحد المواقع الإخبارية الأجنبية، تحدثت عن "انقلاب مزعوم تخطط له الرئاسة".

"لست من دعاة الانقلاب"

وقال الرئيس التونسي تعليقاً على هذا الموضوع، "إنه مخجل جداً بعد سنوات طويلة في العمل القانوني والإدارة أن يتحدثوا عن انقلاب دستوري. نحن في ظل الفصل 80 لأننا في حال طوارئ''، مؤكداً أنه "ليس من دعاة الانقلاب أو الخروج على الشرعية، بل إنه يؤمن بالتكامل بين مؤسسات الدولة"، وفق تعبيره.

وكشفت الوثيقة التي نشرها موقع "ميدل إيست آي" البريطاني التي وُصفت بأنها "سرية للغاية"، وقال إنها "مسربة من مكتب مديرة الديوان الرئاسي التونسي"، ويعود تاريخها إلى الـ 13 من مايو (أيار) 2021، عن تدبير انقلاب دستوري في تونس.

وأوضحت تفاصيل الانقلاب بأنه يتمثل في استدراج رئيسي الحكومة والبرلمان إلى القصر الرئاسي ثم يُمنعان من مغادرته، وفي تلك المرحلة سيوجه الرئيس خطاباً تلفزيونياً إلى الأمة للإعلان عن انقلابه، وإمساكه كل السلطات من خلال تفعيل الفصل 80 من الدستور الذي يسمح للرئيس في حال الطوارئ الوطنية بـ "الاستيلاء على السلطات".

وفي هذا الشأن، اعتبر أستاذ القانون الدستوري، الصغير الزكراوي، أن شروط تنفيذ الفصل 80 من الدستور "غير متوافرة"، على الرغم مما تعيشه البلاد من أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية.

وينص الفصل 80 من الدستور التونسي، الذي يعتبر هاجس الطبقة السياسية في البلاد، بين من يرى ضرورة التعجيل بتطبيقه لحدة الأزمة السياسية، وبين من يتخوف من عواقب استخدامه، على أن "لرئيس الجمهورية في حال خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحال الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلن عن التدابير في بيان إلى الشعب".

"النهضة" تطالب بالتحقيق

وبينما رأت جهات عدة أن هذه الوثائق مفتعلة، دعت حركة النهضة في بيان صادر عن مكتبها التنفيذي إلى "فتح تحقيق قضائي في الأمر"، داعية "المنظمات الوطنية والأحزاب ونشطاء المجتمع المدني وكل الديمقراطيين" إلى تشكيل جبهة وطنية للدفاع على "المسار الديمقراطي والحقوق والحريات، والوقوف سداً منيعاً أمام كل مخططات الارتداد عن الخيار الديمقراطي، وعن المكاسب التي حققتها الثورة في كل المجالات".

من جهة أخرى، أشار رئيس الجمهورية إلى أن بعض النواب الذين وردت في شأنهم مطالب لرفع الحصانة متهمون في قضايا تحايل وتهريب مخدرات، داعياً القضاء إلى القيام بدوره كاملاً في هذا الشأن، من دون التعلل بالحصانة البرلمانية، لافتاً إلى أن 25 مطلب رفع حصانة أرسلتها وزارة العدل إلى المجلس "ولم يُنظر فيها".

اللقاء سيفاقم الأزمة

من جانبه، دعا أستاذ القانون العام والمتخصص في القانون الدستوري رابح الخرايفي، المؤسسة القضائية إلى القيام بدورها من خلال تفعيل الفصل الـ (31) من المجلة الجزائية، بفتح تحقيق من أجل الاسترشاد، حتى وإن لم تتوافر جميع الحجج والقرائن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار الخرايفي إلى وجود تطور لافت في خطاب قيس سعيد، إذ تحدث بلغة مفهومة وقريبة إلى اللهجة التونسية المتداولة، بعيداً من التعقيد اللغوي، لافتاً إلى أن الكشف عن نواب متورطين في جرائم هو "حشر للبرلمان في الزاوية"، معتبراً ذلك "مزيداً من تعقيد الأزمة بين المؤسسة التشريعية ورئاسة الجمهورية".

واستبعد أستاذ القانون أن يكون اللقاء "خطوة نحو انفراج الأزمة السياسية"، بل اعتبره "مؤشراً إلى مزيد من تأزم الوضع، خصوصاً مع البرلمان ورئيسه راشد الغنوشي".

البرلمان ينفي تلقيه مطالب رفع الحصانة

وبينما نفى مساعد رئيس البرلمان المكلف بالإعلام والاتصال، ماهر المذيوب، تلقي المجلس أي طلبات رسمية لرفع الحصانة عن أي نائب، أكد المتحدث الرسمي باسم القطب القضائي الاقتصادي والمالي محسن الدالي، في وقت سابق، أن مطلب رفع الحصانة عن النائب غازي القروي جرى تقديمه للبرلمان في الـ 7 من يناير (كانون الثاني) الماضي، من دون الحصول على رد من المجلس على هذا المطلب.

من جهتها، دعت عضو الائتلاف المدني للدفاع عن العدالة الانتقالية، روضة القرافي، مجلس النواب إلى أن يثبت أنه مؤسسة تتحمل مسؤوليتها في مكافحة الفساد، وأنه لا يمارس الحمائية والتغطية على أعضائه.

فرصة للحوار

في المقابل، أكد الصحافي المتخصص في الشأن السياسي زياد الهاني، أن اجتماع قيس والمشيشي "مهم لمصلحة تونس"، لأنه في تقديره علامة على بداية "إذابة الجليد" بين مركزي القرار في الدولة، معتبراً أن خطاب الرئيس التونسي الذي تحدث عن اختلافات طبيعية في الآراء، "سيفسح المجال للالتقاء والحوار".

ومن جهته، اعتبر النائب السابق والمحلل السياسي، هشام الحاجي، في تصريح خاص، أن اللقاء "بداية تجسير الهوة بين الرؤساء الثلاثة، خصوصاً أن قيس سعيد كان في الكلمة التي ألقاها على مسامع رئيس الحكومة، "هادئاً في الأسلوب والمضمون، إلا أنه حرص على توجيه رسائل واضحة لرئيس البرلمان راشد الغنوشي".

ويرى الحاجي أن الرئيس التونسي يشترط عدم حماية النواب المطلوبين للعدالة من أجل الحوار، ووجه اتهاماً ضمنياً إلى رئيس المجلس "باستغلال وضعية عدد من النواب للتأثير في مواقفهم السياسية".

وإجمالاً، تباينت القراءات من لقاء رئيس الجمهورية برئيس الحكومة، بين من يرى أنه "تحول في موقف الرئاسة" من الأزمة السياسية في البلاد، وبين من يصفه بأنه "تعميق للأزمة"، خصوصاً مع البرلمان ورئيسه راشد الغنوشي.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير