Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المواجهات الإسرائيلية الفلسطينية تخيم على المفاوضات النووية

ينادي البعض في الولايات المتحدة بتعليق المحادثات بدعوى تمويل طهران حركة "حماس"

المرشد الأعلى لإيران أية الله على خامنئي وزعيم حركة "حماس" إسماعيل هنية (أب)

بينما يدخل العنف في الأراضي الفلسطينية، وسط موجة غير مسبوقة من تبادل القصف الصاروخي بين إسرائيل وحركة "حماس"، أسبوعه الثاني، يتوسع تأثير الصراع على غيره من القضايا الإقليمية والدولية. ففي حين تُجرى المفاوضات الدولية مع إيران في العاصمة النمساوية فيينا على قدم وساق لرسم ملامح اتفاق نووي جديد قبل الحادي والعشرين من مايو (أيار) الجاري، تنادى بعض الأصوات في الولايات المتحدة بتعليق المحادثات بدعوى تمويل طهران حركة "حماس"، التي تصنفها الخارجية الأميركية ضمن قائمة المنظمات الإرهابية.

ويقود السناتور الأميركي، ماركو روبيو، مجموعة من 43 عضواً جمهورياً في مجلس الشيوخ، تطالب الرئيس الأميركي جو بايدن بتعليق المحادثات النووية مع إيران لتمويلها حركة "حماس" وسط الصراع الدائر مع إسرائيل. وقبل أيام، كتب أعضاء مجلس الشيوخ في رسالة لبايدن أنه "خلال اليومين الماضيين، شن الإرهابيون الفلسطينيون في غزة، الذين تمولهم إيران، سلسلة من الهجمات الصاروخية على إسرائيل... إنهم يستهدفون المدنيين والمدن الإسرائيلية... وهذا أمر مقلق لأن أعضاء إدارتكم موجودون حالياً في فيينا للتفاوض مع إيران، الدولة الراعية للإرهاب في العالم".

وتابعوا إن "انخراط الولايات المتحدة في مفاوضات نشطة مع إيران واحتمال تخفيف عقوبات بمليارات الدولارات سيسهم بلا شك في دعم إيران حركة حماس وغيرها من المنظمات الإرهابية التي تهاجم الأميركيين وحلفائنا... ندعوكم إلى إنهاء المفاوضات على الفور مع إيران، والتوضيح أنه لن يتم تخفيف العقوبات".

محادثات غير مباشرة

وتخوض الولايات المتحدة وإيران محادثات غير مباشرة عبر وسطاء من القوى الدولية الأخرى التي وقعت على الاتفاق النووي لعام 2015، روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، التي اجتمع ممثلوها في فندق فاخر، الأسبوع الماضي، في إطار الجولة الرابعة من المحادثات، بينما ظل في فندق آخر ممثلو الولايات المتحدة، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وتسعي إدارة الرئيس بايدن لإقناع إيران بالامتثال مجدداً لبنود الاتفاق النووي بعدما أعلنت إدارة دونالد ترمب، الانسحاب منه في مايو 2018 وأعادت فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران. وهناك حالة شد وجذب بين البلدين. ففي حين ترفض إيران الامتثال للاتفاق قبل تخفيف العقوبات، فإن الإدارة الأميركية الحالية تُصر على امتثال طهران أولاً للالتزامات التي يفرضها الاتفاق النووي.

ومنذ مطلع 2021، رفعت إيران نسبة تخصيب اليورانيوم في محطتها النووية مراراً، في انتهاك واضح للاتفاق النووي يهدف للضغط على الإدارة الأميركية. ففي يناير (كانون الثاني) الماضي رفعت مستوى التخصيب في محطة فوردو النووية إلى 20 في المئة، وهو أعلى مستوى وصلت إليه قبل تنفيذ الاتفاق النووي. والأسبوع الماضي، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، إن طهران خصبت اليورانيوم بنسبة نقاء وصلت إلى 63 في المئة بمنشأة نطنز. وبينما يحتاج تخصيب اليورانيوم إلى 90 في المئة أو أكثر ليصل إلى درجة صنع الأسلحة، فإن نسبة 63 في المئة تعني تقليص الوقت نحو إنتاج سلاح نووي.

ضغوط وتحديات

وجاء اشتعال العنف في الأراضي الفلسطينية ليلقي مزيداً من التحديات والضغوط على إدارة بايدن، إذ أشار أعضاء مجلس الشيوخ في خطابهم الداعي إلى وقف المحادثات النووية إلى أن الحكومة الأميركية تعتبر "حماس" منظمة إرهابية منذ التسعينيات، بينما الحكومة الإيرانية "تدعم بقوة" الهجمات الصاروخية لـ "حماس" خلال الصراع الحالي مع إسرائيل.

وعندما تم عقد الاتفاق النووي في يوليو (تموز) 2015، تركزت الانتقادات على الثغرات والعيوب التي شابته، فإضافة إلى فوائد مالية هائلة للاقتصاد الإيراني، يقول المنتقدون إن الاتفاق تغاضى عن دفع إيران إلى تبني سياسة إقليمية أكثر مسؤولية بدلاً من أنشطتها المزعزعة للاستقرار، والتي تعتمد بشكل رئيس على كسب النفوذ الإقليمي من خلال جماعات الوكلاء المسلحة في دول المنطقة، كما لم يقض الاتفاق بنهاية البرنامج النووي الإيراني بل حدد المدة. ما يعنى عودة إيران بعد انقضاء فترة الاتفاق لاستئناف أنشطتها النووية، إضافة إلى عدم تناوله قضية الصواريخ الباليستية، وهى الأمور التي يرغب الرئيس الأميركي في معالجتها عبر اتفاق نووي جديد أوسع وأكثر شمولاً.

تمويل "حماس"

وقال مركز ويلسون وودرو، الأميركي للأبحاث في واشنطن، إن إيران تزود "حماس" بالمساعدات المالية والأسلحة والتدريب، إذ تقاربت العلاقات بينهما بعد حرب الخليج الأولى عام 1990 ومؤتمر مدريد للسلام الذي نظمته الولايات المتحدة لإحياء عملية السلام الإسرائيلية- الفلسطينية. وفي عام 1992، خلال مؤتمر في طهران، تعهدت إيران بمنح "حماس" 30 مليون دولار سنوياً وتوفير تدريب عسكري. وفتحت "حماس" في وقت لاحق مكتباً في طهران.

وأضاف أنه بين عامي 1990 و2000، أفادت تقارير بأن الدعم المالي الإيراني لحركة "حماس" يتراوح بين 20 مليون دولار و50 مليون دولار سنوياً، حتى مع الحفاظ على علاقاتها مع منظمة التحرير الفلسطينية بزعامة ياسر عرفات وحركة "فتح"، المنافسين السياسيين لحركة "حماس". ونقل المركز تصريح سابق للقيادي العسكري البارز في "حماس"، يحيى السنوار، الذي قال في لقاء صحافي في أغسطس (آب) 2017 إن "العلاقات مع إيران ممتازة وإيران هي الداعم الأكبر لكتائب عز الدين القسام بالمال والسلاح".

ويعتبر المركز الأميركي، وفق تقرير سابق على موقعه الإلكتروني، أن إيران خصصت نحو 70 مليون دولار لحركة "الجهاد الإسلامي" منذ مايو 2016، عقب زيارة قام بها وفد من الحركة في فلسطين إلى طهران.

قتل المدنيين

وفق أحدث إحصاءات للضحايا، قال مسؤولو الصحة في غزة، إن عدد القتلى في القطاع ارتفع إلى 197، بينهم 55 طفلاً و33 امرأة، بينما أصيب 1230 آخرون بجروح متفاوتة، مشيرة إلى أن هذه الأرقام مرشحة للارتفاع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأفادت وكالات الأنباء العالمية إن 10 أشخاص قتلوا من الجانب الإسرائيلي، بينهم طفل وجندي، بصواريخ أُطلقت من قطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل منذ نحو 14 سنة، وبلغ عدد الجرحى 294 إصابة، إضافة إلى مئات حالات الهلع وفق ما أكدت خدمات الإسعاف.

وأعلن مسؤولو الصحة في قطاع غزة أن ضربات جوية إسرائيلية دمرت منازل عدة، الأحد. ما أسفر عن مقتل 42 فلسطينياً بينهم عشرة أطفال، في حين أطلقت فصائل فلسطينية وابلاً من الصواريخ في اتجاه إسرائيل.

وقال الجيش الإسرائيلي إن الخسائر في صفوف المدنيين كانت غير مقصودة. وأضاف أن طائراته هاجمت نظام أنفاق يستخدمه الناشطون فانهار. ما أدى إلى تدمير المنازل، بينما وصفت "حماس" الحادث بأنه "قتل مع سبق الإصرار".

في افتتاحيتها، الاثنين، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، إن حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" تحاولان قتل مدنيين إسرائيليين بصواريخ زودتهم بها إيران، أو صُنعت في غزة بأجزاء زودتهما إيران بها. وأضافت أن الترسانة الصاروخية لـ"حماس" أكبر وأكثر تطوراً من أي وقت مضى، مستعينة بتقارير الجيش الإسرائيلي في شأن إطلاق حوالى 3000 صاروخ على إسرائيل.

استهداف السلام

وأشارت الصحيفة إلى أن أحد أهداف إيران الواضحة في تشجيع "حماس" على الهجوم الصاروخي هو القضاء علي "اتفاقيات إبراهام"، التي عقدتها إسرائيل ودول عربية العام الماضي، إذ كانت الاتفاقات "أفضل انفتاح للسلام اليهودي- العربي منذ عقود، وخلقت جبهة موحدة محتملة ضد مخططات إيران للهيمنة الإقليمية".

وأضافت أنه مع رحيل إدارة ترمب التي لعبت الدور الرئيسي في هذه الاتفاقيات، ترى "حماس" وإيران فرصة للعودة إلى الاتجاه الذي ساد في سنوات إدارة باراك أوباما عندما توترت العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل وكانت إيران تشق طريقها نحو مزيد من النفوذ. ومن ثم ترى "وول ستريت جورنال" أن هذا المشهد يجب أن يدفع بايدن للتوقف عن اندفاع إدارته نحو التفاوض مع إيران والعودة إلى الاتفاق النووي "الفاشل" لعام 2015، إذ لم يمنع إيران من مواصلة أبحاثها للحصول على سلاح نووي وفي الوقت نفسه مكنها بمزيد من الأموال من تسليح وكلائها الإقليميين.

وخلصت الافتتاحية إلى القول إنه في حين يعتقد الرئيس بايدن ومستشاروه أن العودة إلى الاتفاق النووي ستساعد الولايات المتحدة على فك ارتباطها بالشرق الأوسط، فإن الصراع الدائر بين "حماس" وإسرائيل يشير إلى النقيض.

مع ذلك، يعتقد مراقبون من مجموعة "أوراسيا" لاستشارات المخاطر، في نيويورك، إن الصراع الجاري بين إسرائيل و"حماس"، "لم يؤثر بشكل خطير" على المفاوضات النووية مع إيران. ويقولون، بحسب شبكة "سي أن بي سي" إنه قبيل الاشتباكات الأخيرة، كانت المفاوضات غارقة بالفعل في التعقيدات الخاصة بتخفيف العقوبات والقيود النووية".

ووفقاً لتقرير مجموعة "أوراسيا"، ضغطت إدارة بايدن ضد المنتقدين الذين يرون أن على الولايات المتحدة التوقف عن التفاوض مع إيران في وقت تطلق "حماس" الصواريخ على إسرائيل. وأضاف التقرير "مع ذلك، من المرجح أن تزيد المواجهة من الضغط على الإدارة- بما في ذلك من جانب الديمقراطيين المعتدلين- لتقديم خطة ذات صدقية لمحادثات المتابعة مع طهران، لا سيما في ما يتعلق بدعمها للوكلاء الإقليميين".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير