على الرغم من الخسائر العنيفة التي طالت عملات الأسواق الناشئة، لكن ظل الجنيه المصري متصدراً المشهد في أداء العملات مقابل الدولار الأميركي وذلك منذ رحلة صعوده في بداية العام الماضي. حيث تجاهلت العملة المصرية التداعيات الخطيرة التي خلفتها جائحة كورونا وواصل الارتفاع مقابل الورقة الأميركية الخضراء ليصل في الوقت الحالي إلى مستوى يقرب من السعر الاسترشادي الذي حدده البنك المركزي المصري في بداية إطلاق المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي في أول نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 2016.
وبحسب متوسط سعر السوق والذي يقيسه البنك المركزي المصري، فقد تراجع سعر الدولار إلى 15.60 جنيهاً للشراء، و15.70 جنيهاً للبيع، مقابل 15.62 جنيهاً للشراء و15.72 جنيهاً للبيع في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي. وفي بنكي مصر والأهلي، سجل سعر الدولار نحو 15.60 جنيهاً للشراء، و15.70 جنيهاً للبيع.وفي البنك التجاري الدولي بلغ سعر صرف الدولار نحو 15.61 جنيهاً للشراء، و15.71 جنيهاً للبيع، وفي مصرف أبوظبي الإسلامي وصل سعر الدولار إلى 15.63 جنيه للشراء، و15.73 جنيه للبيع. فيما بلغ سعر الدولار في بنكي العربي الأفريقي وكريدي أغريكول نحو 15.62 جنيهاً للشراء، و15.72 جنيهاً للبيع.وكان سعر صرف الدولار الأميركي في السوق المصري في حدود 8.88 جنيهاً قبل التعويم، وبمجرد صدور قرار تحرير سوق الصرف ووضع سعر استرشادي للدولار عند مستوى 13 جنيهاً، قفز سعر صرف الدولار إلى مستويات تقترب من 20 جنيهاً بمنتصف العام 2017. لكن السياسات التي اعتمدها البنك المركزي المصري خلال السنوات الماضية دفعت إلى تعزيز آداء العملة المصرية مقابل الدولار الذي لا يتجاوز سعره في الوقت الحالي مستوى 15.70 جنيهاً في غالبية البنوك المصرية.
قفزة كبيرة بتدفقات العملات الأجنبية
كانت البيانات الرسمية أشارت إلى ارتفاع قياسي في إجمالي تدفقات العملات الأجنبية لدى البنوك المصرية خلال الفترة التي أعقبت تعويم الجنيه المصري مقابل الدولار وتحرير سوق الصرف بشكل كامل في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 2016، إذ بلغت حصيلة تدفقات العملات الأجنبية على بنكي الأهلي المصري وبنك مصر نحو 240 مليار دولاراً منذ صدور قرار التعويم وحتى أبريل الماضي.وفي تصريحات، كشف نائب رئيس البنك الأهلي المصري، يحيى أبو الفتوح، أن التدفقات من العملات الأجنبية بالبنك قفزت إلى 177 مليار دولار، منذ قرار تحرير سعر الصرف وحتى شهر أبريل الحالي.وأشار إلى أن البنك شهد نمواً في التدفقات الدولارية من تحويلات المصريين العاملين بالخارج والسياحة والصادرات، وتدفقات صناديق الاستثمار العالمية من أجل الاستثمار في مصر.فيما قال نائب رئيس بنك مصر، عاكف المغربي، إن حصيلة البنك من تدفقات العملة الأجنبية منذ تحرير سعر الصرف حتى الآن سجلت نحو 63 مليار دولار. وأوضح أن التدفقات النقدية شهدت نمواً متزايداً من موارد مختلفة منذ بداية العام الحالي وحتى الآن، وذلك بعد نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي وزيادة معدلات النمو. وقبل قرار التعويم، كانت السوق السوداء تستحوذ على الحصة الأكبر من التعاملات الدولارية، بسبب الفارق الكبير بين الأسعار التي يقدمها التجار وشركات الصرافة، وبين الأسعار الرسمية لدى البنوك المصرية.
الاحتياطي يواصل الارتفاع
وعلى الرغم من تراجع إجمالي احتياطات مصر من النقد الأجنبي خلال العام الماضي، تزامناً مع تداعيات الجائحة الصحية وإطلاق الحكومة المصرية خطة تحفيز ضخمة اعتمدت فيها على خزانة البنك المركزي المصري، فقد استقر احتياطي النقد الأجنبي عند مستوى 40.3 مليار دولار بنهاية أبريل الماضي، وفقا للبيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري. وكان احتياطي النقد الأجنبي قد ارتفع بمقدار 137.2 مليون دولار في نهاية مارس (آذار)، بعد أن قفز بنحو 800 مليون دولار في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ليسجل أعلى زيادة له منذ أبريل 2020.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخسرت الاحتياطات الأجنبية نحو 10 مليارات دولار خلال ذروة جائحة "كوفيد-19" في الفترة ما بين مارس ومايو (أيار) من العام الماضي.وتشير البيانات الرسمية إلى أن احتياطي النقد الأجنبي قفز من مستوى 31.3 مليار دولار خلال العام المالي 2016 - 2017 إلى نحو 44.3 مليار دولار خلال العام المالي 2017 - 2018، ثم واصل الارتفاع خلال العام المالي 2018 - 2019 ليسجل مستوى 44.5 مليار دولار، وهو أعلى رقم سجله احتياطي مصر من النقد الأجنبي.فيما تسببت خطة التحفيز التي أطلقتها الحكومة المصرية في مارس من العام الماضي في إطار مواجهة تداعيات جائحة كورونا في أن يهوي الاحتياطي النقدي إلى نحو 40 مليار دولار خلال العام المالي 2019 - 2020، ليعاود الارتفاع خلال العام المالي 2020 - 2021 إلى نحو 40.3 مليار دولار في الوقت الحالي.
توقعات بارتفاع كبير في عائدات السياحة
في ما يتعلق بحصيلة العملة الصعبة، تعول الحكومة المصرية كثيراً على عودة حركة السياحة مع روسيا، إذ تتوقع أن ترتفع عائداتها من القطاع خلال العام الحالي إلى ما بين 6 و 7 مليارات دولار. وفي مذكرة بحثية حديثة، قال بنك "غولد مان ساكس إن استئناف حركة السياحة الروسية إلى مصر يعزز النظرة المستقبلية للموارد الخارجية بفضل العوائد المتوقعة. وأوضح أن متوسط الدخل من كل سائح في مصر على مدى السنوات الثلاث الماضية تجاوز 1000 دولار، وبالتالي فمن المتوقع عودة السياحة الروسية إلى مستويات ما قبل عام 2015 والتي تجاوزت 3 ملايين سائح سنوياً. وبحسب التقرير، فإن عودة السياحة الروسية تعني تعزيز الحساب الجاري بحوالى 3 مليارات دولار سنوياً، وتمنح آفاق نمو الناتج المحلي الإجمالي دفعة جيدة، نظراً لاعتماد الاقتصاد بشكل كبير على صناعة السياحة، والتي تمثل واحدة من كل سبع وظائف في الاقتصاد المصري.
صعود جديد للجنيه المصري
في الوقت نفسه، توقع بنك "راند" التجاري، أن تؤدي عودة مصر إلى مؤشر "جي بي مورجان" للسندات السيادية في الاقتصادات الناشئة إلى تدفقات بقيمة 4.8 مليار دولار في السندات المصرية، وربما ارتفاع بنسبة خمسة في المئة في سعر صرف الجنيه. وأوضح أن عودة مصر إلى مؤشر "جيه بي مورغان" لسندات حكومات الأسواق الناشئة قد تجتذب تدفقات جديدة بقيمة 4.8 مليار دولار، وترفع الجنيه المصري إلى خمسة في المئة أمام الدولار. وأوضح أن أداء مصر كان جيداً في ما يتعلق بتحسين أساسيات الاقتصاد الكلي بعد أن انتهت من برنامج تمويل مع صندوق النقد الدولي في 2019، وحققت فوائض أولية مطردة في الموازنة مهدت الطريق لتقليص نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.وأشار إلى أن القيمة الاسمية الإجمالية لسندات مصر المستحقة خلال أكثر من عامين ونصف تبلغ 28.2 مليار دولار، بما يستوفي معايير الانضمام للمؤشر. وسيعطي ذلك لمصر وزناً يبلغ اثنين في المئة على المؤشر، وسيحول بعضا من أصول تحت الإدارة بنحو 240 مليار دولار. ولفت إلى أن العوائد تميل إلى الانخفاض 130 نقطة أساس في المتوسط قبل الإدراج.أيضاً، انتعشت الحيازات الأجنبية في أدوات الدين المصرية وتخطت مستويات ما قبل جائحة "كوفيد-19"، إذ وصلت إلى 29 مليار دولار بحلول نهاية الشهر الماضي، فيما ظلت العائدات الحقيقية لأسعار الفائدة في السندات بالجنيه المصري، أو العائد المعدل للتضخم، من بين أكثر العائدات الحقيقية ارتفاعاً في العالم، وفقا لما أشار إليه بنك الاستثمار "فاروس" في مذكرة بحثية حديثة، لافتاً إلى أن مصر "محمية نسبياً" ضد ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية.