Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سونطراك الجزائرية تطمئن شركاءها النفطيين بعد فتح ملفات فساد رئيسها السابق

يواجه الرئيس التنفيذي الجديد رشيد حشيشي تحديات أبرزها زيادة حجم الإنتاج والصادرات للمساعدة في تنمية الاقتصاد

محطة معالجة الغاز في كريشبا جنوب الجزائر (أ. ف. ب.)

بالتزامن مع فتح القضاء الجزائري، لملفات فساد تُلاحق كبار رجال المال والأعمال والسياسيين، ووسط غموض مخارج المرحلة الانتقالية التي يقودها رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح، تتخوف شركة "سونطراك" للمحروقات، وهي عملاق النفط والغاز وقلب الاقتصاد الجزائري، من تأثير التطورات على عقودها المبرمة مع كبرى الشركات الدولية.

ضمانات

المدير التنفيذي لسونطراك، رشيد حشيشي، وبمناسبة عيد العمال، وجّه رسالة اطمئنان إلى دول عدة وقال "سيواصل مجمعنا تطوير علاقات الشراكة مع الشركات الدولية الراغبة بالاستثمار في الجزائر. إنّ الشرَاكَة التي تشكل خيارًا تاريخيًا واستراتيجيًا لمٌجمعِنا تمثل عنصرًا جوهريا في استراتيجيتنا التنموية خاصة في مجال الاستكشاف والإنتاج". وعبّر رئيس المجمع النفطي عن حرصه على تعزيز علاقات الشراكة القائمة على الاحترام المٌتبادِل "من أجلِ تحسِين قُدراتِنا على اكتشاف واستغلال موارد المحروقات في البر والبحر"، منبهًا إلى أن "الشركة التي يرأسها ككل الشركات النفطية الأخرى التي تمارس مهن معقدة، تتطور في بيئة غير مستقرة ومتقلبة للغاية، تحتاج اليوم لحشد مجمل طاقاتها لمواجهة التحديات. ولضمان الأمن الطاقوي للبلاد على المدى الطويل من خلال تثمين جميع موارد المحروقات التي يزخر بها قطاعنا المنجمي".

تحسين ظروف العمال

ووعد الرئيس المدير العام لسوناطراك بتحسين ظروف العمل وتعزيز المكاسب المهنية واحترام الحقوق وطرق ممارستها، في إطار التنظيم الساري وضمان التكافؤ في الفرص بحيث "يتسنى للجميع أن يساهم في تطوير مجمعنا الذي لم تعد أهميته الاستراتيجية بالنسبة إلى لاقتصاد الوطني بحاجة إلى إبراز". وفي وقت مضى، أعلن عمال في شركات متعاقدة مع سونطراك مساندتهم للحراك الشعبي الذي انطلق يوم 2 فبراير (شباط) من خلال وقفات احتجاجية، كان من بينها في "حقل الغاز3" بحاسي الرمل بمحافظة الأغواط (520 كيلومتراً جنوب العاصمة). كما اتسعت الاحتجاجات في مناطق الغاز، لتشمل أيضًا حاسي مسعود في محافظة ورقلة (900 كيلومتر جنوب العاصمة) أكبر مناطق الجزائر إنتاجاً للغاز، حيث نفذ العمال وقفات احتجاجية رمزية داخل الحقول لبعض الساعات.

ولد قدور خارج الدائرة

ومنذ إقالة عبد المؤمن ولد قدور، من رئاسة مجمع سونطراك، للاشتباه في تورطه بمخالفات مالية، تسعى الجزائر إلى بعث رسائل طمأنة وبأن هذا التغيير لن يؤثر على الشراكة المبرمة مع الدول، خصوصًا وأن وقع خبر إقالة ولد قدور، أثار الكثير من الجدل، والتساؤلات وسط المتعاملين الاقتصاديين الأجانب، والذي جاء مباشرة بعد منعه من السفر بتاريخ 3 إبريل (نيسان) المنصرم، حين كان ينوي التوجه إلى مدينة شنغهاي الصينية للمشاركة في مؤتمر دولي للدول المنتجة للغاز. وتشير مصادر متطابقة، أن إقالة ولد قدور جاءت في أعقاب ورود اسمه في قضايا فساد متعلقة برجال الأعمال الإخوة "كونيناف" الذين اعترفوا بتواطؤ ولد قدور في منحهم صفقات بطرق غير قانونية، وهم رهن الحبس المؤقت بالحراش، بالجزائر العاصمة. ومعلوم أن ولد قدور كان بطل قضية هزت الرأي العام الجزائري، في شهر سبتمبر(أيلول) من عام 2007، إذ واجه وقتها حكماً قضائياً عسكرياً في محكمة "البليدة" مع ضابطين في الأمن العسكري (المخابرات)، إلى جانب أشخاص آخرين، بتهمة "المساس بأمن الدولة، وتسريب وثائق سرية خاصة بالأمن العسكري"، أدت إلى إصدار حكم بالسجن 30 شهراً في حق ولد قدور، الذي غادر السجن سنة 2009 بعدما استفاد من إفراج مشروط.

الحرب على الفساد تستعر

 منذ نحو أربعة أسابيع تعيش الجزائر على وقع ملاحقات لكبار رجال المال والأعمال، يشتبه تورطهم في عدة قضايا، في وقت تمسكت فيه المؤسسة العسكرية بدعم القضاء حتى ملاحقة كل المتورطين في قضايا الفساد، في الدولة والجيش، كاشفة على لسان قائدها الفريق أحمد قايد صالح، أن وزارة الدفاع الجزائرية بحوزتها ملفات فساد ثقيلة. وتشمل قائمة المعتقلين أغنى رجل أعمال في البلاد يسعد ربراب، ورئيس الكارتل المالي السابق علي حداد، بالإضافة إلى الإخوة "كونيناف"، بينما جرى التحقيق مع رئيس الوزراء السابق، أحمد أويحيى، ووزير المالية الحالي محمد لوكال، ومدير الأمن الوطني سابقا، اللواء المتقاعد، عبد الغني هامل ونجله. في حين قالت المحكمة العليا الجزائرية، إنه تمت إحالة ملفين يخصان وزير الطاقة السابق محمد شكيب خليل وشركائه للتحقيق معهم. والملفان يتعلقان بأفعال مخالفة للقانون الخاص بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، وإبرام شركة سوناطراك لصفقتين بطريقة مخالفة للقانون مع شركتين أجنبيتين. وسابقًا، قال نائب وزير الدفاع الجزائري رئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح إن القضاء سيفتح من جديد ملفات فساد قديمة، منها قضية تتعلق بشركة الطاقة الوطنية سوناطراك التي اهتزت، بفضائح فساد في عهد وزير الطاقة الجزائري، شكيب خليل، ورحيل متكرر لمسؤولين تنفيذيين كبار، واصطدام الشركات الأجنبية بعراقيل بيروقراطية حالت دون تنمية حقول نفطية جديدة.

تحديات جديدة

ويُواجه الرئيس التنفيذي الجديد لشركة سوناطراك، المملوكة للدولة الجزائرية، رشيد حشيشي، تحديات أبرزها زيادة حجم الإنتاج والصادرات للمساعدة في تنمية اقتصاد البلد العضو في أوبك والمعتمد على النفط والغاز، وسط تنامي الاستهلاك المحلي ونقص الاستثمار الأجنبي بسبب شروط تعاقدية غير محفزة. وتنتج الجزائر حاليًا ما قرابة مليون برميل من النفط الخام يوميا و135 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا. وتعمل الجزائر على إعادة صوغ قانون المحروقات الجديد ضمن مساع حثيثة لتحسين مناخ الاستثمار في مجال الطاقة ورفع القدرات الإنتاجية من النفط والغازي الجزائري، إذ من المرتقب أن يرى القانون الجديد النور في النصف الأول من العام الجاري، غير أن الوضع الذي تعيشه البلاد منذ أواخر شهر فبراير(شباط)، أجّل مسألة الفصل في الملف، وسط تخوفات سياسية قائمة من أن يرسم هذا القانون أول معالم تخلي الدولة الجزائرية عن السيادة الوطنية لصالح الأجانب، عن طريق قطاع المحروقات المؤمم في 24 فبراير 1971 بقرار من الرئيس الجزائري هواري بومدين .
وتطمح شركة سونطراك في الجزائر، إلى تحقيق 60 مليار دولار من العائدات في آفاق 2030 وفق الاستراتيجية المحددة، بتوجيه 50 بالمئة من هذه العائدات إلى خلق الثروة الوطنية والنصف الآخر إلى الاستثمارات المختلفة والاحتياطات.

المزيد من اقتصاد