دعت الأكاديمية الأميركية لفنون الصور المتحركة المنظمة لمسابقة الأوسكار سبعة فنانين من بلدان مختلفة لوضع تصوراتهم الإبداعية المستوحاة من تمثال الأوسكار الشهير، ضمن حملة ترويجية لهذا الاحتفال الذي أقيم للمرة الأولى تحت ظروف استثنائية بسبب الإجراءات الاحترازية المتعلقة بوباء كورونا. خلال الدعوة التي وُجهت لهؤلاء الفنانين السبعة طُرح عليهم السؤال التالي: ماذا تعني لك السينما؟ كدافع لكل منهم للتعبير عن وجهة نظره تجاه السينما كفن مُلهم. ووفقاً للإعلان الذي نشرته الأكاديمية على صفحتيها في موقعي "فيسبوك" و"إنستغرام" تمثل هذه الحملة الدعائية "تأكيداً لقدرة السينما على بث روح التواصل والإلهام والتعبير عند البشر جميعاً". كان الإعلان مباشراً في توجيهه لهؤلاء الفنانين حول إعادة تخيل تمثال الأوسكار الشهير، لكنه ترك لكل منهم حرية المعالجة التي يختارونها، فجاءت النتائج لتعكس الاختلافات في رؤية وثقافة كل فنان من المشاركين.
شرعت الأكاديمية المنظمة لمسابقة الأوسكار إلى اتباع هذا النهج عقب الدورة المُثيرة للجدل التي نُظمت في عام 2015 والتي ذهبت خلالها جميع الترشيحات العشرين إلى سينمائيين من البيض، ما أثار حفيظة الكثيرين، وكان سبباً في تدشين حملة واسعة تنديداً بالنهج العنصري الذي تتبعه الأكاديمية وفقاً لهذه الحملة. وربما تؤكد اللجنة المنظمة للمسابقة على حياديتها وشمولها بهذه الاختيارات التي حرصت خلالها على أن تضم طيفاً ثقافياً وعرقياً متنوعاً من الفنانين البصريين والذين ينتمون لدول مختلفة.
تطريز ملون
بين هؤلاء السبعة تبرز الفنانة المكسيكية فيكتوريا فيلاسانا التي تضمن عملها تشكيلات من الخيوط المنسوجة على صورة مطبوعة لتمثال الأوسكار. لم تبتعد المعالجات التي نفذت من طريقها الفنانة المكسيكية عملها الدعائي عن تجربتها المُلهمة كفنانة شارع تعتمد في الأساس على توظيف خيوط التطريز الملونة في أعمالها. هي تضيف هذه الخيوط الملونة إلى صور فوتوغرافية لشخصيات عامة وأيقونية في مجالات عدة من نجوم السينما والموسيقيين إلى المفكرين والكتاب والقادة السياسيين وغيرهم من الرموز التاريخية في كل مجال. في صفحتها الشخصية على موقع "فيسبوك" تُعرّف فيلاسانا نفسها كفنانة نسيج تهتم بالتواصل بين الثقافات وتبحث في كيفية ارتباط الناس ببعضهم البعض في عالم مُفكك يتزايد اعتماده بشكل مطرد على التكنولوجيا والتواصل الرقمي.
فيكتوريا فيلاسانا من مواليد عام 1982 وقد انتقلت للإقامة في لندن بعد دراستها للتصميم في بلدها المكسيك، لتمضي هناك أكثر من عقد حيث اشتهرت بأعمالها الجدارية وأسلوبها المتفرد في معالجة الصور القديمة بالخيوط الملونة. ما يميز أعمالها هو أسلوبها في التعامل مع تلك الخيوط خدمة الإعلامية) التي تترك نهاياتها دائماً من دون قطع لأطرافها، كي تتدلى أسفل إطار الصورة، ما يضفي عليها بعداً سريالياً ويمثل من وجهة نظرها امتداداً بصرياً للصور وتعبيراً عن قبول النقص وعدم الاكتمال. توقّع فيلاسانا أعمالها الجدارية عادة باسم "فيلانا" وهي كلمة تعني الأنثى المتمردة باللغة الإسبانية، وهي تختار صور الأشخاص الذين يمثلون لها ولغيرها حافزاً للتغيير، فهي ترى أن العالم يفتقر إلى هذه الروح القيادية الملهمة، ومن ثم فإن فنها بمثابة دعوة لتذكر هؤلاء الشخصيات من أجل مساعدتنا كما تقول على الإيمان بقدرتنا على تغيير الواقع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إلى جانب الفنانة المكسيكية قدم الفنان النيجيري تيمي كوكر عمله المستوحى من معالجاته للصور الفوتوغرافية أيضاً ولكن بطريقته الخاصة، كفنان أفريقي يسعى للتعبير عن مجتمعات السود والأشخاص ذوي الأصول الأفريقية. لذا فهو حين قرر تناول التمثال الذهبي للأوسكار أضفى عليه طابعه الخاص. لوّن كوكر تمثال الأوسكار باللون الأسود مع إضافات لونية تمثل طبيعة الأزياء الزاهية التي تميز المجتمعات الأفريقية. وزيادة في التأكيد على هذه الفكرة كتب كلمة "أسود" بخط واضح على رقبة التمثال.
على صفحته على "إنستغرام" يقول كوكر أنه ملّ من سرد قصص السود في السينما من منظور أشخاص بيض، فأراد من خلال هذا التصميم كما يقول أن يبعث بالتحية إلى كل هؤلاء النجوم الأفارقة الذين رووا قصص ومعاناة السود من خلال السينما.
على غرار عمل كوكر لجأت الفنانة الأميركية من أصول أفريقية ميشيل روبنسون هي أيضا لتلوين تمثال الأوسكار باللون الأسود، ولكن لأسباب أخرى، توجزها في تعليقها على العمل، إذ ترى أن اللون الأسود يحمل رمزية خاصة، فهو يمثل الغموض والقوة والفراغ والغضب. أحاطت كوكر التمثال بفراغ معماري يمثل دور السينما في عصرها الذهبي كما تقول خلال فترة العشرينيات والثلاثينيات، والتي تميزت تصاميمها بالزخارف والغنى بالتفاصيل. إلى جانب هؤلاء شارك فنانون آخرون من أستراليا والهند والنرويج والولايات المتحدة. وعلى قدر ما يبدو من اختلاف ثقافي بين هؤلاء المشاركين إلا أن ما جمع بينهم هو عشقهم جميعاً للسينما وإيمانهم بأنهم يمثلون طيفاً متعدداً لثقافة إنسانية واحدة.