Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تكابد الهند الوتيرة الأسرع عالمياً في إصابات كورونا؟

سجلت ثاني أعلى عدد من الحالات بعد الولايات المتحدة

تتعدد مشاهد تخلخل نظم الرعاية الصحية الهندية في مواجهة كورونا (رويترز)

ترزح الهند راهناً تحت الوتيرة الأسرع عالمياً في إصابات فيروس كورونا، وتسجل الزيادة اليومية الأعلى في الحالات، ما يدفع بها إلى أزمة تفتك بمنظومتها الصحية.

وأكد البلد الذي يبلغ عدد سكانه 1.4 مليار نسمة حدوث 15.9 مليون إصابة بـ"كوفيد- 19"، ووصلت إلى المرتبة الثانية في تسجيل أعلى عدد من إجمالي الإصابات بعد الولايات المتحدة، فيما حصد الفيروس أرواح 184 ألفاً و657 شخصاً.

صحيح أن الهند تعكف على تلقيح شعبها بحوالى 2.7 مليون جرعة تحصينية يومياً، إلا أن ذلك لم يؤد لسوى حصول أقل من 10 في المئة من الأشخاص على جرعتهم الأولى من اللقاح.

كيف وصلت الحال إلى هذا السوء؟

اعتقدت السلطات في الهند أنها تجاوزت الأسوأ عندما بدأت إصابات كورونا تنحسر في سبتمبر (أيلول) الماضي.

آنذاك، انخفضت معدلات العدوى طوال 30 أسبوعاً متتالياً، قبل أن تبدأ في الارتفاع مجدداً في منتصف فبراير (شباط) الماضي، مع تحذير عدد من الخبراء من أن البلاد قد أخفقت في اغتنام فرصة تراجع الفيروس للشروع في إدخال تحسينات على مرافقها الأساسية في قطاع الرعاية الصحية، وإطلاق برنامج تطعيم قوي.

"كنا قاب قوسين من النجاح"، نقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن برامار موخيرجي، خبير الإحصاء الحيوي في "جامعة ميشيغان" الأميركية الذي يتتبع تطورات الجائحة في الهند.

وعلى الرغم من توجيه تحذيرات ونصائح عن الحاجة الماسة إلى تنفيذ تدابير احترازية، لم تكن السلطات الهندية مهيأة لمواجهة طفرة بهذه الجسامة من الإصابات، بحسب سريناث ريدي، رئيس "مؤسسة الصحة العامة" في الهند.

وفيما أشار منتقدون إلى قرار الحكومة الهندية عدم وقف الاحتفالات الدينية الهندوسية أو الانتخابات، يرى خبراء أن ذلك ربما فاقم القفزة التي شهدتها الحالات.

وأضاف ريدي: "السلطات في مختلف أنحاء الهند، من دون استثناء، تضع أولويات الصحة العامة في أسفل اهتماماتها".

وارتفع المتوسط المتحرك الذي يستند إلى أرقام تتجدد أسبوعياً عن الإصابات الجديدة المؤكّدة اليومية في الهند، (ارتفع) خلال الأسبوعين الماضيين من 6.75 حالات جديدة لكل 100 ألف شخص من السكان في 6 أبريل (نيسان) الحالي إلى 18.04 حالة جديدة لكل 100 ألف شخص في 20 منه، وربما تكون هذه الإصابات مدفوعة بنسخ متحورة جديدة من الفيروس، من بينها سلالة اُكتشفت للمرة الأولى في الهند، بحسب خبراء.

الأربعاء الماضي، لم يتطرّق راجيش بوشان، وزير الصحة الهندي، إلى الأسباب التي حالت دون أن تكون السلطات الهندية أفضل جاهزية إزاء الارتفاع الجنوني في الإصابات، مشيراً إلى أن "اليوم ليس الوقت المناسب للبحث في أسباب إخفاقنا، أو إذا كنا قد أخفقنا، أو أنجزنا الاستعدادات اللازمة؟".

لماذا ينهار النظام الصحي في الهند؟

بصورة عامة، تنفق الهند جزءاً بسيطاً من ناتجها المحلي الإجمالي على نظامها الصحي، وأقل من معظم الاقتصادات الكبرى.

وحينما أخذ الفيروس يستشري في البلاد العام الماضي، فرضت الهند إغلاقاً قاسياً شاملاً طوال أشهر عدة للحؤول دون أن تنوء المستشفيات تحت وطأة الإصابات.

وجلب الإغلاق معه معاناة رهيبة طالت ملايين الناس، لكنه وفر أيضاً الوقت لتنفيذ تدابير سدت ثغرات بالغة الأهمية، من قبيل توظيف عاملين إضافيين في مجال الرعاية الصحية بعقود عمل قصيرة الأجل، وإنشاء مستشفيات ميدانية، وتوزيع أسرة مستشفيات في قاعات الحفلات.

وفق الدكتورة فينيتا بال، التي تعكف على دراسة أنظمة المناعة في "المعهد الهندي لتعليم وبحوث العلوم" في مدينة بيون، ولم تنظر السلطات الهندية إلى الجائحة من منظور طويل الأجل.

وبحسب ما قالت الدكتورة بال، فقد تجاهلت السلطات الهندية إلى حد كبير اقتراحات تدعو إلى النهوض بتحسينات دائمة، من بينها مثلاً تعزيز القدرات الاستيعابية للمستشفيات الموجودة أصلاً، أو تعيين أعداد إضافية من علماء الأوبئة للمساعدة في تعقب الفيروس. والآن، تسعى السلطات جاهدة إلى إعادة تفعيل تدابير طارئة بعد أن انتهى العمل بها بمجرد انخفاض أعداد الإصابات.

وقبل سنة، نجحت الهند في تلافي النقص في الأوكسجين الطبي الذي عانته أميركا اللاتينية وأفريقيا، عبر تحويل الأوكسجين الذي يُنتَج لاستخدامه في الصناعة، إلى شبكة تعمل على جعله ملائماً للاستخدام الطبي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعاودت مرافق عدة إلى تزويد الصناعات بالأوكسجين، والآن تواجه ولايات هندية كثيرة نقصاً في الأوكسجين الطبي، ما دفع بوزارة الصحة الهندية إلى حث المستشفيات على ترشيد استخدامه بسبب نقص إمداداته.

وبدأت الحكومة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي في بناء مصانع جديدة لإنتاج الأوكسجين الطبي، ولكن الآن، بعد مرور ستة أشهر تقريباً، لم يتضح بعد إذا كان أي منها قد بدأ في العمل، علماً أن وزارة الصحة الهندية ذكرت أن تلك المصانع "تخضع لمراجعة دقيقة كي يستكمل جزء كبير منها في مرحلة مبكرة".

وتشحن خزانات الأوكسجين عبر البلاد إلى بؤر الإصابات تلبيةً للطلب على الغاز المنقذ للأرواح، فيما زعمت حكومات محلية في ولايات عدة أن ولايات أخرى اعترضت خزانات كثيرة كانت في طريقها لسد النقص في مرافق طبية محلية.

ماذا سيحدث لاحقاً؟

تقف الهند أمام تحد هائل يتمثل في محاولة درء أي انهيار إضافي ربما يواجهه نظام الرعاية الصحية، إلى أن يُصار إلى تطعيم عدد كاف من الأشخاص بغية الحد بدرجة كبيرة من تدفق المرضى.

وعلى الرغم من النبأ السار المتمثل في أن الهند منتج رئيس للقاحات كورونا، فحتى بعد وقف تصدير كميات كبيرة من الجرعات إلى خارج البلاد في مارس (آذار) الماضي بهدف تحويلها إلى الاستخدام المحلي، تستمر تساؤلات عن قدرة المصنّعين في إنتاج ما يكفي من جرعات اللقاح بالسرعة المطلوبة.

ويلاحظ رئيس "مؤسسة الصحة العامة": "التطعيم أحد وسائل إبطاء وتيرة تفشي المرض، لكن ذلك يتوقف على سرعة توزيع الجرعات ومدى توفرها".

وفي وقت سابق، صرحت ولايات هندية عدة أنها تواجه نقصاً في اللقاحات، على الرغم من أن الحكومة الفيدرالية تنفي ذلك.

وذكرت الهند الأسبوع الماضي أنها ستسمح باستخدام جميع لقاحات "كوفيد- 19" التي أجازتها "منظمة الصحة العالمية" أو الهيئات التنظيمية المعنية باللقاحات في الولايات المتحدة الأميركية، أو أوروبا، أو بريطانيا، أو اليابان.

وكذلك أفادت الحكومة يوم الاثنين الماضي، أنها ستلجأ قريباً إلى التوسع في برنامجها الوطني للتطعيم الذي يضم الأشخاص في عمر 45 سنة، ليشمل جميع البالغين، ويقدر عدد هؤلاء بحوالى 900 مليون شخص، ما يفوق بأشواط إجمالي سكان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مجتمعين.

من ناحية أخرى، ذكر ريدي أن بعض الولايات اضطرت إلى تنفيذ عمليات إغلاق جديدة، ولكن على المدى الطويل، يفترض بالأفراد أيضاً أن ينهضوا بواجباتهم في هذا المجال.

وذكر ريدي، "كمجتمع، من المهم أن نحافظ على تدابير الصحة العامة مثل ارتداء الأقنعة الواقية، والحفاظ على التباعد الجسدي، وتفادي الحشود".

 

(أسهمت "وكالة أسوشيتد برس" في إعداد التقرير)

© The Independent

المزيد من تقارير