Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تغيب مصر والمغرب عن قمة البيت الأبيض للمناخ؟

يتطلع مراقبون إلى التزام من الدول الأكثر مساهمة في المشكلة وتحديداً الولايات المتحدة والصين

تأتي الولايات المتحدة بعد الصين كثاني مصدر للتلوث في العالم (أ ف ب)

يستضيف البيت الأبيض قمة افتراضية للمناخ يومي 22 و23 أبريل (نيسان) الحالي، يشارك فيها 40 من قادة دول العالم، لتسليط الضوء على الضرورة الملحة والفوائد الاقتصادية لعمل مناخي أقوى، ولتكون معلماً رئيساً على الطريق إلى مؤتمر الأمم المتحدة لتغيّر المناخ (COP26) المقرر انعقاده في العاصمة الاسكتلندية غلاسكو في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بحسب ما جاء في بيان البيت الأبيض.

تمثل منطقة الشرق الأوسط، في القمة المقررة، ثلاث دول هي السعودية والإمارات وتركيا، في حين تغيب دول شمال أفريقيا بما في ذلك مصر والمغرب صاحبتا بعض من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم. ليست المعايير التي استند إليها البيت الأبيض في شأن اختيار الدول المشاركة واضحة، غير أنه وفقاً للبيان، فإن القمة ستجمع منتدى الاقتصادات الكبرى حول الطاقة والمناخ، الذي يضم 17 دولة مسؤولة عن قرابة 80 في المئة من الانبعاثات العالمية والناتج المحلي الإجمالي العالمي، بما في ذلك روسيا والصين.

ودعا الرئيس الأميركي جو بايدن رؤساء الدول الأخرى التي تظهر قيادة قوية في مجال المناخ، أو معرّضة بشكل خاص لتأثيرات المناخ أو ترسم مسارات مبتكرة لاقتصاد خالٍ من الانبعاثات، إضافة إلى مشاركة عدد صغير من رجال الأعمال وقادة المجتمع المدني.

غياب مصر والمغرب

في الأيام القليلة الماضية، سألت الصحافة المحلية في المغرب عن سبب عدم دعوة بلدها إلى المشاركة في القمة، لا سيما أنها حظيت أخيراً على إشادات دولية على صعيد مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري. ووصفها قبل أيام مبعوث الرئيس الأميركي للمناخ جون كيري، "كشريك في الحملة الدولية حول تغيّر المناخ".

اعتبر الكاتب عبد الحميد جماهري في مقاله في صحيفة "الاتحاد الاشتراكي" عدم توجيه البيت الأبيض دعوة إلى المغرب "تهميشاً" للمنطقة المغاربية. ونشر موقع "لكم" المغربي مقالاً للكاتب المغربي المقيم في الولايات المتحدة محمد الشرقاوي، سأل عن السبب وراء عدم دعوة الرباط إلى قمة البيت الأبيض، "وهو الذي استضاف مؤتمر المناخ COP  22 في مراكش في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016"، مشيراً إلى أن البلاد تعيش الإقصاء الذي سبق أن شهدته عندما تعلق الأمر بمؤتمر ليبيا الدولي في برلين.

وفي حين لا يمكن استبعاد الأبعاد السياسية عن معايير الاختيار، فإنه بحسب مصدر دبلوماسي رفيع في الأمم المتحدة تحدث لـ"اندبندنت عربية" شريطة عدم ذكر اسمه، كل دولة تدعو ما تراه في محفل معين في ضوء اعتبارات خاصة بها، وتدعو آخرين في محفل آخر وفقاً لتقديرها الخاص، إذ لا يوجد إلزام أو التزام.

واستبعد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق جمال بيومي وجود أسباب سياسية وراء غياب دول كبرى تحظى بإشادات دولية على صعيد الاتجاه لمصادر الطاقة النظيفة، مشيراً إلى أن مصر دولة كبيرة ولا يمكن استبعادها أو تجاهلها. وقال إن الشرق الأوسط يضم خمسين دولة، فليس المهم هو من يمثل المنطقة وإنما أن يتم التوصل إلى اتفاق وحل جذري للظاهرة المناخية لأن الجميع يتأثر من السلوك البيئي الضار الذي تسلكه الدول الكبرى، لا سيما الولايات المتحدة والصين باعتبارهما الدولتين المعنيتين الأساسيتين لناحية تلويث البيئة.

تنازلات الكبار

ولا يتوقع بيومي أن تقدم واشنطن تنازلات ذات تأثير، مشيراً إلى أنه لا توجد وسيلة للضغط على الولايات المتحدة، التي تأتي بعد الصين كثاني مصدر للتلوث في العالم. ووفقاً لتعهدها السابق، فإنها تعتزم تخفيضه بما بين 26 و28 في المئة بحلول عام 2025 مقارنة بما كان عليه عام 2005، وهو هدف أعلى من المساهمات الأميركية السابقة، ولكنه أدنى من الأهداف الأوروبية. ففي مارس (آذار) 2015، تقدّمت دول الاتحاد الأوروبي بخطة تقضي بتقليص الانبعاثات بما لا يقل عن 40 في المئة بحلول 2030.

وتُعدُّ الصين أكبر مصدر في العالم للانبعاثات الكربونية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، بنحو الربع على مستوى العالم، وفقاً لأحدث تقرير صادر عن الاتحاد الأوروبي عام 2018. وهي أكبر مستهلك للفحم في العالم، وهو أكثر مصادر الطاقة تلوثاً، ولكنها في المقابل أكبر مستثمر في مصادر الطاقة البديلة. مع ذلك، وفقاً لاتفاق باريس، فإنها ليست ملزمة خفض الانبعاثات حتى عام 2030، وهي النقطة التي اعتمد عليها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في انتقاداته للاتفاق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بالترتيب، تأتي الهند وروسيا واليابان والبرازيل وإيران وإندونيسيا في المراتب التالية ضمن دول العالم الأكثر مساهمة في الانبعاثات المسببة لظاهرة التغيّر الحراري.

وأوضح مراقبون أن الولايات المتحدة تُعدّ تاريخياً أكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فإجمالي تراكماتها بين عامي 1913 و2013 أكثر من ضعف ما يصدر من الصين وأكثر من 10 أضعاف من الهند. بينما في المستويات الحالية، تعتبر بكين أكبر ملوث، إلا أن مستويات الانبعاثات للفرد الواحد تقدّم قصة مختلفة تماماً. فوفقاً لأحدث بيانات البنك الدولي، تظهر مقارنة نصيب الفرد من انبعاثات الكربون أن الولايات المتحدة (16.4 طن متري من ثاني أكسيد الكربون) تقترب من ضعف مثيلتها مجتمعة لدى الهند (1.7) والصين (7.6).

ومن المفارقات في ما يتعلق بقضية التغيّر المناخي أن الدول الأقل تسبباً في الظاهرة هي الأكثر تأثراً بعواقبها، وينطبق ذلك بشكل رئيس على دول الشرق الأوسط والنامية بشكل عام، إذ تتصل الانبعاثات الضارة المسببة للظاهرة بالنشاط الصناعي والدول الصناعية الكبرى. كما أن الظاهرة هي نتاج ممارسات للدول التي حققت تنمية بالفعل على مدار عقود من الزمن.

على سبيل المثال، كشفت دراسة صادرة عن الاتحاد من أجل المتوسط، منظمة تجمع دول البحر المتوسط، في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، عن أن هذه المنطقة من العالم الأكثر تأثراً بظاهرة الاحتباس الحراري. كما أنها ثاني أكثر المناطق بعد القطب الشمالي تأثراً، علماً أن الأخير غير مأهول بالسكان، بينما منطقة البحر المتوسط يعيش فيها 500 مليون نسمة. وأظهرت أن أحد الآثار المحتملة لذلك، زيادة معدل الفقر المائي فيها، إضافة إلى تأثر التنوع البيولوجي وكمية الأسماك.

جهود مصرية واسعة

وفي حين لم تعلّق المتحدثة باسم وزارة البيئة المصرية هبة معتوق، على غياب بلادها عن القمة باعتبارها غير ذات صلة، فإنها أشارت إلى أولوية قضية تغيّر المناخ ضمن جدول أعمال القاهرة. ولفتت في هذا الصدد إلى أن المجلس الأعلى للتغيرات المناخية أصبح يتبع رئاسة الوزراء، كما أن وزارات مصرية عدة تعمل معاً على هذا الملف، بما في ذلك وزارت الكهرباء والبترول والموارد المائية والري والإسكان.

 عام 2018، تسلّمت مصر مع الصين رئاسة مجموعة 77 المعنية بالمناخ، وخلال القمة التي استضافتها الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في 2019، تم تقسيم أعمال القمة إلى تسعة قضايا أساسية، بينها قضية "التكيّف وبناء المناعة"، وهو الشق الذي ترأسته مصر والمملكة المتحدة، باعتبارهما ذات نشاط وانخراط أكبر في هذه القضايا، إذ تتولّى مصر المفاوضة بالنيابة عن الدول الأفريقية. وبحسب مقابلة صحافية سابقة، قال سفير مصر الدائم لدى الأمم المتحدة محمد إدريس إن بلاده تركز على أن يتم بناء قدرات الدول النامية ولا يتم النظر إلى موضوع بناء المناعة على أساس تعويض الضرر فحسب، ولكن الرؤية المصرية تقوم على منع الضرر قبل وقوعه، بمعنى أن "نساعد الدول في بناء قدراتها وبناء منظومة تقيها عواقب تغيّر المناخ، وهذا يحتاج إلى تمويل وتكنولوجيا، بالتالي يجب أن تقوم الدول المتقدمة بنصيب في ذلك".

وخلال السنوات الماضية، لاقت جهود مصر على صعيد البنية التحتية الخاصة بمصادر الطاقة المتجددة النظيفة اهتماماً دولياً واسعاً، لا سيما مشروع محطة الطاقة الشمسية "بنبان" لتوفير الطاقة النظيفة الذي سيساعد مصر على الوصول إلى هدفها في توليد 20 في المئة من الكهرباء المستخدمة من مصادر متجددة بحلول عام 2022، بحسب ما نقل تقرير لبنك التنمية الأفريقي.

عودة واشنطن

تمثل قمة البيت الأبيض للمناخ عودة واشنطن إلى الخطوط الأمامية في مكافحة ظاهرة التغيّر المناخي، الناتجة من التلوث، ذلك بعد انسحاب ترمب من اتفاق باريس للمناخ. وحث الرئيس الأميركي في دعوته القادة على استخدام القمة كفرصة لتحديد كيفية مساهمة بلدانهم في تحقيق تحرك مناخي أقوى. وبحلول موعد القمة، قال البيت الأبيض إن الولايات المتحدة ستعلن عن هدف طموح لانبعاثات 2030 كمساهمتها الجديدة المحددة وطنياً بموجب اتفاقية باريس.

تشمل المواضيع الرئيسة للقمة، تحفيز الجهود التي تبذلها الاقتصادات الكبرى في العالم لتقليل الانبعاثات خلال هذا العقد الحرج للحفاظ على حد الاحترار عند 1.5 درجة مئوية وتعبئة تمويل القطاعين العام والخاص لدفع التحوّل إلى الطاقة النظيفة ومساعدة البلدان الضعيفة على التعامل مع تأثيرات المناخ، مع التركيز القوي على خلق فرص العمل وأهمية ضمان استفادة جميع المجتمعات والعمال من الانتقال إلى اقتصاد الطاقة النظيفة الجديد.

وتستهدف القمة تحفيز التقنيات التحويلية التي يمكن أن تساعد في تقليل الانبعاثات والتكيّف مع تغيّر المناخ، مع خلق فرص اقتصادية جديدة هائلة وبناء صناعات المستقب،. وكذلك مناقشة فرص تعزيز القدرة على حماية الأرواح وسبل العيش في ظل تأثيرات تغيّر المناخ والتصدي للتحديات الأمنية العالمية التي يفرضها تغيّر المناخ وتأثيره في الجاهزية ومعالجة دور الحلول القائمة على الطبيعة في تحقيق هدف صفر انبعاثات بحلول عام 2050.

المزيد من تقارير