Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يمكن أن تؤثر أسعار الفائدة المتزايدة على الأسواق الصاعدة؟

صندوق النقد الدولي دعا لإطالة أجل استحقاق الدين واتخاذ خطوات لتعزيز الصلابة المالية 

كل ارتفاع بمقدار نقطة مئوية واحدة في أسعار الفائدة الأميركية يميل إلى رفع أسعار الفائدة طويلة الأجل بصورة فورية (أ ف ب)

أشارت دراسة حديثة لصندوق النقد الدولي نشرت بالتزامن مع اجتماعات الربيع التي ينظمها الصندوق والبنك الدوليان، بمشاركة صناع القرار والمؤسسات الدولية والبنوك العالمية، إلى أن الاقتصادات التي تتسم بنوكها المركزية بدرجة أكبر من الشفافية، ويتم صنع القرارات المالية فيها على نحو أكثر اعتماداً على القواعد، وتتمتع بتصنيفات ائتمانية أعلى، تمكنت من تخفيض أسعار الفائدة الأساسية بنسبة أكبر أثناء جائحة كورونا.

وأوردت الدراسة أنه نظراً إلى استمرار القدرة العالية على تحمل المخاطر في الأسواق المالية العالمية حتى الآن، فإن التوقيت الحالي ملائم لتقوم الأسواق الصاعدة بإطالة أجل استحقاق الدين، والحد من عدم اتساق العملات في الميزانيات العمومية، واتخاذ خطوات لتعزيز الصلابة المالية. كما أنه ملائم أيضاً لتعزيز شبكة الأمان المالي العالمية، أي نظام الترتيبات على غرار خطوط تبادل العملات والمقرضين متعددي الأطراف الذين يمكنهم توفير النقد الأجنبي للبلدان المحتاجة إليه.

ودعت المجتمع الدولي إلى الاستعداد لمساعدة البلدان في ظل السيناريوهات المتطرفة. وقالت إنه يمكن للتسهيلات المالية الوقائية التي يتيحها صندوق النقد الدولي أن تعطي البلدان الأعضاء دفعة إضافية لهوامش الأمان الواقية من التقلب المالي.

وأوردت الدراسة أن سرعة نشر اللقاح في الولايات المتحدة وإقرار حزمة التحفيز المالي بقيمة 1.9 تريليون دولار، قد قادت إلى تعزيز التعافي الاقتصادي المتوقع. واستشرافاً لذلك، سجلت أسعار الفائدة الأميركية الأطول أجلاً ارتفاعاً سريعاً، حيث زاد العائد على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات من أقل من 1 في المئة في بداية العام، إلى أكثر من 1.75 في المئة في منتصف مارس (آذار) الماضي. وحدثت طفرة مماثلة في المملكة المتحدة. وفي شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، شهدت أسعار الفائدة بعض الارتفاع أيضاً في منطقة اليورو واليابان قبل أن تتدخل البنوك المركزية بتيسير السياسة النقدية.

وتعكس الدراسة القلق البالغ الذي يشعر به الصندوق من ارتفاع أسعار الفائدة في الاقتصادات الصاعدة والنامية، وخاصة أن معظمها يواجه تباطؤاً في وتيرة التعافي الاقتصادي أكبر مما تواجه الاقتصادات المتقدمة، نظراً إلى فترات الانتظار الأطول للحصول على اللقاح ومحدودية الحيز المالي المتاح لها كي تقوم بدفعتها التحفيزية.

وأشارت الدراسة إلى ظهور دلائل على أن تدفقات رأس المال الداخلة إلى الأسواق الصاعدة بدأت تنضب. وما يخشى حدوثه الآن هو أن تتكرر نوبة الاضطراب التي وقعت في 2013، حين أدت مؤشرات مبكرة للتراجع عن عمليات شراء السندات الأميركية إلى اندفاع تدفقات رأس المال إلى خارج الأسواق الصاعدة.

الاقتراض الخارجي وضغوط في الأسواق المالية 

وتابعت الدراسة أن الأهم بالنسبة للأسواق الصاعدة هو رصد السبب وراء ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية، حين يكون السبب خبراً جيداً عن الوظائف في الولايات المتحدة أو اللقاحات المضادة لفيروس كوفيد-19، في وقت تتلقى فيه معظم الأسواق الصاعدة تدفقات داخلة أقوى وفروقاً أقل في عائد سندات الدين التي يتم تقييمها بالدولار الأميركي.

في حين يمكن أن تقود الأخبار الاقتصادية الجيدة في الاقتصادات المتقدمة إلى نمو الصادرات في الأسواق الصاعدة، فيما يميل انتعاش النشاط الاقتصادي بطبيعة الحال إلى رفع أسعار الفائدة المحلية. ويكون التأثير الكلي حميداً بالنسبة إلى متوسط الأسواق الصاعدة، غير أن البلدان التي تصدر أقل للولايات المتحدة، لكنها تعتمد أكثر على الاقتراض الخارجي يمكن أن تشعر بضغوط في الأسواق المالية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحين تؤدي أخبار ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة إلى ارتفاع أسعار الفائدة، غالباً ما يكون تأثير ذلك حميداً أيضاً على الأسواق الصاعدة. فأسعار فائدتها وصرفها وتدفقاتها الرأسمالية تميل إلى عدم التأثر، ربما لأن مفاجآت التضخم السابقة كانت تعكس مزيجاً من الأخبار الاقتصادية الجيدة، مثل زيادة الرغبة في الإنفاق، والأخبار السيئة، مثل زيادة تكاليف الإنتاج.

غير أن ارتفاع أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة إذا كان مدفوعاً بتوقع إجراءات أكثر تشددا من جانب البنوك المركزية، فمن شأنه أن يلحق الضرر باقتصادات الأسواق الصاعدة.

مفاجآت السياسة النقدية 

تحدثت دراسة الصندوق عما سمته "مفاجآت السياسة النقدية"، والتي تأتي على هيئة ارتفاعات في أسعار الفائدة في الأيام التي يصدر فيها المنشور المنتظم عن إعلانات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي.

وخلصت الدراسة إلى أن كل ارتفاع بمقدار نقطة مئوية واحدة في أسعار الفائدة الأميركية بسبب "مفاجأة في السياسة النقدية" يميل إلى رفع أسعار الفائدة طويلة الأجل بصورة فورية بمقدار ثلث نقطة مئوية في متوسط الأسواق الصاعدة، أو ثلثي نقطة مئوية في السوق الصاعدة ذات التصنيف الائتماني الأدنى المقدر بدرجة المضاربة.

وإذا تساوت كل العوامل الأخرى، يتدفق رأس مال الحافظة على الفور إلى خارج الأسواق الصاعدة وتنخفض قيمة عملاتها مقابل الدولار الأميركية. وهناك فرق أساسي مقارنة بزيادات أسعار الفائدة المدفوعة بأخبار اقتصادية جيدة، وهو أن "علاوة الأجل - أي التعويض عن مخاطر حيازة سند دين بأجل استحقاق أطول - والتي ترتفع في الولايات المتحدة في ظل مفاجآت السياسة النقدية المتشددة، يرتفع معها العائد على سندات دين الأسواق الصاعدة التي يتم تقييمها بالدولار".

 رفع أسعار الفائدة لكبح التضخم 

وتقول دراسة الصندوق "في الواقع العملي، هناك مزيج من الأسباب التي تدفع أسعار الفائدة الأميركية نحو الارتفاع. ولا تزال الأخبار الجيدة عن آفاق الاقتصاد هي العامل الأساسي". وقد تحسنت توقعات النشاط الاقتصادي في بعض الأسواق الصاعدة بين شهري يناير (كانون الثاني) ومارس الماضيين، الأمر الذي قد يؤدي جزئياً إلى رفع أسعار فائدتها وقد يساعد على تفسير طفرة تدفقات رأس المال في يناير، إذ كان ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية منظماً بوجه عام، حيث استمر عمل الأسواق بكفاءة، ففي الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار الفائدة الأميركية طويلة الأجل، ظلت أسعار نظيرتها قصيرة الأجل قريبة من الصفر.

وظلت أسعار الأسهم مرتفعة، ولم تتباعد أسعار الفائدة على سندات الشركات وسندات الأسواق الصاعدة التي يتم تقييمها بالدولار عن أسعار الفائدة على سندات الخزانة الأميركية.

إضافة إلى ذلك، تبدو توقعات السوق للتضخم قيد السيطرة في حدود قريبة من هدف الاحتياطي الفيديرالي للأجل الطويل والذي يبلغ 2 في المئة سنوياً، وإذا ظلت في هذه الحدود فمن الممكن أن تساعد على إيقاف الارتفاع في أسعار الفائدة الأميركية.

ويرجع جانب من الطفرة التي سجلتها أسعار الفائدة الأميركية إلى عودة توقعات المستثمرين للتضخم في الولايات المتحدة إلى وضعها الطبيعي.

وترى الدراسة أنه من الممكن أن يكون هناك عوامل أخرى تسهم بدور أيضاً في رفع أسعار الفائدة الأميركية. فجانب كبير من الزيادة في الأسعار يرجع إلى تصاعد علاوة الأجل، والتي قد تكون انعكاساً لتزايد عدم اليقين لدى المستثمرين في شأن التضخم ووتيرة إصدارات الدين في المستقبل ومشتريات البنوك المركزية من السندات، خاصة مع تحول تدفقات رأس المال التي خرجت من الأسواق الصاعدة في فبراير وأوائل مارس الماضيين إلى تدفقات داخلة في الأسبوع الثالث من مارس، لكنها لا تزال متقلبة منذ ذلك الحين.

ومن غير الواضح أيضاً ما إذا كانت الكميات الكبيرة من سندات الخزانة التي يتوقع أن تصدرها الولايات المتحدة هذا العام يمكن أن تزاحم الاقتراض من جانب بعض الأسواق الصاعدة.

وعلى ذلك، فإن الموقف يتسم بالهشاشة. فأسعار فائدة الاقتصادات المتقدمة لا تزال منخفضة، ويمكن أن ترتفع أكثر. ومزاج المستثمرين تجاه اقتصادات الأسواق الصاعدة يمكن أن يتدهور.

ولتجنب ما يؤدي لذلك، يمكن للبنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة أن تساعد بالإفصاح الواضح والشفاف عن السياسة النقدية المستقبلية في ظل السيناريوهات المختلفة.

وتعد إرشادات الاحتياطي الفيديرالي في شأن الشروط المسبقة لرفع سعر الفائدة الأساسي، مثالاً جيداً في هذا الخصوص. ومع استمرار التعافي، سيكون مفيداً تقديم مزيد من الإرشادات حول السيناريوهات المستقبلية الممكنة.

ويوضح معدو الدراسة أن الأسواق الصاعدة لن تتمكن من مواصلة تقديم الدعم من خلال السياسات إلا مع التوقعات باستقرار التضخم المحلي.

فعلى سبيل المثال، رفعت البنوك المركزية في تركيا وروسيا والبرازيل أسعار الفائدة في شهر مارس 2021 للسيطرة على التضخم، بينما أبقتها البنوك المركزية في المكسيك والفيليبين وتايلاند دون تغيير.

وفي الوضع المثالي، ينبغي أن تسعى الاقتصادات الصاعدة والنامية إلى تعويض بعض الارتفاع في أسعار الفائدة العالمية باستخدام سياسة نقدية أكثر تيسيراً في الداخل. ولتحقيق ذلك، فهي تحتاج إلى بعض استقلالية القرار بعيداً من تأثير الأوضاع المالية العالمية.

والخبر الجيد هو أن كثيراً من البنوك المركزية في الأسواق الصاعدة استطاعت تيسير السياسة النقدية أثناء الجائحة، حتى في ظل هروب رؤوس الأموال.

اقرأ المزيد

المزيد من أسهم وبورصة