Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"ممر السعادة" شارع شعبي يتحول إلى مزار في تاروت السعودية

تجربة بدأها أحد السكان أمام منزله امتدت إلى باقي بيوت حي الحوامي

"أعمل في النحت، وما أكسبه مقابل عملي أقسمه بيني وبين ممر السعادة"، هكذا يمول محمد عبدالغني، الممر الذي بدأه قبل نحو أربع سنوات، بهدف إنشاء متنفس زراعي خاص به أمام منزله في جزيرة تاروت شرق السعودية.

وكجزء من ممارسته موهبة النحت التي يمتلكها التاروتي عبدالغني، جهز أدواته ليصنع أول مجسم ثلاثي الأبعاد، وكان شلالاً أمام منزله، وأصبح البذرة الأولى لممر لا يزال يجد لنفسه طريقاً بين بيوت حي الحوامي وقلوب سكانه.

"زرنوق" السعادة

النحات الذي اكتشف موهبته أثناء مساعدة أحد أساتذته في المرحلة الابتدائية قبل أكثر من 25 عاماً، ملّ الرتابة، وسخّر أنامله لعمل حديقة صغيرة تساعده على مواجهة قسوة الحياة بألوان الفرح.

وما بين صوت خرير ماء شلالات عبدالغني ورائحة العنب الذي زرعه حولها، أعجب سكان حي الحوامي بالحديقة المتواضعة، ليطالبوا جارهم بتوصيل حياة الحدائق لعتبات أبوابهم أيضاً، وهو ماوصفه بـ"المفاجأة التي لم تكن بالحسبان".

 

والممر، أو "الزرنوق" كما يعرف باللهجة المحلية، لم يجد مكانه على عتبات البيوت فحسب، بل امتد ليسكن صدور الزوار والسياح الذين حاولوا تجسيد شعورهم بإطلاق اسم "ممر السعادة" على حديقة محمد عبدالغني.

وفي محاولة من عبدالغني للحفاظ على المباني الأثرية التاروتية الممتدة لأكثر من خمسة آلاف سنة قبل الميلاد، يتعمد استخدام المواد المحلية في تزيين الممر ونحت المجسمات، فيستخدم الحجر الصابوني تاروتي الأصل، وبعض الأحجار الكريمة المستخرجة من مختلف مناطق الجزيرة وأعماق بحارها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الحماية والضيافة

ويبدو أن المساحات الصغيرة التي قربت بيوت الجزيرة السعودية حد الملاصقة حرمتهم من الحدائق والمساحات المفتوحة، إذ حاول السكان المحليون قديماً حماية أنفسهم والدفاع عن ممتلكاتهم ضد الأغراب، عبر تشييد بيوت متلاصقة.

نتيجة لذلك، تحول "الزرنوق" بسبب التقارب بين البيوت، إلى لوحة زاهية الألوان، تحفها التحف التاروتية وكؤوس الضيافة على جانبي الطريق، تعبيراً عن الترحيب بالسياح والزوار الذين غزوا الممر من كل مكان.

"أرامكو" النفطية... دليل سياحي

ولطالما عرفت شرق السعودية بالشركة النفطية الأضخم عالمياً "أرامكو"، التي تمتلك نصيب الأسد من حجم إنتاج النفط عالمياً، إلا أنها تمتلك مميزات خفية، إذ يشير عبدالغني إلى أن وجودها في المنطقة الشرقية كان السبب الرئيس لشهرة الممر عالمياً.

 

فالشركة السعودية التي تضم أكثر من 65 ألف موظف من مختلف الجنسيات، ساعدت الشاب التاروتي في نشر جهده المحلي بطريقة غير مباشرة، إذ يروي عبدالغني "بدأت الزيارات المحلية من الأصدقاء الذين اصطحبوا زملاءهم العاملين في "أرامكو" لزيارة الممر، حتى أخبروا به أقاربهم في الدول المختلفة".

التمويل شخصي والمزار سياحي

والفكرة التي بدأت بشكل شخصي لتتحول إلى مزار سياحي، لا يبدو أنها أخذت الجانب المالي على محمل الجد، كما يوضح محمد عبدالغني "أنا لا أحسب التكلفة، لأنني بدأتها كمشروع شخصي، لكني متأكد أنه كلف الكثير".

ولأن مصدر التمويل كان محدوداً أتت النتائج محدودة أيضاً، إذ يضيف عبدالغني "أنا أعمل في النحت والتراث، وأقسم كل ما أكسبه لنصفين، أولهما لي، والآخر للزرنوق، ولهذا لم يمتد بشكل كبير على كامل الحي حتى الآن".

 

وتواجه عادةً المبادرات الاجتماعية بعض العوائق المتعلقة بأنظمة البلدية، حول ما يوضع في الطرقات العامة من مظلات وتماثيل وحدائق قد تعوق المرور، إلا أن تجربة عبدالغني لم تتعرض لأي من هذا، بحسب ما يقوله.

وأضاف حول ذلك "لا يمكن أن تتم إزالته، الناس متعلقون بالممر، مازحتهم مرة عن نيتي إزالته، وانزعجوا من ذلك كثيراً".

والعمل الذي صب فيه عبدالغني جل وقته وماله وجهده، تسبب في تأجيل كل مشاريعه الخاصة إلى وقت لاحق، إذ يقول "لانشغالي بالممر وتمديده إلى المنازل الأبعد".

وتعرف جزيرة تاروت بثرائها الأثري نظراً إلى كونها من مناطق مملكة دلمون، التي حكمت طرق تجارة الجزيرة العربية منذ أكثر من خمسة آلاف سنة، لتصبح أحد أقدم الأماكن المعمورة في العالم، حتى أولت لها السعودية اهتماماً خاصاً ضمن خطط التنمية السياحية.

المزيد من منوعات