في الوقت الذي دفعت فيه هيئة قناة السويس المصرية بنحو 14 قاطرة عملاقة للإسهام في تعويم السفينة الجانحة، قال رئيس الهيئة أسامة ربيع، إنه لا يزال من غير الواضح متى يمكن إعادة تعويم السفينة واستئناف حركة الملاحة في قناة السويس، إذ إن ازدياد المد والرياح الشديدة تعقد جهود تعويم السفينة.
وبالفعل بدأت السفينة الجانحة في التزحزح من موضعها، وتمكنت القاطرات من تحريك السفينة العملاقة بمسافة 29 متراً السبت، إذ استفادت من أعمال إزالة الرمال والطين التي قامت بها الكراكات لإتاحة المساحة اللازمة للتحرك والقيام بمناورات القطْر، وتمكنت القاطرات من إعادة تشغيل الدفة ومروحة الدفع لتحدث بعض الحركة في مقدم السفينة، لكن من المستبعد أن نسمع أنباء جديدة قبل مساء الأحد، إذ ستواصل الكراكات عملها حتى الساعة الرابعة عصراً، على أن يعقب ذلك استئناف أعمال تعويم السفينة، بحسب تقرير حديث لوكالة "بلومبيرغ". وأكدت السفينة الهولندية وصول قاطرتين إضافيتين الأحد، بحسب تصريحات المدير الفني للشركة.
ووفق وكالة "رويترز"، فمن المتوقع أن تتاح للقاطرات فرصة أكبر بسبب ارتفاع المد، بحسب ما قاله الضابط السابق في البحرية الإنجليزية توم شارب لوكالة "رويترز"، ولكن بحسب شارب على القاطرات أن تحذر من تمزيق جسم السفينة العالقة في الرمال من الأمام والخلف.
لكن هناك مزيداً من السفن المتكدسة تجاوز عددها 321 سفينة عالقة من الجهتين الشمالية والجنوبية للقناة. وقال رئيس هيئة قناة السويس في مؤتمر صحافي، إن إيرادات القناة تتراوح ما بين 12 و14 مليون دولار يومياً، وإنها تأثرت بحادثة جنوح السفينة.
العوامل الجوية ليست السبب
ولم تنجح محاولة التعويم مساء الجمعة الماضي بعدما أعلنت هيئة قناة السويس أنها انتهت من تكريك 17 ألف متر مكعب من الرمال المحيطة بمقدم سفينة الحاويات البنمية الجانحة، وأكدت شركة "سميت" الهولندية للإنقاذ البحري التي تعمل من أجل تعويم السفينة، أن العوامل المتمثلة في وجود قاطرات أثقل وزنا وكراكات، وارتفاع المد يمكن أن يسهم في تعويم السفينة مع بداية الأسبوع.
وفيما تدرس شركة "شوى كيسين"، المالكة للسفينة الجانحة، احتمال اللجوء إلى رفع بعض الحاويات عن ظهر السفينة من أجل تخفيف حمولتها، صرح مستشار رئيس الجمهورية لمشاريع محور قناة السويس والموانئ البحرية، مهاب مميش، أنه من الممكن الاستعانة بالرافعات العائمة للمشاركة في عملية تخفيف الحمولة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن الشركة المالكة للسفينة الجانحة التي قدمت اعتذاراً عن الحادثة نهاية الأسبوع الماضي، ربما تواجه مطالبات تأمينية بملايين الدولارات، وكانت تأمل في تعويم السفينة مساء السبت بحد أقصى بسبب ارتباطها باتفاقات مع "إيفر غرين" التايوانية، إلا أن الشركة المالكة عادت وأكدت في بيان آخر أن المحاولات أثبتت أن عملية تعويم السفينة صعبة للغاية، ويرجع ذلك إلى أن هيئة قناة السويس ليست لديها المعدات اللازمة للوصول إلى عمق 52 متراً، وقد تحتاج إلى مساعدة من دول خارجية إذا ما اقتضت الظروف اتباع هذا المخطط.
وفيما أكد رئيس هيئة قناة السويس أن ارتفاع الحاويات المحمولة على متن السفينة العالقة يبلغ 52 متراً يجعل عملية تفريغها تستغرق وقتاً طويلاً، قال إن عملية تفريغ حمولة السفينة العالقة سيتطلب الاستعانة بمساعدات من دول خارجية، لعدم توافر السفن ذات الأذرع التي تصل إلى 52 متراً بالهيئة.
وبحسب رئيس الهيئة، فإن العوامل الجوية لم تكن السبب الرئيس وراء تعطل السفينة الجانحة، وستبدأ هيئة قناة السويس التحقيق في الحادثة من أجل استبعاد حدوث خطأ بشري أو عطل تقني بعد استئناف العمل بقناة السويس، لكن ثمة تكهنات في الصحافة الأجنبية حول الأسباب الأخرى المحتملة وراء الحادثة، والتي تتضمن الخطأ البشري وسوء الأحوال الجوية، أو أن السفينة كانت تسير بسرعة أو أن على متنها حمولة زائدة، بالنظر إلى طريقة تعطلها في عرض القناة.
تغيير المسار إلى رأس الرجاء الصالح
في غضون ذلك، بدأت بعض السفن تغيير مسارها، إذ غيرت السفينة "إيفر غريت"، شقيقة السفينة العالقة في قناة السويس والمتجهة إلى روتردام، مسارها صوب طريق رأس الرجاء الصالح لتفادي التأخير المتوقع من الانتظار حتى إنهاء أزمة القناة، إضافة إلى سفن أخرى مثل ناقلة الغاز الطبيعي المسال "بان أميريكاز".
وقالت مجموعة الشحن "سي إم إيه سي جي إم"، السبت، إنها ستبدأ بتحويل مسار سفينتين بحيث تسير حول القارة الأفريقية.
وأعلنت شركة "إم إس سي" أنها غيرت مسار 11 سفينة، في محاولة منها لمواصلة حركة تلك البضائع في مسارات أخرى. وعلى الرغم من أن الرحلة عبر رأس الرجاء الصالح أطول وأعلى كلفة، فإن شركات الشحن فضلت استخدام الطريق وسط توقعات بعدم انتهاء الأزمة قبل مرور أيام.
وكانت ناقلات النفط التابعة لشركتي "شنيير إنرجي" و"شل" بين 10 ناقلات نفط وسفن حاويات على الأقل غيرت مسارها لتجنب التعقيدات التي يمكن أن يحدثها إغلاق القناة لفترة أطول، وفقا لما نقلته شبكة "سي إن بي سي" عن المتحدث باسم شركة "مارين ترافيك" جورجيوس هاتسيمانوليس، الذي رجح أن يغير مزيد من شركات الشحن مسار السفن، إذا ما استمر وقف حركة العبور بقناة السويس.
بينما دعت الشركة المشغلة لخط "سوميد" تجار النفط إلى استخدام خطوطها التي تربط بين العين السخنة والإسكندرية، ويمكن استخدامها لنقل الخام بين البحر الأحمر والمتوسط، لكن السفن الكبيرة التي تحمل أكثر من مليوني برميل يومياً هي من تستطيع تحمل الكلفة الأعلى لخط "سوميد".
ومن الممكن احتواء التأثيرات على أسواق النفط والغاز، وذلك بسبب ضعف الطلب الموسمي على النفط والغاز الطبيعي، فيما يتوقع المحللون أن تعاني الحمولات الأقل حجماً من المواد المكررة بين أوروبا وآسيا من تأثيرات أكبر. وتتوقع الشركات في كل من آسيا وأوروبا التي تعتمد بشكل كبير على قناة السويس، أن ترتفع كُلف الشحن مجدداً بعد الأزمات التي تعرضت لها خطوط الإمداد جراء فيروس كورونا، بحسب "وول ستريت جورنال". ومن المتوقع أن تكون صناعة السيارات، التي تعتمد بدرجة كبيرة على الطلبيات الدائمة والتخزين قصير الأجل، من بين أكبر المتأثرين.