Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الوثائقي الروماني "كوليكتيف" يظهر أفضل ما في الصحافة

في عصر تتعرض فيه الديمقراطية للهجوم من الداخل، أصبحت التغطية الصحافية  المناسبة أكثر أهمية من أي وقت مضى

وثائقي "كوليكتيف" يسلط الضوء على قوة "السلطة الرابعة" في الوصول إلى الحقيقة ومساءلة الحكومات (ماغنوليا عبر أ ب)

حملت قائمة ترشيحات الأوسكار لهذا العام مفاجأة سارة. إذ لم يحصل الوثائقي "كوليكتيف" على الترشيح الأول في رومانيا لجوائز الأكاديمية فحسب عن فئة أفضل فيلم وثائقي، بل لديه فرصة ثانية في أن يكرم ضمن سباق أفضل فيلم وثائقي دولي.

تتطلب الأفلام الوثائقية السينمائية بذل قصارى الجهد لجذب الجمهور، ناهيك عن السعي وراء الجوائز، لكن فيلم المخرج الروماني الكسندر ناناو يستحق التكريم على الجبهتين.

يسلط فيلم "كوليكتيف" (مشترك) الضوء على عمل الصحافيين في جريدة "غازيتا سبورتوريلور" Gazeta Sporturilor الرومانية، بعد اندلاع حريق في ملهى ليلي في بوخارست عام 2015. أودى الحادث حينها بحياة 27 شخصاً، لكن هذه كانت البداية فقط، حيث توفي عديد من الأشخاص في مستشفيات غير صحية أثناء تلقيهم علاجاً لحروقهم. ويتولى الوثائقي مهمة التحقيق في ما حدث داخل تلك المستشفيات، حيث اكتشف الصحافيون استخدام مطهرات مخففة التركيز داخل المرافق الطبية في جميع أنحاء رومانيا.

أخذت الصحيفة على عاتقها مهمة لن تقبلها صحيفة أخرى، تولى قيادتها الصحافي كاتالين تولونتان العنيد والمستقل بشدة، وكشفت فضيحة أدت إلى احتجاجات حاشدة وانهيار الائتلاف الحاكم نتيجة لذلك.

تبرز أهمية حصول "كوليكتيف" على ترشيحات للأوسكار خارج عالم السينما، حيث يتعرض العمل الذي يقوم به مراسلو "غازيتا سبورتوريلور" المتمثل في  محاسبة الأثرياء والأقوياء، للتهديد في كل أنحاء العالم الغربي عن طريق تصيد السياسيين، من خلال تحريض أتباعهم وأنصارهم المزيفين، على وجه الخصوص.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لقد تخلصت الولايات المتحدة حديثاً من رئيس وصف الأشخاص الذين يسعون لمحاسبته بـ"أعداء الشعب". كان دونالد ترمب يطلق بانتظام مصطلح "الأخبار المزيفة" على التغطية الإعلامية المنتقدة. ولقي كلامه صدى بين الناس. حيث تعرض الصحافيون في تجمعاته للإيذاء والاعتداء اللفظي وأحياناً الجسدي.

في محاولة لحث الرئيس جو بايدن على استعادة "ريادة حرية الصحافة في الولايات المتحدة"، قالت لجنة حماية الصحافيين إن إدارة ترمب "ألحقت أضراراً جسيمة خارج الولايات المتحدة ، حيث ندد المستبدون والديكتاتوريون بوسائل الإعلام الناقدة على اعتبارها تنشر "أخباراً مزيفة"، وقاموا بسجن أعداد قياسية من الصحافيين".

من المحزن حقيقة أن تلك الهجمات مستمرة عبر وكلاء ترمب. ففي الأسبوع السابق للإعلان عن ترشيحات الأوسكار، اختار المذيع تاكر كارلسون، نجم شبكة "فوكس نيوز" التي يمتلكها روبرت مردوخ، استخدام منصته لشن هجوم لفظي على تايلور لورينز، مراسلة صحيفة "نيويورك تايمز".

ما هي جريمة لورينز؟ تسليط الضوء على المضايقات التي تعرضت لها عبر الإنترنت بسبب تقاريرها. أشارت صحيفة "تايمز" إلى أن الهدف من احتجاج كارلسون يبدو تحريض المشاهدين الذين يبلغ عددهم نحو خمسة ملايين على الاحتشاد (وقد فعلوا ذلك كما ينبغي)، واصفة تصرفه بـ"التكتيك المدروس وغير الرحيم، الذي يستخدمه غالباً لإطلاق موجة من المضايقات والنقد اللاذع ضد الشخص الذي يستهدفه".

لا تتخيلوا أن هذا النوع من الأمور يقتصر على الصحافة الاستقصائية في الولايات المتحدة. إنه يحدث هنا أيضاً. في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تحدثت ليزي ديردن في "اندبندنت" عن "سيل الإساءة والنقد اللاذع" الذي تعرضت له بسبب كتابتها عن أنشطة اليمين المتطرف في بريطانيا. في البداية كانت الإساءة عبر الإنترنت، لكنها امتدت بطريقة مرعبة لتصل إلى العالم الحقيقي.

تعد الصحافيات بشكل خاص عرضة لهذا النوع من المعاملة. أتذكر أنني كنت ذات مرة أحدث زميلتي عن تغريدات سامة تلقيتها، رداًعلى بعض الأعمدة التي أكتبها، لأتدارك الأمر بسرعة وأصمت عندما أخبرتني أنها في الواقع تعرضت للتهديد بالطعن.

يقدم فيلم "كوليكتيف" أمثلة من التكتيكات ذات الأسلوب الترمبي التي يتبعها بعض السياسيين وأصدقائهم الذين شعروا حقاً بعدم الارتياح بسبب العمل الذي قدمته صحيفة "غازيتا سبورتريلور". كما يوضح العمل لماذا يعد هذا النوع من الصحافة مهماً في عصر تتعرض خلاله الديمقراطية للهجوم من الداخل. من دون هذه التغطية، من كان سيتحدث نيابة عن الضحايا وعائلاتهم؟ كان من الممكن نسيان حزنهم بينما تعيش عائلات أخرى الوضع نفسه. يوجه الفيلم أصابع الاتهام إلى "أعداء الشعب" الحقيقيين.

لذلك، نعم، آمل أن يتم تكريم فيلم "كوليكتيف" في إحدى الفئتين في الأقل. قد يحمل فوزه رسالة. مع ذلك، فإن العمل يواجه منافسة صعبة في سباق أفضل فيلم وثائقي، من فيلم "وقت" Time المعترف بروعته الذي تعرضه وتوزعه خدمة "أمازون"، ويرصد معركة فوكس ريتشاردسون للإفراج عن زوجها المحكوم عليه بالسجن 60 عاماً بتهمة السطو المسلح. وسيكون الطريق أكثر وعورة أمام "كوليكتيف" في فئة الوثائقيات الدولية الطويلة. فالفيلم الدنماركي "جولة أخرى" Another Round ليس العمل الأقل تفضيلاً بين فئات الترشيح المختلفة، لكن يبدو أن جائزة هذه الفئة قد تفلت منه.  

على كل حال، نجح فريق غازيتا على الرغم من كل الصعاب في السابق وأدى ذلك إلى إسقاط الحكومة. إليكم تنويهاً قد يفسد متعة مشاهدة العمل، نهاية الفيلم ليست سعيدة على وجه التحديد، فـ الشعب" لا يعرف دائماً من هو عدوه.

لكن الحصول على جائزة أوسكار (أو حتى اثنتين) سيكون نهاية سعيدة من نوع مختلف. يجب على أقل تقدير أن يؤدي تسليط الضوء مجدداً على ترشيحات الأوسكار إلى زعزعة الأشرار في هذه القضية مرة أخرى.  

© The Independent

المزيد من سينما