ذهبت دراسة عُمانية إلى أن 30 في المئة من أصل 1580 مواطناً ومقيماً من محافظة السلطنة عانوا من أعراض القلق والاكتئاب واضطرابات النوم لأسباب متعلقة بجائحة كورونا.
وأشارت الدراسة التي نشرتها وكالة الأنباء العمانية الرسمية، إلى أن النساء يمثلن الغالبية من النسبة التي تبلغ 474 فرداً، فيما توصلت الدراسة نفسها إلى أن العاملين في خطوط مواجهة الوباء الأمامية مثل الأطباء وطاقم التمريض من أكثر الفئات تعرضاً للضغوطات النفسية، لا سيما في بداية الجائحة مع ارتفاع نسبة المصابين، ما أدى إلى ظهور حالات الإحباط والاحتراق النفسي لدى أعضاء الطاقم الطبي الذين يعملون ساعات أطول بسبب زيادة عدد الحالات.
كما ظهر لدى البعض ما يعرف بالأكل العاطفي، وهو أن يقوم الفرد بتناول كميات كبيرة من الأطعمة التي لها نسبة عالية من الكربوهيدرات، ما يؤدي إلى السمنة، بخاصة في ظل عدم الخروج من المنزل أو ممارسة الرياضة، إضافة إلى زيادة في حالات العنف الأسري لدى بعضها.
وسلّطت الدراسة الضوء على معاناة البعض من المصابين بالوسواس القهري مثل المبالغة في تعقيم اليدين وتجنب الآخرين ومخالطتهم بشكل قطعي.
عُمان حالة في عالم مضطرب
يؤكد الطبيب النفسي محمد إسحاق، أن الدراسة العمانية مع دراسات أخرى وصلت إلى النتائج ذاتها على مستوى عالمي، وأكدت الانتشار المرتفع للاضطرابات النفسية بين السكان المتأثرين بفيروس كورونا.
وأشار إسحاق إلى أحد البحوث التي استخدمت التحليل البعدي لكوفيد-19، مع حالات أخرى مشابهة مثل المتلازمة التنفسية الحادة، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، والتي توصلت إلى أن "واحداً من كل خمسة بالغين أصيب باضطرابات عقلية مرتبطة بالوباء".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفت إلى أن هذا النوع من الاضطرابات "يحدث بشكل متكرر بين البالغين المصابين أو المتعافين، يليهم مقدمو الرعاية الصحية، وهذا ما توصلت إليه الدراسة العمانية بشكل عام".
20 في المئة متوسط انتشار الاضطرابات النفسية
وأضاف إسحاق أن "ورقة عمل أعدها المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض، عن قواعد بيانات إلكترونية مختلفة، في الفترة ما بين 15 أبريل (نيسان) حتى 1 يونيو (حزيران) 2020، محدداً 60 مقالة منشورة تغطي 66190 مشاركاً، وصلت إلى أن الاضطرابات النفسية التي تشمل الأمراض النفسية كالقلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، كانت منتشرة بنسبة 20 في المئة في المتوسط بين المجموعات السكانية المختلفة المدروسة، والتي تتضمن المصاب والمتعافي، ومقدم الرعاية الصحية والحجر الصحي".
وأوضح أن أكثر الأمراض النفسية انتشاراً هو الاضطراب بنسبة 32 في المئة، بين جميع الفئات السكانية، باستثناء الاكتئاب لدى البالغين في المجتمع، وكان ثاني أكثر الاضطرابات النفسية هو اضطراب ما بعد الصدمة بنسبة 21 في المئة، يليه الاكتئاب بنسبة 17 في المئة، ثم القلق بنسبة 12، لافتاً إلى أهمية الوعي بـ "عوامل الخطر المعروفة مثل العمر والجنس والظروف الجسدية والعقلية الكامنة والحرمان الاجتماعي والاقتصادي".
وسلط إسحاق الضوء على دراسة أجريت في يوليو (تموز) 2020، مبيناً أن "كلاً من متلازمة الجهاز التنفسي الحادة (سارس) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس)، وهما نوعان آخران من الفيروسات التاجية التي تهدد الحياة، يمكن أن تسبب الهذيان والقلق والاكتئاب والهوس والأرق ومشاكل الذاكرة"، إذ إن أي فيروس يهاجم الجهاز العصبي المركزي ويؤدي إلى إصابة الدماغ بنقص الأكسجين، أو يؤثر في الأداء البدني، يؤدي إلى اضطراب الصحة العقلية.
وبالاستناد إلى نتائج الباحثين أكد أن "الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية موجودة مسبقاً قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بـ (كوفيد 19)، حيث أشارت دراسة أجريت في أكتوبر (تشرين الأول) إلى أن "الأشخاص الذين يعانون من اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط والاكتئاب والفصام والاضطراب الثنائي القطب، هم أكثر عرضة للإصابة بكورونا، وبعبارة أخرى قد يؤدي الشعور بالقلق الشديد أو الاكتئاب، إلى جعل الشخص في النهاية أكثر عرضة للإصابة به"، إلا أن الأمر لا يزال غير واضح بهذا الصدد ويحتاج إلى مزيد من الدراسات.
"مرض المعقّمات" نفسياً وعضوياً
وسلّطت الدراسة العمانية الضوء على معاناة البعض من أعراض الوسواس القهري، مثل المبالغة في تعقيم اليدين، إلا أن الهيئة العامة للغذاء والدواء في السعودية حذّرت من بعض معقمات الأيدي بسبب احتواء بعضها على نسبة عالية من الكحول الميثيلي.
إلى ذلك، لفت استشاري علم السموم رئيس مختبر السموم بمستشفى قوى الأمن بالرياض الدكتور عبدالعزيز الدلقان إلى "ارتفاع حالات التسمم العرضي بسبب المعقمات والمنظفات منذ بداية الجائحة، بشكل كبير مقارنة بالسنوات السابقة، وفقاً للعديد من مراكز السموم في دول العالم".
وسجل تقرير صادر عن مركز مكافحة الأمراض والوقاية في الولايات المتحدة الأميركية، زيادة في مكالمات حالات الطوارئ المتصلة بالتسمم الناتج من منتجات التنظيف المنزلية ومعقمات اليدين بنسبة 20.4 في المئة بين يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) للعام 2020، مقارنة بالعام الذي سبقه.
كما أشار التقرير إلى أن نسبة 35.7 في المئة من جميع هذه المكالمات تتعلق بالأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين خمس سنوات وما دون ذلك.