Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحكومة الليبية الجديدة تفتح "ملفات فساد" سابقاتها

انطلق ذلك من تقرير ديوان المحاسبة عن مصاريف الوزارات والإدارات عام 2019

كشف تقرير ديوان المحاسبة عن فساد مالي ضخم في المعاملات المالية للدولة الليبية (رويترز)

ما إن أُغلق ملف الحكومة الموحدة في ليبيا، بمنحها الثقة من مجلس النواب، حتى عاد ملف الفساد في الحكومات والمؤسسات الوطنية إلى الواجهة. وانطلق ذلك من تقرير ديوان المحاسبة عن مصاريف الوزارات والإدارات لعام 2019.

وشمل التقرير مراجعة دقيقة للتفاصيل المالية ومصاريف الحكومتين الليبيتين (الحكومة المؤقتة في بنغازي وحكومة الوفاق في طرابلس)، إضافة إلى بعض المؤسسات السيادية الكبيرة، مثل المؤسسة الوطنية للنفط والمصرف المركزي.

وكشف ديوان المحاسبة عن فساد مالي ضخم، يقدّر بمليارات الدينارات في المعاملات المالية للدولة الليبية خلال الفترة الماضية.

ودفعت الأرقام الضخمة التي اتهمت الحكومات المحلية بإهدارها، النشطاء الليبيين إلى إطلاق حملة على مواقع التواصل، تطالب بمنع المسؤولين الذين طاولتهم شبهة الفساد من السفر وإجراء تحقيق دقيق وشفاف في ما ورد في تقرير الديوان.

تفاصيل الإنفاق العام

وأظهر تقرير ديوان المحاسبة أن "الدولة حققت فائضاً في الموازنة بنحو 13.5 مليار دينار، (نحو 3.75 مليار دولار) بحسب سعر الصرف في تلك الفترة، إذ بلغت الموارد السيادية النفطية في السنة المذكورة حوالى 59 مليار دينار (نحو 16 مليار دولار)، بينما بلغت النفقات قرابة 46 مليار دينار (نحو 12 مليار دولار)".

وكشف التقرير عن تفاصيل إنفاق الحكومة المؤقتة من الموازنة العامة، في الفترة ما بين 2015 و2019، قائلاً إنها "بلغت نحو 45.6 مليار دينار (ما يعادل 12.6 مليار دولار)".

وأشار الديوان إلى أن "بيان المصرف المركزي في البيضاء، يشير إلى تسييل 10.7 مليار دينار (2.9 مليار دولار) لمصلحة الحكومة المؤقتة في تلك الفترة. وهذا مختلف عما ذكره تقرير المركزي لجهة أن الحكومة صرفت خلال تلك السنوات 45.6 مليار دينار".

وأضاء الديوان على استمرار عجز الدولة عن إعداد الحساب الختامي لكل سنة على حدة، وأن الحساب الختامي المعدّ من وزارة المالية هو عن السنة المنتهية 2018، بتأخير وصل إلى أربع سنوات بالمخالفة.

تضخم في مصاريف حكومة الوفاق

كذلك، نشر ديوان المحاسبة التفاصيل الخاصة بمراجعة الإنفاق العام لحكومة الوفاق خلال فترة ولايتها، التي بدأت عام 2015 وانتهت بمنح الثقة لحكومة الوحدة الليبية من قبل البرلمان، الأسبوع الماضي.

ونشر الديوان نتائج المراجعة المالية لحسابات حكومات الوفاق على أجزاء، بدأها بوزارتي الداخلية والخارجية، وتسببت التفاصيل المعلن عنها، الخاصة بالمعاملات المالية للأولى، التي يديرها فتحي باشاغا (وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني)، في خلافات كبيرة بينه ورئيس الديوان، واتهمات متبادلة خلال الأيام الماضية.

ورصد التقرير مخالفات مالية بالجملة في تعاملات وزارة الداخلية في طرابلس، مشيراً إلى أن "نفقات ديوان الداخلية قفزت بنسبة 267 في المئة، ما بين عامي 2016 و2019، إذ بلغت في العام الأخير أكثر من 2.4 مليار دينار (تعادل 660 مليون دولار تقريباً)".

واتهم ديوان المحاسبة الوزارة بـ"عدم توخّي الدقة والموضوعية ولا الأساليب العلمية في إعداد موازنتها التقديرية"، لافتاً إلى أنها "كثيراً ما قامت بالصرف بالتجاوز، وأبرمت عدداً من العقود من دون الرجوع إلى المراقب المالي".

وكشف التقرير عن أن "الوزارة صرفت اعتمادات 2018 على جهات ذات ذمة مالية مستقلة، بالمخالفة للقانون المالي للدولة، منها مجلس النواب".

وذكر التقرير أن "الوزارة أفرطت في شراء السيارات بأسعار مرتفعة، بالتكليف المباشر وتعاملت مع مورّدين محددين، وتعمدت الطريقة ذاتها في الشراء وأعمال الإنشاءات، ووقّعت عقوداً بأكثر من 104 ملايين دينار (28 مليون دولار)، أُعطيت لشركتين، في 37 معاملة، ولم يتبيّن ما يفيد بتسلّم السيارات فعلياً".

وأضاف أن "وزارة الداخلية كانت عشوائية في صرف الأموال، ولم تفصل بين الحسابات، وهناك تفاوت واضح بين إيراداتها الفعلية والمقدرة، ولم تسوِّ نفقات السفر وعلاوة المبيت، وتوسعت في منح العهد من دون تسويتها، وتعزيزها المستندي ضعيف".

رد حاد من باشاغا

وردّ باشاغا، على اتهامات ديوان المحاسبة له بهدر مفرط للمال العام. و"تحدّى"، في بيان له الجمعة، "ديوان المحاسبة أن يحيل مخالفات وزارة الداخلية إلى السلطة القضائية المختصة".

وأضاف، "تقارير الديوان معدّة للاستهلاك الإعلامي، وشكل شائن من أشكال الابتزاز والفساد السياسي".

وتابع، "نستعد لتسليم السلطة لحكومة الوحدة الوطنية، التي نالت ثقة السلطة التشريعية، ونرتضي بمبادئ الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة، في حين أن رئيس الديوان يتشبث بمنصبه على الرغم من انتهاء ولايته القانونية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واتهم وزير الداخلية رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك بالتحيّز الحزبي، قائلاً "حينما تترأس جهة سيادية تختص بالرقابة المالية شخصية ذات انتماء حزبي وأيديولوجي، فمن الطبيعي مشاهدة مظاهر الابتزاز السياسي، بدعوى مكافحة الفساد، من خلال تقارير جوفاء لا يجرؤ مصدرها على إحالتها إلى القضاء، كونها لا تقوى على حمل مضمونها".

وكان رئيس ديوان المحاسبة أعرب في تصريحات له الخميس، عن "تطلّعه لأن يكون تقرير الديوان لعام 2019 مرجعاً وعوناً لمن يريد الإصلاح وتحقيق المساءلة والمحاسبة للعابثين بمقدرات الدولة".

وأشار شكشك إلى أن "الهدف من نشر التقرير هو رفع مستوى الوعي المجتمعي وتعزيز مبدأ الشفافية في الدولة الليبية"، مرجعاً سبب تأخر إصدار التقرير عاماً كاملاً إلى "الظروف التي مرت بها البلاد، من أزمات سياسية وحروب، إلى جانب تفشي جائحة كورونا". وتوقّع "صدور تقرير الديوان لعام 2020 في مايو (أيار) المقبل، على أقصى تقدير".

من جانبه، أعلن رئيس قسم التحقيقات في مكتب النائب العام الصديق الصور، أن "المكتب يتابع تقارير ديوان المحاسبة في طرابلس، وتقارير هيئة الرقابة الإدارية في بنغازي عن عام  2019".

وطالب الصور ديوان المحاسبة بـ"تزويدهم بالمستندات"، مبيّناً أن "بعض البلاغات تمر لمكتب النائب العام مباشرة"، مطالباً الديوان بتقديم تقاريره في شأنها.

توسع إنفاق السفارات

وفي الجزء الخاص بمراجعة الحسابات المالية لوزارة الخارجية في حكومة الوفاق، لاحظ ديوان المحاسبة، بحسب التقرير، "ارتفاعاً ضخماً في مصاريف السفارات والقنصليات والبعثات في الخارج بين عامي 2018 و2019".

وأضاف التقرير أن "معدل الإنفاق زاد بنسبة 25 في المئة، مقارنة بالعام الذي سبقه، في زيادة مرتبطة بالتوسع غير المبرر في عدد السفارات، الذي ارتفع من 138 إلى 150 مع وجود تسع سفارات وقنصليات مغلقة لا حاجة لها".

وبيّن التقرير أنه "من بين الإخلالات الأخرى التي رصدها الديوان، تعدّد البعثات في دولة واحدة، حتى بلغ أحياناً 5 بعثات في بلد واحد تتنازع الشرعية، مثل ما حدث في إيطاليا، إذ توجد سفارة في روما وأخرى في الفاتيكان وقنصلية في ميلانو وأخرى في باليرمو".

المزيد من العالم العربي