Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"عدالة توزيع" لقاح كورونا هل تطبق في العالم العربي؟

تخبط يخلق أزمة ثقة لدى المواطن وجدل حول استراتيجية الحكومات الصحية للتطعيم

أردنيون ينتظرون دورهم لتلقي اللقاح أمام مدخل أحد المراكز الصحية (التلفزيون الأردني)

إذا كان فيروس كورونا يهدد الجميع، ويضع في دائرة استهدافاته الغني والفقير، الوزير والخفير، فهل اللقاح هو أيضا من حق الجميع؟ وهل يصل إلى مستحقيه بحسب الأولويات الصحية والعمرية التي تضعها الجهات المعنية المختصة؟ وهل يتم تلقيح الفئات المستهدفة بسلاسة؟

هذه الأسئلة، تبدو بطبيعتها "أسئلة عربية". فقد تعودت كثير من المجتمعات العربية على وسائل أصبحت "معتادة" في تحصيل الحقوق. هناك "الواسطة" و"المحسوبية" و"صرف النفوذ"، التي تبدو وكأنها أساليب لصيقة بممارسة الحياة العامة، اقتصاديا واجتماعيا، فهل باتت معتمدة في أخطر قضية صحية تهدد حياة الأفراد والجماعات والمجتمعات؟

في هذا التحقيق، محاولة للبحث عن العدالة في مسألة توزيع لقاحات كورونا، وهي مشكلة أشارت إليها منظمة الصحة العالمية على المستوى الدولي، لكنها على المستويات المحلية تصبح مسألة غير إنسانية...

 

وساطات اللقاح تقلق الشارع الأردني

ففي موازاة أزمة كورونا التي سجلت انتكاسة كبيرة في الأردن من حيث عدد الإصابات والوفيات في الأسابيع الأخيرة، ثمة أزمة أخرى تتعلق بفقدان الشارع الأردني الثقة بعدالة توزيع اللقاح والتخوف من وجود وساطات، تجعلها تذهب لغير المستحقين.

ويقول مراقبون إن ثمة تخبطاً في تصريحات الحكومة حيال لقاح كورونا، وفوضى في توزيعه، أسفر عن غياب الثقة لدى المواطنين، الأمر الذي فسر ضعف الإقبال على التسجيل في المنصة الخاصة بتلقي اللقاح، إذ لم يزد العدد حتى اللحظة عن نصف مليون شخص من أصل تسعة ملايين، نصفهم تخلفوا عن موعدهم.

وتبلغ نسبة من تلقوا اللقاح ثمانية في المئة من الحصيلة المستهدفة للتطعيم التي تزيد على 4.8 مليون شخص، في وقت لم يزد فيه عدد الجرعات المستهلكة من اللقاح على 115 ألف جرعة.

12 ألف جرعة

وبحسب وزير الصحة الأردني، نذير عبيدات، يتوافر حوالى 12 ألف جرعة فقط من لقاح "فايزر- بيونتيك"، ونحو ثلاثة آلاف جرعة فقط من لقاح "سينوفارم"، في حين تم التعاقد على توريد أربعة ملايين جرعة لم تصل إلى البلاد بعد. وأشار إلى أن الحكومة تعاقدت مع شركة "فايزر" للحصول على 2.2 مليون جرعة من اللقاح، لينتهي توزيعها في 2021. ووصول تلك اللقاحات أصبح منتظماً، وتصل تباعاً، ووصلت في الأسبوع الأخير 34 ألف جرعة من "فايزر" على أن يضاعف العدد في الأشهر القليلة المقبلة، لأن الشركة ضاعفت العدد الكلي من مليون إلى 2.2 مليون جرعة، وتم التعاقد معها، واتخاذ الإجراءات المالية لهذا الهدف.

تضارب الأولويات

واستغرب مراقبون تأخر الإعلان عن تلقي فئات ذات أولوية للقاح كالعاملين في المطارات، والمعلمين، وبعض العاملين في القطاع الطبي، والأجهزة الأمنية.

في المقابل، يشكو كثير من الأردنيين من كبار السن من عدم تلقيهم اللقاح حتى الآن، على الرغم من كونهم على رأس الفئة الأكثر أولوية، في وقت تلقى فيه آخرون من فئات عمرية صغيرة، نسبياً، اللقاح، ما عزز من المخاوف والشكوك بوجود وساطات في توزيع اللقاح.

وأعلن المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات البدء بإعطاء لقاح كورونا لجميع العاملين في المطارات الأردنية خلال الأيام المقبلة.

كما أبدى أطباء أردنيون استياءهم من عدم تلقيهم اللقاح حتى اللحظة، بحسب نقابة الأطباء التي قدمت شكوى بهذا الخصوص لوزارة الصحة، ما يؤثر سلباً على تقديم الرعاية الصحية للمرضى، ويعطل جهود مكافحة الوباء.

حرب على اللقاح

وأكد الأمين العام لوزارة الصحة، مسؤول ملف كورونا، وائل الهياجنة، أن ثمة حرباً عالمية على اللقاح، وشحاً كبيراً في أعدادها بسبب زيادة الطلب عليها، مضيفاً أن لدى وزارة الصحة إمكانية لتطعيم ما لا يقل عن 18 ألف شخص يومياً، لكننا بانتظار وفرة اللقاحات وتسجيل المواطنين على المنصة، وقال إنه تم توزيع 120 ألف جرعة في الأردن، وهناك اتفاقات ثنائية مع الشركات العريقة المنتجة للقاحات، واتفاقية كبرى مع تحالف "كوفاكس"، بالإضافة إلى اتفاقية أخرى مع إحدى الشركات بتزويد البلاد بمليوني جرعة، وهذه الشركة تواصل إمداد الأردن باللقاحات أسبوعياً.

سوق سوداء

واعترف رئيس الحكومة الأردنية، بشر الخصاونة، بوجود سوق سوداء للقاح، موضحاً أن الدولة تلقت عدداً من شحنات لقاح "فايزر"، ثم توقفت الشركة عن التوريد، وقال إن ثمة أزمة لقاحات يشهدها العالم، وحملة التطعيم في الأردن بدأت مبكراً.

لكن مدير المؤسسة العامة للغذاء والدواء أكد خلو الأردن من لقاحات كورونا المزورة، أو وجود سرقة لها لصالح جهات معينة، لأن الجهة المستفيدة الوحيدة هي وزارة الصحة.

وتسعى الحكومة إلى شمول ما لا يقل عن 23 في المئة من السكان باللقاح، مع ترقب توريد نحو مليون وربع المليون جرعة من لقاحي "سينافورم" الصيني و"فايزر" الأميركي.

فجوة في عدالة التوزيع بمصر

وفي مصر، لم يفكر أحمد هاني، البالغ من العمر 29 عاماً، بائع المخبوزات، مرتين قبل أن يجزم بشكل قاطع أن "المحاسيب" (معارف وأقارب المسؤولين) ستكون لهم الأولوية في تلقي اللقاح. حجته في ذلك أن "الكوسة" (الوساطة) تسود و"من له ظهر لا يُضرب على بطنه". وبسؤاله عما إذا كان قد سجل اسمه على الموقع الإلكتروني الخاص بيانات المواطنين الراغبين في تلقي اللقاح المضاد لفيروس كوفيد-19 أو كورونا، قال: "أي موقع؟" وبعد شرح وتفسير، سأل: "لم أسمع عنه من قبل، ولا أعرف أن اللقاح وصل مصر أصلاً". وبتضييق الخناق عليه وسؤاله عن سبب جزمه السابق عن أن اللقاح سيذهب إلى "المحاسيب"، قال: "قلت ذلك على اعتبار ما سوف يكون".

جدول التطعيم

وفي ما يتعلق بجداول التطعيم، ومن يحصل على اللقاح ومتى وكيف، فإن القيل والقال طاغيان. وما بين الطغيان والعرفان هوّة عميقة تشبه اختلاف الثقافات وتراوح المعلومات بين المؤكدة والرأي المعاد تدويره.

مارلا محروس، التي تبلغ من العمر 55 عاماً، مواطنة لا ناقة لها ولا جمل في منظومة المحسوبية والمعارف التي تسهل الحصول على امتيازات لا تتاح إلا لأصحاب الحظوة. لكنها مريضة سرطان ما يضعها على قائمة الفئات ذات الأولوية في تلقي التطعيم، بحسب وزارة الصحة والسكان المصرية.

وتقول بفرحة غامرة، "بينما كنت أتلقى العلاج في مستشفى تابع لمنظومة التأمين الصحي الحكومية، فوجئت بالممرضة تبلغني بأنه تم تسجيل اسمي للحصول على الجرعة الأولى من اللقاح. ليس هذا فحسب، بل خيرتني بين ثلاثة أماكن أتلقى فيها الجرعة، فاخترت الأقرب. وما هي إلا دقائق، حتى تلقيت رسالة نصية على هاتفي المحمول تؤكد التسجيل ومكان التطعيم. وكلما ذكرت ما جرى للأصدقاء أو المعارف، أتلقى إما سؤالاً عن هوية وساطتي، أو اتهاماً بأن ذلك كوسة". (الكوسة في العامية المصرية تعني محسوبية ووساطة).

الكوسة الشعبية

"الكوسة" في العرف الشعبي المصري ليست متجذرة تاريخياً فحسب، بل متمكنة من أوصال وأوردة كل كبيرة وصغيرة. فبدءاً بالتقديم للصغير في المدرسة، مروراً بإنجاز أوراق حكومية، انتهاء بتسوية معاش أو إيقاف سيارة في الممنوع أو حتى المسموح، لـ"الكوسة" مفعول السحر. لذلك فإن أول ما يتبادر إلى ذهن المواطن المصري العادي لدى ذكر لقاح كوفيد-19 هو المحسوبية في التوقيت والتسجيل، والوساطة في النوع والمفعول، و"الكوسة" في كل ما سبق.

وقد سبق بدء تطيعم المواطنين المندرجين تحت بند الفئات صاحبة الأولوية ذات الأمراض المزمنة وكبار السن ممن سجلوا أسماءهم على الموقع، بعد زيارة قام بها رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلى مركز القطامية (شرق القاهرة) قبل أيام حيث دشن الحملة الشعبية للتطعيم. وقال إن الحكومة ستكثف جهودها في الفترة المقبلة لزيادة أعداد المواطنين الذين يمكنهم تلقي اللقاح.

معايير ومحاذير

تلقي اللقاح، بحسب ما يشير واقع الحال، يخضع لمعايير ومحاذير. تتبع خطوات التسجيل على الموقع المخصّص، حيث تقود المستخدم إلى اختيار الفئة التي ينتمي إليها مع الإشارة الواضحة إلى أنه لا يسمح بتسجيل من هم دون سن الـ18. الفئات الثلاث المسموح لها حتى اللحظة هي: العاملون في القطاع الطبي ويُطلب منهم تقديم ما يثبت طبيعة عملهم ومكانه، وذوو الأمراض المزمنة من كل الفئات العمرية، وكبار السن من غير المصابين بأمراض مزمنة. وفي كل من هذه الفئات، يجري إخضاع الشخص لإجراءات وخطوات عدة للتأكد من صحة المعلومات العمرية والمهنية والطبية.

صحة المعلومات عامل فارق في ملف اللقاح. وحيث إن القيل والقال والإشاعات والمعلومات غير الموثقة تعاني تخمة شديدة في المجتمع المصري، فالأجواء ملبدة بكم كبير من الغيوم المعلوماتية بالإضافة إلى الشكوك التاريخية في عدالة التوزيع وصدقية التصريحات وشفافية المعلومات. ولأن أحد رواد المقهى الشعبي قال لصديق إنه سمع آخر يعلن عن إنه حجز لنفسه وزوجته وأبنائه وعاملة المنزل والحارس للحصول على اللقاح من "إحدى الشركات الخاصة" في مقابل 1000 جنيه مصري للقاح الواحد (نحو 63 دولاراً أميركياً)، فإن حديث المقهى كله لمدة تزيد على ساعة كان "الناس اللي فوق الذين سيتم تطعيمهم بلقاح أفضل من اللقاحات الموجودة في السوق لأنهم يملكون المال أو العلاقات أو كليهما".

مال وعلاقات

واقع الحال حتى اللحظة يشير إلى أن المال أو العلاقات لم يتدخلا بعد في منظومة اللقاحات. عملية التطعيم تجري على قدم وساق لمواطنين عاديين أنجزوا إجراءات التسجيل، طبقت عليهم الشروط، وتلقوا إشعارات بأماكن التطعيم ومواعيده.

مساعد وزيرة الصحة والسكان للإعلام والتوعية والمتحدث الرسمي للوزارة خالد مجاهد يؤكد أن الوزارة هي الجهة الوحيدة في مصر المسؤولة عن تطعيم المواطنين، بحسب الأولويات وفقاً لتوصيات منظمة الصحة العالمية. وأشار إلى اتخاذ الإجراءات القانونية ضد أي جهة تروج لوساطة.

ولا يمر يوم من دون تصريح رسمي عن أن الموقع الإلكتروني المخصّص للتسجيل هو المنصة الوحيدة المتاحة في مسألة التطعيم. ووصل عدد من سجلوا بياناتهم قبل حتى 5 مارس (آذار) الحالي نحو 270 ألفاً.

على رأسه ريشة

لكن الملايين ما زالت تدور في ثقافة "الكوسة" المتجذرة، لدرجة تجعل البعض يحجم عن محاولة التسجيل من الأصل. "أم ولاء" (58 سنة) تقول، إنها سمعت عن الموقع، ولن "تهدر وقتها" في محاولة التسجيل لوالدتها المسنة. لماذا؟ تقول: "لأن هذه المميزات يستحيل أن تذهب إلى المواطن العادي، لا سيما أن التطعيم في هذه المرحلة مجاني. يجب أن يكون على رأسه ريشة".

"على رأسه ريشة" هذا التعبير التاريخي الذي يشير إلى الأشخاص الذين يحظون بامتيازات غير قانونية، لأسباب تتعلق بفساد أو علاقات خاصة يكشف عن عمق ثقافة المحسوبية في المجتمع، ما يحول دون إقناع كثيرين بالمحاولة لغرض المحاولة.

لكن آخرين أكثر تفاؤلاً، ومنهم من يدقّ باب الموقع، وينجز إجراءات التسجيل، وتصله رسالة نصية قصيرة، "تم تسجيل الطلب الخاص بكم للحصول على اللقاح بفيروس كورونا. برجاء الاحتفاظ برقم الطلب بشكل آمن لكي تستخدمه لاحقاً. لا بد من اصطحاب بطاقة الرقم القومي والمستندات الطبية عند التوجه إلى مركز التطعيم. العاملون في القطاع الطبي عليهم إحضار ما يثبت طبيعة العمل، على سبيل المثال وليس الحصر: كارنيه (بطاقة) النقابة، بيان حالة وظيفية، خطاب من جهة العمل. جميع الحقوق محفوظة لوزارة الصحة والسكان المصرية".

وساطات ومحسوبيات في لبنان

أما في لبنان، فلطالما كانت الوساطات مسيطرة على مفاصل الدولة كافة، وعلى الرغم من انهيار البلد مالياً واقتصادياً بقيت السلطة متمسكة بكل مندرجات نظام المحاصصة وفساده في القضاء والكهرباء والجمارك وسواها. ولكن أن تنتقل هذه الممارسة اليوم إلى القطاع الصحي في ظل جائحة كورونا هو أمر مستهجن.

والواقعة التي تمت في مجلس النواب إن دلت على شيء فهي تدل على أن ممثلي الشعب لا يتمتعون بأدنى حس من المسؤولية تجاه المواطن، فقد تلقى عدد من النواب لقاح كورونا من خارج المنصة وخارج البروتوكول العام المعتمد وكأنهم يميزون أنفسهم عن سائر الشعب، وليس كما قال وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أنه "هدية" للنواب لأنهم يقومون بـ "واجباتهم التشريعية"، وما حالة الغضب التي انتابت نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي إلا دليل على اقتناعهم بأنهم ارتكبوا الخطأ. ولأن هذا الموضوع مخالف لبروتوكول تنظيم اللقاح الأمر الذي دفع رئيس اللجنة الوطنية للقاح كورونا عبد الرحمن البزري إلى إعلان توجهه نحو الاستقالة ليسجل موقفاً ضد هذه المخالفة على الرغم من أنه تراجع عن قراره في اللحظات الأخيرة.

تلقيح النواب

وفي هذا السياق، يعتبر رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي أن "تلقيح النواب كانت ثغرة ولكنها لن تتكرر مع العلم أنني كنت أحبذ أن يتلقح النواب في المستشفيات والمراكز المعتمدة، ولكن القرار السياسي كان طاغياً". وعما إذا كان هناك أي مشكلة بالوسيلة التي يجب فيها نقل اللقاح، يوضح أن "اللقاح يجب أن يظل محفوظاً في درجة حرارة 70 تحت الصفر، ولكن عندما يتم إخراجه من الثلاجة يمكن وضعه بين 2 - 8 درجات لمدة خمسة أيام، لذا لا يوجد أي مشكلة في ذلك".

وبعد أن افتتح النواب عملية الوساطة، وهم الذين كانوا قد وضعوا القانون لتنظيم لقاح كورونا، ظهرت شكوك وتساؤلات عما إذا كانت آلية التوزيع تتم بشكل عادل التزاماً بخطة الصحة. ويرى رئيس الهيئة الوطنية الصحية النائب السابق إسماعيل سكرية أن "الأمور في لبنان غير منتظمة تماماً مع دخول المحسوبيات، ولكننا ننتظر قرار الدولة لتسمح للشركات الخاصة بالاستيراد، وهذه العملية تخفف من التجاوزات"، معتبراً أنه "من المعيب أن يكون النواب الذين يشرعون القوانين هم أول من يتجاوزونها وهذا الأمر معروف في القطاعات كافة وليس فقط بالصحة"، لافتاً إلى أنه من خلال تجربته في الأمراض الصحية، فإن "أكثرية القوانين مليئة بالثغرات في بعض المواد، إذ يترك المشرع ثغرات لكي يتجاوزها ويتم تلزيمه كمخرج يسهل عملية السرقة". وعن خطوة الوزير اعتبر أنه "ناقض نفسه وأخطأ بجوابه عندما قال إنها هدية لهم"، متسائلاً: "كيف نكافئ شخصاً يقوم بواجبه؟".

وعن دور التفتيش المركزي الرقابي، يوضح رئيسه القاضي جورج عطيه أنه "بالنسبة للنواب الذين تلقوا اللقاح كان القرار من الوزير ونحن ليس لدينا أي دور رقابي عليه، وقد ارتأى هو ذلك لحسن سير العمل التشريعي في المجلس النيابي".

ارتفاع الأرقام خارج المنصة

وسجل الأسبوع الأول 12090 إسماً جرى تلقيحهم من خارج المنصة، ما أثار الجدل للخطة التي تتبعها الحكومة. بناء على ذلك، نفى عطيه وجود أي وساطة، موضحاً أن "الوزارة والمستشفيات أوضحت عذرها، إذ أكدت الأخيرة أن كل المواطنين الذين حجزوا كانوا من كبار السن، ولكن بسبب أوضاع الطقس المتردية لم يستطيعوا الوصول. إضافة إلى أن الوزارة كانت قد أشارت إلى أن اللقاح بعد خمسة أيام يتم تذويبه، ولكي لا يتم التخلص منه عمدت على إعطائه لأشخاص آخرين متوافرين. وفي هذا السياق، عملت الوزارة في الأسبوع الثاني على تسجيل كل البيانات التي طلبتهم من المستشفيات عن الأشخاص الذين تلقوا اللقاحات من خارج المنصة، وذلك من أجل ضبط السجل الصحي والوطني في ما يتعلق بكورونا، ومتابعة أوضاع الذين تلقوا اللقاح في المراحل اللاحقة، ولضبط عملية إصدار شهادة التلقيح في المستقبل. كما اتخذنا الإجراءات اللازمة لمنع التحايل على النظام من خلال إجبار المستشفيات على إدخال الهوية الشخصية للمريض".

منصة معلوماتية رقابية

وعن أهمية منصة Impact المعلوماتية التي طورها التفتيش المركزي لكي تكون منصة معلوماتية جامعة وبمتناول الإدارات كافة، يؤكد عطيه أنه "بدأنا بتفعيل مبدأ الحكومة الإلكترونية ومن شأنه إعادة بناء دولة المؤسسات في المفاهيم الحديثة والعصرية"، مشدداً على "أهمية التقارير الرقابية كمعيار أساسي للنجاح في كل البلدان، وحتى في القطاع الخاص من خلال مهمتها في المتابعة وتصويب الأمور كما يجب لأي خطة كانت، فكيف إذا كانت خطة وطنية للتلقيح وهي أهم شيء في صحة وحياة اللبناني؟".

الجدير ذكره، أنه تم تلقيح 80 ألف مواطن من أصل 100 ألف حتى الآن والأرقام تتزايد تدريجاً. وبناء على ذلك، يشير عراجي إلى أنه يتم العمل على "الاحتفاظ بجزء من هذه اللقاحات وتخصيصها لتطعيم الناس في الدورة الثانية"، لافتا إلى أن "هناك 15 ألف لقاح تم احتجازها. وفي حين أنه خلال كل أسبوع تأتي دفعة جديدة من لقاح "فايزر"، من المتوقع أن يأتي 130 ألف لقاح "أسترازينيكا" مطلع الأسبوع المقبل، وستتم زيادة أعداد لقاحات "فايزر" و"أسترازينيكا" ابتداء من آخر شهر مارس (آذار). أما القطاع الخاص، فقد حجز كمية من اللقاحين الروسي والصيني"، لافتاً إلى أن "هناك بعض القطاعات كالجامعة اللبنانية التي حجزت 50 ألف لقاح من "فايزر"، ومن المتوقع وصولها الأسبوع المقبل للبدء بتلقيح الأساتذة والتلاميذ".

اللقاح يعمق الخلاف السياسي في تونس

في الوقت الذي ينتظر فيه التونسيون انطلاق حملة تطعيم ضد كورونا، تلقت رئاسة الجمهورية عشرات الجرعات هدية من سفارة الإمارات، إضافة إلى أخبار روجت تلقي شخصيات سياسية ونواب الشعب للقاح خارج تونس، ما أثار جدلاً واسعاً في البلاد.

وقالت مصالح الاتصال برئاسة الجمهورية، في بيان، إن "الجرعات هدية أرسلتها الإمارات إلى الرئاسة التونسية، والرئيس قيس سعيد رفض التلقيح، كما لم يتم تطعيم أي فرد من عائلته ولا الموظفين في الرئاسة"، مؤكدة أنها أرسلت إلى "مصالح الطب العسكري قبل توزيعها حسب الأولويات".

وكان أحد النواب أول من أعلن وصول هذه اللقاحات على صفحته في "فيسبوك"، وانتشرت لاحقاً إشاعات على مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بأن هذه الهبة "موجودة منذ شهر"، وأن عدداً من النواب والمسؤولين السياسيين تلقوا اللقاح، وأن رئاسة الجمهورية لم تعلن عنها إلا بعد تسرب الأخبار.

نفي مطلق

ونفت رئاسة الحكومة علمها بهذه الهبة، وأعلنت فتح تحقيق حول ملابسات وصولها، وكيفية التصرف فيها وتوزيعها، ما عمق الأزمة بين رأسي السلطة التنفيذية في تونس.

كما نفى رئيس مجلس النواب، راشد الغنوشي، ما روج عن تلقيه اللقاح من إحدى السفارات المقربة إليه.

وبعد انتظار طويل، تصل اليوم الثلاثاء، التاسع من مارس (آذار)، من روسيا، كمية أولى من اللقاحات المضادة لكورونا من نوع "سبوتنيك في"، مكونة من 30 ألف جرعة صالحة لتطعيم 15 ألف شخص، وفق ما أعلنته رئاسة الجمهورية في بلاغ أصدرته مساء الاثنين، مؤكدة أنه ستعقبها خلال الأسابيع المقبلة كمية ثانية تقدر بـ500 ألف جرعة صالحة لـ250 ألف شخص.

توزيع بحسب الأولويات

وبحسب البلاغ، ستوزع اللقاحات وفق الأولويات التي ستضبطها اللجنة الوطنية لمجابهة كورونا، وبتضافر جهود كل الجهات المختصة المدنية والعسكرية.

ومن أجل شفافية التطعيم دشنت السلطات الصحية منصة للتسجيل في قائمة الراغبين في تلقي اللقاحات، وسجل حتى الآن 513 ألف شخص فقط.

وفي هذا الشأن، تقول إيناس عيادي، مستشارة وزير الصحة، في تصريح إعلامي، إنه سيجري احترام الأولويات للتلقيح بطريقة شفافة، وستكون الأولوية لمهنيي الصحة العاملين في أقسام كورونا بالمستشفيات. وسيعتمد التطعيم في 25 مركزاً جهوياً بمختلف المحافظات من أجل ضمان التكافؤ بين كل الجهات وبصفة متساوية.

تأخر التطعيم

يذكر أن وزارة الصحة التونسية سبق أن قدمت تواريخ مختلفة لوصول اللقاح، إلا أنها لم تفِ بوعدها، ما جعلها تفقد ثقة المواطنين، وأعلنت الوزارة أنها ليست مسؤولة عن تأخر التطعيم، مفيدة بأن الطلب العالمي الكبير على اللقاحات هو السبب في عدم احترام تاريخ وصولها.

ويرى مهتمون في الشأن العام بتونس أن الأزمة السياسية المتواصلة في البلاد منذ انتخابات 2019 من الأسباب المباشرة في فشل السلطة المسؤولة في الحصول على اللقاحات وتخلفها عن بلدان أخرى انطلقت منذ مدة في تلقيح مواطنيها.

المزيد من تحقيقات ومطولات