Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العناد السياسي يؤجج الصراع التونسي

اشترط سعيد استقالة المشيشي لبدء الحوار الوطني لكن الأخير رفض

قال المشيشي إنه لا يمكّنه التخلي عن المسؤولية التي يتحملها تجاه البلاد (أ ف ب)

وضع الرئيس التونسي قيس سعيد شروطه من أجل بدء الحوار الوطني، إذ قال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة شغيلة) نور الدين الطبوبي، في حوار صحافي، إن انطلاق الحوار "بات مرتبطاً باستقالة المشيشي"، مستدركاً "نحن كاتحاد شغل، وانطلاقاً من قناعاتنا ودورنا في إحداث التوازن بين مختلف الفرقاء، لا يمكن أن نطلب من طرف أن يستقيل، ولا نستطيع أن نطلب ذلك من رئيس الحكومة".

وشدد الطبوبي على أن مخرجات الحوار الوطني ستكون مفتوحة على كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وداعياً الرؤساء الثلاثة (الجمهورية والحكومة والبرلمان) إلى الحوار "من أجل تكريس الاستقرار السياسي".

وكان الاتحاد العام التونسي للشغل قد تقدم رسمياً في بداية ديسمبر (كانون الأول) الماضي بمبادرة إلى الرئيس قيس سعيد، لتنظيم حوار وطني لإنقاذ البلاد من الأزمة التي تردّت فيها. وشملت المبادرة ثلاثة محاور أساسية، تتعلق بالجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أن تنفيذها تعثر بسبب التجاذبات السياسية بين الأحزاب الكبرى.

لكن، لماذا يشترط رئيس الجمهورية قيس سعيد استقالة المشيشي لبدء الحوار الوطني وهو من اختاره لهذا المنصب؟

اتساع الهوة

دهش أستاذ القانون الدستوري رابح الخرايفي، من تقمص الاتحاد العام التونسي للشغل دور الناطق الرسمي باسم الرئاسة. قائلاً "كان من الأجدر أن تعلن الأخيرة، في بيان، أنها تشترط استقالة المشيشي لبدء الحوار، بهدف إجلاء الغموض حول المبادرة".

وشدد الخرايفي، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، على أن موقف الرئاسة "يكاد يكون معلوماً"، وهو موجود في ذهن الرئيس التونسي منذ أن اتسعت الهُوة بينه وبين رئيس الحكومة هشام المشيشي، إلا أنه غير معلن. لافتاً إلى أن الوضع العام في البلاد "لم يعد يحتمل مزيداً من التأزم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار أستاذ القانون الدستوري إلى وجود إشكالية في اختيار رؤساء الحكومات في تونس بعد 2011، معتبراً المنهجية "لا دستورية"، موضحاً "ينص الفصل 89 على أن الحزب الأغلبي هو من يشكّل الحكومة، إلا أن ذلك لم يحدث، وسقطت حكومتا الحبيب الجملي وإلياس الفخفاخ".

وأكد الخرايفي أن ذلك دليل أيضاً على "إخفاق الرئيس في اختيار الشخصية الأقدر، وأن الاختيار يخضع للشخصنة والعلاقات الذاتية"، مستبعداً مراعاة "معايير الكفاءة والنزاهة والاستقامة"، وواصفاً عملية اختيار رؤساء الحكومات في تونس بـ"منهجية هواة لا رجال دولة".

وحول استقالة المشيشي، قال أستاذ القانون الدستوري "ما يحدث اليوم هو تعميق للأزمة، والاستقالة في هذا الظرف معضلة كبرى". موضحاً "يُفترض أن يُقدّم قانون مالية تكميلي خلال الشهر الجاري، علاوة على ضرورة تعبئة موارد مالية للميزانية، لتسديد الأجور والنفقات المستعجلة، لذا فبقاؤه من دون الدخول في مفاوضات جدية هو تأبيد للأزمة الراهنة".

المشيشي يرفض الاستقالة

في المقابل، أكد هشام المشيشي، في تصريح صحافي، اليوم السبت، أن الاستقالة "غير مطروحة"، مؤكداً أن تونس "تحتاج إلى الاستقرار"، وأنه "لا يمكنه التخلي عن المسؤولية التي يتحملها تجاه البلاد"، ومُبدياً استعداده للحوار من أجل الخروج من الأزمة.

وشدد على أن الحكومة تستعد للانطلاق في الإصلاحات الاقتصادية، من خلال التعاون مع شركاء تونس الاقتصاديين، لافتاً إلى أنه "لا يجيد المعارك" ضد ما سمّاها "طواحين الهواء"، في إشارة إلى التجاذبات السياسية الراهنة بين الرئاسات الثلاث.

النهضة تتمسك بالحوار

في غضون ذلك، أكدت حركة النهضة، في بيان، إثر انعقاد مكتبها التنفيذي أن الحوار هو "المخرج الوحيد" من الأزمة السياسية، ونوهت بجهود رئيس مجلس النواب، والمنظمات الوطنية، والأحزاب، والشخصيات الاعتبارية، للتقريب بين وجهات النظر، بما يحفظ للدولة هيبتها، مجددة تفاعلها مع كل مبادرات الحوار البناءة، وعلى رأسها مبادرة الاتحاد العام للشغل.

وتعيش تونس على وقع أزمة حادة منذ إعلان المشيشي تعديلاً وزارياً واسعاً شمل 11 حقيبة وزارية، رفضه الرئيس قيس سعيد، الذي امتنع عن قبول الوزراء الجدد أداء اليمين الدستورية، على الرغم من حصولهم على ثقة البرلمان في السادس والعشرين من يناير الماضي.

وتراوح الأزمة السياسية مكانها، طالما يتمسّك كل طرف بموقفه، وهو ما يؤشر إلى معركة "تكسير عظام" بين رأسَي السلطة التنفيذية، ما ينذر بنتائج وخيمة قد تنسف المسار الديمقراطي، بينما يتأزم الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، ويدفع المواطن التونسي فاتورة تفكّك المؤسسات، واستشراء الفساد، وتنامي ظواهر الاحتكار، وغلاء الأسعار، بينما تتدهور المقدرة الشرائية بشكل لافت.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير