Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مبادرة في الكويت لتحسين سمعة طائر "البوم"

تهدف الحملة إلى تبرئته من الخرافات التي لحقت به وتوعية الناس بأهميته البيئية

جهان الكندري رئيسة الفريق التطوعي المعني بطائر البوم (فريق البوم التطوعي)

لربما تتغير ثقافة الخليجيين والعرب عموماً تجاه طائر البوم الأكثر غموضاً الذي تلتف حوله كثير من القصص والأساطير بسبب حملة اشتُهرت خليجياً بقيادة فتاة كويتية قالت إنها تهدف إلى "تصحيح مفاهيم خاطئة عن طائر البوم الذي يعتقد أنه نذير شؤم"، رافضة تلك الأساطير، إذ تراه "حامياً للبيئة وصديقاً للإنسان".

وتدل رؤية البوم، الذي يمتلك وجهاً مسطحاً وحاجبين بارزين وعينين لافتتين ويعيش في الكهوف والغابات، في كثير من الثقافات الآسيوية على "الموت والفقر والسحر"، لكنه عكس ذلك عند الإغريق، فهو كما يعتقدون طائر "الحكمة"، إذ زينت صورته بعض العملات والمنحوتات أيضاً في ذلك الزمان.

الشبان والفتيات، الذين أطلقوا حملة بلغ عمرها اليوم خمس سنوات إذ انطلقت عام 2016، يجوبون المجمعات وأماكن التجمعات وعلى أكتافهم طائر "الحكمة"، ويردد أحدهم "هو صديق للبيئة، هو طائر هادئ ومميز، وليس كما تعتقدون".

توعية الناس

تقول جهان الكندري، الشابة التي بدأت كما لو أنها قدِمت من عصور أثينا القديمة بنظرتها إلى البوم، خلاف ما يؤمن به مجتمعها تجاهه، "فريقنا بات رسمياً مسجلاً في وزارة الشؤون الاجتماعية. لدينا هدف هو توعية الناس أن البوم مهم للتوازن البيئي، وتبرئته من خرافات كثيرة، يرفضها حتى الدين كالتطير مثلاً".

وتسترجع الكندري، التي تترأس فريق البوم التطوعي وتمتلك طائرين، ذكريات سنوات طفولتها حين كانت تقتني "إكسسوارات منحوتة على شكل طائر البوم". تحكي، "أحببته منذ طفولتي، حين كنت أرسمه أيضاً، أحببت عينيه الواسعتين، وطريقة وقفته المهيبة بريشه اللافت والمميز"، على حد تعبيرها.

وتواصل الكندري، وهي معلمة رياض الأطفال، وتطمح إلى مواصلة حملتها على مستوى الخليج والعالم، "إن أحببت شيئاً ستكون نظرتك إيجابية بشكل دائم تجاهه"، وتبدو الفتاة التي تعيش في العقد الثالث ممتعضة من نظرة "أهل الشرق" تجاه البوم، وبأنه مرتبط بالسحر والفقر والفأل السيئ" لكن ما يعزيها هو أن حملتها بدأت تؤتي ثمارها، وتكتسح المشهد الخليجي بالإيجاب، "نعم بدأنا نؤثر، ونغير مفاهيم كثيرة تجاه الطائر الذي ظلم كثيراً" كما تقول.

وتضيف الكندري أن من دواعي انطلاق الحملة التي أسسها خمسة شبان كويتيين، "المحافظة على طائر البوم من الانقراض، ونشر الوعي حوله"، إضافة إلى "عدم وجود فرق تطوعية بيئية في بلادها".

الأكبر في العالم

وبينما تصف مجلة "ناشيونال جيوغرافيك" العربية، المهتمة بعالم الطير والحيوان، الفريق الكويتي بأنه، "أكبر فريق يضم مربي البوم من حيث العدد والتنوع في العالم"، تعلق الكندري، "هذه أولى ثمار حملتنا، الإعلام بدأ يهتم والناس أيضاً".

 

وتتراوح أسعار البوم، بحسب الكندري، بين 400 و500 دينار كويتي، (ما يعادل 1319 - 1600 دولار أميركي)، لكنها تستدرك "قد يرتفع السعر أيضاً إلى الضعف إن كان الطير نادراً".

وتشارك الحملة، التي باتت أصداؤها تترجمها المحطات والصحف المحلية خليجياً، في المجمعات العامة والمدارس والمناسبات الرسمية وغيرها، وبلغ عدد أعضائها 30 عضواً، يمتلكون أكثر من 30 طيراً من البوم "المستورد".

مفاهيم خاطئة 

وبدا أحمد العطية، الشاب الكويتي الذي يعيش في العاصمة، هائماً في حب هذا الطائر الأكثر غرابة بين الطيور خلال حديثه إلينا، يقول "لدينا هدف اتفقنا عليه، وهو تحسين صورة هذا الطائر الجميل، ونزع المفاهيم الخاطئة من أذهان الناس حوله".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف الشاب، الذي يمتلك برلماناً من البوم (برلمان: مصطلح يستخدمه مُلاك البوم لوصف المجموعة منها)، "لا يمكنني اصطيادها في الكويت، فقد أتعرض لغرامة 5000 دينار كويتي (ما يعادل 16526 دولاراً أميركياً)، لكنني أجلبها من خارج البلاد من مزارع أوروبية، وهي في عمر مبكر من حياتها".

أحمد، من شدة لهفته وحبه لطيور البوم التي تعد من الجوارح، لم يخصص لها مكاناً تعيش فيه بعيداً عنه، بل وضعها في منزله، يتابع، "أعتز بوجودها في حياتي. أحبها ولا يمكنني أن أفرط فيها".

وكان الشاب الكويتي، الذي يقف بمحاذاة شاطئ الخليج العربي خلال جولة "تعريفية بطائر البوم"، قد اقتني أغلى بوم لديه بمبلغ 700 دينار كويتي (ما يعادل 2313 دولاراً أميركياً).

بينما يقف أحمد قبيل فرض بلاده حظراً جزئياً بسبب تفشي كورونا في البلاد، وهو يحاول إشباع فضول سائل عن طائر البوم، هناك فتاة ممسكة بطير مزهو بالبياض، وهي تردد، "الناس هنا بدأوا يشعرون بالارتياح إلى الحملة، شرعنا في تحقيق أهدافنا".

الطائر الكسول الذي عادة ما يسكن تجاويف جاهزة بدا في الكويت محمولاً على أكتاف الفريق، ويعيش في غرف مكيفة ومهيأة للعيش بشكل أفضل من ظلمات الغابات واعتقادات الناس، حيث يجوب المدن برفقة محبيه من أجل تحسين صورته.

بين الشؤم والحكمة

بعيداً عن الحملة الفريدة من نوعها والمختلفة عن ثقافة سكان الجزيرة العربية، يعد طائر البوم أحد رتب طائفة الطيور، ومنها عائلتان ينحدر منهما ستة وعشرون جنساً يحوي قرابة 234 نوعاً منتشراً حول العالم.

وهو طائر غريب يرى بأذنيه، إذ يمكن للبوم تحديد فريسته من صوتها في وقت قياسي، ويمتلك رقبة مرنة، يستطيع أن يديرها 280 درجة، وتحوي رقبة البوم 14 فقرة، ما يعطيها مرونة أكبر، وهي بعكس الإنسان الذي لا يمكنه الدوران برأسه 280 درجة، حينها ستتمزق الشرايين في رقبته.

وتختلف التفاسير والاعتقادات حوله ما بين حضارة وأخرى وجغرافيا وأخرى، إذ غدا المجتمع العربي قديماً يفسر صوته الحزين بأنه نواح على جسد ميت، أو أن ثمة روحاً ستصعد إلى السماء في المكان الذي يُرى فيه، لكنه خلاف ذلك في المجتمع الغربي وقدماء اليونان فهو بحسب زعمهم "إله الحكمة"، وبلغ الأمر تقديسه.

كيف يرى علماء البيئة طائر البوم؟

لكن، علماء البيئة والحيوان الذين لا يؤمنون بما جاءت به المعتقدات يقولون، إنه "طائر لطيف له أسلحته، كما أن جميع الحيوانات، بما فيها الطيور لها عدة أسلحة تساعدها في البقاء".

ومن أهم تلك الأسلحة التي يمتلكها طائر البوم، "حدة النظر وقوة سمعه وخفة طيرانه الذي يعد بمثابة اللغز، حيث لا صوت يخلفه أثر الطيران"، ويعلل العلماء هذه الظاهرة بـ"تركيبة الريش المعقدة المختلفة عن ريش بقية الطيور".

 

كما أنه "يقدم خدمات بيئية عظيمة للبشر توفر على الدول آلاف الدولارات، وذلك من خلال تغذيه على القوارض، فهو يحد من انتشارها بالمعدلات غير الطبيعية، ويُسهم في الحفاظ على التوازن البيئي".

ويتفاوت حجم ووزن أنواع البوم ما بين الصغير والمتوسط والضخم، فالرمادي العظيم يعد أضخم الأنواع بوزن يصل إلى قرابة ثلاثة كيلوجرامات وطول 76 سم، بينما البعض الآخر صغير جداً بطول لا يتجاوز 14 سم ووزن 40 جم.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات