تترقب الأسواق مجموعة من البيانات والأرقام بشأن الاقتصادات الرئيسة في العالم ستحدد مسار مؤشرات الأسهم الرئيسة في أغلب البورصات العالمية، بعد أسبوع مضطرب أثر في ارتفاع العائد على سندات الدين– أي انخفاض أسعار تلك السندات– وسط مخاوف من ارتفاع معدلات التضخم. وتنتظر الأسواق ما سيحدث لخطة الدعم التي طرحتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بقيمة 1.9 تريليون دولار في مجلس الشيوخ. وكان مجلس النواب بالكونغرس الأميركي أقر الخطة، كما هي بالفعل.
ويثير بند رفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 دولاراً في الساعة، من 7.25 دولار في الساعة حالياً، وتضمينه في خطة التحفيز الاقتصادي، جدلاً قد يعطل الموافقة على الحزمة في مجلس الشيوخ. فالمجلس منقسم بالتساوي بين حزب بايدن الديمقراطي والحزب الجمهوري المعارض بنسبة 50 إلى 50. لكن لأن التصويت على الحزمة لا يحتاج إلى الثلثين ويتم بفارق صوت واحد، فيمكن لنائبة الرئيس كامالا هاريس أن تصوت لتمُر الصفقة بواحد وخمسين صوتاً. يظل هناك احتمال أن يصوت عضو ديمقراطي واحد ضد الحزمة لتفشل وتخضع للتعديل وتعاد ثانية لمجلس النواب ما يعطل تنفيذها.
الخزانة البريطانية
كما تنتظر الأسواق أيضاً إعلان وزير الخزانة البريطاني ريشي سوناك عن الميزانية، الأربعاء المقبل، في مجلس العموم (البرلمان) البريطاني. ويتوقع أن يعلن سوناك عن دعم أقل مما سبق للأعمال والشركات، ويمدد في دعم السوق العقاري باستمرار فترة السماح بتعليق ضريبة الدمغة العقارية وتسهيل حصول المشترين للبيوت للمرة الأولى على القروض العقارية بضمان حكومي. ويتحسب المستثمرون في السوق لما ستتضمنه من زيادة في الضرائب، سواء ضرائب الشركات أو الضرائب على أرباح الأسهم والسندات. ويحتاج وزير الخزانة البريطانية لزيادة موارد وعائدات الضرائب والرسوم لسد عجز الميزانية وتقليل عبء الدين العام، بخاصة ما أُنفق بالاقتراض على برامج مساعدة الاقتراض لمواجهة أزمة وباء فيروس كورونا (كوفيد-19) ويصل إلى نحو 390 مليار دولار (280 مليار جنيه إسترليني).
مخاوف التضخم
كانت الأسواق أنهت تعاملات الأسبوع الماضي على تراجع مع عمليات بيع كبيرة للأسهم، بخاصة أسهم شركات التكنولوجيا، وسط استمرار مخاوف المستثمرين من تشديد السياسة النقدية برفع أسعار الفائدة وتقليل حجم التيسر الكمي (شراء سندات الدين العام وللشركات من قبل البنوك المركزية).
وعلى الرغم من الارتفاع الطفيف لمؤشرات الأسهم الرئيسة في العالم في متوسط فبراير (شباط)، فإنه جاء أقل من الارتفاع في يناير(كانون الثاني) الذي سبقه. وهذا التحرك في الأسواق عكس المسار التقليدي على مدى نحو 14 سنة، إذ تبدأ المؤشرات ضعيفة مطلع العام لتأخذ في الارتفاع أكثر من فبراير.
يعود اضطراب الأسواق الأسبوع الماضي في الأساس إلى ارتفاع العائد على سندات الدين، الذي يسير عكس سعر السندات، نتيجة تخلص المستثمرين من مراكزهم في سوق السندات مع تقدير ارتفاع معدلات التضخم واضطرار البنوك المركزية لتشديد السياسة النقدية بشكل أسرع من المتوقع. وعلى الرغم من أن البنوك المركزية حاولت تهدئة السوق بتكرار الإعلان عن أن ارتفاع العائد على السندات إنما يعكس تقدير السوق لقوة الانتعاش الاقتصادي مع الخروج من أزمة وباء كورونا في النصف الثاني من العام، وأنها لن تغير السياسة النقدية قريباً، فإن أسواق الأسهم ظلت مضطربة.
وأنهت المؤشرات الأميركية الأسبوع على انخفاض ليفقد مؤشر "ناسداك" لشركات التكنولوجيا ما يقارب خمس نقاط مئوية (4.9 في المئة) خلال الأسبوع الماضي، بينما هبط مؤشر "إس أند بي 500" بأقل من نقطتين ونصف النقطة (2.4 في المئة). ذلك على الرغم من أن المتوسط لفبراير كله شهد ارتفاعاً طفيفاً لمؤشر "ناسداك" بأقل من نقطة مئوية (0.9 في المئة) وارتفاعاً معقولاً لمؤشر "إس أند بي" عند نسبة 2.6 في المئة. وكان الاستثناء مؤشر "داو جونز" للشركات الصناعية الذي ارتفع في فبراير بنسبة 3.2 في المئة في المتوسط. ويعكس ذلك تحول المستثمرين في السوق من الشركات التي استفادت من عام الوباء وفترات الإغلاق كشركات التكنولوجيا إلى الشركات المتوقع أن تستفيد من فتح الاقتصاد مع الخروج من أزمة الوباء في الصيف كالشركات الصناعية والتجارية.
بيانات اقتصادية
ويتوقع المحللون في السوق أن تواصل الأسواق وضعها المضطرب الأسبوع المقبل، حتى إذا استقر سوق السندات من دون ارتفاع كبير في العائد وتحديداً على سندات الخزينة الأميركية لمدة 10 سنوات، التي أنهت الأسبوع الماضي بزيادة العائد إلى نحو 1.5 في المئة. وتعد تلك السندات متوسطة الأجل مؤشراً رئيساً لسوق السندات، كما أنها الأكثر تأثيراً في حركة سوق الأسهم ومناخ الاستثمار العام لارتباط كثير من تفاصيل حياة الأسر بها من قبيل تبعات القروض العقارية وقروض السيارات وغيرها.
وإضافة إلى حزم التحفيز الاقتصادي في الولايات المتحدة وبريطانيا، وربما غيرهما، تنتظر الأسواق صدور مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات في أكثر من بلد في أميركا الشمالية وأوروبا. كما تصدر خلال الأسبوع أرقام سوق العمل، خصوصاً في الولايات المتحدة التي ربما لا تشير إلى تغير كبير في معدلات البطالة، لكن من شأنها أن تزيد من قلق المستثمرين من استمرار الضغوط التضخمية في الاقتصاد ما يدفع لعمليات بيع في أسواق الأسهم والسندات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن المتوقع أن تظل أرقام معدلات البطالة في الولايات المتحدة عند نسبة 6.3 في المئة المسجلة في ديسمبر الماضي ولم تشهد تغيراً كبيراً منذئذ بحسب الأرقام الأسبوعية للوظائف التي يضيفها أكبر اقتصاد في العالم. وحتى إذا جاءت الأرقام الأسبوعية متسقة مع التوقعات ليرتفع عدد الوظائف المضافة في فبراير إلى 111 ألف وظيفة، مقابل 94 ألف وظيفة فقط في يناير الماضي، فإن معدل البطالة سيظل حول نسبة ستة في المئة تقريباً. لكنه بالطبع سيكون انخفض أكثر من النصف عن معدل البطالة المسجل في بداية الوباء في أبريل (نيسان) من العام الماضي عند 14.7 في المئة.
سوق السندات
أما مؤشرات مديري المشتريات، فلا يتوقع أن تؤثر كثيراً في سوق السندات والأسهم، إذ بدأ الارتفاع الذي أعلن سابقاً الشهر الماضي في الصين وألمانيا يخفت قليلاً، ما يعني أن هناك مبالغة في توقع الضغوط التضخمية التي قد تؤدي إلى تغيير السياسة النقدية.
وينتظر المستثمرون خطاب رئيس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي جيروم باول في قمة "وول ستريت جورنال" نهاية الأسبوع، وما سيقوله بشأن السياسة النقدية. لكن من غير المتوقع أن يصدر جديد عن رئيس البنك أكثر من التصريحات التي أدلى بها أغلب أعضاء لجنة السياسات النقدية في الاحتياطي في الأيام الأخيرة وأكدوا فيها أن البنك لن يغير السياسة النقدية قريباً.