كشفت مؤسسة "أي أتش أس" ماركت العالمية للأبحاث، أن التوقعات تشير إلى أن جائحة كورونا سوف تنحسر، استجابة لتوسيع نطاق توافر اللقاحات وتحسين العلاجات والآثار الموسمية، ما سيمكن الاقتصادات المتضررة من إعادة الانفتاح. وذكرت أنه بحلول يوليو (تموز) المقبل سيصل العالم إلى نقطة انعطاف تجري عندها حماية السكان الأكثر ضعفاً، وتقليل الوفيات، ويمكن التحكم بالعلاج في المستشفيات، وتكون التدخلات غير الصيدلانية أقل أهمية.
وقالت المؤسسة، في تقرير حديث، إن البنوك المركزية الكبرى سوف تُبقي على دعم السياسة الاستثنائية في مكانها حتى التعافي الاقتصادي، وتشمل هذه السياسة شراء الأصول والتسهيلات الائتمانية وبرامج السيولة. حيث سيبدأ الاحتياطي الفيدرالي الأميركي رفع سعر الفائدة منتصف 2024، يليه البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا في 2028، وبنك اليابان خلال 2029. ومن المتوقع أن ترتفع معدلات السياسة بعد ذلك تدريجياً إلى معدلاتها المحايدة في أوائل العقد الثالث من القرن الحالي.
انتعاش مفاجئ في الربع الثالث من 2020
بالنسبة إلى السعودية، كشفت المؤسسة أن اقتصاد المملكة سجل انتعاشاً مفاجئاً بنسبة 2.1 في المئة خلال الربع الثالث من عام 2020، بالتالي، فإن أكبر اقتصاد عربي يسير على الطريق الصحيح لتحقيق أداء أفضل من المتوقع للعام بأكمله.
وذكر التقرير أنه سيجري سد العجز في ميزانية السعودية جزئياً من خلال زيادة معدل ضريبة القيمة المضافة التي جرى تطبيقها أول يوليو الماضي. وقد أدى ذلك إلى تراجع الطلب في النصف الثاني من العام. وتوقع أن يتراجع الناتج المحلي الإجمالي النفطي في النصف الأول من عام 2021 بسبب تعهد السعودية من جانب واحد بخفض الإنتاج إلى ما بعد اتفاقية "أوبك +"، وسوف ينتعش نمو النفط في النصف الثاني وخلال العام المقبل. ورجح أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي انتعاشاً متواضعاً خلال 2021، لكنه سيظل ضعيفاً خلال العام المقبل.
كما توقع أن يستمر الضعف في أسعار المساكن ونقص الطلب في التراجع عن المستوى الإجمالي للأسعار، بينما ستؤدي زيادة معدل ضريبة القيمة المضافة إلى ارتفاع تضخم الأسعار حتى يونيو (حزيران) المقبل. وقال إن الاقتصاد السعودي يبدو في طريقه لتحقيق انتعاش جيد خلال النصف الأول من عام 2021، على الرغم من الموجة الجديدة من حالات كورونا، فقد كشفت التقديرات الأولية عن تراجع اقتصاد المملكة 4.1 في المئة خلال العام الماضي، وذلك مع تراجع في الغالب بسبب قطاع النفط وبدرجة أقل بسبب الجزء غير النفطي من الاقتصاد.
وأظهر الاقتصاد السعودي مرونة مفاجئة خلال النصف الثاني من العام على وجه الخصوص، عندما انتعش الجزء غير النفطي في مواجهة ارتفاع حاد في ضريبة القيمة المضافة. وتوقع أن يتراجع إنتاج النفط في المملكة بسبب تعهد السعودية الأحادي بخفض إنتاج النفط في النصف الأول من عام 2021 إلى 8.9 مليون برميل يومياً. ويجب أن يرتد الناتج في النهاية خلال النصف الثاني إلى 9.5 مليون برميل في اليوم، ثم إلى 9.8 مليون برميل في اليوم خلال العام المقبل.
تدفقات قوية لميزانية السعودية
وذكر التقرير أن زيادة قوة أسعار النفط إلى جانب ارتفاع عائدات تصدير النفط تعني تدفقات أقوى إلى ميزانية الحكومة السعودية، ما يدعم احتواء عجز الميزانية. ومع ذلك، تعرض النشاط غير النفطي لأزمة كبيرة مع جائحة كورونا وبسبب الإغلاق، ما أدى إلى تجميد مساحات شاسعة من الحياة العامة، بما في ذلك كثير من الخدمات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف أن الأنشطة الدينية كانت على نطاق أصغر بكثير أو جرى إلغاؤها في عام 2020، ما أثر بشدة على أعمال الخدمات ذات الصلة. حيث لم يحضر فريضة الحج إلا عدد محدود من المواطنين السعوديين، ما أدى إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بما يعادل 2.5 إلى 3 في المئة خلال الربع الثالث من عام 2020.
ولجأت المملكة إلى تشديد أوضاع السيولة والائتمان في عام 2020. واستنزفت السيولة من الاقتصاد بسبب ارتفاع معدل ضريبة القيمة المضافة. علاوة على ذلك، أدت جهود السعودة ودفعها لجلب مزيد من المواطنين السعوديين إلى القطاع الخاص إلى مغادرة عدد محدود من المغتربين والمعالين.
وكشفت المؤسسة أنه لا يزال يتعين على الحكومة السعودية تقليص العجز الكبير في الميزانية. وذكرت أن استعادة عائدات النفط ستساعد، لكن لا يمكنها إنجاز هذه المهمة بمفردها. حيث انقلبت الخطط المالية رأساً على عقب بسبب انخفاض أسعار النفط وتأثير أزمة كورونا في الاقتصاد السعودي في عام 2020، وأعقب ذلك عجز مالي تطلب خفض الإنفاق. علاوة على ذلك، فان دعم صندوق الاستثمارات العامة وأسواق رأس المال كان له أثر في تمويل العجز والاستثمار.. وقد ساعد تعافي سعر النفط في أوائل عام 2021 في كبح جماح العجز، لكن من غير المرجح أن يصلح الوضع وحده.
وكشفت المؤسسة، أنه سيجري تقليص الإنفاق الحكومي، لكن التخفيضات ستكون محدودة مع تحسن وضع الإيرادات. كما أن خطط الموازنة السعودية في خفض مستوى الإنفاق خلال العام الحالي قد كان أثر في الاستقرار المالي.