Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ضربات موجعة تتلقاها الليرة السورية من "حيتان المال"

يلجأ المواطنون إلى تحويل مدخراتهم إلى عملات أجنبية في السر خوفاً من الملاحقة القانونية

الليرة السورية تهوي إلى مستوى قياسي جديد أمام الدولار (اندبندنت عربية)

هوت الليرة السورية إلى مستوى قياسي جديد مع التدافع لشراء الدولار في بلد تضرر بشدة من العقوبات، ويواجه نقصاً حاداً في النقد الأجنبي. وبلغ سعر الدولار في السوق السوداء نحو 3500 ليرة في السوق الثانوية خارج البنوك. 

وأرخى هذا التطور بصورة أكثر قتامة على امتداد الأسواق والتعاملات المالية، وعكس معه إرباكاً في الحركة التجارية والمالية.

إجراءات معتادة

في المقابل يلجأ السوريون إلى تحويل مدخراتهم إلى عملات أجنبية أبرزها الدولار، في الخفاء مخافة الملاحقة القانونية بعد تجريم التعامل بالعملة الخضراء، أو حتى اللجوء إلى شراء العقارات في مسعى للحفاظ على عملاتهم من أن تفقد قيمتها.

الانهيار المتسارع لعملة البلاد يواجهه البنك المركزي "المسؤول عن رسم السياسة النقدية السورية" بإجراءات وبيانات اعتاد المواطنون عليها، وجلها ضخ عملات أجنبية حتى يطرأ تحسن السوق، ومن ثم يعود التراجع رويداً رويداً، واليوم المشهد أكثر مأساوية مع إدراج المصرف المركزي ضمن قائمة العقوبات الاقتصادية "قانون قيصر" في 23 ديسمبر (كانون الأول).

كما انتقدت الأوساط الشعبية، وفريق من الاقتصاديين توقيت ضخ فئة من العملة السورية (5000 ليرة)، معتبرين وضعها في التعامل يعد أحد العوامل المحفزة التي أدت للانهيار، ومن جانبه نبه البنك المركزي الشارع السوري إلى عدم الانجرار إلى من يبث الشائعات للتخلي عن العملة الوطنية لصالح العملات الأجنبية حسب بيان المصرف.

ويحاول المواطن أن يتماشى مع عواقب انهيار الليرة إلا أن الأسعار باتت توصف بـ"الجنونية"، وأرباب العائلات لا يستطيعون تأمين الاحتياجات الأساسية لأسرهم، فيما بحث مجلس الوزراء يوم 23 فبراير (شباط) الحالي تكليف وزارة المالية في حكومة النظام السوري إيجاد قروض ميسرة لأصحاب الدخل المحدود بغية تأمين احتياجاتهم الضرورية ومساعدتهم على مواجهة الظروف المعيشية.

المضاربون وقوة العملة 

من جهتهم يرى مراقبون أن السياسة الحالية لا تكفي لتحسين واقع السوق، بل لا بد من انتهاج سياسة رديفة مبنية على تشجيع الصناعة والاستثمار، ويرد الباحث الاقتصادي المتخصص في الشأن المصرفي السوري، آدم خوري، هذا الانهيار إلى أسباب تراكمية على مدار سنوات الأزمة السورية، منها عدم وجود مصادر دخل كافية بالنقد الأجنبي للحكومة وتوقف مصادر الإنتاج، وأيضاً ارتفاع فاتورة الاستيراد وكلها يجب دفعها بالعملة الأجنبية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في غضون ذلك سارع البنك المركزي إلى اتخاذ إجراءات قبل أسبوع مع تدهور حاد وملحوظ شهدته الليرة، عبر إجراءات هدفت نحو إعادة استقرار الصرف، عن طريق تحرك هيئة مكافحة غسيل الأموال، وتمويل الإرهاب والضابطة العدلية، في محافظات كبيرة مثل دمشق وحلب وحماة.

ووضعت هذه الهيئات يدها على مجموعة شركات وجهات تعمل بالمضاربة، ومصادرة كميات كبيرة من الأموال بالليرة والدولار، مع مساعي المركزي بانتهاج هذه السياسة الرادعة حتى يحقق مستويات متوازنة في سوق العملة الأجنبية.

ومع كل ذلك يبقى للمضاربين الدور الأساسي في زيادة الأزمة الاقتصادية لكن لا يمكن اعتبارهم السبب الرئيس لها، لأن الازمة الاقتصادية موجودة وحقيقية، وهذا بالطبع لا يعني أنهم بلا ذنب، بحسب خوري الذي أكد، "هنالك كبار المتحكمين في السوق وهم ممن أسميهم (الحيتان) وهؤلاء هم المضاربون الأساسيون، ولهم علاقات واسعة ينشطون في الغرف المغلقة".

وانخفضت قيمة الليرة في العام 2019 مقابل الدولار في سبتمبر (أيلول) إلى 650 وسجلت خسارات متكررة إلى أن وصلت قيمتها ألف ليرة مقابل الدولار الواحد، مع ارتفاع كبير في معدل التضخم بأكثر من 50 في المئة في ذلك الوقت.

النزيف والحلول الإسعافية 

 يشير خوري إلى عدم وجود سياسة نقدية واضحة أو خطة مرسومة بدقة للتعامل مع الأزمة من قبل الجهات المسؤولة، وبحسب رأيه يمكن تسمية التصرفات تلك بالعشوائية وبمبدأ التجربة.

ويرى أيضاً أنه لا يمكن تطبيق أي حلول فعالة قبل تجفيف منابع الفساد في المفاصل الحكومية، "يجب الحد من الفساد بالتوازي مع التوصل لحل سياسي يؤمن بيئة اقتصادية آمنة تسمح بإعادة دوران عجلة الإنتاج ورفع العقوبات مع عودة دخول الاستثمار الأجنبي للبلد، بالطبع التطبيق صعب لكن هذا هو الطريق الصحيح". ويردف، "فعلياً نحن في حالة تعويم تدريجي أو إن صحت تسميته تعويم مع محاولات لضبط الإيقاع، وهذا بدأ بشكل فعلي منذ أكثر من عام ونصف العام تقريباً، وكل ما يشاع برأيي مجرد جرعات تخدير، لأن الشعب وصل مرحلة صعبة جداً من المعاناة، ويتجه للأسوأ، والأيام القادمة تحمل مزيداً من الضغوطات".

شماعة العقوبات الاقتصادية

إزاء ذلك يتفق اقتصاديون أنه حتى الانفراج السياسي وإن حمل بشرى الحل الاقتصادي المرتقب، لن يكفي لاستتباب وتعافي الليرة المثقلة بالأعباء. 

ويقول خوري "نحتاج لتوفر عوامل أخرى من عدالة، ووقف الفساد، والأهم خلق بيئة آمنة مستقرة، العقوبات موجودة، ولا يمكن إنكارها لكن تأثير الفساد والفاسدين يتجاوز تأثير العقوبات بأضعاف، والمواطن برأيي لم تعد تنطلي عليه هذه الأمور وبات يعي الحقيقة أكثر من الأوقات السابقة".

يأتي هذا الانهيار أيضاً في المقابل مع إجراءات حكومية بغية تحسين الاقتصاد، لا سيما بعد اضمحلال المشاريع الكبيرة، والاستثمارات الدولية، في ظروف عقوبات، وأزمات التحويل التي تعيشها المصارف، ومنها إنشاء مصرف للاستثمار الصغير يقدم دعماً للمشاريع الصغيرة.

في حين يرى أرباب الماكينات الضخمة من الصناعيين إلى ضرورة أن تتجه الخطط الاقتصادية نحو دعم المنتجات، والاعتماد على المنتج الوطني، ووقف الاستيراد، مع تشجيع إطلاق المعامل الصناعية المدمَّرة بفعل تأثيرات الحرب.

اقرأ المزيد

المزيد من الأخبار