Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاتحاد الأوروبي يخرج المغرب من لائحة الملاذات الضريبية

تجاوباً مع جهود المملكة تجاه احترام المعايير الدولية في سياستها الجبائية

قرار الاتحاد الأوروبي إخراج المغرب من القائمة الرمادية تتويج لمسار طويل في الإصلاحات الضريبية (غيتي)

أخرج الاتحاد الأوروبي المغرب من الملحق الثاني (قائمة الدول التي تنتظر تقييماً من جانب الاتحاد الأوروبي لالتزاماته في المسائل الضريبية) والمعروفة بـ"القائمة الرمادية"، مؤكداً أن خطوته تعكس الإصلاحات التي نفّذتها المملكة في المجال المالي، وتتماشى مع شروط الاتحاد والمعايير الدولية. وذكّر الاتحاد أن المغرب من البلدان التي التزمت بجعل أنظمتها الضريبية تتّسق مع معايير الحكم الرشيد، كجزء من تحسين الشفافية الضريبية على المستوى العالمي.

وأشار الاتحاد الأوروبي إلى أنه إثر التقييم الإيجابي للإصلاح من جانب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، قررت الدول الأعضاء في الاتحاد سحب المغرب من الملحق الثاني.

ارتياح مغربي

وأعربت الرباط عن ارتياحها لخطوة الاتحاد الأوروبي، إذ راى وزير الاقتصاد والمالية محمد بنشعبون أن القرار يشكّل تتويجاً لمسار طويل في مجال الإصلاحات الضريبية، ويمكن اعتباره خبراً ساراً للفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين، مذكّراً بأن الاتحاد الأوروبي اعتمد عام 2017 قواعد حكامة جبائية، وفي ذلك الاتجاه وضع لائحتين، رمادية خاصة بالدول التي لها التزامات للقيام بإصلاحات ضريبية، وسوداء خاصة بالدول غير المتعاونة في ذلك المجال.

وأكد بنشعبون أن بلاده اعتمدت إصلاحات عدة مع شركاء مختلفين، مشيراً إلى "تعاون المغرب في إطار الإصلاحات الضريبية مع المفوضية والاتحاد الأوروبيين بخصوص الأنشطة الصناعية، ومع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في مجال الخدمات، إضافة إلى اعتماد المملكة في موازنة 2020- 2021 مجموعة من البنود لهذا الغرض، وتعديل بعض النصوص التشريعية والقوانين، ومنها قانون القطب المالي للدار البيضاء والقانون المتعلق بالمناطق الحرة".

اعتراف بالإصلاح

ويعتقد عبد اللطيف بروحو، عضو لجنة المالية والتنمية الاقتصادية في مجلس النواب المغربي، أن "الخطوة المهمة والتاريخية، تأتي تتويجاً لمجهودات الحكومة الرامية إلى تحقيق معدلات أعلى من الشفافية والتحديث وتوسيع القاعدة الجبائية، إضافة إلى تقليص مجالات الإعفاءات الضريبية التي تضرّ بتنافسية المقاولات في الدرجة الأولى".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى أن "القرار يعني زيادة ثقة الاتحاد الأوروبي في الاقتصاد المغربي ونظامه الجبائي، بما يسمح بتسويق أفضل للمملكة في مجال جاذبية الاستثمارات الأجنبية المباشرة"، مضيفاً أن "هذا الإجراء يشكّل اعترافاً من الاتحاد بنجاح بلادنا في الإصلاحات المالية والضريبية، ويرسّخ مجهودات الحكومة في مجال الأعمال وتحسين جاذبية النظام المالي وتعزيز المنظومة القانونية المرتبطة بالشفافية الجبائية".

ويشير بروحو إلى أن "المغرب يطالب منذ سنوات بحذفه من اللائحة الرمادية التي تضم ملاذات ضريبية حقيقية، عكس نظامه الجبائي الذي عرف تحديثاً متواتراً منذ سنوات"، مؤكداً أن "الإصلاحات المعتمدة تفوق في فاعليتها وشفافيتها ما لدى دول أوروبية من بينها لوكسمبورغ ومالطا، وبعض الملاذات الضريبية الأخرى التي لم تتضمنها اللائحة مثل إمارة ليشتنشتاين". ويقول إن اللائحة الرمادية ما زالت تضم دولاً أخرى من منطقة مينا، خصوصاً الأردن وتركيا، في حين أن اللائحة السوداء تضم جنات ضريبية معروفة.

دعم الاستثمار الأجنبي

اعتبر الاتحاد العام لمقاولات المغرب قرار إسقاط المملكة من اللائحة الرمادية للاتحاد الأوروبي مكسباً جديداً لجاذبية البلاد من حيث الاستثمار الأجنبي، إضافة إلى كونه دعماً للمقاولات الوطنية من أجل إقامة شراكات اقتصادية مع نظيراتها الأوروبية ضمن إطار قواعد الحكامة الجيدة.

وأكد الاتحاد أن القرار الذي يعكس التزام المغرب بالمساهمة في الشفافية الضريبية العالمية، سيفتح الأبواب أمام الاقتصاد للتطور وفقاً للمعايير الدولية.

مسار الإصلاح الجبائي

لم يعتمد المغرب إصلاحاً ضريبياً حتى ثمانينيات القرن الماضي، وذلك في إطار برنامج التقويم الهيكلي الذي فرض من طرف المؤسسات المالية الدولية. وفي ذلك الصدد، يشير عصام القرني، المتخصص في المالية العامة والقانون الضريبي، إلى أن "المملكة عرفت الإصلاح الجبائي العام والشامل خلال عام 1984، ضمن مجموعة من الإصلاحات الهيكلية، وذلك في إطار سياسة شاملة للتقويم الهيكلي أُطِّرت من قبل المؤسسات المالية الدولية، ووُجِّهت نحو معظم أنظمة الدول السائرة في طريق النمو ومن بينها المغرب".

ويعتبر أنه "إذا كان هذا الإصلاح قد أرسى أهم مكونات النظام الجبائي الحالي، وانتقل به من نظام تقليدي غير مستقر إلى نظام حديث أكثر تجانساً، فإن الهمّ الأساسي الذي تحكّم في وضع محتوياته وصياغة مضمونه، جعل منه مع مرور السنوات نظاماً معيباً غير مساير للتطورات الاقتصادية والاجتماعية إن على الصعيد الداخلي أو على المستوى الخارجي، ما حدّ من بلوغه الأهداف الكبرى المسطّرة له على جميع المستويات المالية، خصوصاً الاقتصادية والاجتماعية".

ويخلص القرني إلى أنه "بعد مرور ما يناهز ثلاثة عقود على هذا الإصلاح الـتأسيسي، ونظراً إلى مجموعة من الاختلالات التي أصبح يعاني منها النظام الجبائي المغربي، وأمام تزايد نداءات المهتمين بالشأن الجبائي والمالي بضرورة التعجيل بإصلاح المنظومة الجبائية، ومواجهة آثار الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، وجدت السلطات العمومية نفسها مضطرة إلى الترويج لإصلاح جبائي جديد، لكن التحدي الذي يبقى مطروحاً أمام المغرب ومعظم الدول السائرة في طريق النمو، هو البحث عن إرساء نظام جبائي متوازن، يوفّق ما بين تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان القدرة الاستثمارية للمقاولة، وتوفير المداخيل الجبائية الكفيلة بتمويل خزانة الدولة وتمويل الاستثمار العمومي".

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد