Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من يؤخر تطبيق المساواة بين الرجال والنساء في تونس؟

شكّل دستور العام 2014 حدثاً تاريخياً في تأكيده أن المواطنين والمواطنات "سواء أمام القانون من غير تمييز"

المنتدى التونسي لحقوق المرأة الاقتصادية والاجتماعية (اندبندنت عربية)

تُعتبر تونس الدول العربية الأولى التي اختارت بقرار سياسي، وبعد أيام قليلة على استقلالها عن فرنسا، إصدار أول مدونة حقوقيّة لحقوق المرأة في 13 أغسطس (آب) 1956، تميّزت بقانون منع تعدد الزوجات. وهذا ما شكّل سابقة تاريخية على المستويين القانوني والديني، وعدّه كثير من رجال الدين ردّة وكفّروا الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.

المدوّنة حملت كثيراً من القرارات وأعتُبرت حينذاك ثورية في مجال الحقوق والحريات، ومنها إلغاء القضاء الشرعي ومنع الطلاق خارج المحاكم وضمان حقوق المرأة والأطفال في المسكن والنفقة. لكنها مع تطور المجتمع احتاجت إلى تعديلات جديدة كانت نضالات "الحركة النسوية" في تونس تسعى إلى تحقيقها، عبر تراكم المكاسب للوصول إلى المساواة الكاملة بين المواطنين في الحقوق والواجبات كافة، أمام القانون.

الدستور الجديد يضمن المساواة أمام القانون

شكّل دستور الجمهورية التونسية، الذي أقر في بداية العام 2014، حدثاً تاريخياً على مستوى تطور لغة النص، الذي ضم للمرة الأولى في باب "الحقوق والحريات" الثاني، عبارة "المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز، تضمن الدولة للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامة، وتهيئ لهم أسباب العيش الكريم".

استخدام عبارة المواطنين والمواطنات دخل في صياغة النص للمرة الأولى، للتأكيد على المساواة بين الجنسين في التعريف القانوني.

وقالت القاضية أنوار المنصري إن "استعمال عبارة المساواة أمام القانون تضعنا في جدلية ماذا يوجد في هذا القانون؟ ففي كثير من القوانين تمييز مجحف بحق المرأة، ولا مساواة واضحة وصريحة في نصوص القوانين. والأهم أن الحقوق التي نالتها المرأة رائدة نظرياً، وهي مهددّة الآن، وهنالك تضارب كبير بين هذه المكاسب الدستورية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، التي تعيشها المرأة في تونس". وأضافت المنصري أن "دستور 2014 أقر المساواة، لكن القوانين عطلت تنفيذها وكرّست التمييز بين الرجال والنساء".

قوانين تعطل المساواة في الدستور

بعد خمس سنوات على إقرار الدستور الجديد، لا تزال القوانين المعتمدة تشكّل واحدة من المشكلات الحقيقية التي تواجه إنهاء التمييز ضد المرأة، بسبب تعطيل أطراف سياسية تغييرها. كما هو الحال في قانون المساواة في الإرث، الذي لا يزال حبيس أدراج مجلس النواب جراء رفض حركة النهضة له واعتباره مخالفاً للشرع.

وكان رئيس كتلة الحركة في مجلس النواب نور الدين البحيري، أعلن أن الحركة ترفض مشروع قانون المساواة في الميراث، الذي تقدمت به رئاسة الجمهورية، قائلاً "موقف الحركة واضح من هذا المشروع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي تصريح إعلامي، على هامش ندوة صحافية عقدتها الحركة يوم الجمعة 20 أبريل (نيسان) الحالي، أوضح البحيري أن "اللجان المختصة، صلب مجلس نواب الشعب، استكملت نقاش مشروع هذا القانون، وأنه بإمكان الأطراف المعنية طلب عرضه على التصويت خلال جلسة عامة أو طلب تأجيله إلى فترة لاحقة، مثلما فعلت الحركة سابقاً".  

هذا الرفض يعكس تناقضاً خطيراً، بين ما أعلنته الحركة سابقاً من مطالبتها والتزامها كل ما جاء في الدستور بشأن المساواة بين المواطنين والمواطنات، وبين رفضها هذا القانون، الذي أثار الكثير من المواقف المتضاربة بين رافض ومؤيد، على الرغم من وجود نسبة كبيرة من المؤيدين له في الأوساط المجتمعية.

المساواة في العمل

بحسب الإحصاءات الرسمية عن عدد العاملات في الوظائف الحكومية والخاصة، فإن عدد النساء العاملات لا يتجاوز الـ 30 في المئة. وقالت الأستاذة الجامعية والناشطة الحقوقية حفيظة شقير إن "هناك توجّهاً لإعداد ميثاق المساواة المهنيّة بين النساء والرجال، خصوصاً أن هناك عدم تجانس بين عدد الموظفات والعاملات في الوظائف الحكومية وفي القطاع الخاص، الحاصلات على شهادات علميّة عالية، وبين نسبة وجودهن في مواقع القرار. وهذا تمييز سلبي ضد المرأة".

أضافت شقير "المشكلة التي تواجه تحقيق المساواة هي الفجوة بين إقرار هذه المساواة وتطبيقها". واعتبرت أنه "من واجب كل النقابات وجمعيات المجتمع المدني الفاعلة والمؤثّرة العمل على ردم هذه الفجوة وتغيير القوانين والعقليات، التي تقر بالمساواة وترفض تطبيقها"، كاشفةً عن مظاهر متعددة للتمييز بين الجنسين، على الرغم من النصوص القانونية، وموافقة تونس على الاتفاقات الدولية، لكن التمييز لا يزال سائداً في المجتمع وفي العمل، خصوصاً في الأجور وغياب المرأة عن مناصب القرار، وارتفاع نسب البطالة في صفوف النساء، وتحديداً صاحبات الشهادات العليا.

معركة طويلة ومستمرة

بعد 63 عاماً على صدور مدونة الأحوال الشخصية التي أنصفت حينذاك النساء في تونس، وعلى الرغم من القوانين التي تلتها لتعزيز حقوق المرأة، فإن معركة نيل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أقرّها الدستور التونسي، والتزام تونس المعاهدات الدولية، لا تزال طويلة في انتظار تغيير الكثير من القوانين، التي تشكّل حجر عثرة حقيقي في مواجهة تحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي