يصدر من الحيوانات الأليفة ضعفي الانبعاثات الكربونية الناتجة من استخدام الكهرباء في منازلنا، فتُسهِم في قتل ما لا يقل عن 200 مليون حيوان بري في المملكة المتحدة كل عام، وهذا أمر لا يُمكن السكوت عنه أو تجاهله. ولسوء الحظ، يعتبر اقتناء الحيوانات الأليفة في حالات عدة، مجرد شكل من النزعة الاستهلاكية الهدامة.
ولأسباب واضحة، يمكن لمصارحة الأصدقاء بحقيقة أثر الحيوانات الأليفة (على البيئة) أن تفضي إلى تجربة مؤلمة، ومع ذلك لا ينبغي بنا تفاديها أبداً.
وفي كل عام، يصدر عن "مستوصف الشعب للحيوانات المريضة" People's Dispensary for Sick Animals PDSA استطلاعاً بشأن ملكية الحيوانات الأليفة في المملكة المتحدة. وفي 2019، كشف الاستطلاع أن 50 في المئة من البريطانيين البالغين يمتلكون حيواناً أليفاً واحداً على الأقل، مع ارتفاع عدد مالكي القطط خصوصاً، من 6 ملايين شخص في 1981 إلى 10.9 مليون. وقد علمنا أن هذه الأرقام تنامت بشكل ملحوظ خلال فترة الإغلاق التام. إذ أكد "نادي كينيل" The Kennel Club تزايد تسجيل الحيوانات الأليفة بنسبة 25 في المئة جراء تهافت الناس على شرائها كي تكون رفيقاً مؤنساً لهم في وحدتهم أثناء الحجر. ويجري الآن التخلي عن كثير من هذه الحيوانات مع العودة التدريجية للعمل.
واستطراداً، تتعارض تلك الأرقام المرتفعة مع [ما يُرصد في] التجمعات الطبيعية للطيور الجارحة، بل يزيد على الفقمات وأبناء عرس بـ20 مرة وعلى الثعالب بـ38 مرة. وفي بعض المناطق الحضرية، يمكن لكثافة القطط الأليفة أن تتجاوز الألفي قط وقطة في الكيلومتر المربع الواحد.
وفي 1998، قدرت "جمعية الثدييات" The Mammal Society أن القطط الأليفة في المملكة المتحدة تقتل سنوياً 63 مليون كائن حي تشمل ثدييات صغيرة وضفادع وأفاعي و27 مليون طائر من عصافير منزلية وعصافير زرقاء وطيور سمان وعصافير من فئة الشحرور. وفي 2019، قدرت دراسة بريطانية أخرى أن القطة الواحدة تقتل 18.3 حيوان بري كل عام، ما يعادل 200 مليون طائر وحيوان ثديي بري، من ضمنها 54 مليون طائر.
ويتمثل ما يُثير القلق بشكل خاص في ضعف الطيور المهددة بالانقراض داخل موائلها القريبة من مساكن القطط الحضرية. وحينما ينخفض عدد بعض الفصائل إلى بضعة آلاف، يُمسي افتراس كل عنصر متبق منها بمثابة خطوة نهائية باتجاه الزوال. وبحسب الدراسة نفسها، تستهلك القطط 24 في المئة من فرائسها ولا تُحضر إلى مالكيها سوى 28 في المئة مما اصطادت، وتترك البقية منها في مكانه.
وفي صفوفنا نحن البريطانيين، يمتلك 9.9 مليون شخص كلاباً. وقد لا يكون تأثير الكلب الواحد أو القط الواحد كبيراً في البيئة، لكن التأثير الجماعي للحيوانات الأليفة جمعاء والتي يصل عددها إلى 20.8 مليون في المملكة المتحدة وربع مليار حول العالم كبير، هو كبير للغاية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في باحة منزلي حديقة صممتُها بنفسي كي تكون مساحةً صديقة للطبيعة. خلال فترة الإقفال التام، عثرتُ على عش لطيور الشوك بين أوراق نبتة اللبلاب التي تظللها. أسرني ذلك وأسرتني أكثر مراقبة رحلات الطائرين الأبوين، روحةً وجيئةً، لإطعام صغارهما، على بعد متر واحد من مكان جلوسي تحت الشمس كي أقرأ. وظلت الأمور على هذه الحال حتى تعرض العش لهجوم كاسر من قبل أحد قطط الجيران الكثيرين بالطبع. وقد فطر قلبي ما حدث للعش، ولا يختلف كثيراً عما حدث لضفادعي التي ما كانت تقوى على التملص من جوقة القطط التي تترصد تحركاتها وتتحين الفرص للنيل منها. صدقوا أو لا تصدقوا، ما كنتُ أعلم أن الضفادع تصرخ لولا أنني سمعتُ في أحد الأيام صراخاً تنفطر له القلوب، لضفدع قفز على الجريدة التي كنتُ أقرأها على العشب هرباً من قط يحاول اصطياده.
واستكمالاً للمعطيات نفسها، لا تؤثر القطط والكلاب في الحياة البرية فحسب. ولو استهلك كل حيوان من الحيوانات الأليفة البالغ عددها 20.8 مليون، علبة معدنية واحدة أو حاوية بلاستيكية واحدة غير قابلة للتدوير من طعام الحيوانات كل يوم، فسيحتم ذلك على المملكة المتحدة وحدها تصنيع 7.6 مليار حاوية كل عام. تُضاف إليها 3.6 مليار من الأكياس البلاستيكية التي تُستخدم عادةً لالتقاط ما يُقدر بـ1.2 مليون طن من براز الكلاب، إضافة إلى مشكلة التخلص من 200 مليون طن من فضلات القطط.
عدا عن ذلك، تتكون معظم مساحيق إزالة الرائحة الكريهة في صناديق فضلات القطط، من طين "بنتونيت" الذي هو يتشكل من معدن غير قابل للتدوير يُستخرج باستخدام أسلوب التعدين السطحي الذي يُدمر الأشجار والتربة.
ومن ثم، هناك بالتأكيد اللحوم والدجاج والأسماك كثيفة الكربون والمذبوحة بطريقة وحشية، التي تدخل في تركيبة أطعمة الحيوانات المصنعة وتتحول في نهاية المطاف إلى فضلات. إذ يُعرف عن غذاء الكلاب والقطط عموماً أنه يحتوي على لحوم بـ33 في المئة مقابل 19 في المئة تقريباً للإنسان العادي في أميركا.
وينطوي ذلك كله على انبعاثات كربونية هائلة قد يصل متوسطها، وفق دراسة صادرة عام 2019، إلى 1.4 طن للكلاب الهولندية و0.25 طن للقطط. ويعني ذلك أنه قد يصدر من أطعمة الكلاب ضعفي انبعاثات الكهرباء السنوية التي تنبعث من (منزل) أسرة متوسطة في المملكة المتحدة. وكذلك يصدر من أطعمة القطط كمية توازي ثلث تلك الانبعاثات.
وبناءً عليه، أود أن أتوجه إليكم برسالة قوية مفادها بأنه لا يمكن للمملكة المتحدة أن تُحقق أهدافها المتعلقة بالكربون أو تحمي ما تبقى من تنوعها الحيوي، ما لم نتخل عن هذا العدد الضخم وغير المستدام من الحيوانات الأليفة.
لذا، أرجوكم. لا تتوانوا عن إخبار أصدقائكم بضرورة عدم اقتناء حيوان منزلي جديد أو استبدال الحيوان الأليف الذي لديهم بآخر بعد مماته، إلا إذا كانوا مضطرين إلى ذلك فعلاً وحقيقةً!
© The Independent