Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استقالة بيزوس تحويل للانتباه عن أمر أعظم يخص "أمازون"

جاء تنحيه عن منصبه كمدير تنفيذي قبل وقت قصير من تغريم الحكومة الأميركية شركته 61.7 مليون دولار

أعلن جيف بيزوس تركه رئاسة "أمازون" كي يتفرغ للأعمال الخيرية (أ ب)

عندما يؤدي ساحر خدعة ما، نادراً ما ينظر الجمهور إلى حيث ينبغي النظر، إذ تُستخدم خفة اليد وكثرة الكلام الطنان بهدف صرف انتباهنا، بعيداً مما يحدث بالفعل.

يأتي التضليل في أشكال عدّة. وأخيراً، ارتبط التضليل بأحد أغنى الرجال في العالم، أي جيف بيزوس، مؤسس شركة "أمازون" الذي استقال من منصبه كمدير تنفيذي، قبل وقت قصير من إعلان "لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية" عن تغريم تلك الشركة 61.7 مليون دولار حتى يتسنّى لعملاق التسوق تسوية رسوم حجب إكراميات سائقي التوصيل التي يدفعها العملاء.

في 2019، جمع جيف بيزوس أكثر من 215 مليون دولار في اليوم، وبينما تقرأ هذا المقال من المحتمل أن تكون ثروته قد زادت بنحو أربعة أضعاف من مبلغ الغرامة الذي فُرِضَ ضد شركته بسبب عدم دفعها مستحقات موظفيها.

لقد كان الإعلان الكامل من لجنة التجارة الفيدرالية مذهلاً، لأنه يقول إن أمازون تدعي بانتظام في إعلاناتها أن السائقين المشاركين في برنامج "فليكس" سيتقاضون رواتب تتراوح بين 18 و25 دولاراً في الساعة، وأن السائقين سيتلقون جميع إكرامياتهم. لكن هذا ليس هو ما حدث.

وبدلاً من ذلك زعمت "لجنة التجارة الفيدرالية" أن "أمازون" دأبت على دفع مبالغ أقل للسائقين، واستخدمت إكراميات العملاء لتعويض الفارق [بين الرواتب التي تعلن دفعها وما تعطيه فعلاً للسائقين]. ويُزعم أن الشركة اتخذت خطوات لتضليل هؤلاء حول هذا الأمر، وأجرت التغيير، ثم كذبت بشأنه.

وأوضح، دانييل كوفمان، المدير بالنيابة في "مكتب حماية المستهلك" التابع لـ"لجنة التجارة الفيدرالية"، أن شركة التسوق "بدلاً من تحويل إكراميات العملاء مئة في المئة للسائقين وفق ما وعدت، فإنها احتفظت بالأموال لنفسها".

وتزعم اللجنة بأن "أمازون" لم تتوقّف عن سلوكها، الذي استمر على مدار عامين ونصف العام، إلا عندما علمت بالتحقيق الذي تجريه اللجنة.

والآن لندخل في موضوع الشخص الذي ساعد "أمازون"، جيف بيزوس. أو بالأحرى، لنخرج من موضوع بيزوس، على الرغم من أن الملياردير سيبقى "مرجعاً تنفيذياً" للشركة. لا يتطلب الأمر استنتاجات على طريقة شرلوك هولمز [شخصية روائية عن محقق جنائي مقتدر] كي نفترض أن قرار بيزوس، على الرغم من كونه غير متوقع بصورة علنية، خُطّط له منذ زمن.

ومن الأسلم أيضاً الافتراض أن "أمازون" علمت متى ستصدر "لجنة التجارة الفيدرالية" إعلانها حول سلوك الشركة الذي يُعتبر الأحدث في سلسلة طويلة من النشاطات المناهضة للعمال. وفي هذا الصدد، سبق أن طردت بشكل غير لائق عمال المستودعات وأساءت لسمعتهم عندما تحدثوا عن ظروف العمل غير الآمنة في ظل فيروس كورونا. كما اصطدمت مع نشطاء تغير المناخ الذين يطالبون الشركة بتقليل انبعاثات الكربون، ما أدى إلى تنحي مدير تنفيذي آخر احتجاجاً على ذلك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب "لجنة التجارة الفيدرالية"، وصف موظفو "أمازون" التحقيق بشأن إكراميات السائقين بأنه "صندوق بارود بالنسبة إلى سمعة [الشركة]" و"خطر كبير على العلاقات العامة بالنسبة إليها كشركة". ومع اقتراب إعلان اللجنة على غرار قرب موعد سقوط نصل المقصلة، وجد فريق العلاقات العامة بـ"أمازون" نفسه في موقع لا يُحسد عليه.

ولإنقاذ الشركة، لم لا يُكشف عن موعد استقالة بيزوس في اليوم ذاته، ودعمه بإعلان آخر عن المقر الجديد للشركة؟ هكذا يجد كل شخص فجأة قصة جديدة يتحدث عنها، ويغرق نصل المقصلة في رأس الساحر، وتتعالى صيحات الجمهور، ومع ذلك ينجو الممثل الرئيس بأعجوبة من دون أن يصاب بأذى.

وحتى لو لم يتنحَّ بيزوس، فمن غير المرجح أن يكون لتلك الأخبار تأثير ملموس في الشركة، لأن القول المأثور إن "العقوبة بالغرامة تعني شرعنة الجرم للأثرياء"، لا يزال صحيحاً. وتفيد "أمازون" بأنها "لا توافق على القول بأن الطريقة التي أبلغنا بها عن الدفع للسائقين تاريخياً، لم تكن واضحة"، لكن "يسعدنا وضع هذا الأمر وراءنا". في المقابل، لن يحدث ذلك بالطبع إلا إذا سمحنا بذلك.

ومن الجدير أيضاً أن نتذكر أن جريمة "أمازون" الأخلاقية تشكّل مجرد نموذج صغير عن ظلم أكبر يجسّده، للمفارقة، مؤسسها الثري نفسه. فخلال الوباء، حصل واحد في المئة من سكان العالم [الأكثر ثراء] على 3.9 تريليون دولار، أي ما يكفي ثمناً لشراء لقاح لكل شخص في العالم، بينما خسر العمال ما قيمته 3.7 تريليون دولار من الأرباح، وتحمّلت النساء والشباب العبء الأكبر من هذه الخسائر.

ومع خروج بيزوس ودخول الرئيس التنفيذي الجديد آندي جاسي، فإن "أمازون" ليست المخادع الوحيد الذي يجعل النقود تختفي من جيوب عمالها، بل إنه المخادع الموجود على المنصة حالياً. راقبوا أيديهم بعناية، لأن كل شيء ليس كما يبدو.

© The Independent

المزيد من آراء