Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إلغاء لائحة الشباب الانتخابية يثير الجدل في المغرب

توجس من عودة سلبيات تجربة لائحة النساء التي كرست منطق الريع السياسي عبر دعم نساء لا يكتسبن مهارات سياسية

تتجه السلطات المغربية لإلغاء اللائحة الوطنية للشباب في إطار تعديل قانون الانتخابات (أ ف ب)

لا يزال الجدل قائماً حول توجه السلطات المغربية لإلغاء اللائحة الوطنية للشباب، في إطار تعديل قانون الانتخابات، وذلك استعداداً لإجراء الاستحقاقات التشريعية في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وكان المغرب قد اعتمد منذ عام 2011، لائحة مكونة من 30 مقعداً مخصصة للشباب، بهدف تذليل العقبات أمام تلك الفئة لتحمل المسؤولية التشريعية، وذلك في أعقاب الحراك الذي عرفه المغرب، والذي قاده الشباب المطالب بالاهتمام بقضاياه وبتجديد النخب السياسية، بعدما عانت البلاد لعقود من احتكار النخب نفسها ذات النفوذ والمال، مقاعد البرلمان.

وينص القانون التنظيمي الحالي لمجلس النواب على أن تتضمن اللائحة الوطنية جزأين، يحتوي القسم الأول منه 60 مقعداً مخصصة للنساء، والثاني 30 مقعداً مخصصة للشباب، الذين لا تزيد أعمارهم على 40 عاماً خلال فترة الاقتراع.

وبحسب التعديل الجديد، ستلغى اللائحة الوطنية للشباب، عبر إضافة تلك المقاعد المخصصة لهم إلى حصة النساء بهدف دعم تمثيلهن داخل البرلمان، إذ ستصبح الحصة المخصصة لهن 90 مقعداً بدل 60 المعتمدة حالياً.

ريع سياسي

وفي وقت شكك فيه سياسيون بإمكانية إلغاء اللائحة الوطنية للشباب، أكد الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة (المعارض) عبد اللطيف وهبي، موافقة وزارة الداخلية المغربية على اقتراح حزبه الخاص بإلغاء تلك اللائحة، وأن الأمر الآن في يدها، قائلاً "ما زلنا في انتظار أن تتم إحالته لمجلس الحكومة، إضافة إلى أن الحزب لا تزال لديه اقتراحات أخرى ننتظر تقديمها لوزير الداخلية".

سبق أن طالب وهبي منذ أعوام بتعديل القانون التنظيمي لمجلس النواب، قصد حذف لائحة الشباب ضمن اللائحة الوطنية المكونة لأعضاء الغرفة الأولى، معتبراً في أحد مقترحات القوانين التي أعدها، أن ذلك من شأنه إنهاء نوع من الريع السياسي الذي يستفيد منه الشباب، لافتاً إلى أن تلك الآلية "تُستغل من قبل الأحزاب لمكافأة المقربين منهم، بعيداً عن الأهداف التي وضعها المشرع، القاضية بتسهيل عملية إدماج الشباب في الحياة السياسية".

واتهم وهبي اللائحة الوطنية للشباب، بعد أعوام من اعتمادها، بعدم الفعالية في إشراك الشباب في الحياة البرلمانية، مؤكداً أن المقاعد الـ30 تُوزع بمنطق "تقسيم الكعكة"، الأمر الذي جعل مشاركة المنتخبين باسم اللائحة ضعيفة وغير ذات جدوى، بحسب الزعيم الحزبي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مطالب بالحفاظ على المكاسب

وتعمل الهيئات الشبابية التابعة للأحزاب السبعة الممثلة في البرلمان، باستثناء شبيبة حزب الأصالة والمعاصرة، في إطار سلسلة من اللقاءات، على الضغط باتجاه الحفاظ على مكتسباتها، والدعوة إلى فتح المجال بشكل أكبر للشباب من أجل تولي المسؤوليات السياسية، إذ أكد عبد اللطيف محمدي، عضو المكتب السياسي المكلف قطاع الشباب في حزب الاتحاد الدستوري، أن "مسؤولي الشبيبات الحزبية التقوا خلال الجولة الثانية من اللقاءات بالعديد من الأمناء العامين لتلك الأحزاب"، مشيراً إلى أن "المذكرة الترافعية المتضمنة مطالب الشباب الحزبي، ستُرفع إلى كل من رئيس الحكومة ووزير الداخلية والأمناء العامين للأحزاب".

وأكد محمدي أن تلك الهيئات الشبابية تتشبث باللائحة الوطنية التي يعتبرونها مكسباً لا يجب التخلي عنه، وأن الوضع الاستثنائي الذي منح الدستور في إطاره تلك الآلية للشباب لا يزال قائماً، باعتبار أنه من الصعب وجود الشباب داخل البرلمان عن طريق الآلية العادية للترشح، حيث تطالب تلك الهيئات الشبابية الحزبية بوجود تلك الفئة من المجتمع كذلك داخل المجالس المنتخبة، ابتداء من الجماعات المحلية ومجالس الأقاليم والجهات، معتبراً أنه "في الوقت الذي يوجد فيه ما يقارب 1500 جماعة، فلو طالبنا بتمثيل شابين في كل جماعة، سنضمن بهذه المعادلة مشاركة أكثر من ثلاثة آلاف شاب (ذكوراً وإناثاً) داخل المجالس المنتخبة، التي هي الجماعات المحلية والجهات (12 جهة) والأقاليم (87 إقليماً)، وهذا سيسهل أكثر تواجد الشباب  داخل قبة البرلمان".

أفق مراكز القرار

وتفوق تطلعات هؤلاء الشباب سقف الـ30 مقعداً المخصصة للائحة الوطنية، ويأملون في فتح المجال أمامهم للمشاركة في مختلف الهيئات السياسية المنتخبة. واعتبر عضو المكتب السياسي، المكلف قطاع الشباب في حزب الاتحاد الدستوري، أن تشجيع الشباب على الممارسة السياسية يكون بانخراطهم داخل مراكز القرار الذي ينطلق من الجماعة المحلية، مؤكداً أن الجولة الثانية للمشاورات شهدت انضمام الشباب الذين انتخبوا برلمانياً في إطار اللائحة الوطنية خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، باعتبار أن "الحديث عن إلغاء لائحة الشباب مسّ أيضاً بمردوديتهم داخل البرلمان، هناك من يقول إن الشباب لم يأتوا بقيمة مضافة داخل البرلمان، وهو أمر غير صحيح، فبصفتي مستشار فريق داخل البرلمان أرى أن الشباب متواجدون دائماً في اللجان، وحاضرون على مستوى طرح الأسئلة، وفي تعديلات مشاريع القوانين".

 تصويب الوضع

من جانبه، يعتبر الخبير المغربي في مجال الحكامة، يونس التايب، أن التعديل المحتمل فيه وجاهة كبيرة، لأنه سيشكل بحسب رأيه، عودة للمسار الصحيح وانتصاراً للديمقراطية، وتجاوزاً لحالة "تمييز" أريد لها أن تكون إيجابية، لكنها في الواقع كانت سلبية، ولم تمكن من بلوغ أي من الأهداف المزمع تحقيقها عبرها، مؤكداً أنه باستثناء مكتسبات ضئيلة، لم تحقق اللائحة الوطنية للشباب ما كان مرجواً منها، لا على مستوى تعزيز مكانة الشباب ضمن التنظيمات الحزبية، ولا على مستوى تقوية المشاركة السياسية والانتخابية للشباب، ولا في ما يخص قضايا الشباب التي كان مأمولاً أن تحظى بالاهتمام التشريعي، معتبراً أنه لم يلاحظ منذ اعتماد تلك اللائحة أي تعزيز للقدرات الترافعية من داخل مجلسي البرلمان بفضل تواجد النواب الشباب، وذلك من أجل اعتماد سياسات عمومية ناجعة للشباب تسهم في تنميتهم وتحقيق طموحاتهم، على الرغم من تميز أداء قلة قليلة منهم على حد تعبيره.

هناك توجس من عودة سلبيات تجربة لائحة النساء جراء تعديل قانون الانتخابات الجديد، إذ كرست تلك التجربة منطق الريع السياسي عبر دعم نساء لتولي المسؤولية النيابية، لكونهن نساء فقط من دون اكتسابهن لمهارات سياسية. وتساءل الخبير المغربي "هل سيتحقق شيء مفيد من إلغاء لائحة الشباب مع الاحتفاظ باللائحة الوطنية للنساء، بل وتحويل عدد المقاعد فيها من 60 إلى 90 مقعداً؟"، على الرغم من أنه يتمنى حضوراً نوعياً للمرأة المغربية في مجلس النواب، إلا أنه لا يرغب في "تكرار ما حدث في اختيار عضوات لوائح نسائية تقدمت بها بعض الأحزاب حين طغت محاباة تجاوزت أعراف الديمقراطية الداخلية، وهُمشت مناضلات حقيقيات في مقابل إبراز مناضلات ظهرن عشية الانتخابات، ولم يكن يعرفهن أحد من قبل، ولا عرف عنهن وجود في الساحة أو قرئت لهن إسهامات سياسية أو نضالية تذكر".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات