Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا تغلق بابها في وجه الأطفال اللاجئين من دون أهل

ناشطون يحذرون من أن يؤدي إغلاق الطريق الآمن أمام الصغار إلى دفعهم للوقوع في أيدي عصابات التهريب

وزير الهجرة يقول إنه لن تكون بريطانيا بعد الآن ملاذا للأطفال اللاجئين الذين ليست لديهم عائلات في المملكة المتحدة (غيتي)

لم يعد بوسع الأطفال اللاجئين، غير المصحوبين بأهل أو مرافقين، الحصول على ملاذ في المملكة المتحدة، بحسب ما أعلن وزير الهجرة البريطاني، كريس فيليب، قبل أيام. وقد استدعى الإعلان المذكور ادعاءات بأن بريطانيا "أدارت ظهرها" للقاصرين الضعفاء الذين يحتاجون للحماية.

في هذا الإطار كان قانون "دابس المعدل" Dubs Amendment، الذي مررته حكومة ديفيد كاميرون في مايو (أيار) 2016 في أعقاب ارتفاع أعداد اللاجئين الواصلين إلى أوروبا خلال الحرب السورية، قد ألزم الحكومة البريطانية بإعادة توطين ودعم الأطفال الساعين للجوء في أوروبا. بيد أن وزير الهجرة في حكومة بوريس جونسون قال اليوم إنه، وعلى الرغم من "الجدية الكبيرة التي أبدتها وزارة الداخلية (البريطانية) في الاضطلاع بمسؤولية رعاية الأطفال"، إلا أن إمكانية إبقاء طريق شرعية وآمنة نحو بريطانيا، أمام أولئك القاصرين والصغار، باتت معدومة.

من ناحية أخرى، فإن الاطفال الذين ما زال بإمكانهم السعي للحصول على مساعدة في المملكة المتحدة، هم أولئك الذين لديهم أقارب فيها، والذين يمكنهم، بحسب السيد فيليب، القدوم إليها من خلال قوانين الهجرة الموجودة والمتبعة. في المقابل اعتبر ناشطون حقوقيون أن القرار الجديد الصادر من وزارة الهجرة يعني أن مئات الأطفال الضعفاء، بدل قدومهم إلى المملكة المتحدة عبر طرق شرعية، سوف يلجؤون الى عصابات تهريب البشر، بحيث سيطلبون المساعدة للوصول إلى إنجلترا. وذاك أمر قد يعرضهم للاستغلال والدخول في عمليات التهريب.

بالعودة إلى "قانون دابس" Dubs، فإنه وُضع في الأساس لتأمين ملاذ لـ 3 آلاف طفل لاجئ، بيد أن سقفه حُدد بـ 480 مكاناً شاغراً (أي بـ 480 طفلاً)، وقد جرى بلوغ هذا السقف في مايو (أيار) 2020. ومنذ ذلك الحين تقوم منظمات غير حكومية ونواب من أحزاب مختلفة في البرلمان البريطاني بدعوة الحكومة والوزراء إلى إعداد قانون مماثل جديد، لضمان الاستمرار في لعب دورها في حماية الأولاد القاصرين (الوافدين) من دون أهل، ومنع وقوع الأطفال الضعفاء في أيدي عصابات التهريب. وفي الشهر الفائت وجه أكثر من 70 نائباً من أحزاب مختلفة، بينهم سبعة سياسيين محافظين، نداء للحكومة كي تمنح الأطفال اللاجئين من دون أهل في أوروبا، ملاذاً "ينقذ حياتهم"، خصوصاً بالنسبة للعالقين في الجزر اليونانية، حيث اندلع في سبتمبر (أيلول) الماضي حريق كبير في جزيرة ليسفوس، شرد مئات الأطفال الذين هم من دون أهل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما ازدادت في الآونة الأخيرة الضغوطات على الحكومة البريطانية لتأمين ممر آمن للأطفال اللاجئين (الموجودين) في شمال فرنسا، إذ تقول الجمعيات إن هناك في الوقت الراهن قرابة 288 قاصراً وحيداً يأملون في الوصول إلى بريطانيا، بيد أنهم يفتقرون إلى أقارب في هذا البلد.

في الإطار ذاته، وفي ردٍ على سؤال وجهه النائب من حزب العمال أليكس سوبيل، طلب فيه توضيح ما تفعله وزارة الداخلية لمساعدة وإعادة توطين الأطفال الذين لا أهل لهم، الموجودين في مخيمات اللجوء في جزر بحر إيجه، وقال السيد فيليب مؤخراً: "إن وزارة الداخلية جدية جداً في تحمل مسؤوليتها لرعاية الأطفال. إلا أن المسؤولية تجاه طالبي اللجوء والنازحين في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تقع على عاتق السلطات في دوله الآمنة، وهم يطبقون ذلك بما يتوافق مع التزاماتهم الدولية".

وتابع وزير الهجرة البريطاني قائلاً إن الأطفال طالبي اللجوء في أوروبا سيبقى بوسعهم الانضمام إلى أفراد من عائلتهم في المملكة المتحدة. بيد أنه لم يتطرق للأطفال الذين ليس لهم أقارب في بريطانيا. وأردف وزير الهجرة "من المهم أن نركز على قدرتنا في رعاية من باتوا سلفاً هنا، قبل الموافقة على استقبال المزيد منهم"، وأضاف، أن استقبال لاجئين من دول أوروبية آمنة خلق "عامل جذب" للاجئين نحو أوروبا. وأوضح السيد فيليب أن "الحكومة تعطي الأولوية لاستقبال اللاجئين القادمين مباشرة من مناطق النزاعات الخطرة، لا لأولئك الذين قاموا في أغلب الأوقات بالدفع لمهربي البشر كي يوصلوهم إلى بلدان أوروبية آمنة".

من هنا، وفي السياق ذاته، يمكن القول إن عمليات إعادة توطين اللاجئين في بريطانيا، التي تفترض نقل اللاجئين مباشرة من مناطق النزاعات إليها، قد باتت راهناً مجهولة المصير، مع رفض وزارة الداخلية إصدار تأكيد يحدد الزمان الذي ستبدأ فيه بتطبيق خطة جديدة، بدل البرنامج الذي انتهى في مايو (أيار) 2020. واستطراداً فقد واجهت مزاعم السيد فيليب، التي ذكر فيها أن المجالس المحلية بلغت حد خدماتها القصوى، تشكيكاً من قبل بعض الجهات، إذ قالت جمعية "ممر آمن" Safe Passage إن 25 مجلساً محلياً على الأقل، كان وعد بتأمين 1400 مكان لأطفال لاجئين في أوروبا، إذا قامت الحكومة البريطانية بتقديم الدعم لهم وتأمين الممر الشرعي والآمن لوصولهم.

اللورد ألف دابس Dubs، الذي كان وراء حملة الوصول إلى قانون "دابس المعدل" سنة 2016، قال لـ"اندبندنت" إن رد السيد فيليب جاء "مخيباً جداً للآمال، لكن للأسف لم يفاجئني ذلك". وأردف، "هم كانوا قد تركوا الباب مفتوحاً بعض الشيء عبر قولهم إنهم لم يستطيعوا إيجاد المزيد من الأمكنة في نطاق المجالس المحلية، لكن أن نسمعهم الآن يقولون إن الأمكنة نفدت تماماً، فهذا يجعلهم أكثر جزماً من ذي قبل". وتابع دابس "أنا متفاجئ بالطريقة الفظة التي أعلنوا فيها ذلك. وهذا كله جزء من سلسلة وقائع وأحداث تزيد حياة اللاجئين صعوبة. في الواقع ما سيفعله الأولاد القاصرون (العالقون في اليونان من دون أهل أو مرافقين) هو محاولة التنقل في أوروبا سعياً للوصول إلى دولة يشعرون بأن لهم فيها حظوظاً أكثر، سواء ألمانيا، أو السويد أو المملكة المتحدة. أولئك الذين سيصلون إلى كاليه (Calais مدينة ومرفأ شمال فرنسا)، سوف يتصلون بالمهربين، وسيحاولون الوصول إلى بريطانيا بالسبل الأكثر خطورة، مجازفين بحياتهم. سواء كنا عضواً بالاتحاد الأوروبي أو لم نكن، علينا أن نؤدي دورنا في المشاركة بتحمل المسؤولية تجاه أولئك الأولاد".

في المقابل تحدث كيفن بونافيا، المسؤول عن شؤون اللاجئين والعضو في مجلس بلدية لويشام، التي أعلنت استعدادها لاستقبال المزيد من الأطفال اللاجئين ترافقاً مع دعم حكومي مقبول، ووصف رد وزير الهجرة بأنه "محزن جداً". كما اتهم بونافيا الحكومة بإظهار "لا مبالاة قاسية أمام محنة الأطفال في خضم أزمة اللاجئين". وقال عن الأمر "مرة أخرى تطرح الحكومة ادعاءات مخجلة عمّا تسميه "عامل جذب" اللاجئين. لكن الأطفال يفرون من الحرب أو من الاضطهاد، وهم دائماً سيفعلون ذلك، والسؤال الحقيقي يبقى "بأي طريقة سيفعلون هذا". وتابع "قطع الطرق الشرعية الآمنة نحو الملاذات وبلدان اللجوء يعني ببساطة دفعهم للوقوع بأيدي المهربين وما يرافق ذلك من أهوال".

أما بيث غاردينير- سميث، الرئيسة التنفيذية لمنظمة "ممر آمن" الدولية Safe Passage International، فقالت في السياق: "الأطفال الذين من دون أهل أو مرافقين في أوروبا ينامون في العراء وسط الثلج، وفي أبنية مهملة وداخل مخيمات مكتظة. مغادرتنا الاتحاد الأوروبي لا تعني أنه علينا إدارة ظهرنا لهؤلاء الأطفال. نحن ندعو الحكومة إلى الاستمرار في تأمين الملاذات لبعض من هم أكثر ضعفاً وهشاشة بين اللاجئين الأطفال في أوروبا، ممن ليس معهم أهل أو مرافقون، كما ندعوها (الحكومة) إلى إظهار التضامن مع أقرب جيراننا، وإعلان موقف قيادي عالمي بدل الانسحاب من التزاماتنا الدولية".

في السياق ذاته قالت جوسي نوتون، الشريكة المؤسِسة في جمعية "تشوز لوف" Choose Love ورئيستها التنفيذية، إنه فيما كانت مغادرة الاتحاد الأوروبي ربما تمثل "فرصة لتحويل بريطانيا إلى نبراس لحقوق الإنسان"، تبدو الحكومة كأنها تستغل الفرصة كي "تدير ظهرها لأضعف مكونات المجتمع".

إلى هذا ومقابل الانتقادات قال السيد فيليب، إن بريطانيا احتلت الموقع الأول في أوروبا بجهود إعادة توطين اللاجئين على مدى السنوات الخمس الماضية، بيد أن أولويتها اليوم تتمثل في استقبال وإعادة توطين الموجودين في مناطق النزاعات الخطرة. وعن الأمر الأخير ذكر المسؤول أنه "خلال سنة 2019 استقبلنا طلبات لجوء لأطفال لا أهل لهم ولا مرافقين، أكثر من أي بلد أوروبي آخر، بما في ذلك اليونان. إننا نقوم بإصلاح نظام اللجوء كي نجعله حازماً وعادلاً، ويؤمن الرحمة والحماية للهاربين من الاضطهاد والطغيان. لهذا فإننا نفي بالتزاماتنا تجاه أولئك اللاجئين الذين دعوناهم إلى المملكة المتحدة، ونعمل على إعداد نظام إعادة توطين جديد، نقوم من خلاله باستقبال الناس عبر طرق آمنة وشرعية".

© The Independent

المزيد من تقارير