Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تأخر حسم المعركة في طرابلس؟

المسماري يؤكد أن المسلحين المستللين هم من المرتزقة التشاديين المطلوبين للعدالة

الجيش الوطني الليبي يتقدم نحو طرابلس (رويترز)

دخلت معركة العاصمة الليبية طرابلس أسبوعها الثالث مخلّفة 200 قتيل و913 جريحاً ومسببة نزوح 18 ألف شخص، بحسب تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية اليوم الخميس، وذلك مع تواصل المعارك على تخوم المدينة حيث تمكن الجيش الوطني الليبي من صد هجوم شنته قوة حماية الجنوب التابعة للوفاق بقيادة الفريق علي كنة، اعلنت مسؤوليتها عن الهجوم في شريط مصور.

هجوم آخر لداعش

من جهة أخرى وبعيداً من معركة العاصمة، تعرّض المطار المدني التابع لقاعدة تمنهنت في مدينة سبها جنوب غربي ليبيا، لهجوم من قبل مُسلّحين على متن حوالي 15 آلية، بحسب مصادر محلية وصحافية. وقال عميد البلدية أبو بكر صالح، في تصريحات "إن المجموعة المُهاجمة يُشتبه في أن تكون تابعة لتنظيم داعش الإرهابي". واندلعت اشتباكات مُسلحة بين المجموعة المسلحة وعناصر قوة التمركزات الأمنية التابعة للجيش الوطني الليبي، أسفرت عن إصابة معاون آمر قاعدة تمنهنت الجوية العقيد علي حسن.

تعليق المسماري

وفيما يتعلق بالهجوم على القاعدة كشف المتحدث الرسمي باسم قوات الجيش الوطني الليبي في تصريح خاص للـ "اندبندت عربية" أن "عدد قوة الحراسة الموجودة داخل القاعدة لم يكن كافياً لمواجهة المجموعة المتسللة، التي طُردت منذ قليل"، مؤكداً "أن المجموعة المسلحة مؤلفة من مرتزقة تشاديين ومسلحين مطلوبين للعدالة". وقال المسماري "سيطرة القوة المتسللة لقاعدة تمنهنت لم تزد عن ساعة، والساعة هي مدة وصول قواتنا للقاعدة لأنها خالية من قواتنا بعد ان تم تسليمها لمصلحة الطيران المدني".

لماذا تأخر الحسم؟

ويلخص مراقبون أن أسباب تأخر الحسم العسكري لطرف على آخر في معركة طرابلس الحاسمة، في تشكّل تحالف من أطياف المليشيات الليبية كافة في غرب ليبيا في خندق واحد، لمواجهة الجيش الليبي، متناسية خلافاتها ونزاعاتها السابقة ولو لحين، لأنها تدرك أن سيطرة الجيش على العاصمة تعني كتابة الفصل الأخير لوجودها في ليبيا، وفقدان الامتيازات التي منحتها لها الفوضى، بسيطرتها على مفاصل الدولة ومكاتب القرار السياسي في العاصمة، وما يدرّه عليها ذلك من مصادر هائلة للتمويل المادي، الذي تنفق به على مقاتليها ونشاطاتها المسلحة.

هذا التحالف الذي شُكّل من كتائب تنتمي إلى تيارات مختلفة وربما متنافرة، ولكن جمعها صراع وجود بكل ما للكلمة من معنى مع الجيش، أسّس جبهة دفاع قوية تمكنت حتى الآن من منع دخول القوات المسلحة الليبية إلى طرابلس، لكثرة مقاتليها وجودة تسليحها، الذي كشفت معركة طرابلس تجدده بوصول أسلحة جديدة متطورة إلى يد المليشيات، لم تظهر في معاركها السابقة ضد بعضها بعضاً، وهو ما دفع القيادة العامة للجيش إلى توجيه أصابع الاتهام إلى دول مثل قطر وتركيا وإيطاليا بتسليح هذه المجموعات، لمواجهتها في معركة العاصمة الفاصلة.

معركة في عنان السماء

ومن بين الأسلحة التي حصلت عليها المليشيات الموالية لحكومة الوفاق، والتي قد تشكل فارقاً كبيراً في توجيه دفة المعركة أو على الأقل تأخير حسمها، أسلحة الدفاع الجوي الأرضية سواء المثبّتة على منصات مثل صاروخ "سام 7" الشهير، أو المحمولة على أكتاف المقاتلين مثل صاروخ "ستينغر" الأميركي، الذي أظهرت صور متداولة على مواقع التواصل الليبية، وصوله واستخدامه في معركة طرابلس من قبل القوات الموالية لحكومة الوفاق، لصدّ غارات طائرات الجيش على مواقعها، والتي تسببت في إسقاط مقاتلة تابعة للجيش قبل أيام.

ويعتبر المراقبون أن الجيش الليبي كان يحظى بالتفوّق العسكري في معاركه السابقة ضد الجماعات المسلحة الليبية، بامتلاكه للسماء وسيطرته على المعركة الجوية، وفقدانه هذه الميزة قد يقلب الموازين في معركة طرابلس رأساً على عقب، في تحديد مصيرها، خصوصاً مع توازي قوة التسليح على الأرض وتقاربها بسبب فرض حظر توريد السلاح المفروض على الجيش الليبي، بموجب القرار 1973 الصادر عن مجلس الأمن في العام 2011.

الخبرة والتدريب وجودة الطائرات

وأمام كل ما سبق، لا يزال الجيش يملك نقاطاً تعزز سيطرته على المعركة الجوية، ترتبط تحديداً بأفضلية الطائرات التي يملكها ويتشكل منها السرب الجوي، لأركان القوات الجوية الليبية على طائرات "الميغ" و"السوخوي" وقد تمكنت الأخيرة من إضافة مجموعة جديدة منها إلى سربها، بدعم من دول صديقة، وإن كانت كلها من طراز قديم صنع خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. كما يمتلك الطيارون التابعون للجيش خبرة اكتسبوها عبر السنوات الخمس الماضية، التي خاضوا فيها معارك متواصلة ضد المليشيات المسلحة.

بينما تعتمد القوات الموالية لحكومة الوفاق على الطائرات الموجودة بقاعدة مصراتة العسكرية، من نوع "ميغ 23" و"سوكو 2 جي" اليوغسلافية، مع طيارين أقل خبرة وكفاءة مما لدى الجيش الليبي، وهو ما ظهر لكل متتبع للأهداف التي قصفتها هذه الطائرات، منذ بداية معركة طرابلس، باعتبار أنها لم تسبب قلقاً كبيراً للجيش لعدم دقتها، وأغلبها سقط في مزارع ومواقع مدنية، وأتى بنتائج عكسية لحكومة الوفاق، بسبب النقد الشعبي للأخطاء التي ارتكبتها مقاتلات مصراتة وتسببت في وقوع ضحايا وأضرار في مواقع مدنية.

ويبقى التنظيم العسكري ميزة أخرى تكسب نقاطاً أخرى للجيش في مقابل فوضوية المليشيات كشفت عنها تقارير مصوّرة عدة في معارك ضد الجيش جنوب طرابلس، بينما أكسبت المعارك السابقة والتدريب المنتظم، الجيش الليبي، ميزة التحرك بخطوات محسوبة وإجادته لعبة الصبر، لاستنزاف الخصوم.

المزيد من العالم العربي