رأت وزيرة شؤون المرأة والمساواة في حكومة الظل "العمالية"، أن الحكومة البريطانية كانت ستتعامل بشكل أفضل مع أزمة فيروس "كورونا"، لو لم تترك عملية صنع القرارات الرئيسة في غالبيتها بين يدي الذكور.
وكان الوزراء قد تعرضوا لانتقادات طيلة فترة الوباء، بسبب فشلهم في احتواء أفضل لتفشي الفيروس، الأمر الذي تسبب في تسجيل المملكة المتحدة هذا الأسبوع أعلى معدل وفيات بالعدوى في العالم. وكان الشهر الماضي قد شهد وحده وقوع أكثر من ربع إجمالي الوفيات بـ"كوفيد" في البلاد.
كلام البرلمانية المعارضة التي تجلس على المقاعد الأمامية لحزبها في مجلس العموم، يأتي بعد أن أظهرت دراسات أن البلدان التي تقودها نساء حققت نتائج أفضل من المعدل المتوسط في طريقة استجابتها للوباء خلال أزمة فيروس كورونا.
ولاحظت مارشا دي كوردوفا التي تمثل دائرة باترسي في جنوب لندن في البرلمان عن حزب "العمال"، غياب التنوع في حكومة المملكة المتحدة، بحيث تشكل النساء 5 فحسب من بين الأعضاء العشرين في مجلس الوزراء. في وقت أن وزيرة الداخلية بريتي باتيل هي الوحيدة التي تتولى أحد المناصب الأربعة الكبرى في الدولة.
في المقابل، فإنه على مدى أكثر من ستة أشهر خلال فترة ذروة الوباء، لم يعقد مؤتمر صحافي واحد في مقر رئاسة الحكومة في "داونينغ ستريت" من غير أن يكون بقيادة رجل.
واعتبرت مارشا دي كوردوفا في حديث مع صحيفة "اندبندنت" أنه "يتعين القيام بمزيد من الجهد لبلورة تمثيل أفضل للمرأة على طاولة القيادة. فقد كان بوسع هذه الحكومة أن تتعامل على نحو أفضل مع بعض المشاكل خلال فترة الوباء، لو كان لديها مقدار أكبر من التنوع على طاولة صنع القرار".
وأضافت البرلمانية "العمالية" قائلةً: "لأننا نعرف أن الذكور هم الذين يهيمنون على القرارات الكبرى بشكل أساسي، فإنني أعتقد أنه لو كان لديهم تمثيل أكثر تنوعاً لكان من الممكن اتخاذ قرارات أفضل". وأشارت دو كوردوفا إلى أنها تؤمن بأن عدم المساواة الهيكلية الراسخة والعنصرية هما عاملان موجودان في مختلف مفاصل المجتمع البريطاني، معتبرةً أن أزمة الصحة العامة قد "كشفت" النقاب عنهما وأسهمت في "تأجيجهما".
ورأت أن "الوباء كان له تأثير غير متساوٍ إلى حد كبير على هذا الواقع". وأشارت إلى أن "تجاهل هذه الحقيقة من شأنه أن يعمق ترسيخ هذه التفاوتات في المستقبل. وقد نقوم بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء في ما يتعلق بالتقدم كله الذي تم إحرازه على مدى العقود القليلة الماضية من الزمن".
وكانت وزيرة شؤون المرأة والمساواة ليز تروس قد ألقت كلمة الشهر الماضي انتقدت فيها "سياسات الهوية" (القومية والعرقية)، و"فكرة التجارب التي يعيشها" (البعض)، التي تدعي أن العرق والجنس هما من القضايا "العصرية أو الرائجة". إلا أن دي كوردوفا ردت معلقةً على كلمة تروس بالقول: "من الواضح أنها تسعى إلى بث روح التفرقة والانقسام. إلا أن الحقائق تتحدث عن نفسها".
وأضافت: "رأينا أنه كان لوباء كوفيد تأثير غير متناسب على الأشخاص من مجتمعات الأقليات العرقية. تماماً كأولئك الأفراد الذين توفوا بسبب فيروس كوفيد أيضاً. لقد شاهدنا أشخاصاً من ذوي الإعاقة يتعرضون للضرر الأكبر من الوباء. أما النساء فتحملن أيضاً عبء هذه الأزمة".
في المقابل، واجهت مجموعات الأقليات خطر الوفاة بسبب فيروس "كورونا" بشكل أكبر، بحيث دلت نتائج أبحاث في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أنه كان بالإمكان أن تكون هناك 58 ألف حالة وفاة إضافية في الموجة الأولى، لو تعرض السكان البيض في بريطانيا لعوامل الخطر نفسها التي تعرض لها السكان السود.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، طالبت جمعيات خيرية وسياسيون باتخاذ مزيد من الإجراءات لحماية تلك الجماعات مع ارتفاع عدد حالات الإصابة، في حين أكد "المؤتمر العام لنقابات العمال في بريطانيا" TUC، أن الأقليات كانت الأكثر تضرراً من فقدان الوظائف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إضافةً إلى ذلك، أظهرت دراسات أن النساء اضطررن إلى تحمل معظم المسؤوليات عن رعاية الأطفال عند إغلاق المدارس، في حين أنهن كن الأكثر وجوداً في القطاعات الأشد تضرراً من الإغلاق، كالضيافة والبيع بالتجزئة والترفيه والسياحة والفنون.
السيدة مارشا دي كوردوفا التي هي عضو في البرلمان البريطاني منذ عام 2017، طالبت الحكومة بأن تعتمد "حلولاً جريئة" للوباء، محذرةً من أن طريقة تعاملها مع الأزمة كانت "بعيدة كل البعد عن المثالية"، و"مخيبة للآمال".
ولفتت إلى أن عدداً من النساء الحوامل تم إرسالهن أثناء الإغلاق الأول بشكل غير قانوني إلى المنزل في إجازة مرضية أو في إجازة غير مدفوعة الأجر، بدلاً من وضعهن في إجازة مؤقتة مدفوعة، واصفة هذه الخطوة بأنها "ظالمة للمرأة".
ورأت وزيرة شؤون المرأة والمساواة في حكومة الظل "العمالية" أن "النساء قد تحملن حقاً العبء الأكبر لتلك الممارسات. ولهذا السبب نحن بحاجة إلى استجابة مناسبة على مستوى الجنس في خطة التعافي الحكومية. من هنا، فإننا ندعو إلى منحهن إجازةً مؤقتة تتسم بالمرونة. ويتعين على المرأة ألا تضطر إلى الاختيار بين حياتها المهنية ورعاية أطفالها. إننا في حاجة إلى مقدار أكبر من الإنصاف والعدالة في النظام المعتمد".
يشار إلى أن قلة عدد النساء السياسيات في المملكة المتحدة المنخرطات في مكافحة أزمة كوفيد يتناقض بشكل صارخ مع الوضع في كل من ألمانيا ونيوزيلندا وفنلندا وتايوان والدنمارك، وجميعها دول تتولى إدارتها قيادات نسائية حظيت بمقدار كبير من الثناء على طريقة تعاملها مع حالات الطوارئ الصحية.
فقد تبين من خلال دراسة أجراها "مركز أبحاث السياسات الاقتصادية" Centre for Economic Policy Research و"المنتدى الاقتصادي العالمي" World Economic Forum، أن البلدان التي تقودها نساء بدلاً من الذكور، كانت أكثر نجاحاً في التصدي لتفشي فيروس "كورونا"، بحيث عمدت إلى تطبيق تدابير الإغلاق بسرعة أكبر، وسجلت نصف عدد الوفيات التي شهدتها غيرها من الدول.
وكانت كريستين لاغارد، رئيسة "البنك المركزي الأوروبي"، قد وصفت العام الماضي السياسات وطرق التواصل في الدول التي تقودها نساء، بأنها كانت "مذهلة إلى حد كبير". وأضافت: "أود أن أقر بأنني تعلمت أن النساء ينجزن عملهن بشكل أفضل".
وفي تعليق على الموضوع من رئاسة الحكومة البريطانية قال ناطق باسم "10 داوننغ ستريت": "سواء أكانت كايت بينغام التي تتولى تأمين أحد أكبر ملفات اللقاحات وأكثرها تنوعاً في هذه البلاد، أو ديدو هاردينغ التي تقود خطة الاختبار والتتبع في هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS)، أو بريتي باتيل التي تقوم بعمل لا يقدر بثمن لفرض القيود الراهنة، فإن النساء كن في طليعة جهود معركة المملكة المتحدة ضد فيروس كورونا".
وأضاف "إننا نعي أن الأهل الذين يتحملون مسؤوليات رعاية الأطفال يواجهون مرحلةً صعبة للغاية، وقد قمنا بتمديد مخطط الإجازة المؤقتة المدفوعة حتى شهر أبريل (نيسان) المقبل، لدعم الموظفين الذين يواجهون مصاعب في العمل بسبب رعاية الأطفال.
وختم المتحدث الرسمي البريطاني بالإشارة إلى أن "هذه الحكومة خصصت أكثر من 280 مليار جنيه إسترليني (حوالى 383 مليار دولار أميركي) لحماية الأرواح وسبل كسب الرزق. وفي الوقت الذي ننكب فيه على هزيمة وباء كوفيد، ونتطلع إلى إعادة بناء الاقتصاد، سنبذل قصارى جهدنا لإنشاء هيكلية مجتمعية ومؤسسية أكثر إنصافاً، والعمل من أجل توفير مزيد من الدعم للنساء في مختلف أنحاء البلاد".
© The Independent