لا ترى العين المجرّدة من الصورة سوى السواد مع بعض الشجيرات وبتيلات زهرة بيضاء تلمع في ضوء القمر. لكن الذكاء الصناعي يرى المشهد بشكل أدقّ فيكشف وجود جبين فيل غابة عملاق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وصار الذكاء الصناعي سلاحاً جديداً في معركة الحفاظ على الحياة البرية في متنزه لوبي الوطني في الغابون. من خلال التعلم الآلي، تستطيع خوارزمية أن تتعرّف على أكثر من 25 نوعاً من الحيوانات وتحددها للباحثين في حوض الكونغو، ولولا ذلك ما كان الناس ليستطيعوا رؤيتها.
وضع الباحثون من جامعة ستيرلينغ الذين تربطهم شراكة طويلة الأمد مع الهيئة القومية للمتنزهات الوطنية في الغابون ( (ANPN، بدعم من برنامج الاتحاد الأوروبي ECOFAC وتمويله، 6 كاميرات خفية في الغابة المطيرة بهدف مراقبة الحياة البرية.
واشتركوا مع شركة الذكاء الصناعي أبسيلون (Appsilon) لاستخدام تقنية التعرف على الصور المعروفة باسم Mbaza AI من أجل تحليل عدد هائل من الصور الفوتوغرافية التي التُقطت في الغابة المطيرة. وتعمل الكاميرات التي يبلغ عددها 200 والمزروعة في كل أنحاء متنزه لوبي الوطني، على أدوات استشعار الحركة وتلتقط كلّ منها مئات الصور يومياً.
ودعا رئيس برنامج مراقبة التنوع الحيوي في ستيرلينغ الدكتور روبن وايتوك شركة أبسيلون من أجل تطبيق تقنياتها لتحسين تحليل الصور وتحويله إلى عملية آليّة، لأنه لولا ذلك، على حرّاس الغابة والباحثين أن يقوموا بها يدوياً. وتمرّنت الخوارزمية على 1.5 مليون صورة من أجل تصنيف صور يصل عددها إلى 3 آلاف في الساعة الواحدة بمعدّل دقّة يبلغ 96 في المئة.
وقال الدكتور وايتوك "يهدد الخطر حياة الثدييات مثل الفيلة والغوريلا والبنغولين في غابة أفريقيا الوسطى جراء التجارة غير المستدامة وتغيير استخدام الأراضي وأزمة تغير المناخ. وسوف يسمح عمل أبسيلون على تطبيق Mbaza AI للعاملين الميدانيين في مجال الحفاظ في أفريقيا الوسطى بأن يحللوا بسرعة البيانات المجموعة عن الحياة البرّية باستخدام كاميرات خفية آلية، ما يقلّص الفترة الفاصلة بين جمع المعلومات وتحليلها من أشهر أو سنوات إلى أيام فقط".
"هذا ما سيسمح للعاملين في مجال الحفاظ بالتعرّف بسرعة على المخاطر التي تهدد التنوع البيولوجي والاستجابة لها وتحسين إدارتها في مرحلة يعاني فيها هذا التنوع من أزمة عالمية".
يسمح تطبيق Mbaza A الذي لا يتطلّب أي معدات خاصة أو حتى اتصالاً بالإنترنت، للحراس بأن يقدّروا أعداد الحيوانات التي يصعب تعقبها، مثل فيلة الغابة. كما يسمح لهم بمعرفة تحركاتها وفهم سلوكها بشكل أفضل عبر تقنية التعرف على الوجوه التي تعتبر مهمة بشكل خاص بالنسبة لفئة الثدييات العليا التي لديها تراتبية اجتماعية معقّدة.
وأضاف الدكتور لي وايت، وزير البيئة في الغابون والمحافظ المولود في بريطانيا، أنه يمكن استخدام البرنامج لمنع الصيد غير القانوني كذلك. يصنّف أكثر من 200 نوع من الحيوانات والنباتات في الغابون باعتبارها مهددة بالانقراض، بما فيها فيل الغابة الأفريقية الذي قُضي على 70 في المئة منه خلال الـ15 عاماً الماضية، ما يجعل الغابون مأوى حيوياً لما تبقّى.
استُخدمت خوارزمية أبسيلون في الغابون لرصد تفشّي مرض جلدي يُعرف باسم ياوز (Yaws)، الذي تنقله البكتيريا إلى القردة الكبيرة والبشر. لا يوجد حالياً أي لقاح لهذا المرض الذي يصيب الأطفال بشكل أساسي.
وقال الدكتور وايت "نطمح إلى استخدام ‘Mbaza’، وهو اسم لبيت الحراسة التقليدي، من أجل نشر مراقبة الحياة البرّية في المناطق المحمية كافة والامتيازات الحرجية في الغابون".
© The Independent