لم يمنع انتشار فيروس كورونا في المنطقة والعالم الحكومة العراقية من دارسة خطوات جدية لتسهيل دخول السياح الأجانب إلى البلاد عبر تقليص الإجراءات الروتينية المعقدة المتبعة منذ سنوات طويلة من قبل سفاراتها في مختلف الدول.
وعلى الرغم من الحديث في الأعوام القليلة الماضية عن خطوات حكومية لجعل الحصول على سمة الدخول أمراً يسيراً لكل مَن يرغب في زيارة العراق، خصوصاً من السياح المتوجهين إلى المدن التي تحوي أماكن أو مزارات دينية كونها عنصر جذب مهم لملايين الأشخاص سنوياً، إلا أنها فشلت في تحقيق أي تقدّم يذكر يمكن أن ينعكس إيجاباً على هذا الملف المهم بالنسبة إلى الاقتصاد العراقي.
ويمثّل تعدد الجهات التي تشرف على ملف منح سمات الدخول للراغبين في زيارة البلاد سواء كانوا من السياح المتوجهين إلى الأماكن الدينية أو المستثمرين الأجانب، عقبةً رئيسة تعرقل خطط الدولة العراقية الهادفة إلى تسهيل هذه العملية والاستفادة منها في تفعيل حركة العمل والتجارة وتنشيط المهن الفردية في المدن كافة.
النافذة الواحدة
ويبدو أن الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد، حفّزت مجلس الوزراء على إيجاد حلول لهذا الملف المهم عبر تقليص المعاملات الروتينية للحصول على سمة الدخول واختصارها بنافذة واحدة. وعقدت لجنة عليا اجتماعاً في مقر الحكومة، مؤلفة من الوزارات العراقية بهدف تبسيط الإجراءات وتجاوز الحلقات الزائدة وجعل التنسيق بين الدوائر المختصة بمنح سمات الدخول، عبر القنوات الإلكترونية.
وقال المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء حيدر مجيد إن "هذا الاجتماع هو الأول وستليه سلسلة اجتماعات، لترفع بدورها الدوائر ذات العلاقة توصياتها إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء بغية وضع الخطوط الأساسية للمشروع لتتمّ بعدها المصادقة على مشروع النافذة الواحدة ومنح تأشيرة إلكترونية". وأوضح أن "السبب الرئيس لهذا المشروع هو وجود توجّه حكومي إلى اعتماد الحوكمة الإلكترونية والتداول الإلكتروني للوثائق بين الوزارات للقضاء على البيروقراطية والفساد ومنع تزوير البيانات وتسهيل عملية منح سمة الدخول للوافدين إلى العراق".
وأكد مجيد أن مشروع "النافذة الواحدة" أو التأشيرة الإلكترونية سيسهم في فتح باب السياحة والاستثمار في البلاد ويسهّل مرور مواطني الدول الأخرى عبرها.
واتّبعت بغداد قبل سنوات مشروعاً باسم "الحوكمة الإلكترونية" تمثّل في تحويل التعاملات الرسمية بين المؤسسات والمواطن إلكترونياً وتبسيط الإجراءات الحكومية والتقليل من الوثائق الورقية مع أرشفة الكتب الرسمية، إلا أن هذا المشروع سار بشكل بطيء.
خطوة مهمة
وتجد لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان أن مشروع "النافذة الواحدة" سيشكّل خطوة مهمة للتقليل من الفساد الإداري في ملف منح سمات الدخول بهدف تشجيع السياح من كل دول العالم على التوجه إلى العراق.
ورأى عضو اللجنة النائب رامي السكيني أن "تسهيلات منح الفيزا للسياح وجعلها عن طريق النافذة الواحدة سيقلل الروتين والفساد الإداريَين"، داعياً وزارة الخارجية إلى الحرص من خلال أطرها الدبلوماسية على تعامل تلك الدول بالمثل مع العراقيين. وأضاف أن "هذه الخطوة، في حال تفعيلها، ستختزل حلقات إدارية عدة ولذلك ندعو الحكومة التنفيذية إلى تفعيل هذا النظام تسهيلاً لإجراءات منح التأشيرة، لا سيما أن بعض المؤسسات تريد شرعنة الفساد الإداري والمالي من خلال العرقلة المتعمدة للإجراءات".
وبيّن السكيني أن "غالبية السياح الأجانب الذين يقصدون العراق، يأتون لأغراض السياحة الدينية، بالتالي فإن المقاصد الأخرى أقل أهمية وذلك نتيجة الوضع الأمني والتقلبات السياسية التي شهدتها البلاد"، لافتاً إلى أن "تسهيل الإجراءات سيكون عاملاً مشجعاً وسيساعد على التوجه إلى العراق من قبل السياح الأجانب في مقاصدهم كافة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
التعامل بالمثل
ويُعتبر عدم اعتماد مبدأ التعامل بالمثل مع العراق من قبل دول عدة في العالم، بخاصة بشأن تسهيل منح سمات الدخول، عقبةً كبيرة على طريق إنجاح هذا المشروع.
وصرّح السكيني أن "التعامل بالمثل خاضع لمذكرات التفاهم التي منها رفع الفيزا وسمة الدخول الإلكترونية، إلا أن هناك دولاً غير متعاونة لهذه الناحية، من بينها دول عربية لا تريد أن تتعامل بالمثل وتطلب تصريحات أمنية وتعتمد إجراءات مشددة مع الزائر العراقي".
إيرادات اضافية
من جانب آخر، رجّح عضو لجنة الثقافة والسياحة والآثار في مجلس النواب علي الحميداوي أن يؤدي إعطاء تسهيلات بشأن سمات الدخول للأجانب إلى تنشيط الوضع السياحي في البلد وجلب واردات إضافية. وأضاف أن "إحدى المشكلات التي تعرقل الواقع السياحي في البلد هي قضية منح الفيزا للزائرين بسبب وجود إجراءات بيروقراطية معقدة"، لافتاً إلى أن "الجهات العراقية تتذرّع بالوضع الأمني على الرغم من تحسنه عما كان عليه سابقاً، ولذلك عليها تقديم تسهيلات عبر النافذة الواحدة أو الفيزا الإلكترونية المعمول بها في دول عدة حول العالم".
وقال الحميداوي إن "العراق يمتلك إرثاً حضارياً ودينياً وترفيهياً في كل مدنه، إلا أن المشكلات التي تواجه السائح في الحصول على سمة الدخول تُعدّ معرقلاً لمجيئه"، مشدداً على ضرورة أن "تكون التسهيلات التي ستقدّمها البلاد متبادَلة بحيث تمنح الدول الأخرى تسهيلات للمواطنين العراقيين الراغبين في السفر إليها".
وباستثناء عام 2020 الذي شهد توقفاً للسياحة الدينية في العراق بسبب انتشار فيروس كورونا، يستقبل البلد نحو 5 ملايين زائر سنوياً بحسب إحصاءات هيئة السياحة الوطنية، يأتون من دول عدة، لزيارة الأماكن والمراقد الدينية في بغداد وسامراء والنجف وكربلاء وبابل. ويدخل هؤلاء عبر مطارات العاصمة والنجف والبصرة وأيضاً عبر المنافذ البرية في محافظات واسط وميسان والبصرة وديالى، التي لها حدود مشتركة مع إيران والكويت.
وتعتمد النشاطات الاقتصادية في مدن كربلاء والنجف وبعض مناطق بغداد بشكل كبير على السياح الوافدين لزيارة المراقد الدينية، إلا أنها تضررت بشكل كبير خلال عام 2020 وفقد الآلاف عملهم في الفنادق والمطاعم وغيرها من المهن المتّصلة بالقطاع الحيوي.