Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أطفال بريطانيون يحرمون من التعليم لعدم توفر الإمكانات التقنية

بالتزامن مع إقفال المدارس مرة أخرى بسبب دخول إنجلترا في الإغلاق الثالث تلقي عالمة السلوك الدكتورة براغيا أغاروال نظرة على العزلة التي يعيشها الأطفال بسبب نقص التكنولوجيا

حالة الإغلاق في بريطانيا كشفت التحديات اليومية للدراسة عن بعد التي يواجهها العديد من التلاميذ (غيتي) 

"أشعر وكأنني منسية تماماً". هذا ما قالته إحدى الأمهات العازبات من مقاطعة شروبشير الإنجليزية، لديها ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين سنة واحدة و12 سنة. تشرح لي هذه السيدة كيف أنها تحاول تدريس طفليها الأكبر سناً في المنزل خلال آخر إغلاق فرض على البلاد بسبب فيروس كورونا. المرأة التي ليس لديها عمل حالياً وترغب في عدم الكشف عن هويتها، لا تمتلك جهاز كمبيوتر في المنزل، وتعتمد بدل ذلك على هاتفها المحمول، وهو الهاتف الوحيد الذي تمتلكه العائلة، من أجل الوصول إلى التعليم عبر الإنترنت.

وإن لم يكن هذا عسيراً بما يكفي، فإن الوضع الصعب أساساً سيزداد سوءاً عندما تنفد حزمة بيانات الإنترنت من خط الهاتف الجوال. تخشى السيدة أن أسرتها لن تتمكن من الوصول إلى الإنترنت على الإطلاق قبل نهاية الشهر. إنها حالة بائسة. ولم تتمكن المدرسة الابتدائية التي يرتادها طفلاها من توفير جهاز كمبيوتر يمكنهما استعماله في المنزل، على الرغم من مناشدات عديدة. فالمدرسة أيضاً تعاني من نقص الموارد والتمويل اللازمين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في يونيو (حزيران) 2020، وعد وزير التعليم، غافين ويليامسون، بأن الحكومة تسير وفقاً "للجدول الزمني المحدد" لتوزيع 230 ألف جهاز كمبيوتر على الطلاب الفقراء والمحرومين خلال الشهر التالي. لكن التقارير كشفت لاحقاً أن الوزارة فشلت في تحقيق ذلك، ووصلت فقط إلى 80 في المئة من الطلاب (وقالت المدارس إنه حتى لو سُلمت مئة في المئة من المتطلبات، فإن مخصصاتها لم تكن كافية في المقام الأول).

ومرة أخرى، في ديسمبر (كانون الأول)، وعدت الحكومة بتوفير المزيد من الأجهزة، لكن مع عودة الطلاب إلى التعلم في المدارس في نهاية عام 2020، لم تعد المشكلة تحتل الصدارة.

الآن- وها نحن نعيش حالة الإغلاق للمرة الثالثة- تُدَرس جميع الدروس مجدداً عبر مكالمات الفيديو أو على الأقل يتطلب الأمر الوصول إلى الموارد التي يمكن تحميلها. وعلى الرغم من أن السيد ويليامسون قال إنه يُسمح للطلاب غير القادرين على الوصول إلى التعليم عن بعد بالدوام في المدارس،  فإن هذا لم يكن خياراً بالنسبة للعديد من الآباء. وبدلاً من معالجة "الفقر الرقمي"، قام بإزاحة المسؤولية عن كاهل الحكومة، على أمل أن تتدارك المدارس النقص.

من الواضح أن الفجوة بين الأشخاص القادرين وغير القادرين قد اتسعت بشكل كبير خلال العام الماضي، حيث عانى كثيرون من فقدان الوظائف أو التسريح المؤقت، أو تخفيض الأجور فيما يعتبر إحدى أسوأ فترات الركود في التاريخ الحديث. من بين الفوارق التي لا تُناقش كثيراً هي الفجوة الرقمية، حيث يعد الإقصاء الرقمي مشكلة عالمية، لكن إذا ألقينا نظرة عن كثب في بلدنا، سنرى أنها أزمة بالنسبة لنا هنا في المملكة المتحدة.

حالة الإغلاق بينت لنا أن الوصول إلى الإنترنت بات ضرورياً، ليس فقط لممارسة العمل أو التعلم، بل لطلب الطعام بالنسبة للفئات الهشة التي لا تستطيع التنقل، والاستمتاع ببرامج الترفيه، والتحدث مع العائلة والأصدقاء، وتحديد مواعيد مع طبيب الأسرة، وطلب الوصفات الطبية، أو حتى معرفة آخر الأخبار. وهكذا فقد أصبح الوصول إلى الأجهزة الرقمية والإنترنت السريع أكثر أهمية من أي وقت مضى.

نحن نفترض أن الإقصاء الرقمي يحدث في المقام الأول بسبب نقص المهارات ويؤثر بشكل أساسي على كبار السن. لكن الإغلاق أظهر بوضوح كيف أنه يؤثر على الناس من مختلف الأجيال. تكشف لنا البيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء في عام 2019 أن نحو 60 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 11 و18 عاماً في المملكة المتحدة ليس لديهم إمكانية التواصل عبر الإنترنت في منازلهم، ونحو 700 ألف طفل لا يتوفرون على جهاز كمبيوتر أو كمبيوتر محمول أو جهاز لوحي أو "آي باد" في المنزل. والآن يواجه هؤلاء الأطفال صعوبات من أجل المواظبة على تعليمهم، حيث يتراجع مستواهم  الدراسي أكثر فأكثر.

العلاقة بين الفقر والوصول الرقمي واضحة جداً. فوفقاً لباحثين من جامعة كامبريدج، فإن 51 في المئة فقط من الأسر التي يتراوح دخلها السنوي بين 6 آلاف و10 آلاف جنيه إسترليني (سنويا) لديها إمكانية التواصل عبر الإنترنت في المنزل، مقارنة مع 99 في المئة من الأسر التي يزيد دخلها على 40001 جنيه.

كما أن الفارق بين الشمال والجنوب يمثل مشكلة هنا أيضاً. وقد وجد مؤشر لويدز الرقمي للمستهلك في عام 2020 أن تسعة ملايين شخص في المملكة المتحدة يعانون من الإقصاء الرقمي بسبب محدودية اتصالهم بالإنترنت أو انعدامه. ويقيم أربعون في المئة من هؤلاء الأشخاص في شمال إنجلترا. ووجدت مؤسسة "غود ثينغز" الخيرية الهادفة إلى زيادة الوصول إلى التقنيات الرقمية أن 18 في المئة فقط من سكان الشمال الشرقي قادرون على استخدام الإنترنت على أكمل وجه، مقارنة مع 49 في المئة في الجنوب الشرقي.

ومن بين العائلات التي تحدثت إليها في ليفربول، كانت عائلة لديها أربعة أطفال تواجه صعوبات من أجل الاستمرار في دفع تكاليف الإنترنت السريع وباقة بيانات الهاتف المحمول إلى جانب الفواتير المنزلية الأخرى. فكان لا بد لهم من الاختيار بين طعام الأطفال والوصول إلى الإنترنت. كما أنهم كانوا يتشاركون جهاز كمبيوتر واحداً، ويحاول كل منهم الوصول إلى الموارد والتعلم عبر الإنترنت في الوقت نفسه. بالتأكيد لم يكن هذا حلاً ناجعاً على المدى الطويل.

يعتصر القلب عند سماع هذه القصص الكثيرة، وأنا قلقة حيال صحة الأطفال العقلية. إذ لا يعد الوصول إلى الإنترنت السريع والأجهزة الإلكترونية أمراً ضرورياً لتعلمهم فحسب، بل أصبح أيضاً وسيلة للتواصل والحفاظ على الروابط مع الأصدقاء والأقران، ومتابعة المهارات أو الهوايات التي تمنحهم أقصى درجات الراحة، والهروب من بعض المخاوف والحيرة التي يعيشونها في المنزل .

ونتيجة لذلك، قررتُ أن أبدأ حملة، كجزء من مركز الدراسات البحثي الخاص تحت اسم "مشروع 50 في المئة"، لربط الاتصال بين الأشخاص الذين يجدون صعوبة في الوصول إلى الإنترنت مع أولئك الذين يمتلكون أجهزة إضافية (لا يستعملونها). في غضون يومين، مكنتُ 10 عائلات ومراهقين من الحصول على أنواع مختلفة من الأجهزة. لا يبدو الرقم كبيراً، لكن في نهاية كل قصة هناك زفرة للتعبير عن الارتياح لأن شخصاً ما يستمع إليهم، أخيراً، ولم يعودوا مقيدين بالحدود الجغرافية أو مضطرين للمرور بصعوبات مختلفة ليثبتوا أنهم بحاجة إلى مساعدة.

من دون الوصول إلى الإنترت، تصبح هذه العائلات في طي النسيان وليس لديها جهة تلتجئ إليها. حتى أبسط الأشياء مثل ملء استمارة إلكترونية تغدو مستحيلة من دون كمبيوتر. لم يعرف كثير من هؤلاء الأشخاص إلى أين يذهبون، ومن يسألون، وكيفية الوصول إلى الموارد. هناك حرج داخلي قد يمنع بعض الناس من طلب المساعدة بشكل صريح. لا أحد يريد أن يكون الشخص الوحيد الذي يعاني، أو أن يكون الأب غير القادر على إعالة أطفاله.

إذا لم يُعالج الإقصاء الرقمي بشكل عاجل، فإننا سنترك الأطفال المحرومين أساساً يتخلفون أكثر عن الركب. يجب أن يكون هدفنا هو امتلاك كل طفل جهاز كمبيوتر أو "آي باد" أو جهازاً لوحياً.

فإذا كان لديكم جهاز إلكتروني إضافي، أو إذا كنتم تواجهون صعوبات لعدم امتلاككم جهازاً، قوموا بالتواصل مع الدكتورة أغاروال من خلال إرسال رسالة مباشرة إليها عبر حسابها على تويتر: @DrPragyaAgarwal

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات