Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا سيتغير في الجزائر بعد دخول الدستور الجديد حيز التطبيق؟

"الدولة العميقة" ومخلفات كورونا تضعان عراقيل عدة على طريق التنفيذ

الدستور الجديد أمام تحدي التطبيق لتجاوز ضعف المشاركة في الاستفتاء (صفحة السلطة المستقلة للانتخابات)

يترقب الشارع الجزائري تغيرات لافتة على المشهد العام في البلاد، لا سيما من الناحية السياسية، بعد توقيع الرئيس عبد المجيد تبون على مرسوم إصدار الدستور الجديد في الجريدة الرسمية، منهياً الجدل بين السياسيين حول إلغاء الوثيقة من عدمه.

مرحلة جديدة والأحزاب تدلي بدلوها

ودخلت الجزائر مرحلة جديدة من التسيير بدخول الدستور الجديد الذي تم استفتاء الشعب في شأنه في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيز التطبيق، حيث ينتظر أن تشهد البلاد تغيرات واسعة، يفترض أن يكون وقعها كبيراً على مختلف المستويات، وبخاصة على مستويي السياسة والحريات.
وأدلت الأحزاب بدلوها في خطوة الرئيس تبون التي انتظرها الشعب نحو شهرين، وقالت "حركة البناء"، ذات الخلفية الإسلامية، إن "توقيع الرئيس على الدستور الجديد سيسهم في دخول المنظومة القانونية للبلاد عهداً جديداً، يستعيد الشعب الجزائري من خلاله حقه الذي اغتصبته العصابة"، مشيرةً في بيان إلى أن "الطبقة السياسية في البلاد بعد هذه الخطوة تتطلع إلى مشروع قانون جديد للانتخابات وتكوين سلطة مستقلة بهدف تمكين الأحزاب من أداء أدوارها وبناء مؤسسات شرعية". ودعت "حركة البناء" إلى "ضرورة استمرار الحوار وتوسيعه بعيداً عن أي شكل يؤدي إلى الإقصاء أو الانتقائية، لأن الملفات الحساسة تحتاج الرأي المشترك أساساً للمسؤولية المشتركة".

من جهته، اعتبر أكبر حزب في البلاد "جبهة التحرير الوطني"، أن توقيع الرئيس تبون على مرسوم التعديل الدستوري "يعني الاتجاه السريع إلى مرحلة تجديد المؤسسات"، مشدداً على أن "الجزائريين اليوم يتطلعون إلى بناء مؤسسات سيادية تكون نابعة تماماً من الإرادة الشعبية، من دون تدخل أي جهة للتأثير على العملية الانتخابية".

في المقابل، أبرزت "حركة مجتمع السلم" الإسلامية، أن توقيع الدستور سيكون فرصة لطرح قانون جديد للانتخابات بحسب ما تتطلع إليه الطبقة السياسية. ورات الحركة أن "تعديل الدستور كان من أهم الاستحقاقات السياسية للرئيس بعد الرئاسيات، وهو من أهم التزاماته الرئاسية، غير أن تسيير هذا الملف ومضمونه لم يختلف كثيراً عما كان يمارس في العهد السابق، في ظل غياب التوافق والحوار حول مضمونه".

توفر الإرادة السياسية

"آثار التعديل الدستوري ستظهر بعد مدة، وليس لدستور الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 أثر فوري"، وفق ما أكد المحامي حسان براهمي، معتبراً أن "أحكامه تحدد الإطار العام للقوانين التنفيذية التي لها هي وحدها الأثر الفوري على الدولة ومنها على المواطن". وتابع براهمي أن "إصدار القوانين التنفيذية لأحكام الدستور، وبخاصة في مجال الحقوق والحريات الجديدة، يبقى خاضعاً للإرادة السياسية للسلطة، وللأسف تجربة دستور 2016 لا تزال ماثلة أمامنا، عندما بقيت حقوق وحريات عدة مجرد أحكام دستورية لم تعرف طريقها إلى التطبيق بسبب تعمد السلطة عدم إصدار قوانينها". وختم بالقول إن "الأهم هو توفير الآليات الديمقراطية لإصدار القوانين التنفيذية للأحكام الدستورية، وهذا يحيلنا إلى ضرورة توفر الإرادة السياسية لتشكيل برلمان قوي بتنظيم انتخابات تشريعية حرة ونزيهة، وهذا هو الرهان الفعلي في المرحلة الحالية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


أهم التعديلات

من أهم النقاط التي احتلت مساحات واسعة في مختلف النقاشات، ورأت الطبقة السياسية أن من شأنها تمتين الممارسة الديمقراطية في البلاد، هي تحديد العهدات الرئاسية بولايتين لمدة خمس سنوات غير قابلتين للتجديد، وإدراج اللغة الأمازيغية ضمن المواد الصماء غير القابلة للتعديل مستقبلاً، وأن الحكومة يقودها "وزير أول في حال أسفرت الانتخابات البرلمانية عن أغلبية رئاسية، أو رئيس حكومة في حال أسفرت عن أغلبية برلمانية"، وتحديد العهدات باثنتين بالنسبة إلى المرشحين للمجالس المحلية والبرلمانية المنتخبة بهدف تجديد الطبقة السياسية، وإنشاء محكمة دستورية، وإعادة النظر في تنظيم الساحة الحزبية والجمعوية والإعلامية من خلال تبني مبدأ التصريح بدل الترخيص، بالإضافة إلى أكثر من 30 مادة لباب الحقوق والحريات، تضمنت كل ما نصت عليه المواثيق الدولية الضامنة لحرية الصحافة وتأسيس الأحزاب والجمعيات والنقابات، وكذلك حرية التجارة والاستثمار وحرية المعتقد.

السماح للجيش بعمليات خارج الحدود

إلا أن السماح للجيش الجزائري بعمليات خارج الحدود، استحوذ على المشهد، إذ جاء في الدستور الجديد، ولأول مرة في تاريخ الجزائر المستقلة، أنه "يقرر رئيس الجمهورية - بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع - إرسال وحدات من الجيش إلى خارج الوطن للمشاركة في حفظ السلم، بعد مصادقة البرلمان بأغلبية ثلثي أعضاء كل غرفة"، وذلك "في إطار احترام مبادئ وأهداف الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية". وتابعت المادة الدستورية أن "الجزائر تمتنع عن اللجوء إلى الحرب ضد الشعوب الأخرى، وتبذل جهدها لتسوية الخلافات الدولية بالوسائل السلمية".

توقع أمرين

وفي الشأن ذاته، رأت المستشارة القانونية آمال لعروسي أن "أهم ما سيحدث بعد التوقيع على الدستور يتمثل في أمرين أساسيين، يتمثل الأول في تمكين المواطن من مؤسسات حوكمة تتجه إلى بناء الجزائر المنشودة، أما الشق الثاني فيتعلق بالجيش الجزائري الذي ستتيح له القوانين التدخل خارج الحدود من أجل حفظ السلام والأمن، وبخاصة مع تنامي الإرهاب على الحدود"، موضحةً أن "المعوقات التي ستقف أمام خطوات تأسيس الجزائر الجديدة التي تبناها الدستور الجديد، فهي المشاكل العديدة الموروثة على الصعيد الداخلي، مثل مشكلة السيولة وأزمة المياه والحرائق التي ضربت مناطق غابية كثيرة، وهي من صميم أعمال الدولة العميقة التي لا تزال تتحكم في تسيير الشأن العام للبلاد وقادرة على تعطيل مشروع بناء الدولة الجديدة".
واعتبرت لعروسي أن "هذه الأسباب مجتمعةً لوحدها تعطي الانطباع بأننا أمام توازنات قوية في الجزائر تعوق تحقيق الدستور الجديد"، مشددةً أن الدستور كروح للبلاد، وكضامن لها سيجد نفسه أمام تفاقم مشكلات عدة بسبب الدولة العميقة، وأيضاً مخلفات فيروس كورونا، والنظام البائد". وأشارت إلى "وجود إرادة حقيقية من خلال تعديل قانون الانتخابات الذي سيعد مكسباً مهماً في سبيل تغيير مؤسسات الدولة، وهو الرهان الحقيقي لتحقيق الوثبة إلى الأمام".

المزيد من العالم العربي