Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد 100 سنة على تقسيم بريطانيا جزيرتنا علينا الإعداد لإيرلندا موحدة

بدلاً من الاحتفال بهذه الذكرى المئوية علينا التفكير جدياً في كيفية توحيد جزيرة إيرلندا وشعبها مجددا

إيرلندا الموحدة أصبحت فجأة "إمكانية حقيقية جداً" بعد بريكست (غيتي)

مرت مئة سنة على إقرار البرلمان البريطاني يوم 23 ديسمبر (كانون الأول) 1920 قانون حكومة إيرلندا الذي وضع موضع التنفيذ تقسيم إيرلندا عام 1921.

وكان التقسيم حلاً فوضوياً للمسألة الإيرلندية. ففي حين رغبت أغلبية الشعب في إيرلندا في الاستقلال، رغبت الأقلية الوحدوية المتركزة في شمال شرقي البلاد بالبقاء جزءاً من الاتحاد مع بريطانيا. ولم يكن المقصود من التقسيم أن يكون دائماً، لكن بمرور العقود من الزمن، أصبح التقسيم أعمق.

وضغط جنوب إيرلندا باتجاه الانفصال عن بريطانيا، وأصبح في نهاية المطاف جمهورية كاملة ذات دستور ضارب الجذور في القومية الإيرلندية والكاثوليكية المحافظة. وإذ ضغطت إيرلندا الشمالية في الاتجاه المعاكس، أصبحت أرضاً خصبة للطائفية، حيث أمسك الوحدويون بقوة بما كان أساساً دولة يحكمها حزب واحد، وعانت الأقلية القومية من القمع. وبحلول الوقت الذي اندلعت فيه الاضطرابات في ستينيات القرن العشرين، بدا التجانس الشامل للجزيرة ككل أبعد من أي وقت مضى.

وكان التقسيم عبارة عن فشل أشعل مزيداً من الانقسام في جزيرة إيرلندا مقارنة بالوضع قبل التقسيم، وهذا أحد الأسباب الكثيرة الذي يجب أن يمنعنا من الاحتفال بهذه المئوية. بدلاً من ذلك علينا استخدام 2021 للتفكير جدياً في كيفية توحيد جزيرة إيرلندا وشعبها مجدداً.

لقد اقتربنا بالفعل من ذلك. فاتفاقية الجمعة العظيمة الموقعة عام 1998 أعطتنا إطاراً لتعاون ومصالحة سلميين. وفي العقود الأخيرة من الزمن، أصبحت جمهورية إيرلندا قصة نجاح أوروبية، خففت الروابط بين الكنيسة والدولة. وأصبحت إيرلندا الشمالية مكاناً أكثر تطلعاً إلى المستقبل، فكثر يسعون إلى تجاوز قبلية الماضي، على الرغم من قيادتنا السياسية.

ويتشابه الشمال والجنوب أكثر فأكثر، فالناس يتشاركون المعتقدات والمخاوف نفسها. وفي مختلف أرجاء الجزيرة، يسعى الشباب إلى بناء بلاد جديدة تكون في الوقت نفسه مشتملة على شعبها كله، ومتجذرة في العدالة الاجتماعية والتقدم الاقتصادي. وثمة مؤشرات كثيرة إلى أن إيرلندا موحدة تتحول إلى حقيقة، بغض النظر عن سعينا إلى تحقيق هذه الوحدة.

أولاً: تمثل الخصائص السكانية قدراً، ففي حين اقتطعت إيرلندا الشمالية لضمان أغلبية وحدوية متضمنة، تآكلت هذه الأغلبية في الانتخابات الأخيرة. وهذا وحده يدعو إلى إعادة تقييم لأساس الوحدة، لكن لتغيير الوضع القائم، على القوميين أن يكسبوا في صفهم المجموعة المتنامية لـ"الآخرين" الأكثر وسطية، والذين لا يصوتون وفق الانقسام "البرتقالي والأخضر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويسهل هذه المهمة بريكست والأثر الذي تركه في إيرلندا الشمالية. فأغلبية الناس هناك صوتت لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي، لكن التصويت الأوسع على نطاق المملكة المتحدة جرفهم. وسيجد القوميون أن كثيراً من "الآخرين" المذكورين سيصوتون لإيرلندا موحدة إذا أدى ذلك إلى إعادة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهذا ما سيؤدي إليه حقاً، وفق اتفاق بين إيرلندا وسائر قادة الاتحاد الأوروبي عام 2017.

كذلك تعني خيانة بوريس جونسون للوحدة بأن رسم حدوداً جديدة في البحر الإيرلندي أن إيرلندا الشمالية ستبقى متوائمة في شكل أوثق مع السوق الموحدة والاتحاد الجمركي. وهذا يعني أن جزيرة إيرلندا ستصبح أكثر تجانساً كوحدة اقتصادية، ما سيساعد بالتأكيد في الطريق المؤدية إلى الوحدة.

وهناك أيضاً مسألة اسكتلندا. فثمة فرصة قوية للمسعى الثاني للحزب القومي الاسكتلندي إلى الاستقلال أن يحقق نجاحاً. ولو انفصلت اسكتلندا، سينهار الاتحاد نفسه، ما سيدفع إلى إعادة تقييم دستوري. وقد يخيب أمل الوحدويين في إيرلندا الشمالية حين يعلمون أن القوميين الإنجليز الذين أيدوا بريكست لن يهمهم بقاؤهم من ضمن الوحدة، بل قد يرحب كثر منهم على الأرجح بانفصال منطقة تحظى بكثير من الإعانات الحكومية.

وثمة فرصة قوية بأن يجعلنا التقاء هذه المواضيع وغيرها نواجه إيرلندا موحدة قبل أن نستكمل استعداداتنا لذلك. فكما هي الأوضاع حالياً، لم تضع حكوماتنا سوى قليل من الخطط القيمة لهذا الاحتمال، في حين لا يزال يجب إيجاد حل ذي معنى منطقي لإرث ماضينا المضطرب.

لا نستطيع تحمل تكاليف إعادة توحيد إيرلندا في شكل مشابه لبريكست. فالأمر أهم من أن نحققه في شكل خاطئ. ولتجنب تلك الكارثة، علينا أن نضع خططاً منطقية وناضجة وعملية. ولقد بدأ وضع خطط كهذه بالفعل.

ففي أكتوبر (تشرين الأول)، شكلت الحكومة الإيرلندية وحدتها الجديدة المسماة "الجزيرة المشتركة"، وهي مصممة لزيادة المشاريع الشاملة للجزيرة ككل بهدف تعزيز الأصر بين الشمال والجنوب، لكن عليها أن تقطع شوطاً أبعد وتطلق مجمعاً للمواطنين يبحث في الوحدة الإيرلندية بجدية، ووضع ورقة بيضاء حول المسألة، وهذا أمر قد يسعى إليه حزب شين فين المعارض إذا شكل الحكومة المقبلة.

وخارج الساحة السياسية، يقوم آخرون بواجباتهم. وتعد "مستقبل إيرلندا" مجموعة قومية مدنية مؤلفة من أكاديميين واقتصاديين وآخرين يستضيفون منتديات ومناقشات عبر الإنترنت دعمتها هذا الشهر وثيقة نجمت عن بحوث معمقة وتتناول كيفية تعزيز الوحدة الإيرلندية. وتدعو المجموعة إلى استفتاء على المسألة في وقت قريب هو عام 2023.

وفي أماكن أخرى، تجري الآن مناقشة إيرلندا الموحدة بجدية كمسألة حية في زوايا وسائل الإعلام التي كانت سترفضها سابقاً باعتبارها حماقة، أو تسعد بتأجيلها – ناهيك بجيل جديد من المدونين والمدونين الصوتيين (podcasters) والمتحدثين في وسائل التواصل الاجتماعي الذين يعيدون الحياة إلى القضية.

فإيرلندا الموحدة تصبح فجأة إمكانية حقيقية جداً، والوقت مناسب لذلك أكثر من أي وقت آخر. وينبغي أن يكون عام 2021 هو العام الذي ننسى فيه خلافاتنا ونرسم مخططاً لبلاد جديدة، حيث تحترم الهويات كلها ويحتفل بها على قدم المساواة؛ من القوميين والوحدويين إلى أولئك المستقلين عن التقليدين، من مجتمعاتنا المهاجرة الجديدة المثيرة إلى شتاتنا العالمي المحبوب.

ولن تكون هذه المهمة سهلة، ولن تتحقق النتائج بسرعة، لكن إذا عملنا جميعاً معاً، يمكننا أن نبني إيرلندا جديدة ناجحة وموحدة تفيد الجميع.

© The Independent

المزيد من آراء