تدخلت السلطات المحلية في عدد من المحافظات اليمنية المحررة لمعالجة أزمة الارتفاع الجنوني لأسعار الأسماك، بعد تزايد شكاوى ومناشدات المواطنين، وفي ظل أزمة اقتصادية ومعيشية خانقة، وتراجع قيمة العملة الوطنية "الريال".
وبدأت محافظتا عدن، العاصمة اليمنية المؤقتة، وحضرموت كبرى محافظات البلاد مساحة، الإجراءات التنفيذية للدخول على خط أزمة الأسعار عبر عدد من الضوابط الهادفة إلى استقرارها، وأصدر محافظ عدن أحمد حامد لملس، توجيهات للنقاط الأمنية والعسكرية المحيطة بالعاصمة عدن، بمنع خروج ثلاجات الأسماك الطازجة إلى الخارج ، في خطوة تهدف إلى حصر البيع في عدن بأسعار مناسبة للمواطنين.
آلية لتنظيم بيع الأسماك
في محافظة حضرموت أصدرت السلطات المحلية آلية لتنظيم كميات الأسماك للأسواق المحلية وضبط أسعارها، وأرجعت السلطات أسباب إصدار الآلية إلى الظروف الحالية التي تعيشها المحافظة، من قلة توفر الأسماك للأسواق المحلية وارتفاع أسعارها، ومن منطلق الحرص والمسؤولية، فقد تقرر العمل على إصدار المعالجات اللازمة، وفقاً لآلية محددة من شأنها تعزيز الكميات الكافية للأسواق، على أن تكون أسعارها في متناول المواطنين.
وحددت الآلية الجديدة أن يخضع ما كميته من طن إلى اثنين من الأسماك المنزلة في كافة مواقع الإنزال يومياً، لتغطية الأسواق المحلية، على أن تخضع الكميات المحددة لتقديرات الهيئة العامة للمصايد السمكية، وفقاً لاعتبارات المكان والزمان، وإلزام الجهات المتخصصة بالبيع تغطية السوق المحلية بحسب الآلية المحددة، على ألا تتجاوز نسبة الربح من 50 - 70 في المئة بحسب سعر الشراء، وتوضيح ما هو مخصص للأسواق المحلية من كميات الأسماك بتصاريح رسمية صادرة من هيئة المصايد السمكية للخروج من مواقع الإنزال السمكي، وللمرور عبر النقاط الأمنية والعسكرية، على أن يتم تقييم الآلية خلال فترة أسبوعين من تاريخه، من قبل كل من هيئة المصايد السمكية وصندوق النظافة والتحسين والاتحاد التعاوني السمكي.
توفير الأسماك محلياً
في السياق ذاته، أصدر رئيس الهيئة العامة للمصايد السمكية في البحر العربي، يسلم بابلغوم، قراراً حمل رقم (13) لعام 2020، بشأن تنظيم وضمان توفير الأسماك في السوق المحلية في مدينة المكلا، قضى بمنع دخول شركات شراء الأسماك ومندوبيها إلى حراج الأسماك في موقع حي العمال، إلا بعد الساعة الواحدة بعد الظهر، وعلى الجهات المتخصصة في السوق التنسيق مع إدارة الأمن لتنفيذ ذلك.
وجاء هذا القرار ضمن الإجراءات المتخذة لتنفيذ آلية توفير احتياجات الأسواق المحلية من الأسماك، وضبط أسعار بيعها لتكون في متناول شراء المواطنين.
سير تنفيذ آلية البيع
وتواصلاً لاهتمام السلطات المحلية في حضرموت بالموضوع ذاته، تفقد وكيل أول محافظة حضرموت الشيخ عمرو بن حبريش، موقع الإنزال السمكي في مدينة المكلا، للاطلاع على سير تنفيذ الآلية المقرة لتوفير الكميات الكافية للأسواق المحلية، وضبط بيع أسعارها لتكون في متناول المواطنين.
وخلال زيارته للسوق المركزية للأسماك في المكلا، استمع الوكيل بن حبريش من إدارة السوق وبائعي الأسماك والمواطنين إلى انطباعاتهم حول الآلية المقرة، ومستوى تنظيم العمل في السوق والاهتمام بنظافته، مؤكداً على تعاون الجميع والاستمرار في الرقابة والتقييم لتنفيذ الآلية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أسباب الارتفاع
من جانبه، قال مستشار وزير الثروة السمكية نادر باوزير، "إن تحرك واهتمام السلطات المحلية في عدن وحضرموت بشأن معالجة ارتفاع أسعار الأسماك في الأسواق المحلية تحرك جيد، مستدركاً أن هذه الإجراءات غير كافية ولن تؤدي إلى تخفيض الأسعار".
ويستعرض المستشار باوزير عدداً من الأسباب التي ساعدت على ارتفاع أسعار السمك، ومن ضمنها حلول موسم الرياح خلال الفترة من مايو (أيار) إلى سبتمبر (أيلول)، واحتكار تسويق الأسماك محلياً على القطاع الفردي، وعدم تفعيل القطاعات التعاونية والعامة والاستثمارية في نشاط تسويق الأسماك محلياً، وارتفاع أسعار الوقود وقيمة القوارب ومعدات الصيد، كما أدت جائحة كورونا إلى إغلاق مواقع الإنزال وتقليص فترة الاصطياد، بالإضافة إلى تدني قيمة العملة المحلية، الذي زاد من طلب التصدير على أنواع محددة من الأسماك التجارية.
مقترحات للحل
ويقترح أن يتم تفعيل تسويق الأسماك عبر القطاع التعاوني من خلال تسهيل وتشجيع الجمعيات السمكية للعمل في نشاط تسويق الأسماك في السوق المحلية، وتجربة جمعية الفاروق في تسويق الأسماك كانت نتيجتها إيجابية في خفض سعر الأسماك خلال الفترة الماضية، وتجربة جمعية العباري التي شجعتها وزارة الأسماك، وأحدث نشاطها أثراً إيجابياً في خفض أسعار الأسماك، ولا تزال مستمرة إلى يومنا هذا، على أن تقوم منظمة الفاو بتشجيع الجمعيات السمكية لفتح محال أو مفارش لبيع الأسماك من خلال تقديم ثلاجات عرض وأحواض بلاستيكية كبيرة لحفظ الأسماك مبردة.
ويسهب باوزير في استعراض مقترحات طويلة الأجل لحل مشكلة ارتفاع أسعار الأسماك قائلاً، "من المهم إعداد دراسة ميدانية ترفع للوزارة وتحدد فيها أنواع معينة من السمك لفترة زمنية محددة، بحيث يمنع تصدير هذه الأنواع من الأسماك طازجة، وهذا الإجراء تم العمل به من قبل الوزارة، من خلال قرار وزير الأسماك رقم (10) لعام 2019، الذي منع تصدير أنواع محددة من الأسماك الطازجة، كما تخصص مساحة بجانب السوق المركزية لتسويق الأسماك للشركات الاستثمارية السمكية، لتمارس نشاطها التسويقي، لكون هذا القطاع له نشاط ومازال مستمراً، مثل شركة بروم للأسماك وشركة التميمي للأسماك.
مؤسسة محلية بالشراكة
ويخلص مستشار وزير الثروة السمكية إلى الدعوة لإنشاء مؤسسة محلية لتسويق الأسماك، شراكة بين السلطة المحلية والوزارة، تقوم بشراء الأسماك وتخزينها في موسم الوفرة، وتسوقها في فترة موسم الرياح الذي تشح، وتزيد فيه أسعار الأسماك من مايو إلى سبتمبر.
عمليات تصدير
يقول الخبير الاقتصادي محمد جمعان، إن السبب الرئيس لارتفاع الأسماك في اليمن، هو انخفاض قيمة العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، وازدياد عمليات تصدير الأسماك إلى الأسواق الدولية.
ويلفت جمعان إلى "أن هناك عمليات تصدير كبيرة للأسماك بعضها قانونية وأخرى غير قانونية، تتم عبر المنافذ البرية والبحرية من جمعيات وشركات صيد محلية، ودولية. ناهيك عن ما تقوم به بعض هذه الشركات من عمليات جرف وإضرار للبيئة البحرية، وعدم الالتزام بقوانين الصيد، فهذه الشركات تعمل غالباً بعيداً عن نظر الجهات الحكومية المختصة، وهي المتسبب الأول في ارتفاع أسعار السمك محلياً".
يضيف، "هذا لا يعني أننا ضد التصدير، بالعكس هو مهم، بخاصة في ظل تراجع الصادارات اليمنية وانهيار العملة الوطنية، ولكن نحن بحاجة إلى توازن بين أن تكون أسعار السمك معقولة للمواطنين من جهة، وبين التصدير الخارجي بهدف الحصول على العملة الصعبة، ولا بأس من أخذ ضريبة على عمليات التصدير".
واختتم حديثه بالقول، "البحار المحيطة باليمن غنية بالأسماك، لكنها بحاجة إلى تنظيم عملية الصيد، وهذا يحتاج إلى تدخل فعلي لوزارة الثروة السمكية وفروعها في المحافظات".