توفي ديفيد دينكنز، الذي كان رئيس بلدية نيويورك الأول والوحيد المنحدر من أصل أفريقي خلال عقد التسعينيات، عن عمر يناهز 93 سنة، مساء الاثنين 23 نوفمبر (تشرين الثاني) في منزله بمانهاتن.
وذكرت قناة "أن بي سي نيويورك" وصحيفة "نيويورك بوست"، نقلاً عن مصادر، أن مساعد دينكنز الطبي لم يجد منه استجابة لدى الكشف عليه. وأكدت شرطة نيويورك وفاته، قائلة إنها تلقت اتصالاً للحضور إلى منزله مساء الاثنين. وبحسب المؤشرات الأولية، توفي لأسباب طبيعية.
وجاءت وفاته بعد أسابيع قليلة على رحيل زوجته جويس بوروز، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عن عمر 89 سنة.
من "عصبة الأربعة" إلى رئاسة البلدية
ودينكنز من مواليد عام 1927 في ترنتون بولاية نيوجيرسي. ودرس في جامعة هاوارد وكلية بروكلين للحقوق.
انتقل إلى هارلم، حي السود في مانهاتن العليا، حيث نشأ بين أروقة السياسة المحلية. وهناك كان أحد أربعة أضلاع في جماعة تضم أربع شخصيات نافذة من السود، وعُرفت باسم "عصبة الأربعة".
وفي السباق للوصول إلى رئاسة بلدية نيويورك عام 1989، هزم دينكنز رئيس البلدية الديمقراطي إد كوتش وممثّل الادعاء الجمهوري رودي جولياني، الذي عاد ليهزم دينكنز بعدها بأربع سنوات.
تحديات كبيرة وانتقادات
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب وصف وكالة "أسوشيتد برس"، كان دينكنز "شخصية هادئة ولطيفة يميل إلى لعب التنس وارتداء الملابس الرسمية"، وتولى ولاية انتقالية "درامية" بين سلفه وخلفه.
فنيويورك ذات السمعة العالمية في نفاد الصبر والوقاحة، وضعت دينكنز أمام تحديات كبيرة، التعامل مع مرض فقدان المناعة المكتسبة (الإيدز)، ومقتل الآلاف بسبب الأسلحة والمخدرات سنوياً، وارتفاع معدل البطالة، وتفاقم أعداد المشردين، والعجز في ميزانية المدينة الذي بلغ 1.5 مليار دولار.
نهج دينكنز في معالجة المشكلات، القائم على التأني والدراسة، اعتُبر خاطئاً، وانتُقد الرجل لأدائه "الضعيف جداً والبطيء جداً". ففي سنته الأولى بالمنصب، تصدّر عنوان "دايف، افعل شيئاً" صحيفة "نيويورك بوست"، عام 1990.
تقدير لاحق
على الرغم من ذلك، نشط دينكنز في أعمال البلدية، رفع الضرائب ليوظف مئات عناصر الشرطة، وأنفق مليارات الدولارات لإحياء المساكن المهملة، كما نجح في جعل شركة "والت ديزني" تستثمر في تنظيف ميدان "تايمز سكوير".
وفي السنوات الأخيرة، لاقى الرجل مزيداً من التقدير لإنجازاته. ففي أكتوبر 2015، أطلق رئيس بلدية نيويورك، بيل دي بلازيو، الذي عمل في إدارة دينكنز، اسم الأخير على مبنى البلدية في مانهاتن.
غير أن نتائج ما أنجزه لم تظهر بالسرعة الكافية، لمنحه ولاية ثانية، فقد خسر انتخابات عام 1993 ضد رودي جولياني، الذي أصبح الآن المحامي الشخصي للرئيس الأميركي دونالد ترمب.
أحداث بروكلين
ويعيد الخبراء خسارته إلى أعمال الشغب التي شهدها حي كراون هايتس في بروكلين عام 1991، بعدما صدمت سيارة في موكب زعيم ديني يهودي صبياً أسود يبلغ 7 سنوات، وجُرح خلالها نحو 190 شخصاً. وعلى الرغم من تبرئته من التهم الموجهة إليه بالامتناع عن السماح بتدخل الشرطة في أولى أيام الاضطرابات، إلا أن تقريراً صدر عن ولاية نيويورك سنة الانتخابات، انتقد دينكنز لعدم تصرفه كقائد في مواجهة أعمال الشغب.
وفي مذكرات نشرها عام 2013، اعترف دينكنز بتحمّله مسؤولية أحداث بروكلين من موقع مسؤوليته، لكنه اتهم قسم الشرطة بترك الاحتجاجات تخرج عن السيطرة. وألقى اللوم بخسارته الانتخابات على "العنصرية".
وفي ضوء خبر وفاته، غرّد جولياني معزياً عائلة دينكنز، وقال "أمضى قسماً كبيراً من حياته في خدمة مدينتنا العظيمة. تلك الخدمة محترمة ومقدّرة من الجميع".