فوجئ العلماء بالأدلة التي تشير إلى أن نصف جرعة أولية من اللقاح الذي طوّرته شركة "أسترازينيكا" للأدوية وجامعة "أكسفورد"، كانت أكثر فاعليةً من الجرعة الكاملة، واعتبروا الأمر غير منطقي.
لماذا قد تكون الجرعة الأدنى أفضل من الجرعة الكاملة عندما يتعلق الأمر بإحداث استجابة مناعية؟
نتائج "مثيرة للفضول"
وصف أندرو بولارد، مدير مجموعة "أكسفورد" للقاحات، نتائج المرحلة الثالثة من التجربة الإكلينيكية بأنها "مثيرة للفضول".
فقد أظهرت النتائج أن اللقاح فعال بنسبة 62 في المئة لدى الأشخاص الذين تناولوا جرعتين كاملتين بفارق شهر، فيما ارتفعت الفعالية إلى 90 في المئة لدى مجموعة أخرى تلقّت نصف جرعة أولاً ثم جرعة كاملة بعد شهر.
وقال بولارد، "أعتقد أننا جميعاً توقّعنا أن تُحدث الجرعتان الكبيرتان الاستجابة الأفضل"، مشيراً إلى أن الباحثين لم يطلعوا إلا على تفاصيل النتائج خلال عطلة نهاية الأسبوع، وسيبدأون الآن بالتعمّق في البيانات.
وأضاف في تصريح صحافي مقتضب، "نعتقد أنه من خلال إعطاء جرعة أولى أصغر، فإننا نهيّئ الجهاز المناعي بشكل مختلف. نجهّزه على نحو أفضل للاستجابة".
محاكاة أفضل للجهاز المناعي
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت سارة جيلبرت، الأستاذة في قسم طب نافيلد في جامعة "أكسفورد"، إن النتيجة الأفضل التي تمّ الحصول عليها بعد جرعة أولى أصغر ربما حدثت لأن هذا يحاكي على نحو أفضل "ما يحدث لدى الإصابة بالعدوى الفعلية".
يستخدم اللقاح بشكل أساسي طريقة آمنة لخداع الجهاز المناعي وجعله يعتقد أنه يتعامل مع عدوى خطيرة، ممّا يؤدي إلى توليد استجابة مناعية وذاكرة مناعية يمكن أن تنشط إذا واجه الجسم الفيروس الحقيقي المسبب للمرض.
وأضافت جيلبرت للصحافيين، "يمكن أنه بإعطاء كمية صغيرة من اللقاح في البداية ومن ثم اتباعها بكمية كبيرة، لدينا طريقة أفضل لدفع جهاز المناعة للعمل والحصول على أقوى استجابة مناعية".
يستخدم لقاح "أسترازينيكا/ أكسفورد" ما يُعرف باسم "الناقل الفيروسي"، وذلك باستخدام فيروسات مُعدلة جينياً لإيصال الشحنات الجينية إلى الخلايا وإعطائها تعليمات حول كيفية محاربة كوفيد-19.
التكنولوجيا السبب؟
وقال كولين باتر، الأستاذ المساعد في جامعة لينكولن، إن الاستراتيجية تستخدم الفيروس الناقل مثل "حصان طروادة... إنه أمر معقّد وعادةً ما يتحقّق على المستوى التجريبي، لكن لا تتوافر لدينا مثل هذه الإمكانية في الوضع الحالي".
قد تكون التكنولوجيا نفسها هي السبب في أن نصف الجرعة الأولية يمكن أن تعطي نتيجة أفضل، وفقاً للعديد من العلماء الذين علقوا على النتائج، مع استخدام نظام المناعة ضد الفيروس كوسيلة توصيل.
وقال ستيفن غريفين، الأستاذ المشارك في كلية الطب بجامعة ليدز، "قد يبدو محيراً أن تُحدث جرعة أولية أكبر استجابة أقل، ولكن هذا قد يكون فقط بسبب الاستجابة المتبقية لدى بعض المرضى تجاه الناقل المعطّل وهو جزء من فيروس شمبانزي يستخدم لإيصال حمولة اللقاح". لكنه أوضح أنه يمكن "إصلاح ذلك بسهولة" باستخدام الجرعة المعدلة.
نتائج مألوفة لدى الأطفال والرضع
وقال بولارد إن الباحثين سيتطلعون لمعرفة ما إذا كانت المشكلة تتعلّق بكمية أو جودة الاستجابة المناعية.
وأضاف أنه بينما تزداد فعالية كل اللقاحات كلما زادت الجرعة المعطاة مرة واحدة تقريباً، يمكن للطرق القائمة على تحضير جهاز المناعة أولاً، ثم إعطاء جرعة معززة لاحقاً، أن تعمل بشكل مختلف.
هذه هي الحال بشكل خاص مع الأطفال والرضع، وفق بولارد، حين تُعطى أعداد مختلفة من جرعات التهيئة الأولية. أضاف، "أعتقد أن الفرق هو أننا لسنا معتادين على التعامل مع عدوى مثل فيروس كورونا هذا، الذي لم يسبق للبشر البالغين أن عرفوه من قبل".