من المرتقب أن تفرض السلطات البريطانية تسجيل كلّ الأطفال الذين يتلقّون تعليمهم في المنزل خوفا من تزايد أعداد "المفقودين" في عداد الناشئين واحتمالية تطرّفهم، وذلك على الرغم من المعارضة الواسعة التي تلقاهاالخطوة من المؤيدين للتعليم المنزلي.
فوزير التعليم داميان هايندس بصدد إطلاق سجلٍ إلزامي لكلّ الأطفال الذين لم يلتحقوا بالتعليم المدرسي، في مسعىً منه لمساعدة المجالس البلدية على تحديد الحالات التي يكون فيها بعض هؤلاء الأطفال معرّضين للخطر او لمعرفة من لم يحصلوا على التعليم الكافي.
وتأتي هذه الخطوة على خلفية تحذير مفوّضة شؤون الأطفال في بداية العام الحالي من وصول عدد الطلاب الذين يتلقّون تعليمهم في المنزل إلى الستين ألفاً، مرتفعاً بواقع الضعف في غضون أربع سنوات.
وكانت هيئة تقييم المدارس "أوفستيد" قد حذّرت في وقتٍ سابق من ارتفاع عدد الأطفال الذين يرتادون المدارس غير الشرعية تحت غطاء التعليم المنزلي، الأمر الذي يجعلهم عرضةً للتطرّف.
والآن، بات على أولياء الأمور تسجيل أطفالهم الذي يتلقّون تعليمهم في المنزل لدى السلطات المحليّة، على الرغم من خوف جماعة الضغط المؤيّدة للتعليم المنزلي من إمكانية إجبار صغارهم على العودة إلى المدارس.
وبرأي الحكومة، تُساعد هذه الخطوة السلطات المحليّة في الإضاءة على الناشئين الذين يتلقّون تعليماً دينياً فحسب أو الذين يرتادون مدرسة غير مسجّلة أو الذين لا يتلقّون أي تعليم.
فـ"مصطلح "التعليم المنزلي" اتّسع معناه، وأمسى اليوم عبارة جامعة تُستخدم للإشارة إلى الأطفال غير الملتحقين بمدارس مسجّلة، قل الأطفال الذين يتلقّون تعليماً جيداً في المنزل، إلى جانب الأطفال الذي لا يتلقّون التعليم أو الذين يرتادون مدارس غير شرعيّة حيث يمكن أن يكونوا معرضين لتأثيرات خطيرة – الحقيقة أننا وبكلّ بساطة لا نعلم"، أردف السيد هيندس.
"من المهم على نحوٍ حاسم أن نتأكد بأنّ الأطفال في أمان ويتلقّون التعليم الذي يستحقّونه والذي سيُساعدهم على تحقيق النجاح في الحياة"، عقّبت آن لونغفيلد، مفوّضة شؤون الأطفال.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويُمكن للسجل الجديد أن يُسهّل عملية الكشف عن المشاكل الخطيرة المتعلّقة بـ"شطب الطلاب" والمدارس غير الشرعية والتعامل معها، حسبما أكّدته أماندا سبيلمان، كبيرة المفتشين في "أوفستيد" الهيئة المراقبة لقطاع التعليم البريطاني.
وكان رؤوساء الشرطة ورئيس بلدية لندن صادق خان قد دعوا العام الفائت إلى إلغاء "شطب الطلاب" – وهو الحالة التي تقوم فيها المدارس بإقناع الأهل بشطب أسماء أطفالهم من سجلات قيد الطلاب – لارتباط هذه الظاهرة بجرائم السكاكين.
ولكنّ مايك وود الذي يتولّى إدارة موقع التعليم المنزلي في المملكة المتحدة "Home Education UK"، اعتبر أنّه ما من "خطر متزايد" على الأطفال الذين يتلقّون تعليمهم في المنزل، لافتاً إلى أنه ينبغي على الحكومة أن تعمل على خفض معدلات "شطب الطلاب" بدلاً من "مهاجمة" المدرّسين المتخصصين في التعليم المنزلي.
وتابع السيد وود شارحاً أنّ مخاوف المجتمع كبيرة من اتساع صلاحيات المجلس وتدخّله أكثر فأكثر بالطريقة التي يعتمدها أولياء الأمور لتعليم صغارهم.
"فالبيانات التي تمتلكها السلطات المحلية حول التعليم المنزلي والمناهج المعتمدة فيه، بسيطة جداً؛ هي تتوقّع أن تكون المنازل نسخةً طبق الأصل عن المدارس ولكنها في الحقيقة غير ذلك تماماً"، على حد تعبير السيد وود الذي ختم حديثه بالتنويه إلى أنّ الكثير من العائلات "قلقة جداً" من إمكانية إلزامها على إعادة أطفالها إلى المدارس على خلفية تدخّل المجلس.
وستُجرى مشاورات عامة حول كيفية عمل السجل والعواقب المترتبة على فشل أولياء الأمور بتسجيل أطفالهم، لغاية 24 يونيو (حزيران).
وفي إطار التدابير المقترحة، سيُطلب من السلطات المحلية زيادة الدعم المخصص لأولياء الأمور الذين يعلّمون أطفالهم في المنزل، عن طريق مدّهم بالموارد التعليمية الضرورية أو المساهمة مادياً في رسوم الامتحانات.
وفي السياق ذاته، ذكرت المستشارة أنطوانيت برامبل، رئيسة مجلس الأطفال والشباب في "جمعية الحكم المحلي" (LGA) أنّ "المجالس تدعم بشكل كامل لحقّ أولياء الأمور بتعليم أطفالهم بالطريقة التي يرونها مناسبة، وأنّ الأغلبية الساحقة من الأهالي الذين يُعلّمون أطفالهم في المنزل، تقوم بعمل رائع وتتعاون بشكلٍ جيد مع المجلس المحلي لكفالة حصول صغارها على مستوى تعليم جيد.
وأضافت السيدة برامبل: "وفي ما يخصّ أقلية من الأطفال الذين لا تنطبق عليهم هذه الحالة، تحتاج المجالس لأن تكون قادرة على التحقق من الطريقة المعتمدة لتدريسهم، والتأكّد بالتالي من حصولهم على مستوى تعليمي مناسب ضمن بيئة آمنة".
ومن هذا المنطلق، تدعو "جمعية الحكم المحلي" الحكومة اليوم إلى تعديل القانون بما يمنح المجالس السلطة والتمويل الضروريين لدخول المنازل والتحقق من كيفية تدريس الأطفال.
وفي الختام، لفتت السيدة برامبل إلى أنّ "المجالس مستعدة لدعم العائلات حتى يحصل أطفالها على أفضل مستوى تعليم ممكن، بصرف النظر عن المكان الذي يتلقّون فيه هذا التعليم. لكن، ومع مواجهة خدمات الأطفال ثغرة تمويلية يُتوقّع أن تبلغ 3.1 مليارات جنيه استرليني بحلول العام 2025، من المهم أن تحصل المجالس المحلية على الرساميل الضرورية لتتماشى مع أي مسؤوليات جديدة تلقى على عاتق هذه المجالس.
© The Independent